بعد فوز تاريخي لليمين المتطرف... ميلوني لرئاسة الحكومة الإيطالية المقبلة

جورجيا ميلوني تحتفل بعد إعلان فوزها في الانتخابات التشريعية الإيطالية (أ.ف.ب)
جورجيا ميلوني تحتفل بعد إعلان فوزها في الانتخابات التشريعية الإيطالية (أ.ف.ب)
TT

بعد فوز تاريخي لليمين المتطرف... ميلوني لرئاسة الحكومة الإيطالية المقبلة

جورجيا ميلوني تحتفل بعد إعلان فوزها في الانتخابات التشريعية الإيطالية (أ.ف.ب)
جورجيا ميلوني تحتفل بعد إعلان فوزها في الانتخابات التشريعية الإيطالية (أ.ف.ب)

بعد السويد، حقق اليمين المتطرف انفراجة جديدة له في أوروبا، بفوز جورجيا ميلوني في الانتخابات التشريعية، أمس الأحد، في إيطاليا، حيث ستُتاح لحزب تعود جذوره إلى الفاشية الجديدة فرصة حكم البلاد للمرة الأولى منذ عام 1945.
وبعد أن بقي في صفوف المعارضة في كل الحكومات المتعاقبة منذ الانتخابات التشريعية في 2018، فرَضَ حزب «فراتيلي ديتاليا» بزعامة ميلوني نفسه بديلاً رئيسياً، وانتقلت حصته من الأصوات من 4.3 في المائة قبل أربع سنوات إلى نحو ربع الأصوات (بين 22 و26 في المائة)، وفق استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع، ليُصبح بذلك الحزب المتصدر في البلاد.
وأعلنت ميلوني أنها ستقود الحكومة المقبلة، وقالت في خطاب مقتضب في روما إن «الإيطاليين بعثوا رسالة واضحة لدعم حكومة يمينية بقيادة فراتيلي ديتاليا»، واعدة «بأننا سنحكم لجميع الإيطاليين». وأضافت ميلوني، اليوم الاثنين، إن الناخبين الإيطاليين منحوا تفويضاً واضحاً لليمين لتشكيل الحكومة المقبلة، ودعت إلى الوحدة للمساعدة في مواجهة مشاكل البلاد العديدة. وقالت للصحافيين: «إذا تم استدعاؤنا لحكم هذا الشعب فسوف نفعل ذلك من أجل جميع الإيطاليين بهدف توحيد الشعب وتمجيد ما يوحده وليس ما يفرقه. لن نخون ثقتكم».
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات لدى إغلاق مكاتب الاقتراع 64.07 في المائة، مقارنة بـ73.86 في المائة في 2018.
والتحالف الذي يُشكّله حزب فراتيلا ديتاليا مع كل من الرابطة اليمينية المتطرفة بقيادة ماتيو سالفيني وحزب فورزا إيطاليا المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني، يُتوّقع أن يفوز بما يصل إلى 47 في المائة من الأصوات. ومع اللعبة المعقدة للدوائر الانتخابية، يُفترض أن يضمن هذا التحالف لنفسه غالبية المقاعد في مجلسي النواب والشيوخ.
وإذا ما تأكدت هذه النتائج، فإن حزب فراتيلي ديتاليا والرابطة سيكونان قد حصلا معاً على «أعلى نسبة من الأصوات التي سجلتها أحزاب اليمين المتطرف على الإطلاق في تاريخ أوروبا الغربية منذ عام 1945 إلى اليوم»، بحسب المركز الإيطالي للدراسات الانتخابية.
وسيشكل ذلك زلزالاً حقيقياً في إيطاليا، إحدى الدول المؤسسة لأوروبا وثالث قوة اقتصادية في منطقة اليورو، وكذلك في الاتحاد الأوروبي الذي سيضطر إلى التعامل مع السياسيّة المقربة من رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان. وفي هذا السياق أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى أن لدى الاتحاد الأوروبي «أدوات» لمعاقبة الدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون وقيمه المشتركة.
وكتبت ميلوني صباح الأحد على «تويتر» متوجهة إلى أنصارها «اليوم، يمكنكم المساهمة في كتابة التاريخ». وأضافت: «في أوروبا، إنهم قلقون جميعاً لرؤية ميلوني في الحكومة (...) انتهى العيد. ستبدأ إيطاليا بالدفاع عن مصالحها القومية».
