الرئاسة تدعو إلى «التهدئة» بعد اشتباكات مسلحة وشعبية في نابلس

اعتقال الأمن الفلسطيني مطلوبين لإسرائيل يحوِّل بوصلة المواجهات

من المواجهات في نابلس الثلاثاء (أ.ب)
من المواجهات في نابلس الثلاثاء (أ.ب)
TT

الرئاسة تدعو إلى «التهدئة» بعد اشتباكات مسلحة وشعبية في نابلس

من المواجهات في نابلس الثلاثاء (أ.ب)
من المواجهات في نابلس الثلاثاء (أ.ب)

دعت الرئاسة الفلسطينية جميع الفلسطينيين إلى «التهدئة»، بعد مواجهات هي الأعنف بين مسلحين غاضبين وقوات الأمن الفلسطينية، في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، احتجاجاً على اعتقال مطلوبين مسلحين ومطاردين من قبل إسرائيل.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، بعد يومين من الاشتباكات العنيفة، إن الرئاسة تدعو «أبناء شعبنا بكل فئاته إلى التهدئة، وتفويت الفرصة على المتربصين والمتآمرين على مشروعنا الوطني، ولمواجهة مؤامرات الاحتلال وبعض الدول الإقليمية التي تريد الإضرار بمشروعنا الوطني».
وطالبت الرئاسة الفلسطينيين «بالوحدة والتكاتف، ورص الصفوف في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها قضيتنا الوطنية، وعدم الانجرار خلف الأجندات المغرضة، وتفويت الفرصة على أعداء شعبنا الفلسطيني». وأضاف: «نؤكد حرمة الدم الفلسطيني، وضرورة الحفاظ على النظام والأمن في الشارع الفلسطيني، والتحلي بروح المسؤولية؛ لأن معركتنا الأساسية هي مع الاحتلال».
وجاء نداء الرئاسة في خضم مواجهات غير مسبوقة في نابلس، استمرت طوال ليلة الاثنين ويوم الثلاثاء، واتخذت شكلين: الأول مواجهات بالرصاص بين مسلحين من التنظيمات الفلسطينية وعناصر الأجهزة الأمنية. والثاني، مواجهات شعبية رشق خلالها شبان غاضبون قوات الأمن الفلسطينية بالحجارة والزجاجات، بعدما أغلقوا الطرق في وجههم، في مشهد يكاد يكون غير مألوف، ومرتبط فقط بالمواجهات مع القوات الإسرائيلية.
واندلعت الاشتباكات والمواجهات الواسعة، عقب اعتقال الأجهزة الأمنية للمطاردين مصعب أشتية وعميد طبيلة، في مكمن محكم في نابلس. وأدت إلى مقتل المواطن فراس يعيش (53 عاماً) نتيجة إصابته برصاصة في رأسه، وجرح شخص آخر، بينما أغلقت جميع المؤسسات العامة والخاصة والتعليمية أبوابها في المدينة التي خلت إلا من المسلحين والمتظاهرين وقوات الأمن.
وجاء اعتقال مصعب أشتية -وهو مطلوب بارز لإسرائيل ينتمي إلى حركة «حماس»- وسط موجة من العمليات الإسرائيلية ضد المسلحين في الضفة الغربية، تركزت بشكل كبير في مدينتي جنين ونابلس؛ حيث جرى كثير من المواجهات والاشتباكات خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن استعراض السلطة الفلسطينية للقوة ضد «العناصر المتطرفة» في المجتمع الفلسطيني، هو «رد على الانتقادات الإسرائيلية لعجز السلطة عن وضع حد للعمليات ضد الإسرائيليين».
وكان مسؤولون إسرائيليون قد انتقدوا بشكل علني ومتكرر ومكثف السلطة الفلسطينية، واتهموها بالضعف في مواجهة المسلحين الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وتحديداً في نابلس وجنين، وضغطوا عليها بشكل مباشر من أجل العمل ضدهم، وكذلك عبر الأميركيين. ولوحت إسرائيل مراراً بأنه إذا لم تتعامل السلطة مع المسلحين فإنها ذاهبة نحو عملية واسعة في شمال الضفة الغربية للتعامل معهم؛ لكن كل التهديدات الإسرائيلية لم تغير شيئاً من الغضب الفلسطيني الشعبي ضد التحرك الرسمي للسلطة الذي تقاطع مع الهجوم الإسرائيلي على المسلحين.
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن أشتية الذي اعتقلته السلطة كان عضواً في خلية مسلحة ناشطة معروفة باسم «كتيبة عرين الأسود»، وهي كتيبة أعلنت «النفير ضد السلطة حتى إطلاق سراحه»، ويشتبه في مشاركته في هجمات إطلاق النار الأخيرة ضد القوات الإسرائيلية والمستوطنين في قبر يوسف في نابلس.
ولم تفسر السلطة سبب اعتقال أشتيه ورفيقه، إنما دعت الفلسطينيين إلى التكاتف.
وقال الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، اللواء طلال دويكات: «نحن أحوج ما نكون إلى رص الصفوف وعدم الانجرار خلف بعض الأجندات المغرضة». وأضاف: «نؤكد حرمة الدم الفلسطيني، ونشير أيضاً إلى أن قرار التحفظ على المواطنين مصعب أشتية وعميد طبيلة، جاء لأسباب ودواعٍ موجودة لدى المؤسسة الأمنية، سيتم الإفصاح عنها لاحقاً، وأن المذكورين لم ولن يتعرضا لأي مساس بهما، وسُمح لمؤسسات حقوق الإنسان بزيارتهما فوراً».
وأهابت المؤسسة الأمنية «بالجماهير، تفويت الفرصة على المتربصين والمتآمرين على المشروع الوطني». وهي رسالة تبنتها حركة «فتح» التي دعت الفلسطينيين إلى «عدم الانجرار وراء الفتن التي يقف وراءها الاحتلال وعدد من دول الإقليم التي تريد الإضرار بقضية شعبنا، وحقوقه في الحرية والاستقلال». وقالت: «إن انحراف البوصلة الفلسطينية نحو الداخل يهدد مصير القضية الفلسطينية».
وكانت الفصائل الفلسطينية ومجموعات مسلحة في نابلس وجنين، قد حذرت السلطة، ودعتها إلى جانب «لجنة المؤسسات والفصائل في نابلس» إلى الإفراج عن مصعب أشتية، وتجريم الاعتقال السياسي. في حين قالت حركة «حماس» إن اعتقال أشتية وطبيلة: «وصمة عار جديدة على جبين السلطة، وسجل تنسيقها الأمني الأسود». واعتبر الناطق باسمها، فوزي برهوم، أن السلطة الفلسطينية «وضعت نفسها وكيلاً حصرياً للاحتلال في مواجهة شعبنا الفلسطيني». وطالب «بالإفراج الفوري عن كل المقاومين والمعتقلين السياسيين».
كما دعت حركة «الجهاد الإسلامي» كل القوى والشخصيات الاعتبارية «لاتخاذ موقف تاريخي، ووضع حد لهذه الممارسات المرفوضة، وحقن الدماء الفلسطينية».
أما الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان «ديوان المظالم»، فدعت النيابة العامة إلى فتح تحقيق جنائي فوري في مقتل المواطن فراس يعيش، وإصابة أنس عبد الفتاح، وإعلان نتائجه و«تقديم كل من يثبت تورطه في مخالفة القانون وتعليمات إطلاق النار من الأجهزة الأمنية للمساءلة». وطالبت جميع الجهات والفعاليات والأجهزة الأمنية والمواطنين «بضبط النفس والاحتكام إلى القانون والحفاظ على السلم الأهلي، وحماية الممتلكات الخاصة والعامة».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

