استثمارات بـ20 مليار دولار لإنتاج الرقائق الإلكترونية في أميركا

«إنتل» تعلن وبايدن يشيد

بايدن برفقة (من اليسار) الرئيس التنفيذي لشركة إنتل ووزيرة التجارة واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ في حرم البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن برفقة (من اليسار) الرئيس التنفيذي لشركة إنتل ووزيرة التجارة واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ في حرم البيت الأبيض (أ.ب)
TT

استثمارات بـ20 مليار دولار لإنتاج الرقائق الإلكترونية في أميركا

بايدن برفقة (من اليسار) الرئيس التنفيذي لشركة إنتل ووزيرة التجارة واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ في حرم البيت الأبيض (أ.ب)
بايدن برفقة (من اليسار) الرئيس التنفيذي لشركة إنتل ووزيرة التجارة واثنين من أعضاء مجلس الشيوخ في حرم البيت الأبيض (أ.ب)

أعلن رئيس مجموعة «إنتل» للرقائق الإلكترونية، بات غيلسينغر، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، أن شركته قررت تنفيذ استثمارات ضخم بقيمة 20 مليار دولار لإنتاج الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة، في وقت يساهم النقص في هذا المنتج في تزايد ارتفاع الأسعار وبالتالي التضخم.
وقال غيلسينغر إن هذا الاستثمار «أولي»، مشيراً إلى استثمارات بقيمة 100 مليار دولار خلال العقد المقبل، للاستجابة لحاجات الشركات على صعيد أشباه الموصلات. وأثنى بايدن على المشروع باعتباره «استثماراً تاريخياً حقاً من أجل الولايات المتحدة والعمال الأميركيين»، وأنه وسيلة لضمان الاستقلالية الاقتصادية للولايات المتحدة في المستقبل. وشدد بايدن على الإمكانات الاقتصادية الهائلة جراء المشروع، مستشهداً بالسيارات التي تشكل أشباه الموصلات حالياً 4 في المائة من مكوناتها، على أن ترتفع هذه النسبة إلى 20 في المائة عام 2030.
ويكرر بايدن القول إن التضخم المتصاعد في البلد على ارتباط مباشر بمشكلات سلاسل الإمداد العالمية، ويحض الصناعيين على إعادة مراكز الإنتاج ولا سيما صناعة أشباه الموصلات إلى الولايات المتحدة. ويقول مستشارون اقتصاديون للرئيس إن ثلث الزيادة السنوية في الأسعار العام الماضي كانت ناتجة «فقط من أسعار السيارات المرتفعة»، وهو القطاع الأكثر تضررا جراء أزمة الرقائق الإلكترونية. لكن وعلى الرغم من تلك الخطط، فإنه من غير المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تراجع التضخم في المدى القريب، لأن الإنتاج لن يبدأ قبل سنوات.
وتشكل الرقائق الإلكترونية عنصراً أساسياً في عدد كبير من القطاعات والمنتجات، من صناعة السيارات إلى الهواتف الذكية مروراً بالتجهيزات الطبية والأدوات الكهربائية المنزلية. وقالت شركة «إنتل» إنها ستباشر نهاية السنة في بناء مصنعين لأشباه المواصلات بالقرب من مدينة كولومبوس عاصمة ولاية أوهايو، بهدف بدء إنتاج الرقائق الإلكترونية اعتباراً من 2025.
وتعتزم «إنتل» توظيف 3 آلاف موظف جديد في هذين المصنعين اللذين يتطلب تشييدهما تشغيل 7 آلاف عامل بناء. ومع تفشي وباء «كوفيد - 19» الذي سلط الضوء على التبعية الصناعية لآسيا، باتت الحكومات، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا، حريصة على تأمين إمدادها بأشباه الموصلات بعد سنوات انتقلت خلالها مراكز الإنتاج إلى البلدان الآسيوية حيث الكلفة أدنى. وأكد بايدن على أن إدارته «ستواصل استخدام كل الأدوات التي في متناولها لضمان شبكات الإمداد وتعزيز صمودنا الاقتصادي وصنع المزيد في أميركا، لأن ما هو على المحك في نهاية المطاف هو أمننا القومي وأمننا الاقتصادي». ورأى أن مصنعي «إنتل» الجديدين في أوهايو هما «رمز لما هي أميركا»: «أشخاص من كل الأوساط يعملون معاً لإنشاء الصناعة الأكثر تطوراً» في العالم، على حد قوله. وذكر البيت الأبيض بأن «الولايات المتحدة كانت فيما مضى تتصدر العالم في الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات».
لكن خلال العقود الماضية، خسرت الولايات المتحدة أسبقيتها؛ حيث تراجعت حصتها من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات من 37 في المائة إلى 12 في المائة فقط خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. وحض بايدن الجمعة الكونغرس على إقرار قانون يهدف إلى تعزيز البحث والتطوير وصنع مواد أساسية في الولايات المتحدة. كذلك دعا رئيس «إنتل» المشرعين إلى المضي قدماً، وقال: «نقوم بما يعود لنا من عمل لكن لا يمكننا القيام بكل شيء وحدنا»، مشدداً على النتائج الاقتصادية الكبرى. وصادق مجلس الشيوخ في يونيو (حزيران) الماضي، على قانون حول الابتكار والمنافسة، وقال البيت الأبيض إن «الإدارة تعمل مع مجلسي النواب والشيوخ لإقرار هذا التشريع بشكل نهائي». وأوضح البيت الأبيض أن النص يتضمن تمويل «قانون رقائق من أجل أميركا» بقيمة 52 مليار دولار «لاجتذاب مزيد من الاستثمارات من القطاع الخاص والحفاظ على الريادة التكنولوجية الأميركية». وأعلن قطاع صناعة أشباه الموصلات منذ مطلع 2021 عن استثمارات جديدة داخلية، ومن مستثمرين أجانب، من تايوان وكوريا الجنوبية، تقارب 80 مليار دولار في الولايات المتحدة حتى عام 2025، بحسب بيانات صادرة عن اتحاد هذا القطاع.


مقالات ذات صلة

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.