من جهته، قال رئيس حزب «الرابطة» المناهض للمهاجرين ماتيو سالفيني لصحافيين أثناء توجهه للتصويت إن حزبه سيكون «على منصة الفائزين: الأول أو الثاني وفي أسوأ الأحوال الثالث». وأضاف سالفيني الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية في حكومة جوزيبي كونتي (2018 - 2019): «أتطلع إلى العودة من الغد إلى حكومة هذا البلد الاستثنائي».
وكتب رئيس التجمع الوطني الفرنسي، جوردان بارديلا، على «تويتر»: «قدم الإيطاليون درساً في التواضع للاتحاد الأوروبي الذي ادعى من خلال صوت فون دير لاين أنه يملي عليهم تصويتهم». وبعث رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان ونظيره البولندي ماتيوز مورافيسكي «التهاني» إلى ميلوني مساء الأحد.
وقال أوروبان في رسالة: «نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى أصدقاء يتشاركون رؤية ونهجاً مشتركين تجاه أوروبا». بدوره قال زعيم حزب فوكس VOX الإسباني اليميني المتطرف سانتياغو أباسكال إن ميلوني «أظهرت الطريق نحو أوروبا فخورة وحرة».
نجحت ميلوني المعجبة سابقاً بموسوليني والتي ترفع شعار «الله الوطن العائلة»، في جعل حزبها مقبولاً كقوة سياسية وطرح المسائل التي تحاكي استياء مواطنيها وإحباطهم ببقائها في صفوف المعارضة في وقتٍ كانت الأحزاب الأخرى تؤيد حكومة الوحدة الوطنية بزعامة ماريو دراغي. وأياً تكن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات لتتولى مهماتها اعتباراً من نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، فهي تواجه منذ الآن عقبات على طريقها.
إذ سيتحتم عليها معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في الأسعار في وقت تواجه إيطاليا ديناً يمثل 150 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي، أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان. وفي هذا السياق، إيطاليا بحاجة ماسة لاستمرار المساعدات التي يوزعها الاتحاد الأوروبي في إطار خطته للإنعاش الاقتصادي بعد «كوفيد - 19» والتي يمثل هذا البلد أول المستفيدين منها وبفارق كبير عن الدول الأخرى.
وأوضح المؤرخ مارك لازار لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكن لإيطاليا أن تسمح لنفسها بالاستغناء عن هذه المبالغ المالية»، معتبراً أن «هامش التحرك أمام ميلوني محدود جداً» على الصعيد الاقتصادي. في المقابل، بإمكانها الوقوف في صف وارسو وبودابست في معركتهما مع بروكسل «حول مسائل الدفاع عن المصلحة الوطنية بوجه المصالح الأوروبية».
ومثلما فعلت قبلها زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان، تخلت ميلوني في نهاية المطاف عن مشروعها القاضي بالخروج من اليورو، لكنها تطالب بـ«مراجعة قواعد ميثاق الاستقرار» المعلقة بسبب الأزمة الصحية والتي تحدد سقف العجز في ميزانية الدول وديونها بـ3 في المائة و60 في المائة على التوالي من إجمالي ناتجها المحلي.
وفي المسائل الاجتماعية، تعتمد ميلوني المتحدرة من روما مواقف محافظة متشددة، وهي أعلنت في يونيو (حزيران) «نعم للعائلة الطبيعية، لا للوبي مجتمع الميم - عين! نعم للهويّة الجنسية، لا لآيديولوجيا النوع الاجتماعي!».
وسيؤدي وصولها إلى السلطة أيضاً إلى إغلاق حدود بلد يصل إلى سواحله سنوياً عشرات آلاف المهاجرين، وهو ما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية التي تغيث مهاجرين سراً يعبرون البحر في مراكب متداعية هرباً من البؤس في أفريقيا.
ويتفق الخبراء منذ الآن على أن ائتلافاً حكومياً كهذا ستُواجه فيه ميلوني تحدياً حقيقياً في التعامل مع حلفاء مربكين سواء سيلفيو برلوسكوني أو ماتيو سالفيني، لن يستمر طويلاً في بلد معروف بافتقاره إلى الاستقرار الحكومي.


مقالات ذات صلة

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

ألمانيا تشن حملة أمنية كبيرة ضد مافيا إيطالية

في عملية واسعة النطاق شملت عدة ولايات ألمانية، شنت الشرطة الألمانية حملة أمنية ضد أعضاء مافيا إيطالية، اليوم (الأربعاء)، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وأعلنت السلطات الألمانية أن الحملة استهدفت أعضاء المافيا الإيطالية «ندرانجيتا». وكانت السلطات المشاركة في الحملة هي مكاتب الادعاء العام في مدن في دوسلدورف وكوبلنتس وزاربروكن وميونيخ، وكذلك مكاتب الشرطة الجنائية الإقليمية في ولايات بافاريا وشمال الراين - ويستفاليا وراينلاند – بفالتس وزارلاند.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

إيطاليا ترفع الحظر عن «تشات جي بي تي»

أصبح برنامج «تشات جي بي تي» الشهير الذي طورته شركة الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي» متاحا مجددا في إيطاليا بعد علاج المخاوف الخاصة بالخصوصية. وقالت هيئة حماية البيانات المعروفة باسم «جارانتي»، في بيان، إن شركة «أوبن إيه آي» أعادت تشغيل خدمتها في إيطاليا «بتحسين الشفافية وحقوق المستخدمين الأوروبيين». وأضافت: «(أوبن إيه آي) تمتثل الآن لعدد من الشروط التي طالبت بها الهيئة من أجل رفع الحظر الذي فرضته عليها في أواخر مارس (آذار) الماضي».

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

إيطاليا في «يوم التحرير»... هل تحررت من الإرث الفاشي؟

في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) من كل عام تحتفل إيطاليا بـ«عيد التحرير» من النازية والفاشية عام 1945، أي عيد النصر الذي أحرزه الحلفاء على الجيش النازي المحتلّ، وانتصار المقاومة الوطنية على الحركة الفاشية، لتستحضر مسيرة استعادة النظام الديمقراطي والمؤسسات التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم. يقوم الدستور الإيطالي على المبادئ التي نشأت من الحاجة لمنع العودة إلى الأوضاع السياسية التي ساهمت في ظهور الحركة الفاشية، لكن هذا العيد الوطني لم يكن أبداً من مزاج اليمين الإيطالي، حتى أن سيلفيو برلوسكوني كان دائماً يتغيّب عن الاحتفالات الرسمية بمناسبته، ويتحاشى المشاركة فيها عندما كان رئيساً للحكومة.

شوقي الريّس (روما)
شمال افريقيا تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

تعاون مصري - إيطالي في مجال الاستثمار الزراعي

أعلنت الحكومة المصرية عن عزمها تعزيز التعاون مع إيطاليا في مجال الاستثمار الزراعي؛ ما يساهم في «سد فجوة الاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائي»، بحسب إفادة رسمية اليوم (الأربعاء). وقال السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء المصري، إن السفير الإيطالي في القاهرة ميكيلي كواروني أشار خلال لقائه والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، (الأربعاء) إلى أن «إحدى أكبر الشركات الإيطالية العاملة في المجال الزراعي لديها خطة للاستثمار في مصر؛ تتضمن المرحلة الأولى منها زراعة نحو 10 آلاف فدان من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاج إليها مصر، بما يسهم في سد فجوة الاستيراد وتحقيق الأمن الغذائي». وأ

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.