نهضة اقتصادية «غير مسبوقة» شمال غربي سوريا

عودة عدد كبير من التجار ورؤوس الأموال إلى إدلب

مجمع تجاري حديث في إدلب (الشرق الأوسط)
مجمع تجاري حديث في إدلب (الشرق الأوسط)
TT

نهضة اقتصادية «غير مسبوقة» شمال غربي سوريا

مجمع تجاري حديث في إدلب (الشرق الأوسط)
مجمع تجاري حديث في إدلب (الشرق الأوسط)

تشهد محافظة إدلب ومناطق ريف حلب، في شمال غربي سوريا، نهضة اقتصادية وعمرانية كبيرة وغير مسبوقة، في بناء منشآت صناعية كبرى، ومجمعات سكنية (مخدمة)، والمعامل، ومراكز تسوق للبضائع المحلية والمستوردة، يقودها رجال أعمال سوريون ورأسماليون من مختلف المناطق السورية، في ظل الاستقرار الأمني والتشجيع على الاستثمار من قبل «حكومة الإنقاذ» المعارضة السورية، التي تدير الوضع في شمال غربي سوريا.
وتحظى مدينتا الدانا وسرمدا (35 كيلومتراً شمال إدلب)، منذ سيطرة فصائل المعارضة عام 2012، بالنصيب الأكبر من بناء المعامل والمنشآت الصناعية، للمعادن ومواد البناء ومعامل الألبسة الجاهزة ومعامل الأغذية، إضافة إلى انتشار شركات الاستيراد للبضائع الأوروبية (سيارات وأدوات منزلية)، ومكاتب تصدير أحجار البناء إلى دول العالم والخليج العربي، وبناء مجمعات سكنية كبيرة، إلى جانب مراكز التسوق والمولات. وتعد المدينتان بوابة مناطق الشمال السوري إلى تركيا والعالم والكثافة السكانية.

فيما تشهد الدوائر الحكومية التابعة لـ«حكومة الإنقاذ»، التي تدير الجانب الإداري في محافظة إدلب، إقبالاً كبيراً من التجار وأصحاب المهن على استصدار تراخيص المنشآت التجارية والصناعية وفق شروط وقوانين حددتها الحكومة بما يتناسب مع الوضع الراهن وتطوير الاقتصاد ونموه في المنطقة.
*بناء المعامل والمنشآت الصناعية والتجارية
تشارف ورشات البناء ومكاتب المقاولات على الانتهاء من بناء أكبر سوق للتجارة بالألبسة الجاهزة (الجملة)، في مدينة الدانا، شمال إدلب، والذي يضم نحو 150 محلاً، مساحة كل محل 80 متراً مربعاً تقريباً، وتعود ملكيتها لأصحاب ورشات ومعامل لصناعة الألبسة المحلية، وتجار الألبسة الجاهزة، من مختلف المناطق السورية.

وإلى جانبه يجري بناء أكبر مركز للتجارة (رويال مول)، ويشارك في بنائه عدد من التجار السوريين، بينما جرى قبل أيام تسليم أكثر من 50 محلاً للتجارة بالسلع والألبسة لعدد من المستأجرين وأصحاب المحال التجارية (المفرق) في «سوق الحرير»، جنوب مدينة الدانا، الذي تم بناؤه وفق أفضل المعايير والمقاييس من حيث جودة الرخام والسيراميك والديكورات، بكلفة بلغت نحو 600 ألف دولار، بحسب إبراهيم جازة، وهو أحد الشركاء في بناء السوق.
ويضيف أن «عامل الاستقرار والهدوء، إضافة إلى الأمان الذي بدأت تعيشه محافظة إدلب شمال سوريا، من خلال تشكيل مراكز أمنية وشرطة ودوريات لقوى الأمن على مدار الساعة في الأسواق ومراكز المدن، والتسهيلات التي تقدمها الحكومة (الإنقاذ) في إدلب (تخفيف الضرائب على البضائع المستوردة)، شجع عدداً كبيراً من التجار وأصحاب رؤوس الأموال من مناطق (حلب وإدلب وحماة وحمص وريف دمشق)، على الاستثمارات في كل القطاعات، وأهمها بناء مراكز التسوق والمعامل والمنشآت الصناعية، إضافة إلى بناء التجمعات السكنية، وبيعها للمواطن بالتقسيط المريح».

