استبعد سياسيون ليبيون أن تفضي أجواء التقارب بين المشير خلفية حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، إلى انتخابات عامة في البلاد قريباً، لاعتبارات كثيرة.
وأبدى عضو مجلس النواب الليبي، على التكبالي، قناعته بأن التفاهم بين الطرفين «سواء نجح في الصمود، أم لا سيزيد من إرباك المشهد المعقد بالأساس، وبالتالي سيؤجل إجراء الانتخابات لفترة أطول».
ورأى التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدبيبة غير قادر على تسويق هذا التفاهم أمام حاضنته بغرب البلاد، فضلاً عن استشعاره بأن قوى الإسلام السياسي وتحديداً تيار المفتي المعزول الغرياني، والعناصر المحسوبة على الجماعة الليبية المقاتلة لن تقف صامتة إذا ما اتخذ أي خطوة إضافية كإجراء تعديل وزاري ومنح بعض المقاعد لشخصيات مقربة للجيش؛ ولذا سارع بإنكار وجود صفقة مع المشير حفتر».
وتابع: «هذا التفاهم قد لا يكون قابلاً للتطور بحدوث تفاهم مماثل فيما بين الدبيبة وبين مجلس النواب، الذي كلف بالفعل حكومة جديدة لإدارة شؤون البلاد، برئاسة فتحي باشاغا»، مستكملاً: «في ظل كل هذه التجاذبات لا يمكن أن تتم الانتخابات، فالأخيرة تحتاج إلى إجراءات كثيراً ما يتطلب تعاون الجميع لإيجاد قاعدة دستورية أو دستور وقوانين تنظمها، فضلاً عن استعدادات فنية وأمنية كمراجعة الأرقام الوطنية».
وذهب التكبالي، إلى أنه «في حال صمود هذا التفاهم، فإن الانتخابات المرتقبة لن تكون قريبة»، وقال: «نجاح الدبيبة في التصدي لمعارضيه، يعني ببساطة عدم احتياجه لإجراء الانتخابات، وهو ما ينطبق على باقي القوى السياسية بالبلاد».
وفيما يتعلق بوجود مباركة أميركية أو دولية لهذا التفاهم مقترنة بحتمية إجراء الانتخابات في أجل قريب، قال زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز الليبي حافظ الغويل، إن تركيز الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بات منصباً بالبحث عن تحقيق أي درجة من الاستقرار بالمشهد الليبي وبأي طريقة»، مرجحاً أن «الانتخابات حتى إن جرت فقد تكون غير نزيهة».
ووصف ما حدث بكونه «محاولة جديدة لتقاسم السلطة بالبلاد على أساس مصالح شخصية، والتي قد تتغير بأي لحظة، إلى جانب إدراك طرفي الصفقة بعدم قدرة أي منهما على إزاحة الآخر من المشهد، وتوصل حفتر لقناعة بفشل تحالفه مع باشاغا، بجانب رغبتهما في تفادي وجود إدارة غربية - أميركية لعوائد النفط».
أما عضو المجلس الأعلى للدولة محمد معزب، فرأى أن إحياء مسار الانتخابات، وخصوصاً شقها الرئاسي بات يتطلب «عامين على الأقل لإجرائها»، وتساءل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما الذي ستضيفه الانتخابات للدبيبة الآن؟»، لافتاً إلى أن التفاهم بين الرجلين «أزاح التحدي الذي واجههما سوياً في السابق قبل إعادة تشغيل حقول وموانئ النفط، ومن ثم الحصول على موارد مالية؛ كما أن الدبيبة بات يحكم بمفرده وبلا أي منازعة في طرابلس».
واستبعد معزب وجود رد فعل مضاد من قبل الأطراف التي تم تجاوزها في هذا التفاهم، وتحديداً مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، موضحاً «محاولة قلب الطاولة على أطراف هذا التفاهم التي يروج لها البعض غير مجدية كونها قد تطيح بالجميع، لكون المجلسين يدركان أنه لن يكون لهما أثر في المشهد السياسي إذا ما أعلنا مثلاً توافقهما على قاعدة دستورية وإجراء انتخابات عاجلة نكاية في الدبيبة وحفتر».
ويرى معزب أن «باشاغا قد يكون المتضرر الأبرز من هذا التفاهم الذي أدى لتضاؤل فرصه في تولي مقاليد الحكم عبر التقارب بين حفتر مع غريمه الدبيبة، وهو ما سينعكس على حظوظه السياسية في أي استحقاق».
وفي السياق ذاته، رأى أشرف بلها، رئيس تجمع تكنوقراط ليبيا رئيس لجنة «عودة الأمانة للشعب» أن توقيت إجراء الانتخابات «لا يزال بعيداً»، وقال: «بغض النظر عن حديث الصفقات المتداول، لا يمكن تصور أن التوافق بين طرفين أو حتى ثلاثة سيؤدي لحلحلة معضلة الانتخابات».
ونوه إلى أن «تعقُّد مسار الأزمة الليبية يعود لتعدد أطرافها»، متابعاً: «يوجد دائماً إلى جوار اللاعبين البارزين قوى أخرى لا يستهان بها، ومنها أجسام وكيانات سياسية لها ثقلها كالتيار الممثل لـ(ثوار فبراير (شباط)) وهو واسع الانتشار بالمنطقة الغربية».
ويرى بلها، أن إجراء الانتخابات «صار مع الأسف أبعد عما كان عليه الوضع في 24 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي»، وأرجع ذلك إلى تعمق خلافات مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) بعد إخفاقهما في التوافق حول (القاعدة الدستورية) المنظمة للانتخابات، فضلاً عن تعمق مماثل في انقسام مواقف الدول الغربية تحديداً حول الوضع في ليبيا على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.
سياسيون ليبيون يستبعدون إجراء انتخابات عامة قريباً
بعضهم رأى أن الأمر يتطلب عامين على الأقل لتنفيذ «الرئاسية»
سياسيون ليبيون يستبعدون إجراء انتخابات عامة قريباً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة