5 أسباب لألم الساق

قد ينجم عن اضطراب العضلات والأوردة الدموية والأعصاب

5 أسباب لألم الساق
TT

5 أسباب لألم الساق

5 أسباب لألم الساق

آلام الساق شائعة بشكل يفوق المتوقع. ومن بين جميع آلام الجسم، فإن نسبة الشكوى من آلام الأطراف السفلية تشكل أكثر من 36 في المائة. وذلك وفق آخر تقرير (يوليو/ تموز 2021) للمركز الوطني للإحصاءات الصحية بالولايات المتحدة (NCHS)، المبني على «بيانات المسح الصحي الوطني (National Health Interview Survey)».
وآلام الساق هي الثانية بعد آلام الظهر، التي تشكل نسبة 39 في المائة، بينما يشكل الصداع نسبة 22 في المائة، وآلام البطن والحوض نسبة 10 في المائة.

اضطرابات العضلات والشرايين
وتفيد الكلية الأميركية لجراحي القدم والكاحل (ACFAS)، قائلة: «ألم الساق يمكن أن ينتج عن عدد من الأسباب المختلفة. إنه ليس شيئاً يجب تجاهله. يجب مراجعة جراح القدم والكاحل لإجراء الفحص؛ لتحديد ما إذا كان السبب مشكلة صحية خطيرة، أو إصابة، أو مجرد استخدام مفرط. وهو الذي سيحدد سبب آلام الساق العلاج المناسب».
صحيح أن غالبية حالات ألم الساق ناجمة عن التمزق أو كثرة الاستخدام، أو التعرض للإصابات في العظام أو العضلات أو الأربطة أو الأوتار أو الجلد أو غيرها من الأنسجة الضامة في منطقة الساق، إلا أن ثمة «أسباباً أخرى» لألم الساق تحتاج إلى مراجعة الطبيب، وإليك أهم 5 منها:
> اضطرابات العضلات. التشنج، أو التقلّص العضلي (Muscle Cramp)، في الساق هو انقباض لا إرادي ومفاجئ لإحدى العضلات أو أكثر، ما قد يُوقظ المرء من نومه أو يفقده القدرة على المشي أو الوقوف؛ نتيجة التيبس العضلي المؤلم بشدة. وعادةً ما تكون تشنجات عضلات الساق مؤقتة، ولكنها قد تسبب ألماً وانزعاجاً شديدين.
> تشنج مؤقت. وعلى الرغم من أن تشنجات العضلات غير ضارة بصفة عامة، فإنها قد تجعل من المستحيل استخدام العضلة المصابة بشكل مؤقت. ومع وجود ضعف في العضلات بالأصل، قد يحصل ذلك مع ممارسة التمارين والنشاط البدني المطول (خصوصاً عند عدم إجراء تمارين تمدد العضلات قبلها) أو العمل الشاق الجسدي لفترات طويلة، خصوصاً في الطقس الحار؛ ما يؤدي إلى فقدان الجسم السوائل، والكهارل (البوتاسيوم والكالسيوم وغيرهما) من خلال التعرق. كما قد تتسبب به حالات مرضية معينة، مثل كسل أو فرط نشاط الغدة الدرقية، ومرض السكري، وضعف الكلى، وفقر الدم. وأيضاً تناول بعض الأدوية، مثل بعض أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم، وبعض أدوية علاج ارتفاع الكولسترول، وبعض مُدرات البول، وبعض أنواع حبوب منع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم.
> تشنجات الساق الليلية (Nocturnal Leg Cramps)، وهي نوع آخر من التقلصات أو التشنجات، غير إرادية ومؤلمة في عضلات الساقين، وتحدث عادةً عندما يكون المرء في الفراش. وعادةً ما تؤثر تشنجات الساق الليلية على عضلات ربلتي الساقين. وحينها قد يفيد مد وإطالة العضلات التي تعاني التقلصات، في تخفيف الألم. وأحياناً يحدث خلط بين «متلازمة تململ الساقين (Restless Legs Syndrome)» و«تشنجات الساق الليلية»، ولكنها حالة منفصلة. وبشكل عام، الألم ليس سمة رئيسية لمتلازمة تململ الساق.
> اضطرابات الأوعية الدموية. التخثر في الأوردة العميقة DVT قد يتسبب بألم أو تقلصات مؤلمة في الساق، ويبدأ غالباً في ربلة الساق. وربما مع تغيُّر لون جلد الساق (كأن يصير أحمر أو أرجوانياً)، والشعور بسخونة في الساق المصابة.
> جلطة الأوردة العميقة. ويحدث تخثر الأوردة العميقة عند تكوّن جلطة دموية في واحد أو أكثر من الأوردة العميقة في الساق. وقد ينشأ إذا لم يتحرك المرء لفترة طويلة، مثل الجلوس المُطوّل عند السفر لمسافة طويلة، أو إذا لازم المرء الفراش لفترة طويلة بسبب جراحة أو مرض أو حادث. وهناك أيضاً حالات مرضية عدة ترفع من احتمالات حدوثها. والإشكالية أن تلك الخثرة الدموية قد تنتقل إلى الرئة، وتتسبب بجلطة الرئة (الانصمام الرئوي)، التي قد تهدد سلامة الحياة.
> الدوالي الوريدية Varicose Veins، وهي التواء وتضخم في شكل أنابيب أوردة الساقين. وقد يكون السبب الغالب في حدوثها طول مدة الوقوف والمشي، ما يزيد الضغط على أوردة الجزء السفلي من الجسم. وهي ليست مجرد مشكلة جمالية فقط في بروز تلك الأوردة المتضخمة على الجلد (الأوردة العنكبوتية)، بل قد تتسبب بألم وإزعاج شديدين. وقد يتضمن العلاج اتباع تدابير العناية الذاتية، أو تناول الأدوية، أو إجراءات علاجية لسد الأوردة أو استئصالها.
> مرض الشرايين المحيطية (PAD) يؤدي إلى نشوء تضيقات داخل مجرى الشرايين، ما يُقلل من تدفق الدم خلالها. وبالتالي حصول ألم في عضلات المناطق التي لا يصلها الدم والأكسجين الكافي (Claudication)، وقد يتسبب حينها بعرج مؤقت. ووجود مرض الشرايين المحيطية مؤشرٌ إلى تراكم الترسّبات الدهنية في الشرايين. ويسبب هذا ألم الساق عند المشي مع تقلصات مؤلمة في عضلات الساق، أثناء أو بعد المشي أو صعود الدرج. وكذلك ملاحظة برودة في أسفل الساق أو القدم، وخصوصاً عند مقارنتها بالساق أو القدم الأخرى. وكذلك خدر أو ضعف في الساق. وبالفحص الإكلينيكي، قد يلحظ الطبيب انعدام، أو ضعف النبض في شرايين الساقين أو القدمين. وربما بطء نمو أظافر القدمين، وتقرحات جلدية، وتساقط شعر الساقين.

التهابات الركبة والأوتار
> اضطرابات منطقة الركبة. إضافة إلى التراكيب المتعددة في مفصل الركبة نفسها، ثمة تراكيب أخرى مرتبطة بها، قد يكون أحدها هو السبب وراء ألم الساق.
> تمزق الأربطة. والرباط التصالبي الأمامي هو أحد الأربطة النسيجية القوية التي تربط عظمة الفخذ بعظمة قصبة الساق. وعند حصول إصابة (تمزق أو التواء) ACL Injury فيه، قد تتورم الركبة، ويصبح من المؤلم جداً تحمل الوزن. وكذلك قد ينشأ ألم في الساق.
> التهاب الجراب (Knee Bursitis) حالة مؤلمة تؤثر على الأكياس الصغيرة المملوءة بالسوائل (الأجربة)، التي تحمي العظام والأوتار والعضلات القريبة من مفصل الركبة. وعادةً ما يحدث التهاب الجراب نتيجة الأداء الحركي المتكرر للركبة. ويعاني مفصل الركبة حينها من الشعور بالألم أو التصلب، ويزداد الألم في الركبة والساق عند تحريك المفصل أو الضغط عليه، ويبدو متورماً ومحمراً. وعادةً ما يشمل العلاج استراحة مفصل الركبة وحمايته من التعرض إلى صدمات أخرى. وفي معظم الحالات، يختفي ألم التهاب الجراب خلال بضعة أسابيع مع العلاج المناسب، ولكن قد يتكرر التهاب الجراب مرة أخرى.
> إصابة كيسة بيكر (Baker Cyst) التي تحتوي سائل تزليق، يساعد الساق على التأرجح بأريحية، كما أنه يقلل من الاحتكاك بين الأجزاء المتحركة في مفصل الركبة. ولكن عندما تنتج الركبة كمية كبيرة من السائل (نتيجة التهاب أو إصابة في مفصل الركبة)، يتراكم ذلك السائل في مؤخرة الركبة (الجِرابُ المَأْبِضِيّ)، متسبباً في الإصابة بـ«كيسَة بيكر». وينتج عن ذلك نشوء نتوء وشعور بالضيق خلف الركبة، مع ألم في الساق. وقد يزداد الألم سوءاً عند ثني الركبة.
> الالتهاب المفصلي العظمي (Osteoarthritis)، المعروف بـ«روماتزم الركبة»، يعتبر أكثر أنواع التهاب المفاصل شيوعاً، حيث يصيب ملايين الأشخاص حول العالم. ويحدث فيه تآكل تدريجي في النسيج الغضروفي الواقي، الموجود عند نهايات العظام الملتقية في منطقة مفصل الركبة. ويرافق ذلك ألم في المفصل أثناء الحركة، أو عند الضغط عليه أو بالقرب منه برفق، وقد لا يتمكن المريض من تحريك المفصل حركة كاملة. وألم الساق كثيراً ما يرافق ألم المفصل، خاصة عند المشي والحركة، أو بعدها.
> التهاب الوتر الرضفي. والوتر الرضفي يربط الركبة بعظمة الساق من الأمام. والتهاب هذا الوتر (Patellar Tendinitis) يتسبب بألم في تلك المنطقة عند بدء ممارسة نشاط بدني أو بعد التدريب المكثف، وقد ينتقل الألم إلى أسفل الساق.
> التهاب وتر أخيل. وتر أخيل (وتر العرقوب) يربط عضلات الربلة في الجزء الخلفي من أسفل الساق بعظمة الكعب في القدم. والتهاب وتر أخيل (Achilles Tendinitis) هو إصابة ناجمة عن الاستخدام المفرط لهذا الوتر، أي الضغط المتكرر أو الشديد عليه. وهو شائع لدى الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة الرياضية بشكل متقطّع، أي فقط مرة في الأسبوع، أو لدى العدائين الذين يزيدون فجأة من شدة أو مدة جريهم. والحالات الأكثر شدة من التهاب وتر أخيل قد تشمل تمزقاً في الوتر، وهو ما يتطلب علاجاً جراحياً.
وألم التهاب وتر العرقوب قد يكون خفيفاً في الجانب الخلفي للساق أو أعلى الكعب. وقد يكون الشعور بالألم أكثر شدة. وكثيراً ما يشعر المُصاب بألم أو تيبس في الصباح بشكل خاص، ثم يخف ويتحسن خلال الساعات التالية بممارسة الأنشطة الخفيفة. ولكن إذا كان الألم مستمراً حول وتر العرقوب، أو كانت الإعاقة شديدة، فتجدر مراجعة الطبيب. وتحدث التهابات وتر أخيل كثيراً بين الرجال.
كما قد يتسبب القوس المسطح في القدم، في حدوث إجهاد شديد لوتر العرقوب. ويمكن أيضاً أن تتسبب السِّمنة وعضلات الربلة المشدودة في زيادة إجهاد هذا الوتر. كما قد يتسبب به ارتداء أحذية غير ملائمة للجري، وخصوصاً في الأجواء الباردة، أو الجري على الأراضي الجبلية وغير المستوية، ومع عدم أخذ الوقت الكافي لتمارين إطالة عضلات الربلة ووتر العرقوب قبل التمرين وبعد التمرين للحفاظ على المرونة.
وتذكر المصادر الطبية أن الأشخاص الذين يعانون الصدفية أو ارتفاع ضغط الدم هم الأكثر عرضةً للإصابة بالتهابات وتر أخيل.
ووفق ما ينصح به الطبيب، فقد يُفيد تناول الأدوية المُسكّنة للألم، أو وضع قطع من الثلج على الوتر المصاب لمدة 15 دقيقة، ثم إبعاد قطع الثلج. وقد تساعد اللفافات أو الأربطة الضاغطة المرنة في تخفيف التورم وتقليل حركة الوتر. وكذلك رفع القدم المصابة فوق مستوى القلب أثناء النوم. وقد يحتاج المصاب إلى تجنب ممارسة التمارين الرياضية لعدة أيام، أو استبدال أنشطة لا تُجهد وتر العرقوب مثل السباحة، بها. كما يمكن لحشو كعب الحذاء (الذي يرفع الكعب خفيفاً) أن يقلل الضغط على الوتر، ويعمل كوسادة؛ للحد من قدر القوة الضاغطة على وتر العرقوب.

اضطرابات الأعصاب
> الاضطرابات العصبية. ثمة مجموعة من الاضطرابات العصبية التي تتسبب بألم في الساق. ولكن أهمها «العرج العصبي المنشأ» و«الاعتلال العصبي السكري».
> العرج العصبي (Neurogenic claudication) يحدث عندما تنضغط الأعصاب التي تذهب إلى الساقين، نتيجة تضيق العمود الفقري، أي عندما تكون المساحة داخل العمود الفقري صغيرة جداً، ما يسبب ضغطاً على الحبل النخاعي والأعصاب التي تمر عبر العمود الفقري. ويحدث التضيُّق الشوكي في الغالب في أسفل الظهر. والسبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالتضيق الشوكي هو تغيرات التآكل والاهتراء في العمود الفقري، والمُرتبطة بالتهاب المفاصل، مما يؤثر على قدرة الأعصاب في منطقة العمود الفقري، على التواصل مع أسفل الساقين. وعرق النسا (Sciatica) هو أحد الأمثلة على العرج العصبي. وبالإضافة إلى آلام ربلة الساق عند الراحة، قد يكون ثمة ألم أو عرج أثناء المشي، أو ألم بعد الوقوف لفترات طويلة، أو ألم يحدث أيضاً في الفخذين أو أسفل الظهر أو الأرداف. ويُلاحظ أن الألم قد يتحسن عندما ينحني الشخص إلى الأمام عند الخصر.
> الاعتلال العصبي السكري (Diabetic Neuropathy) هو أحد أنواع تلف الأعصاب، الذي يُمكن أن يُصاحب مرض السكري نتيجة عدم انضباط ارتفاع مستوى سكر الدم. وغالباً ما يتسبب الاعتلال العصبي السكري في تلف أعصاب الساقين والقدمين. وتشمل أعراض الاعتلال العصبي ألماً وخَدَراً في الساقين والقدمين. وغالباً تستطيع الوقاية من الاعتلال العصبي السكري أو إبطاء تقدُّمه، عن طريق التحكم في مستوى سكر الدم، بانتظام واتّباع نمط حياة صحي.
* استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.