فتحت السلطة الفلسطينية الباب لأي جهة دولية للمشاركة في مجريات التحقيق بمقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، وبقيت في المقابل على موقفها الرافض لأي تحقيق مشترك مع إسرائيل.
وقال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة «فتح»، حسين الشيخ، إن السلطة ترحب بمشاركة كل الجهات الدولية في مجريات التحقيق، موضحاً أنه يمكن لتلك الجهات التواصل مع النيابة العامة الفلسطينية صاحبة الاختصاص، التي أصدرت الجمعة تقريرها الأوّلي حول ما حصل.
وقالت النيابة العامة الفلسطينية إنّ مصدر إطلاق النار الوحيد في مكان الجريمة كان من قوات الاحتلال لحظة إصابة أبو عاقلة، حيث تمركزت على بعد نحو 150 متراً.
واتهام النيابة الفلسطينية بصفتها جهة قانونية، يعزز الاتهام الفلسطيني الرسمي لإسرائيل. وهو اتهام سعت تل أبيب إلى نفيه منذ البداية، لكنها لم تستطع إثبات عكسه.
وطلبت إسرائيل إجراء تحقيق مشترك مع السلطة والحصول على الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة، لكن السلطة رفضت. واعتبر الشيخ أن ما حصل في تشييع جثمان أبو عاقلة الجمعة، من قبل قوات الشرطة الإسرائيلية «يعزز موقفنا الرافض لمشاركة إسرائيل في هذا التحقيق».
ومنح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس، أبو عاقلة، نجمة القدس من وسام القدس. وأكد إصرار دولة فلسطين على ملاحقة الجناة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشدداً على أن إسرائيل لن تكون شريكة في أي تحقيق يتعلق، لأنها مسؤولة عن مقتلها. وأمام سيل الانتقادات الكبير للهجوم على جنازة أبو عاقلة، قرر المفتش العام لجهاز الشرطة الإسرائيلي، كوبي شبتاي، التحقيق في سلوك عناصر الشرطة.
وكان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، عومير بار ليف، حاول تحميل الفلسطينيين المسؤولية، قائلاً إن «الشرطة الإسرائيلية عملت من أجل تنظيم سير موكب جنازة الصحافية شيرين أبو عاقلة، لكن لسوء الحظ، حدثت خلال الجنازة حوادث عنف خطيرة من جانب المشاركين، ما أدى إلى تفاقم الوضع ميدانياً».
لكن وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، عيساوي فريج، وصف تصرفات بعض أفراد الشرطة في جنازة أبو عاقلة، بمثابة «كارثة أخلاقية» ستلحق ضرراً بإسرائيل. وقال خلال مشاركته في مؤتمر بمدينة حولون: «لا أستطيع أن أفهم خوف الشرطة من الأعلام الفلسطينية، فالعلم ليس انتهاكاً للقانون، وعندما أجلس مع الوزراء الفلسطينيين، يكون العلم الإسرائيلي والفلسطيني جنباً إلى جنب على طاولة الجلسة».
واشنطن ومجلس الأمن
وكانت مشاهد الشرطة الإسرائيلية وهي تهاجم المشاركين في الجنازة مستخدمة القوة ضد فلسطينيين الذين كانوا يحملون نعشها خارج مستشفى في القدس وكادوا يسقطونه، لاقت إدانة واسعة النطاق. وجددت الولايات المتحدة تقديم تعازيها بمقتل أبو عاقلة، وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن «انزعاجها الشديد» من تدخل الشرطة الإسرائيلية في موكب جنازتها.
وقال مكتب المتحدث باسم الخارجية في بيان باسم الوزير أنتوني بلينكن، إن واشنطن «انزعجت بشدة لرؤية صور الشرطة الإسرائيلية وهي تتدخل في موكب الجنازة، وبأن كل عائلة تستحق أن تكون قادرة على دفن أحبائها بطريقة كريمة ومن دون عوائق... نحن على تواصل وثيق مع نظيرينا الإسرائيلي والفلسطيني، وندعو الجميع إلى الحفاظ على الهدوء وتجنب أي أعمال من شأنها زيادة التوترات».
كما تسببت المشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام العربية والدولية بموجة غضب واحتجاج، حتى داخل الولايات المتحدة. وكذبت بعض وسائل الإعلام الأميركية التي كانت تنقل الحدث مباشرة أو عبر تقارير من مراسليها، ادعاءات إسرائيل بأن رجال الشرطة تصدوا لعمليات رشق بالحجارة من قبل المشاركين في الجنازة، «الأمر الذي اضطرها إلى استخدام القوة لتفريقهم». وأكد هؤلاء أن اعتداءات الشرطة الإسرائيلية لم يكن هناك ما يبررها، وأن رجالها قاموا بمهاجمة المشيّعين مباشرة، من دون أن يتعرضوا لأي استفزاز منهم.
كما عبّر عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي عن انزعاجهم من قمع الشرطة الإسرائيلية للجنازة. وقال السيناتور الديمقراطي النافذ كريس مورفي في تغريدة له، إنه منزعج جداً من قمع الجنازة، وطالب بتحقيق في الحادث، قائلاً: «إن الأمر لن يمر من دون محاسبة».
وقال السيناتور بيرني ساندرز: «الهجوم الذي شنته القوات الإسرائيلية على المشيعين في جنازة الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مثير للغضب العارم».
وأصدر أعضاء مجلس الأمن الدولي بياناً، استنكروا فيه «مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة»، داعين إلى «فتح تحقيق في ظروف مقتلها». وقال البيان الذي صدر: «وفق صلاحيات الولايات المتحدة كرئيس لمجلس الأمن، فإن أعضاء المجلس يستنكرون بشدة مقتل أبو عاقلة وإصابة صحافي آخر في مدينة جنين الفلسطينية بتاريخ 11 مايو (أيار)». وفيما نقل البيان «تعاطف أعضاء مجلس الأمن وتعبيرهم عن خالص تعازيهم لعائلة الضحية»، دعوا إلى «إجراء تحقيق فوري وشامل، وكذلك عادل ونزيه» في مقتل أبو عاقلة، وشددوا على «ضرورة ضمان المساءلة». وكرر أعضاء مجلس الأمن التأكيد على وجوب حماية الصحافيين بصفتهم مدنيين.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إنه منزعج من تصرفات قوات الأمن الإسرائيلية نحو حشود الفلسطينيين، أثناء تشييع الموكب.
وقال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن «الاتحاد الأوروبي يشعر بالذهول من المشاهد التي اندلعت» خلال تشييع أبو عاقلة.
وقال وزير الخارجية، وزير الدفاع في الحكومة الآيرلندية سيمون كوفني: «إن مشاهد الاعتداء على موكب شيرين أبو عاقلة مشينة».