أعراض غامضة يصعُب تشخيصها

الأطباء يحتارون في رصد مسبباتها المرضية

أعراض غامضة يصعُب تشخيصها
TT

أعراض غامضة يصعُب تشخيصها

أعراض غامضة يصعُب تشخيصها

الأعراض التي يصعب تفسيرها شائعة بشكل لافت للنظر، وإليكم كيفية التصرف للحصول على إجابة.
كل أسبوع تقريباً، يفحص الدكتور دانيال ساندز طبيب الرعاية الصحية الأولية مريضاً لا تشير أعراضه الغامضة والمزعجة، مثل الإرهاق أو الصداع أو الدوار أو أوجاع الجسم، بسهولة، إلى حالة معينة.

صعوبة التشخيص

حتى بعد سلسلة من الاختبارات، يظل التشخيص الواضح بعيد المنال في عدد مذهل من مثل هذه الحالات. كما يقول الدكتور ساندز، الطبيب المقيم لدى مركز بيت إسرائيل ديكونيس الطبي التابع لجامعة هارفارد: «بصفة عامة، يحدث هذا الأمر كثيراً، أفحص مريضاً لا تتناسب أعراضه مع أي تشخيص أو إطار طبي».
يمكن لهذه الأعراض أن تؤثر على أي جزء من الجسم، وتتراوح بين المشكلات الطفيفة حتى الأمراض الخطيرة والمستمرة التي تمنع الناس من العمل والحياة بصورة طبيعية. ويمكن أن تكون التداعيات الجسدية والنفسية هائلة، كما يقول الدكتور آرثر بارسكي، الطبيب النفسي في مستشفى بريغهام والنساء التابع لجامعة هارفارد.
ويضيف قائلاً: «يشعر الناس بالقلق إزاء الأمر. إذ إن أجسامهم لا تعمل بشكل صحيح، لكن لا توجد مشكلة بنيوية يمكننا تشخيصها بالمسح الضوئي أو الخزعة». غالباً ما تكون الأعراض غير المبررة طبياً غامضة، وعادة ما تنقسم إلى بضع فئات، كما يقول خبراء جامعة هارفارد.
وبالإضافة إلى التعب، والصداع، والدوار، وآلام الجسم، فإن تلك الفئات يمكن أن تشمل؛ خفقان القلب، أو الإمساك، أو ألم الظهر، أو المفاصل، أو البطن. يقول الدكتور ساندز: «هذه هي الأشياء التي لا نملك حيالها مؤشرات بيولوجية جيدة، أو قياسات».وتقول الدكتورة سهيلة غريب، كبيرة المسؤولين الطبيين في الخدمات الطبية بجامعة هارفارد: «رغم أن الفحص الجسدي الشامل ضروري، فإن الإصغاء الحذر عادة ما يكون الخطوة الأولى لحل الألغاز التشخيصية؛ حيث إنه في نحو 90 في المائة من الحالات يُقدم التاريخ الطبي للمريض أدلة رئيسية للتشخيص».
يقول الدكتور ساندز: «يدور أسلوبي في الحصول على القصة كاملة أولاً. وإذا طرحنا الأسئلة الصحيحة، وأصغينا باهتمام، فإننا نجهز أنفسنا لإجراء الاختبار التشخيصي الملائم أو الإحالة إلى الاختصاصي المناسب... الاختبارات قد تشمل فحص الدم أو التصوير». لكنه يضيف: «إنها ليست فكرة جيدة أن تطلب إجراء كثير من الاختبارات بصورة عشوائية، الأمر الذي قد يقودنا إلى الطريق الخطأ».