من جهته، يشير أبو شاكر، وهو مالك أكبر مركز لبيع حديد البناء والإسمنت (المستورد) في منطقة سرمدا شمال إدلب، إلى «عودة عدد لا بأس به من التجار ورؤوس الأموال من تركيا وبلدان أخرى لجأوا إليها بعد اندلاع الثورة السورية 2011، إلى محافظة إدلب وريف حلب، بعد التضييق الذي مورس عليهم في تلك الدول وبينها تركيا، قرر عدد كبير منهم استثمار أموالهم في مشاريع متعددة، منها بناء مشاغل للحياكة والخياطة ومنشآت لتصنيع المعادن، وتعهدات لمشاريع كبيرة منها بناء المشافي ومراكز التسوق (المولات)».
ويوضح أن «الطلب على حديد البناء والإسمنت زاد مؤخراً بـ3 أضعاف مقارنة بالأعوام الماضية، وبلغت وارداتنا من الحديد منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، نحو 100 ألف طن من الحديد المستورد تقريباً، وربما تكون مراكز أخرى قامت باستيراد أكثر من ذلك، وجرى تسليمه للمقاولين وتجار البناء».

وأطلق مجموعة من التجار مؤخراً سلسلة من المشاريع الصناعية، بالقرب من مدينة سرمدا، متخصصة في صناعة المدافئ وخزانات المياه والبطاريات الكهربائية، بجهود نحو 60 عاملاً من المدنيين النازحين في المنطقة، بحسب أحمد ذكرى أحد التجار.
ويقول: «من خلال التوافق بين 8 رجال أعمال، يتحدرون من محافظات عدة في سوريا، تم الاتفاق على إنشاء شركة، تشمل الصناعات المعدنية والمنزلية، برصيد 800 ألف دولار، وأعضاء الشركة بصدد تطوير أعمالهم، لتشمل صناعة البرادات المنزلية وأدوات كهربائية، بالاعتماد على المواد الأولية (المستوردة)».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

غارة إسرائيلية تدمر مبنى يؤوي نازحين في قلب بيروت... وحزام ناري على الضاحية

TT

غارة إسرائيلية تدمر مبنى يؤوي نازحين في قلب بيروت... وحزام ناري على الضاحية

دخان كثيف يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

رغم الحديث عن اقتراب موعد وقف إطلاق النار، مازال الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على مناطق عدة في لبنان خصوصا في العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.

ومن دون إنذار مسبق، استهدف الطيران الإسرائيلي مبنى في منطقة النويري في محيط مجمع خاتم الانبياء، في قلب العاصمة بيروت متسببا بانهياره بالكامل في غارة عنيفة.

وبحسب المعلومات التي أوردتها وسائل إعلام لبنانية المبنى مؤلف من 4 طبقات، وكان يستخدم كمطبخ لتجهيز الوجبات للنازحين، كما يضم العديد من النازحين.

كذلك، استهدفت سلسلة غارات متزامنة ضاحية بيروت الجنوبية، الثلاثاء، بشكل غير مسبوق، بعد وقت قصير من إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي لإخلاء عشرين مبنى في المنطقة التي تعد من أبرز معاقل «حزب الله» قرب العاصمة.

وتصاعدت سحب دخان وغبار ضخمة الواحدة تلو الأخرى من خمس مواقع على الأقل، إثر غارات تردد صداها في بيروت.

وجاء التصعيد قبيل اجتماع يعقده مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي مساء الثلاثاء لاتخاذ قرارا بشأن وقف اطلاق النار في لبنان.

وشن الطيران ال‘سرائيلي غارات متزامنة وعنيفة، واستهدف برج البراجنة والرمل العالي -تحويطة الغدير، مشكلا حزاما نارياً لف المنطقة.

بعد الظهر، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذارا بإخلاء 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، قبل أن يستهدفها.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي وجه إنذارين عاجلين إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدًا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في المناطق التالية: برج البراجنة، تحويطة الغدير. وقال: «أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لحزب الله حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب، من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم اخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».