خطاب القسم لرئيس لبنان الجديد: حياد إيجابي... وحق الدولة باحتكار السلاح

TT

خطاب القسم لرئيس لبنان الجديد: حياد إيجابي... وحق الدولة باحتكار السلاح

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير أمام حرس الشرف بعد أدائه اليمين الدستورية في البرلمان اللبناني (رويترز)
الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير أمام حرس الشرف بعد أدائه اليمين الدستورية في البرلمان اللبناني (رويترز)

حمل خطاب القسم الذي أدلى به الرئيس اللبناني جوزيف عون الكثير من المضامين اللافتة، أبرزها تأكيده على «التزام لبنان الحياد الإيجابي» وتجاهله عبارة «المقاومة»، أو ما يؤشر إليها، خلافاً للخطابات التي طبعت العهود السابقة منذ بدء الجمهورية الثانية في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، كما تأكيده العمل على «تثبيت حق الدولة في احتكار حمل السلاح».

وتعهد عون بأن تبدأ مع انتخابه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان. وقال عون في خطاب القسم، الذي لاقى ردود فعل إيجابية من معظم الأفرقاء اللبنانيين: «لبنان هو من عمر التاريخ، وصفتنا الشجاعة، وقوتنا التأقلم، ومهما اختلفنا فإننا عند الشدة نحضن بعضنا البعض، وإذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعاً».

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يؤدي اليمين الدستورية في البرلمان اللبناني (د.ب.أ)

ورأى عون أنه «يجب تغيير الأداء السياسي في لبنان»، وقال: «عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا وليسمع العالم كله أن اليوم بدأت مرحلة جديدة من تاريخ لبنان، وسأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة كحكم عادل بين المؤسسات». وأضاف: «إذا أردنا أن نبني وطناً فإنه علينا أن نكون جميعا تحت سقف القانون والقضاء»، مؤكداً أن «التدخل في القضاء ممنوع، ولا حصانات لمجرم أو فاسد، ولا وجود للمافيات ولتهريب المخدرات وتبييض الأموال».

ولفت عون إلى أن «عهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار مشروع قانون استقلالية القضاء، وأن أطعن بأي قانون يخالف الدستور، وعهدي هو الدعوة لإجراء استشارات نيابية في أسرع وقت لاختيار رئيس حكومة يكون شريكاً وليس خصماً»، معلناً «سنجري المداورة في وظائف الفئة الأولى ضمن الدولة، كما سنقوم بإعادة هيكلة الإدارة العامة، كما سأعمل على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح». وشدد: «سنستثمر في الجيش لضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً، ومحاربة الإرهاب، ويطبق القرارات الدولية، ويمنع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان».

وأكد: «سأسهر على تفعيل عمل القوى الأمنية كأداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين، كما سنناقش استراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يمكّن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه».

وأكد عون أن «عهدي أن نعيد ما دمره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وفي كل أنحاء لبنان، وشهداؤنا هم روح عزيمتنا، وأسرانا هم أمانة في أعناقنا»، وقال: «آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية، لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض».

وأعلن رفضه «توطين الفلسطينيين»، موضحاً: «نؤكد عزمنا لتولي أمن المخيمات، وسنمارس سياسة الحياد الإيجابي، ولن نصدر للدول إلا أفضل المنتجات والصناعات ونستقطب السياح»، داعياً إلى بدء حوار جدي وندي مع الدولة السورية؛ لمناقشة كافة العلاقات والملفات العالقة بيننا، لا سيما ملف المفقودين والنازحين السوريين».

وكان رئيس البرلمان نبيه بري قال بعد إعلان عون رئيساً وتهنئته: «كلنا بانتظار العهد الجديد»، متحدثاً عن الظروف الحرجة التي يعاني منها لبنان، «وتحديداً في الجنوب اللبناني، حيث يتعرض أهلكم هناك لأبشع وأشد قساوة من أي حرب أخرى، لذلك لبنان في حاجة إلى كل شيء، الجنوب بحاجة، وكل لبنان بحاجة، وكلنا في انتظار العهد الجديد».