الصبر والمثابرة

من المحبط للغاية استمرار المصارعة مع الأعراض التي تؤثر سلباً على نوعية حياتك. ومع ذلك، يدعو كل من الدكتور ساندز والدكتورة غريب إلى استجابة غير متوقعة من قبل المريض، ألا وهي الصبر.
أحياناً ما تتلاشى الأعراض من تلقاء نفسها من دون أن تفهم الأمر بكامله. وتساعد طريقة المراقبة والانتظار في تجنب الاختبارات غير الضرورية، وغير السارة، وربما غير المفيدة في أغلب الأحيان.
يقول الدكتور ساندز: «قد تتطور الأعراض وتصبح أكثر قابلية للتشخيص بمرور الوقت. لكننا نحتاج إلى تطبيق هذا النهج بحكمة، بعد التأكد من عدم حدوث أي خطر. ويصدق هذا بشكل خاص على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، وأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية معروفة».
يقول خبراء هارفارد إن مصارعة الأعراض غير المبررة طبياً من الممكن أيضاً أن تُجهد حياة المرضى عاطفياً ومالياً، إذ تزداد الأسعار والتكاليف الأخرى المصاحبة، وربما تصبح الحياة المنزلية محفوفة بالمخاطر كذلك؛ حيث غالباً ما يقول أفراد الأسرة والأصدقاء للمرضى إن أعراضهم لا توجد إلا في «أذهانهم» فقط. يقول الدكتور بارسكي: «المغزى الضمني من ذلك (القول) هو أنك إما تتظاهر أو تتخيل ذلك».

توجيهات وتوصيات

إذا كنت تعاني من أعراض بلا تفسير، أوصى كل من الدكتورة غريب والدكتور ساندز أولاً بالعمل مع طبيب رعاية أولية موثوق فيه؛ حيث يمكنه تنسيق الجهود المستمرة للكشف عن الأسباب. ينبغي لطبيبك الخاص أيضاً معالجة أي أعراض للاكتئاب أو القلق، ليس فقط كعوامل مساهمة محتملة في الأعراض الجسدية، وإنما كمشكلة صحية مصاحبة. تقول الدكتورة غريب: «طبيبك الشخصي هو الملّاح الخاص بك».
فضلاً عن ذلك، فإن خبراء هارفارد يقدمون هذه التوجيهات...
> اسأل عما إذا كنت بحاجة إلى إحالة. يمكن لطبيب العناية الأولية إحالتك إلى اختصاصي ملائم، أو مساعدتك على طلب رأي ثانٍ، رغم أن بعض الحالات قد تستفيد من مجموعة من الاختصاصيين.
> ابحث عن البرامج المتخصصة. يمكن للمراكز الطبية الأكاديمية أو العيادات المخصصة لمعالجة الأعراض توفير خبرة غير اعتيادية. يقول الدكتور ساندز: «إذا لم يكن أحدها متوفراً في مدينتك، فقد يكون من المفيد السفر إلى مكان آخر حتى يتسنى لأطباء آخرين إلقاء نظرة عليك». وقد يكون ذلك مفيداً، خاصة إذا استمرت الأعراض لفترة طويلة.
* واصل الحركة. يمكن للتمارين الرياضية التخفيف من الأعراض غير المحددة مثل الشعور بالسأم أو الضجر أو الافتقار إلى الطاقة. ويمكن للنشاط البدني المنتظم المساعدة في تحسين الحالة المزاجية، وفي بعض الحالات، يساعد على تجنب الإجهاد.
* حاول الحصول على المسرّات والمرح حيثما تمكنت. إذا كان بإمكانك ذلك، خصص وقتاً للمسرات البسيطة التي ترفع من روحك المعنوية؛ كالاستماع إلى الموسيقى التي تحبها، أو القراءة، أو العناية بالنباتات أو الحديقة.
* طلب العلاج. يمكن للعلاج السلوكي الإدراكي المساعدة على معرفة الضغوط التي تُفاقم من حدة الأعراض لديك، وإيجاد طرق مختلفة للاستجابة. يقول الدكتور بارسكي: «انتبه لما يحدث في بيئتك عندما تلاحظ تلك الأعراض، واعمل على معالجة هذه الضغوط مباشرة».

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» ـ خدمات «تريبيون ميديا»

شبكة مراكز الأبحاث المستهدفة للألغاز التشخيصية

> الأمراض النادرة ليست غير شائعة كما يشير مسماها. وتُعرّف معاهد الصحة الوطنية (الأميركية) الاضطراب النادر بأنه الاضطراب الذي يصيب أقل من 200 ألف شخص على مستوى البلاد. لكن هناك أكثر من 7000 حالة من هذه الحالات، و25 مليون أميركي على الأقل (نحو واحد من كل 13 شخصاً) يعانون من إحداها.
يقضي كثيرون من هؤلاء الناس سنوات في البحث عن أجوبة لأعراضهم المحيرة. و«شبكة الأمراض غير المشخصة»، التي أطلقتها «معاهد الصحة الوطنية» عام 2015 هي أحد مصادر المساعدة. ويشمل المشروع عشرات المواقع الإكلينيكية. وتدير كلية الطب بجامعة هارفارد مركز التنسيق الوطني التابع لشبكة الأمراض غير المشخصة.
قبلت «شبكة الأمراض غير المشخصة» حتى الآن أكثر من ثلث المتقدمين الذين يبلغ عددهم نحو 6000 متقدم لإجراء الاختبارات والتقييم المكثف، وأصدرت نحو 550 تشخيصاً مؤكداً.
ويمكن أن تشمل الاختبارات الفحص الجيني، والتصوير المتقدم، واختبارات تحليل الدم، وغيرها من اختبارات العلامات الحيوية والاختبارات الإكلينيكية، حسبما ذكرت كيمبرلي لوبلان، مستشارة علم الوراثة المعتمدة ومديرة مركز تنسيق شبكة الأمراض غير المشخصة في جامعة هارفارد.
تقول لوبلان: «عُرض معظم هؤلاء المرضى على كثير من الأطباء قبل وصولهم إلينا، كما أن الفحوصات والإجراءات التي أجروها كانت شاملة. كثيرون يشعرون بالإحباط، ولا يعرفون ما إذا كانوا سيحصلون على إجابات من عدمه. لا شك أن (شبكة الأمراض غير المشخصة) تمنح شعوراً بالأمل».
 


مقالات ذات صلة

صحتك أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

لا يتوقف الجدل حول صحة الحليب الخام في مقابل الحليب المبستر. فماذا يقول الخبراء؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بالسرطان (رويترز)

علماء يستعينون بـ«الغراء» في تطوير علاج جديد للسرطان

طوَّر علماء يابانيون علاجاً جديداً للسرطان باستخدام مركَّب موجود في الغراء يسمى «أسيتات البولي فينيل PVA».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
TT

الحليب الخام أم المبستر... أيهما أكثر صحة؟

أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)
أبقار من قطيع غير مشتبه به في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويورك (أ.ف.ب)

ارتبط الحليب الخام أو البقري بما لا يقل عن 10 أمراض في كاليفورنيا، وفقاً لدائرة الصحة العامة في كاليفورنيا. وقالت الوكالة إنه لم يتم تحديد أي من الأمراض على أنها إنفلونزا الطيور.

وقال متحدث باسم الولاية يوم الخميس: «منذ الإعلان عن عمليات سحب متعددة للحليب الخام بسبب التلوث بإنفلونزا الطيور، تلقى خبراء الصحة العامة على مستوى الولاية والمحلي تقارير عن أمراض من 10 أفراد أفادوا بشرب الحليب الخام. لم تحدد الاختبارات الأولية لمختبر الصحة العامة في المقاطعة والولاية أي إصابات إيجابية بإنفلونزا الطيور لدى هؤلاء الأفراد حتى الآن». ولم تقدم الدائرة على الفور معلومات إضافية حول الأمراض العشرة.

كما يحقق مسؤولو الصحة في شمال كاليفورنيا في حالة محتملة لإنفلونزا الطيور لدى طفل أصيب بالمرض بعد شرب الحليب الخام في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لما ذكرته هيئة الصحة العامة لمقاطعة مارين، وأفادت بأن الطفل ذهب إلى قسم الطوارئ المحلي مصاباً بالحمى والقيء بعد شرب الحليب الخام وثبتت إصابته بالإنفلونزا.

وقالت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة يوم الخميس إن اختباراتها للعينات من الطفل كانت سلبية للإنفلونزا.

زاد الاهتمام بالحليب الخام وسط دعم من بعض المعجبين البارزين، بما في ذلك روبرت ف. كيندي جونيور، والذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترمب لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية.

رغم أن بعض المؤيدين للحليب الخام يزعمون بأن هناك فوائد غذائية له، فإن خبراء الصحة يقولون إن أي فوائد مزعومة لا تفوق المخاطر المرتبطة بها.

عينات الحليب المراد اختبارها على طاولة في حظيرة الألبان التعليمية بجامعة كورنيل بنيويوك بعد أن أصدرت وزارة الزراعة الأميركية الأسبوع الماضي أمراً فيدرالياً لاختبار إمدادات الحليب في البلاد وسط مخاوف متزايدة بشأن فيروس (إنفلونزا الطيور) الذي دق ناقوس الخطر منذ اكتشافه لأول مرة في بقرة في تكساس (أ.ف.ب)

يمكن أن يكون الحليب الخام وبعض أنواع الجبن الخام مصدراً للعديد من أنواع الجراثيم، وتُظهر الاختبارات المعملية أن فيروس إنفلونزا الطيور في الحليب الخام يمكن أن يكون معدياً.

تم سحب منتجات الحليب الخام والقشدة من مزرعة «رو فارم» في فريسنو وتم إيقاف توزيع المنتجات الشهر الماضي بعد أن ثبتت عينات إيجابية لإنفلونزا الطيور. وقالت إدارة الصحة العامة في مقاطعة لوس أنجليس إنه تم الإبلاغ عن حالتين محتملتين من إنفلونزا الطيور في القطط المنزلية التي تناولت الحليب الخام من مزرعة «رو فارم».

ورداً على الوجود المتزايد للفيروس، أعلنت وزارة الزراعة الأميركية أنها ستبدأ في اختبار الحليب الخام المخزن في صوامع الألبان في جميع أنحاء البلاد. وإليك ما يقوله علماء الأغذية ومحترفو الألبان عن الأساطير المحيطة بالحليب الخام وعملية البسترة.

ما هو الحليب الخام؟

الحليب الخام هو الذي لم يخضع للبسترة، وهي العملية التي تزيل الجراثيم المسببة للأمراض والخميرة والعفن والميكروبات الضارة الأخرى، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

يمكن أن يحمل الحليب الخام بكتيريا مسببة للأمراض من أنسجة الضرع المصابة، أو بقايا من معدات الحلب أو جزيئات من الماء والتربة وروث الأبقار، وفقاً لإدارة الغذاء والدواء الأميركية. لهذا السبب توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بتناول وشرب الحليب المبستر ومنتجات الألبان بدلاً من ذلك.

وتتم بسترة معظم الحليب في الولايات المتحدة باستخدام البسترة عالية الحرارة قصيرة الوقت، والتي تنطوي على تسخينه إلى 161 درجة فهرنهايت على الأقل لمدة لا تقل عن 15 ثانية، وفقاً للرابطة الدولية للألبان والأطعمة.

تمت تسمية العملية على اسم الكيميائي الفرنسي وعالم الأحياء الدقيقة لويس باستور الذي صقل العملية لاستخدامها في المشروبات الكحولية، ثم قام لاحقاً بتكييف الطريقة مع الحليب كوسيلة لإزالة مرض السل البقري في الولايات المتحدة وأوروبا في أوائل القرن العشرين. توفي ما يقرب من 65 ألف شخص بسبب هذا المرض بعد تناول منتجات ألبان غير مبسترة بين عامي 1912 و1937 في إنجلترا وويلز وحدهما.

ووفقاً للرئيس التنفيذي لشركة «رو فارم»، مارك ماكافي، يراقب منتجو الحليب الخام صحة الأبقار بدلاً من البسترة.

تستخدم المزرعة أجهزة استشعار تبتلعها الأبقار لقياس درجة حرارة أجسامها، واستهلاكها للمياه، ونشاطها وصحتها العامة. تظل الكبسولات في نفس الوضع في الشبكية طوال حياة البقرة، ولا يتم هضمها أو تقيؤها، ووفقاً للشبكة الأميركية أنه يتم فرز البيانات بواسطة الذكاء الاصطناعي لتوفير المعلومات بسرعة، في حالة مرض البقرة، لضمان أن الحليب آمن للشرب.

