الأعراض التي يصعب تفسيرها شائعة بشكل لافت للنظر، وإليكم كيفية التصرف للحصول على إجابة.
كل أسبوع تقريباً، يفحص الدكتور دانيال ساندز طبيب الرعاية الصحية الأولية مريضاً لا تشير أعراضه الغامضة والمزعجة، مثل الإرهاق أو الصداع أو الدوار أو أوجاع الجسم، بسهولة، إلى حالة معينة.
صعوبة التشخيص
حتى بعد سلسلة من الاختبارات، يظل التشخيص الواضح بعيد المنال في عدد مذهل من مثل هذه الحالات. كما يقول الدكتور ساندز، الطبيب المقيم لدى مركز بيت إسرائيل ديكونيس الطبي التابع لجامعة هارفارد: «بصفة عامة، يحدث هذا الأمر كثيراً، أفحص مريضاً لا تتناسب أعراضه مع أي تشخيص أو إطار طبي».
يمكن لهذه الأعراض أن تؤثر على أي جزء من الجسم، وتتراوح بين المشكلات الطفيفة حتى الأمراض الخطيرة والمستمرة التي تمنع الناس من العمل والحياة بصورة طبيعية. ويمكن أن تكون التداعيات الجسدية والنفسية هائلة، كما يقول الدكتور آرثر بارسكي، الطبيب النفسي في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد.
ويضيف قائلاً: «يشعر الناس بالقلق إزاء الأمر. إذ إن أجسامهم لا تعمل بشكل صحيح، لكن لا توجد مشكلة بنيوية يمكننا تشخيصها بالمسح الضوئي أو الخزعة». غالباً ما تكون الأعراض غير المبررة طبياً غامضة، وعادة ما تنقسم إلى بضع فئات، كما يقول خبراء جامعة هارفارد.
وبالإضافة إلى التعب، والصداع، والدوار، وآلام الجسم، فإن تلك الفئات يمكن أن تشمل؛ خفقان القلب، أو الإمساك، أو ألم الظهر، أو المفاصل، أو البطن. يقول الدكتور ساندز: «هذه هي الأشياء التي لا نملك حيالها مؤشرات بيولوجية جيدة، أو قياسات».وتقول الدكتورة سهيلة غريب، كبيرة المسؤولين الطبيين في الخدمات الطبية بجامعة هارفارد: «رغم أن الفحص الجسدي الشامل ضروري، فإن الإصغاء الحذر عادة ما يكون الخطوة الأولى لحل الألغاز التشخيصية؛ حيث إنه في نحو 90 في المائة من الحالات يُقدم التاريخ الطبي للمريض أدلة رئيسية للتشخيص».
يقول الدكتور ساندز: «يدور أسلوبي في الحصول على القصة كاملة أولاً. وإذا طرحنا الأسئلة الصحيحة، وأصغينا باهتمام، فإننا نجهز أنفسنا لإجراء الاختبار التشخيصي الملائم أو الإحالة إلى الاختصاصي المناسب... الاختبارات قد تشمل فحص الدم أو التصوير». لكنه يضيف: «إنها ليست فكرة جيدة أن تطلب إجراء كثير من الاختبارات بصورة عشوائية، الأمر الذي قد يقودنا إلى الطريق الخطأ».
الصبر والمثابرة
من المحبط للغاية استمرار المصارعة مع الأعراض التي تؤثر سلباً على نوعية حياتك. ومع ذلك، يدعو كل من الدكتور ساندز والدكتورة غريب إلى استجابة غير متوقعة من قبل المريض، ألا وهي الصبر.
أحياناً ما تتلاشى الأعراض من تلقاء نفسها من دون أن تفهم الأمر بكامله. وتساعد طريقة المراقبة والانتظار في تجنب الاختبارات غير الضرورية، وغير السارة، وربما غير المفيدة في أغلب الأحيان.
يقول الدكتور ساندز: «قد تتطور الأعراض وتصبح أكثر قابلية للتشخيص بمرور الوقت. لكننا نحتاج إلى تطبيق هذا النهج بحكمة، بعد التأكد من عدم حدوث أي خطر. ويصدق هذا بشكل خاص على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، وأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية معروفة».
يقول خبراء هارفارد إن مصارعة الأعراض غير المبررة طبياً من الممكن أيضاً أن تُجهد حياة المرضى عاطفياً ومالياً، إذ تزداد الأسعار والتكاليف الأخرى المصاحبة، وربما تصبح الحياة المنزلية محفوفة بالمخاطر كذلك؛ حيث غالباً ما يقول أفراد الأسرة والأصدقاء للمرضى إن أعراضهم لا توجد إلا في «أذهانهم» فقط. يقول الدكتور بارسكي: «المغزى الضمني من ذلك (القول) هو أنك إما تتظاهر أو تتخيل ذلك».
توجيهات وتوصيات
إذا كنت تعاني من أعراض بلا تفسير، أوصى كل من الدكتورة غريب والدكتور ساندز أولاً بالعمل مع طبيب رعاية أولية موثوق فيه؛ حيث يمكنه تنسيق الجهود المستمرة للكشف عن الأسباب. ينبغي لطبيبك الخاص أيضاً معالجة أي أعراض للاكتئاب أو القلق، ليس فقط كعوامل مساهمة محتملة في الأعراض الجسدية، وإنما كمشكلة صحية مصاحبة. تقول الدكتورة غريب: «طبيبك الشخصي هو الملّاح الخاص بك».
فضلاً عن ذلك، فإن خبراء هارفارد يقدمون هذه التوجيهات...
> اسأل عما إذا كنت بحاجة إلى إحالة. يمكن لطبيب العناية الأولية إحالتك إلى اختصاصي ملائم، أو مساعدتك على طلب رأي ثانٍ، رغم أن بعض الحالات قد تستفيد من مجموعة من الاختصاصيين.
> ابحث عن البرامج المتخصصة. يمكن للمراكز الطبية الأكاديمية أو العيادات المخصصة لمعالجة الأعراض توفير خبرة غير اعتيادية. يقول الدكتور ساندز: «إذا لم يكن أحدها متوفراً في مدينتك، فقد يكون من المفيد السفر إلى مكان آخر حتى يتسنى لأطباء آخرين إلقاء نظرة عليك». وقد يكون ذلك مفيداً، خاصة إذا استمرت الأعراض لفترة طويلة.
* واصل الحركة. يمكن للتمارين الرياضية التخفيف من الأعراض غير المحددة مثل الشعور بالسأم أو الضجر أو الافتقار إلى الطاقة. ويمكن للنشاط البدني المنتظم المساعدة في تحسين الحالة المزاجية، وفي بعض الحالات، يساعد على تجنب الإجهاد.
* حاول الحصول على المسرّات والمرح حيثما تمكنت. إذا كان بإمكانك ذلك، خصص وقتاً للمسرات البسيطة التي ترفع من روحك المعنوية؛ كالاستماع إلى الموسيقى التي تحبها، أو القراءة، أو العناية بالنباتات أو الحديقة.
* طلب العلاج. يمكن للعلاج السلوكي الإدراكي المساعدة على معرفة الضغوط التي تُفاقم من حدة الأعراض لديك، وإيجاد طرق مختلفة للاستجابة. يقول الدكتور بارسكي: «انتبه لما يحدث في بيئتك عندما تلاحظ تلك الأعراض، واعمل على معالجة هذه الضغوط مباشرة».
* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» ـ خدمات «تريبيون ميديا»
شبكة مراكز الأبحاث المستهدفة للألغاز التشخيصية
> الأمراض النادرة ليست غير شائعة كما يشير مسماها. وتُعرّف معاهد الصحة الوطنية (الأميركية) الاضطراب النادر بأنه الاضطراب الذي يصيب أقل من 200 ألف شخص على مستوى البلاد. لكن هناك أكثر من 7000 حالة من هذه الحالات، و25 مليون أميركي على الأقل (نحو واحد من كل 13 شخصاً) يعانون من إحداها.
يقضي كثيرون من هؤلاء الناس سنوات في البحث عن أجوبة لأعراضهم المحيرة. و«شبكة الأمراض غير المشخصة»، التي أطلقتها «معاهد الصحة الوطنية» عام 2015 هي أحد مصادر المساعدة. ويشمل المشروع عشرات المواقع الإكلينيكية. وتدير كلية الطب بجامعة هارفارد مركز التنسيق الوطني التابع لشبكة الأمراض غير المشخصة.
قبلت «شبكة الأمراض غير المشخصة» حتى الآن أكثر من ثلث المتقدمين الذين يبلغ عددهم نحو 6000 متقدم لإجراء الاختبارات والتقييم المكثف، وأصدرت نحو 550 تشخيصاً مؤكداً.
ويمكن أن تشمل الاختبارات الفحص الجيني، والتصوير المتقدم، واختبارات تحليل الدم، وغيرها من اختبارات العلامات الحيوية والاختبارات الإكلينيكية، حسبما ذكرت كيمبرلي لوبلان، مستشارة علم الوراثة المعتمدة ومديرة مركز تنسيق شبكة الأمراض غير المشخصة في جامعة هارفارد.
تقول لوبلان: «عُرض معظم هؤلاء المرضى على كثير من الأطباء قبل وصولهم إلينا، كما أن الفحوصات والإجراءات التي أجروها كانت شاملة. كثيرون يشعرون بالإحباط، ولا يعرفون ما إذا كانوا سيحصلون على إجابات من عدمه. لا شك أن (شبكة الأمراض غير المشخصة) تمنح شعوراً بالأمل».