إرشادات جديدة حول النوم الآمن للرضع

إرشادات جديدة حول النوم الآمن للرضع
TT

إرشادات جديدة حول النوم الآمن للرضع

إرشادات جديدة حول النوم الآمن للرضع

أصدرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال American Academy of Pediatrics توصيات جديدة تخص تحديث إرشادات النوم الأمن بالنسبة للرضع، تناولت الطريقة الأكثر ملائمة للنوم. وهي تأتى تحديثا لتوصيات سابقة في عام 2016 بالنسبة للرضع.

توصيات جديدة

التوصيات تؤكد ضرورة أن ينام الرضيع على سطح مستوى غير مائل بحيث يضمن عدم تدحرج الرضيع يميناً أو يساراً، على أن يكون ظهر الرضيع مواجهاً للسرير. وأكدت التوصيات على أهمية أن ينام الطفل بمفرده في سرير خاص به، على أن تقوم الأم بإلقاء النظر عليه مرات عدة أثناء النوم.
أوضحت الأكاديمية، أن هذه التوصيات جاءت بناءً على الإحصائيات التي تشير إلى وجود ما يقرب من 3500 وفاة مختلفة لرضع في الولايات المتحدة، معظمها مرتبطة بطريقة النوم كل عام بما في ذلك متلازمة الموت المفاجئ للرضع (SIDS) والاختناق العرضي جراء الموت في الفراش، وأهمية السطح الصلب حتى لا يضم ثنايا الوجه في حالة حركة الطفل أثناء النوم في حالة انقلاب الرضيع على البطن وتغير وضعه في الفراش بحيث يكون وجه الرضيع في مواجهة الفراش؛ ما يؤدي إلى انسداد فتحة الأنف؛ مما يمكن أن يؤدي إلى حدوث الوفاة المفاجئة.
أشار العلماء الذين قاموا بإصدار هذه التوصيات، إلى أنهم يعلمون تماماً أن فكرة فصل الرضيع في سرير بمفرده ليست بالأمر البسيط بالنسبة للأم. ولكن نظراً لخطورة الأمر واستناداً إلى الأدلة العلمية لا يمكنهم التوصية بمشاركة السرير تحت أي ظرف من الظروف ويمكن في المقابل أن يتم وضع السرير الخاص بالرضيع بالقرب من سرير الآباء لتلبية طلبات الطفل، سواء من التغذية أو الراحة أو الاستجابة لاحتياجاته المختلفة.
وأكدوا على تفهمهم الكامل وكذلك احترامهم فكرة أن العديد من الآباء يرغبون في مشاركة السرير بشكل روتيني مع أطفالهم لأسباب متنوعة، سواء العاطفية، خاصة بالنسبة للأمهات، بجانب احتياج الرضيع المتكرر إلى الطعام، ونوم الأم في نفس السرير يسهل عملية الرضاعة الطبيعية. إضافة إلى التفضيلات الثقافية التي ترى ضرورة نوم الأم بجوار الرضيع كنوع من الرابط الأسري، وأيضاً التصور العام عند معظم الأمهات بأن النوم معاً أفضل وأكثر أمناً لرضيعهن، ولكن الحقيقة عكس ذلك.
وذكرت الأكاديمية أيضاً، أنه من المهم أن يدرك الآباء أن بعض العوامل مثل الإرهاق والاستغراق في النوم بعمق وحركة اليدين والوسائد والأغطية الثقيلة، خاصة في فصل الشتاء يمكن أن تزيد من مخاطر مشاركة السرير مع الرضيع.
كما تضمنت التحديثات الإضافية لتوصيات للنوم الآمن تقنين استخدام اللهايات pacifiersوتجنب الاعتماد عليها في محاولات تنويم الرضيع بمفرده، ويجب أن تكون في حضور الأم أو أي شخص بالغ. وقالت الأكاديمية، إن الإرشادات الجديدة تتماشى مع توجهات اللجنة الأميركية المسؤولة عن تحديد مدى الأمان للمنتجات الأميركية U.S. Consumer Product Safety Commission's، خاصة بعد أن قامت هذه اللجنة بحظر العديد من المنتجات المخصصة للنوم، سواء أقراص أو مشروبات أو أجهزة معينة لعدم توافقها مع نسبة الأمان المسموح بها.

طريقة النوم

أوصت الأكاديمية الآباء أيضاً بالتأكد من أن أطفالهم يحصلون على 30 دقيقة يومياً من النوم على البطن بدءاً من نحو أسبوعين من العمر؛ وذلك للمساعدة في منع الإصابات الخطيرة للعمود الفقري للرضع مثل الرأس المسطحة(flat head) جراء النوم على الظهر طوال الوقت، حيث تكون عظام الجمجمة ما زالت لينة، وكذلك حدوث التواء الرقبة torticollis وعن طريق وضعهم على بطونهم لبضع دقائق يتمكنون من بناء عضلات الذراعين والرقبة التي يحتاجون إليها لتقوية رقبتهم والتحكم بشكل أفضل في الرأس.
وأوضحت، أن عدم نوم الأم مع الرضيع لا يعني أن تبعد عنه، بل على النقيض يجب وضع الأطفال حديثي الولادة على مقربة من أمهاتهم بعد الولادة بأسرع ما يمكن لمدة ساعة يومياً على الأقل وبعد ذلك يجب وضع الطفل على ظهره في سرير خاص به بشرط ألا يكون مائلاً.
تنصح الأكاديمية الأمهات بتجنب النوم مع أطفالهم على الأرائك أو الكراسي ذات الذراعين، ويكفي أن نعرف أن خطر الموت المفاجئ المرتبط بالنوم يزيد ليصل إلى 67 مرة في حالة النوم على الأريكة، وأيضاً من المهم للأمهات عدم مشاركة الرضع السرائر إذا كانت الأم تتناول عقاقير تؤثر على الجهاز العصبي ويمكن أن تؤدي إلى النعاس المفاجئ، وتبين أن خطر الوفاة يزيد بمعدل 10 أضعاف في حالة تناول الأم لمثل هذه الأدوية أو إذا كانت الأم تتناول الكحوليات.
وحذرت الأكاديمية الأمهات من النوم بجانب أطفالهم الخدج أو المبتسرين (ناقصي النمو) حيث يزيد خطر الموت المفاجئ المرتبط بالنوم أثناء مشاركة السرير من 5 إلى 10 مرات عندما يكون الطفل أصغر من 4 أشهر، وأيضاً يزيد خطر الموت من مرتين إلى خمس مرات عندما يولد الرضيع قبل الميعاد الطبيعي لولادته أو إذا كان وزنه شديد الانخفاض عند الولادة؛ ولذلك يجب على الأم أن تشارك الغرفة مع الطفل وليس الفراش لمدة 6 أشهر على الأقل بعد الولادة لضمان نوم صحي وآمن لأن مجرد مشاركة الغرفة يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالموت المفاجئ SIDS بنسبة تصل إلى 50 في المائة.
ويجب على الأم أن تحتفظ بالألعاب التي تشبه الوسائد بعيداً عن فراش الرضيع وأغطية الوسائد غير المستخدمة والعرائس القطنية كبيرة الحجم وأي شيء يمكن أن يقوم بسد مجرى الهواء في الأنف في حالة نوم الطفل عليه.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

الخليج نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفَّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول، بتكلفة تتجاوز 7 مليارات و113 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا رفعت «يوتيوب» أسعار «بريميوم» في أكثر من 15 دولة بما في ذلك السعودية (د.ب.أ)

معضلة «يوتيوب» تواجه المستخدمين... ارتفاع الأسعار أم الإعلانات غير اللائقة

وصل سعر الاشتراك الفردي إلى 26.99 ريال سعودي شهرياً، بينما ارتفع الاشتراك العائلي إلى 49.99 ريال.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
المشرق العربي طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)

عودة شلل الأطفال إلى غزة... كل ما عليك معرفته

أكدت السلطات الصحية في قطاع غزة تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عاماً هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا يضطرّ أكثر من ألفيْ طفل إلى النوم في الشارع بفرنسا (أ.ف.ب)

«اليونيسف»: أكثر من ألفيْ طفل في شوارع فرنسا

يضطرّ أكثر من ألفيْ طفل إلى النوم في الشارع بفرنسا، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» بباريس، محذرة من عواقب «كارثية» لطفولة مشرَّدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
إعلام مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة

مجلات الأطفال العربية... تحت اختبار الرقمنة

أجيال عربية متلاحقة تحتفظ بذكريات من الانغماس في عوالم بديلة تكوّنت بين الصفحات الملوّنة لمجلات الأطفال المليئة بالقصص المشوّقة والصور المبهجة

إيمان مبروك (القاهرة)

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف
TT

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف. مع كل نوبة، قد يبدو الألم لا يُطاق، مُصاحباً بأعراض شديدة كالغثيان والحساسية للضوء والصوت. وعلى الرغم من أن أعراض الصداع النصفي مؤقتة، فإن مدة ألم الصداع يمكن أن تجعل المريض يشعر باليأس وكأن الحياة قد انتهت.

ولكن ومع التطورات الطبية الحديثة، بدأت تظهر خيارات علاجية تُعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم تتحكم في الصداع النصفي فور حدوثه ومنعه من التدخل في النشاط اليومي للمريض.

مؤتمر طبي

نظّمت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، يوم الثلاثاء، 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مؤتمراً طبياً بعنوان «نهج جديد في علاج الصداع النصفي» (NEW APPROACH in MIGRAINE TREATMENT). وعُقد المؤتمر بالتعاون مع المركز الطبي الدولي وشركة «Abbvie» الطبية، وقام ملتقى الخبرات بتنظيمه.

غلاف كتيّب المؤتمر

شاركت في المؤتمر نخبة من المتخصصين، إذ قدّم الدكتور سعيد الغامدي، استشاري الأعصاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، وأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، عرضاً حول خيارات العلاج المستهدف للصداع النصفي من خلال التجارب السريرية.

كما تناولت الدكتورة ميساء خليل، استشارية طب الأسرة ومتخصصة في الرعاية الوقائية وطب نمط الحياة، أهمية دور الرعاية الأولية في التعامل مع الصداع وعبء الصداع النصفي على عامة السكان.

واختتم الجلسات الدكتور وسام يمق، استشاري الأعصاب ومتخصص في علاج الصرع، بتسليط الضوء على الاحتياجات غير الملباة في العلاجات الحادة للصداع النصفي.

اضطراب عصبي شائع

في حديث خاص مع «صحتك»، أوضح الدكتور أشرف أمير، استشاري طب الأسرة، نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، ورئيس المؤتمر، أن الصداع النصفي (الشقيقة) يُعد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً على مستوى العالم. وأشار إلى أنه اضطراب عصبي معيق يُصيب نحو مليار شخص عالمياً، يتميز بنوبات من الألم الشديد النابض، غالباً في أحد جانبي الرأس، وترافقه أحياناً أعراض مثل الغثيان، التقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء والصوت، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المرضى اليومية.

وأكد الدكتور أمير أن الصداع النصفي يؤثر على أكثر من عُشر سكان العالم، مما يجعله إحدى أكثر الحالات انتشاراً، والتي تنعكس سلباً على جودة حياة المصابين، إضافة إلى تأثيره الواضح على الإنتاجية وساعات العمل.

وأضاف أن التطورات الحديثة في مجال الأبحاث الطبية أسهمت في فهم أعمق لآلية حدوث الصداع النصفي، وهو ما فتح الباب أمام تطوير علاجات مبتكرة وفعّالة. كما أشار إلى أن هذا التقدم يمثل تحولاً كبيراً في التعامل مع هذا الاضطراب، الذي كان يُعدُّ في السابق حالة مرضية غامضة يصعب تفسيرها أو السيطرة عليها.

وبائيات الصداع النصفي

يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من الصداع النصفي، أي حوالي 11.6 في المائة من سكان العالم. وتظهر الدراسات أن النساء أكثر عُرضة للإصابة به مقارنةً بالرجال.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ترتفع النسبة إلى 11.9 في المائة. أما في السعودية، فيُقدَّر انتشار الصداع النصفي بـ9.7 في المائة، أي ما يعادل 3.2 مليون شخص، مما يجعله ثاني أكبر سبب للإعاقة بين السكان. وتُشير دراسات محلية، أُجريت في منطقة عسير، إلى أن الصداع النصفي أكثر انتشاراً في المدن (11.3 في المائة) مقارنة بالمناطق الريفية (7.6 في المائة)، وهو ما يعكس ارتباطه بعوامل بيئية وسلوكية متعددة.

عوامل الخطر والأسباب

* الآلية المرضية يُعتقد أن الصداع النصفي ينشأ من تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية. وتُشير الدراسات الحديثة إلى أن نوبات الصداع النصفي قد تنشأ من فرط استثارة في قشرة الدماغ، ما يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الثلاثي. ويمكن لبعض المُحفّزات، مثل التقلبات الهرمونية، الإجهاد، نقص النوم، والعوامل الغذائية، أن تُساهم في بدء نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأفراد المُعرضين لذلك.

أما أسباب الصداع النصفي فتتضمن عوامل متعددة تشمل:

* العامل الجيني: تلعب الوراثة دوراً مهماً في زيادة احتمال الإصابة بالصداع النصفي، إذ تشير الأبحاث إلى ارتباط الجينات ببعض البروتينات العصبية مثل «الببتيد» المرتبط بجين «الكالسيتونين» (Calcitonin Gene-Related Peptide, CGRP).

* التغيرات في الدماغ: تساهم بعض الاضطرابات في نظام التفاعل بين الأوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي في زيادة احتمال الإصابة.

* العوامل البيئية: يمكن أن تؤدي التغيرات البيئية مثل التوتر، أو النوم غير المنتظم، أو بعض أنواع الأطعمة والمشروبات إلى تحفيز النوبات.

مراحل الصداع النصفي والتشخيص

* مرحلة البادرة (Prodrome): تبدأ بتغيرات مزاجية، شعور بالتعب، أو حتى رغبة ملحة في تناول الطعام.

* مرحلة الهالة (Aura): تشمل اضطرابات بصرية أو حسية تحدث قبل نوبة الصداع، وتظهر لدى بعض المرضى فقط.

* مرحلة الألم: يصاحبها ألم شديد نابض، غالبًا في جهة واحدة من الرأس، وتستمر من 4 إلى 72 ساعة.

* مرحلة ما بعد الألم (Postdrome): تتسم بالإرهاق والارتباك، لكنها تُعد علامة على انتهاء النوبة.

* التشخيص: يعتمد أساساً على التاريخ المرضي والفحص السريري، مع استبعاد الأسباب العضوية الأخرى. وتشمل المعايير التي يعتمد عليها الأطباء في التشخيص حدوث خمس نوبات على الأقل متكررة من الصداع، تدوم بين 4 و72 ساعة، ومصحوبة بعلامتين من العلامات التالية: ألم من جهة واحدة، نبضات شديدة، ألم شديد، وأعراض مصاحبة كالغثيان.

خيارات علاجية تقليدية وحديثة

وتشمل:

* أولاً: مسكنات الألم. تاريخياً، اعتمدت إدارة الصداع النصفي على مزيج من العلاجات الحادة والوقائية، بما في ذلك مسكنات الألم المتوفرة بدون وصفة طبية، ومضادات المهاجمات، والأدوية الوقائية مثل مضادات الاكتئاب، ومضادة للصرع، وحقن البوتكس. وعلى الرغم من أن هذه العلاجات وفرت الراحة لكثير من المرضى، فإنها محدودة في فاعليتها ولا تخلو من الآثار الجانبية.

* ثانياً: خيارات علاجية «دوائية» حديثة. تؤكد الأبحاث العلمية أن تصميم عقار موجه خصيصاً لعلاج مرض معين يُعد الخطوة الأمثل لتحقيق فاعلية أعلى وتقليل الآثار الجانبية. ودفع هذا المبدأ الباحثين إلى الغوص عميقاً في دراسة آليات الصداع النصفي، ما قادهم لاكتشاف دور بروتين محدد يُعرف بـ«CGRP». ويُطلق هذا البروتين أثناء نوبة الصداع النصفي وينخفض مستواه بمجرد انتهاء النوبة.

في إحدى الدراسات، عندما تم حقن الأشخاص ببروتين (CGRP)، أُصيبوا بنوبات تُشبه الصداع النصفي، ما أكد دوره الحاسم في هذه الحالة. وأدى هذا الاكتشاف إلى تحول جذري في علاج الصداع النصفي، إذ تمت الموافقة في عام 2018 من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول جسم مضاد أحادي النسيلة يستهدف البروتين (CGRP) للوقاية من الصداع النصفي. ويعدُّ هذا العلاج المبتكر خياراً مستهدفاً ودقيقاً، إذ يعمل على تعطيل مسار البروتين العصبي المسؤول عن نوبات الصداع النصفي، مما يمثل نقلة نوعية في تحسين حياة المرضى.

وتشمل هذه الأدوية:

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة للببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP)، تمت الموافقة على أربعةٍ منها من قبل إدارة الغذاء والدواء: «إبتينيزوماب» (eptinezumab)، «إرينوماب» (erenumab)، «فريمانيزوماب» (fremanezumab)، و«جالكانيزوماب» (galcanezumab). وقد تم تصميمها للعثور على بروتينات (CGRP)، وقد أظهرت فاعليتها في تقليل شدة وتكرار النوبات، سواء أُعطيت عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد، مع حد أدنى من الآثار الجانبية مقارنة بالعلاجات الوقائية التقليدية.

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة لمستقبلات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP). تحتضن هذه الأجسام المستقبلات بشكل أساسي بحيث تكون غير نشطة، هما اثنتان: «أبروجيبانت» (Ubrogepant) و«ريميجيبانت» (rimegepant)، وهما أحدث العقاقير لعلاج الصداع النصفي عند الحاجة والتي لا تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية. تعمل هذه الأدوية عن طريق الفم على حظر مستقبلات (CGRP) على أمل إيقاف نوبة الصداع النصفي المستمرة بالفعل. ومن حسنات هذه الأدوية أن ليس لها خطر الإصابة بالصداع الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية مثل بعض علاجات الصداع النصفي الأخرى.

نظم الذكاء الاصطناعي وأدوات الصحة الرقمية تسهم في تحسين دقة التشخيص وإدارة المرض

علاجات بلا أدوية

* ثالثاً: خيارات علاجية «غير دوائية»، وتضم:

- أجهزة التعديل العصبي القابلة للارتداء. تُعد هذه الأجهزة طريقة علاجية مبتكرة لعلاج الصداع النصفي، إذ تستخدم نبضات كهربائية أو مغناطيسية إلى الرأس أو الرقبة أو الذراع لتعديل نشاط المسارات العصبية المحددة المشاركة في آلية حدوث الصداع النصفي، تعمل على إعادة النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ إلى طبيعته.

وقد أثبتت الدراسات أن استخدام هذه الأجهزة، المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء أظهر نتائج واعدة في إدارة الصداع النصفي الحاد والوقائي، مما يوفر بديلاً خالياً من الأدوية، وهي آمنة وآثارها الجانبية قليلة جداً.

- استخدام الذكاء الاصطناعي. أسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص عن طريق تطوير خوارزميات تستطيع تحليل التاريخ المرضي وبيانات المرضى لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي، مما يساعد في توفير علاجات موجهة وفعالة.

- أدوات الصحة الرقمية. بالإضافة إلى العلاجات الدوائية والقائمة على الأجهزة، أدت الصحة الرقمية إلى تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة والتقنيات القابلة للارتداء التي يمكن أن تساعد في إدارة الصداع النصفي. يمكن لهذه الأدوات الرقمية مساعدة المرضى في تتبع أعراضهم، وتحديد المُحفّزات، وتقديم توصيات مخصصة للتعديلات في نمط الحياة وأساليب العلاج.

تعاون عالمي ومحلي

مع التطورات العلمية الحديثة في فهم آلية حدوث الصداع النصفي وتطوير خيارات علاجية مبتكرة، لم يعد الصداع النصفي حُكماً على حياة المرضى بالتوقف.

وتلعب الجمعيات الطبية والهيئات الصحية، مثل الجمعية السعودية للصداع، دوراً محورياً في تحسين حياة المرضى من خلال التوعية، وتوفير خيارات علاجية موجهة.

ويبدأ الحل بالبحث عن العلاج المناسب وعدم تجاهل هذه الحالة العصبية المعقدة. ومع الاستمرار في الابتكار، يمكننا تخفيف العبء وتحقيق جودة حياة أفضل للمرضى.

*استشاري طب المجتمع