لماذا يشرب الناس الحليب الخام؟

رغم الجدل، تقدر إدارة الغذاء والدواء أن أقل من 1 في المائة من الأميركيين يشربون الحليب الخام، ويزعم العديد من المعجبين بأنهم يختارون الحليب الخام على الحليب المبستر لأنهم يفضلون المذاق، وفقاً للدكتور ويليام هولمان، أستاذ وعالم نفس في قسم علم البيئة البشرية بجامعة روتجرز. وقال هولمان إن «أحد الأسباب هو أن بعض الحليب الخام غير متجانس، مما يعني أن الكريمة تطفو إلى الأعلى، على سبيل المثال، لذلك قد تكون بعض الرشفات الأولى مليئة بالكريمة».

هناك أيضاً مجموعة متنوعة من الأسباب النفسية، كما قال هولمان، إذ يعتقد بعض الناس أن الحليب الخام أكثر صحة من الحليب المبستر، بينما قد يرغب آخرون في دعم الزراعة المحلية.

وقال هولمان: «من الناحية النفسية، يعزز هذا فكرة أنه منتج ممتاز لأنه بخلاف ذلك لم يكن بإمكانهم تحصيل الكثير مقابل ذلك. هناك نوع من تأثير المجموعة الذي أصبح طبيعياً».

وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، فإن العديد من الادعاءات حول الفوائد الصحية للحليب الخام ليست صحيحة. على سبيل المثال، لا يعالج أو يعالج الربو أو الحساسية أو عدم تحمل اللاكتوز، ولا يحتوي على بكتيريا الأمعاء الجيدة التي يمكن أن تحسن الميكروبيومك.

قال الدكتور رابيا دي لاتور، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في كلية جروسمان للطب بجامعة نيويورك: «البسترة تهدف إلى ضمان قتل البكتيريا السيئة التي يمكن أن تكون ضارة للناس وتجعلهم مرضى». وأضاف: «لقد حظي مفهوم الأطعمة (المعالجة) الضارة بصحتك باهتمام كبير في الآونة الأخيرة. لا تزال (البسترة) توفر بعض البروتين وتساعد في صحة العظام من خلال توفير الكالسيوم وفيتامين د للشارب، ولكن إذا كنت قلقاً للغاية بشأن ميكروبيومك، فأعتقد أن هناك طرقاً أكثر أماناً لتعزيزه».

وتتضمن بعض الطرق لتحسين ميكروبيوم أمعائك تناول الأطعمة الغنية بالألياف والفواكه والخضراوات وزيت الزيتون البكر الممتاز.

ما مخاطر شرب الحليب الخام؟

يحتوي الحليب الخام على محتوى غذائي ومائي كبير ودرجة من الحموضة، مما يجعله بيئة مثالية لنمو البكتيريا ومسببات الأمراض الضارة الأخرى، كما تظهر الأبحاث.

وفي هذا الصدد، يقول أليكس أوبراين، منسق سلامة وجودة الغذاء في مركز أبحاث الألبان: «يحتوي الحليب على نحو 87 في المائة من الرطوبة، وتحب الميكروبات المزيد من الرطوبة. كلما توفرت المياه، كان من السهل عليها النمو».

وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن شرب أو تناول المنتجات المصنوعة من الحليب الخام يفتح الباب للعديد من الجراثيم الضارة، بما في ذلك الإشريكية القولونية والليستيريا والسالمونيلا والبروسيلا.

ويمكن أن تسبب هذه الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء أعراضاً مثل الإسهال وتشنجات المعدة والقيء. في حالات نادرة، قد تؤدي إلى حالات خطيرة مثل متلازمة غيلان باريه أو متلازمة انحلال الدم اليوريمية. من المرجح أن تسبب الجراثيم مضاعفات صحية لدى الأطفال دون سن الخامسة، والبالغين فوق سن 65 عاماً، والأشخاص الحوامل، وأصحاب المناعة الضعيفة.

ماذا عن الجبن الخام؟

يمكن استخدام الحليب الخام لصنع الجبن الخام، ويقول مؤيدو الحليب الخام إنه يتمتع بنكهة أفضل وأكثر تعقيداً من الجبن المبستر. وفي هذا الصدد، يقول الدكتور دون شافنر، أستاذ علوم الأغذية بجامعة روتجرز، إن المخاطر الصحية الناجمة عن الجبن المصنوع من الحليب الخام قد تكون أقل بكثير، اعتماداً على نوع الجبن.

وتابع شافنر أن الجبن المصنوع من الحليب الخام الصلب مثل الشيدر، والآسياجو، والبارميزان، والسويسري أقل خطورة بكثير من الجبن المصنوع من الحليب الخام الطري مثل الكيزو فريسكو، والفيتا، والكاممبرت. وقال: «إن الجبن المصنوع من الحليب الخام الطري لا يتقادم... وربما يشكل نفس مستوى الخطر الذي يشكله الحليب الخام نفسه».

وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إن الجبن الطري الذي يحتوي على نسبة عالية من الرطوبة أكثر عرضة للتلوث ببكتيريا الليستيريا.

وقال هولمان: «هناك ملح يضاف إلى الجبن، وهناك منفحة ومواد مضافة أخرى تجعل الحليب يتخثر. إن عملية التعتيق وإضافة الملح يمكن أن تقلل بشكل أساسي من خطر مسببات الأمراض. وهذا لا يعني أنها خالية من المخاطر، ولهذا السبب إذا كنتِ حاملاً أو كنتَ تعاني من ضعف المناعة أو شخصاً مسناً، فإن تناول الجبن المصنوع من الحليب الخام يمكن أن يكون محفوفاً بالمخاطر إلى حد ما».

لماذا تتم بسترة الحليب؟

وأنشأت هيئة الصحة العامة الأميركية قانون الحليب القياسي في عام 1924 لتعزيز ممارسات البسترة وإزالة البكتيريا الضارة التي يمكن أن تسبب التيفوئيد والحمى القرمزية وكذلك السل.

ويحدد القانون، المعروف الآن باسم قانون الحليب المبستر، متطلبات اختبار الحليب ومنتجات الألبان في المختبرات من حيث الجودة والسلامة. ويقدر الخبراء أنه قبل التبني الأوسع لهذا النهج، كان ما يقرب من 25 في المائة من جميع حالات تفشي الأمراض في الولايات المتحدة منقولة بالحليب.

وفقاً لإدارة الغذاء والدواء، لكل ملياري وجبة من منتجات الألبان المبسترة المستهلكة في الولايات المتحدة يصاب شخص واحد بالمرض.

ويعتقد بعض خبراء الصحة أن الناس قد يستمرون في استهلاك الحليب الخام رغم المخاطر الصحية لأنهم يعتقدون أن فرصة الإصابة بالمرض منخفضة بشكل عام.

قال هولمان: «بعض الناس متفائلون للغاية، ويعتقدون أنه إذا كانت هناك مخاطر، فمن المرجح أن يطبقوها على أشخاص آخرين. في هذه الحالة، قد يركزون في المقام الأول على الفوائد الصحية ويتجاهلون المخاطر لأن القيام بذلك أكثر ملاءمة. إنهم يقللون من أهمية المخاطر من خلال المبالغة في التأكيد على الفوائد لتبرير الاختيار الذي اتخذوه».

الجدل حول الحليب الخام

قال هولمان إن الحليب الخام أصبح موضوعاً جدلياً بشكل خاص بسبب دعم كيندي الصريح بالإضافة إلى التأييد من المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يؤيدون شرب الحليب الخام.

وتابع هولمان: «إن الدليل على هذه الفوائد الصحية ليس قاطعاً بالتأكيد، في حين أن المخاطر قاطعة بالتأكيد». ويبدو أن مصداقية وموقف أولئك الذين يؤيدون الحليب الخام، مثل كيندي، الذي قال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر (تشرين الأول) إن الحليب الخام كان من بين قائمة طويلة من العناصر التي واجهت «قمعاً عدوانياً»، تلعب أيضاً دوراً في الاهتمام الأخير بالحليب الخام.