وزيرة الخارجية الفرنسية: لا عرض جديداً لإيران ولا مبادرات جديدة

طهران لم تستبعد اجتماعاً بين أطراف المفاوضات في نيويورك

وزيرة الخارجية الفرنسية: لا عرض جديداً لإيران ولا مبادرات جديدة
TT

وزيرة الخارجية الفرنسية: لا عرض جديداً لإيران ولا مبادرات جديدة

وزيرة الخارجية الفرنسية: لا عرض جديداً لإيران ولا مبادرات جديدة

فيما أفادت مصادر دبلوماسية في باريس بأن الملف النووي الإيراني سيكون أحد المواضيع الرئيسية، التي سيتم التداول بشأنها على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أسبوعها الأول، حيث ينتظر التئام عدة اجتماعات في صيغ مختلفة منها على أعلى المستويات، إضافة إلى وجود مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نيويورك، مساء اليوم، ضمن أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ77، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية، إنه «لن يتم تقديم عرض جديد وأفضل من العرض المقدم لإيران»، مضيفة أن الكرة اليوم «في الملعب الإيراني، ويتعين على طهران أن تتخذ قرار (القبول أو الرفض)».
وترأس فرنسا مجلس الأمن في الوقت الحاضر وحتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
ونبهت كاترين كولونا، التي عقدت بعد ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في نيويورك نقل عبر وسائل التواصل الإلكترونية، لأن «فرصة التوصل إلى اتفاق التي برزت في شهر أغسطس (آب) يبدو أنها متجهة إلى الانغلاق» بعد الردود السلبية التي جاءت من طهران.
وكانت كولونا تشير إلى الردود الأولية التي جاءت من إيران على الورقة التي قدمها مسؤول الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل، التي عدها «نهائية» و«أفضل الممكن». تجدر الإشارة إلى أن بوريل اعتبر في مرحلة أولى أن الرد الإيراني جاء «معقولاً». إلا أن الأمور تغيرت بعد الرد الثاني الإيراني عقب الملاحظات التي تضمنتها الورقة الأميركية في تعليقها على مطالب إيران.
واتهمت الوزيرة الفرنسية، طهران، بأنها «لم ترد إيجابياً، لا بل إنها تراجعت عن التزاماتها المنصوص عليها في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية»، وذلك من خلال مطالبتها الوكالة الدولية بإغلاق ملف المواقع الإيرانية الثلاثة غير المعلنة التي عثر فيها مفتشو الوكالة على آثار يورانيوم مخصب. وعلى الرغم من مرور ثلاث سنوات على المساعي التي تبذلها الوكالة، فإن إيران لم تقدم ردوداً شافية. وأكد رافاييل غروسي، مدير الوكالة، أنه يرفض إغلاق الملف طالما لم يحصل على إجابات تقنية مقنعة ووافية. وثمة ظنون أن تهرب طهران من التزام الشفافية مرده، على الأرجح، لوجود برنامج نووي عسكري سري سابق.
واعتبرت كولونا أن العرض الذي قدمه بوريل هو «أفضل الممكن»، مستبعدة وجود «مبادرات جديدة» قد تقدم عليها فرنسا والرئيس ماكرون تحديداً. ولم تستبعد مصادر رئاسية فرنسية حصول اجتماع بين إيمانويل ماكرون ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، وهو ما لمح إليه الناطق باسم الخارجية الإيرانية صباح الاثنين في مؤتمره الصحافي الأسبوعي.
ورداً على الأخبار والتحليلات التي تشير إلى وجود اختلافات أو تمايزات بين الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) والولايات المتحدة الأميركية بشأن الملف النووي، أكدت كولونا أن التنسيق قائم بين العواصم الأوروبية وواشنطن، وأن مواقف الطرفين «واحدة».
وفي أي حال، تعتبر باريس، وقد سبق للرئيس الفرنسي أن أشار إليه سابقاً، أن العودة إلى تفعيل اتفاق 2015 «لن يكون لوحده كافياً» من أجل أمن واستقرار الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.
من هنا، يعمل الرئيس ماكرون مع قادة المنطقة من أجل قمة جديدة تكون بمثابة «بغداد 2»، غرضها توفير منصة حوار بين كافة الأطراف الإقليمية من الدول الخليجية إلى مصر والأردن وإيران وتركيا، بالإضافة إلى فرنسا، التي لعبت الدور الأول في قمة بغداد، في أغسطس الماضي. وفي 14 سبتمبر الحالي، تناول الرئيس ماكرون والعاهل الأردني عبد الله الثاني، هذا الملف في اجتماعهما في قصر الإليزيه. وينتظر أن تستضيف عمان، في حال حصولها، القمة الثانية.
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، اليوم الاثنين، إنه لا يمكنه استبعاد عقد لقاء بشأن إحياء اتفاق 2015 النووي مع القوى العالمية في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وغادر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إلى نيويورك، صباح الاثنين، على رأس وفد ضم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ونائبه، كبير المفاوضين النووي علي باقري كني، بالإضافة إلى النائب وحيد جلال زادة رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان.
وقال كنعاني إن «باقري كني سيكون حاضراً في الجمعية العامة ضمن الوفد، ولكن لا توجد خطة محددة لمناقشة الاتفاق النووي. ومع ذلك، لا أستبعد إمكان إجراء محادثات بشأنه». وأضاف أن «طهران لم تغادر طاولة المفاوضات أبداً»، لكنه استبعد عقد اجتماع بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين في نيويورك. وتوقفت العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن منذ عام 1979، واستمرت الخلافات بشأن الكثير من القضايا.
وفي مقابلة مع شبكة «سي بي إس»، بُثت أمس الأحد، قال الرئيس الإيراني إن طهران ستكون جادة بشأن إحياء الاتفاق النووي إذا كانت هناك ضمانات بأن واشنطن لن تنسحب مرة أخرى منه - مثلما حدث في عام 2018 في عهد الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب.
وقال رئيسي، «إذا كان التعامل جيداً وعادلاً، فسنكون جادين في التوصل إلى اتفاق». وأضاف في التصريحات التي أدلى بها قبيل زيارة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع: «لا بد أن يكون دائماً. هناك حاجة إلى ضمانات. إذا كان هناك ضمان، فلن يستطيع الأميركيون الانسحاب من الاتفاق».
وقال إن الأميركيين «نقضوا وعودهم» بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، وأضاف: «لقد فعلوا ذلك من جانب واحد. قالوا (أنا خارج الاتفاق). الآن أصبح تقديم الوعود بلا معنى». وتابع: «لا يمكننا أن نثق في الأميركيين بسبب السلوك الذي رأيناه منهم بالفعل. ولهذا السبب إذا لم يكن هناك ضمان، فلا توجد ثقة».
وتهاوى اتفاق 2015 الذي قيدت بموجبه طهران برنامجها النووي المثير للنزاع مقابل تخفيف العقوبات الدولية، منذ انسحاب الولايات المتحدة، إذ انتهكت إيران القيود المتعلقة بتخصيب اليورانيوم.
ومع عدم وجود ما يبشر بنجاح طهران وواشنطن في تجاوز مأزقهما، رجحت وكالة «رويترز» أن تستغل إيران الجمعية العامة للأمم المتحدة لمواصلة المساعي الدبلوماسية من خلال التعبير المتكرر عن رغبتها في التوصل إلى اتفاق مستدام.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».