الرياض تحتضن فعالية @Hack مع نخبة من خبراء الاختراق والأمن السيبراني العالميين

تهدف إلى تمكينهم من التغلب على القراصنة الرقميين

تسلط فعالية @Hack في مدينة الرياض الضوء على التحديات التي تواجه أمن العالم الرقمي
تسلط فعالية @Hack في مدينة الرياض الضوء على التحديات التي تواجه أمن العالم الرقمي
TT

الرياض تحتضن فعالية @Hack مع نخبة من خبراء الاختراق والأمن السيبراني العالميين

تسلط فعالية @Hack في مدينة الرياض الضوء على التحديات التي تواجه أمن العالم الرقمي
تسلط فعالية @Hack في مدينة الرياض الضوء على التحديات التي تواجه أمن العالم الرقمي

تستعد فعالية @Hack المتخصصة بالأمن السيبراني إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه أمن العالم الرقمي، وذلك في مدينة الرياض نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لمدة 3 أيام. وتهدف الفعالية إلى المساهمة برسم مستقبل الأمن السيبراني في المنطقة لضمان استمرار التحول الرقمي في الشرق الأوسط بوتيرته السريعة وبمأمن من التهديدات الأمنية الإلكترونية. ويترافق الاعتماد المتزايد على تقنية المعلومات مع ازدياد كبير في التهديدات الأمنية السيبرانية، حيث يسعى قراصنة الإنترنت دوماً لاستغلال الثغرات ونقاط الضعف في الأنظمة والأجهزة.
وستستقطب الفعالية خبراء الأمن السيبراني من مختلف أنحاء العالم لتشجيع التعاون والتبادل المعرفي وإيجاد الحلول اللازمة لتحديات الأمن السيبراني وحماية الأصول الرقمية المهمة، نظراً لسرعة التطور التي يشهدها استخدامنا لتقنيات العالم الرقمي في مختلف جوانب حياتنا، بما فيها التعاملات المصرفية والاتصالات والتواصل الاجتماعي والترفيه.
ويتعاون الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز مع عدد من الجهات المتخصصة في هذا المجال، من بينها مؤتمر «بلاك هات» العالمي وشركة «إنفورما ماركتس»، ويعمل على تطوير المهارات والقدرات السعودية في جميع مجالات الجيل القادم من التقنية، بما فيها الأمن السيبراني وتطوير البرمجيات والدرونز، وغيرها من التقنيات المتقدمة.
وأكد فيصل الخميسي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز في السعودية أنّ «هذه الفعالية هي الأهم من نوعها في المنطقة والأكبر بثلاث مرات من أي فعالية مشابهة في تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا. وأشار إلى أنّ السعودية تشهد تغيرات رقمية متسارعة تماشياً مع (رؤية المملكة 2030) ولذلك أصبح امتلاكنا للمعرفة والمهارة والأدوات اللازمة لحماية النظم والبيانات المهمة أمراً ضرورياً في ظل التشابك الكبير الذي يتصف به العالم الرقمي. وستسمح هذه الفعالية بتبادل الخبرات وتحديد الاستراتيجيات المقبلة للمملكة والعالم لكسب فوائد العالم الرقمي وتجنب مخاطره الأمنية».
وتعتمد الفعالية على خبرة مؤتمر «بلاك هات» في هذا المجال لإنتاج أفضل البرامج في مجتمع الأمن السيبراني التي تتضمن تنظيم تحديات الاختراق وعروضاً تقديمية حول أحدث الأبحاث وجلسات تدريبية وتعليمية، وغيرها من النشاطات المهمة. وسيحصل الحضور على مجموعة من المعلومات القيمة حول واقع التهديدات الطارئة والمتغيرة باستمرار ومستقبلها في مجال الأمن السيبراني واستكشاف الحلول الممكنة الخاضعة للتطوير من أفضل الاختصاصيين والشراكات الأمنية لمواجهة هذه التهديدات.
وتجمع الفعالية نخبة من خبراء الأمن السيبراني وخبراء الاختراق الأخلاقيين وخبراء تقنية المعلومات والمخاطر وصناع السياسات الحكوميين والباحثين والأكاديميين، وغيرهم من الجهات المعنية في مجال الأمن الرقمي، وذلك بهدف مناقشة مجموعة واسعة من القضايا الجديدة التي تواجه الأمن السيبراني اليوم، ومنها قضايا المخاطر الأمنية والسياسات والأنظمة المتبعة والممارسات الأفضل والحلول الأحدث لمواجهة هذه القضايا.
وتشارك مجموعة من كبرى شركات الأمن السيبراني في المؤتمر، مثل «فورتينيت» و«كاسبرسكي» و«سباير سولوشنز» و«آي بي إم» و«هانيويل» و«سيسكو» و«آر إس إيه» و«كواليس» و«دراغوس»، إلى جانب خبراء اختراق الأنظمة الأمنية لعدة مصارف وفنادق ومنشآت حكومية وشركات كيميائية حيوية في مختلف القارات الخمس، وخبراء الاختراق الشعبي لتجاوز أنظمة الأمان، وخبراء أمنيين مخضرمين. كما تتضمن الفعالية الكثير من النشاطات، بما فيها القمة التنفيذية والشروح المفصلة وجلسات التدريب وتحديات الاختراق، وتركز التدريبات والدورات التقنية المقدمة خلال فعالية Hack@ على عدة مواضيع تتضمن الأمن الهجومي، واختبار أساليب الاختراق، واختراق البنى التحتية، وأمن تطبيقات الهاتف المحمول، وغيرها. وتقدم الفعالية عدة مواضيع ومسارات تشمل القمة التنفيذية (المؤتمر الرئيسي على صعيد الرؤساء التنفيذيين لشؤون أمن المعلومات لدى كبرى المنظمات المشاركة)، و«آرسينال» (يجري فيه اختيار مجموعة من المطورين بعد تقديم مشاريعهم لاستعراض أدوات برمجية مفتوحة المصدر في ورشة عمل غير رسمية)، و«الإحاطة» (منصة لخبراء أمن المعلومات لتقديم أبحاث عن المعايير السائدة في القطاع وأدوات الاختراق ونقاط الضعف الأمنية)، إضافة إلى جلسات التدريب التي يشرف عليها 50 مدرباً معتمداً من مؤتمر «بلاك هات» ضمن بيئة عمل تطبيقية، ومسابقة «التقاط العلم» للاختراق التي تضم أكثر من ألف مشارك موزعين على 300 فريق يتنافسون معاً لتحسين مهاراتهم في الاختراق الأخلاقي.
ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات بزيارة موقع الفعالية www.AtHack.com


مقالات ذات صلة

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

تكنولوجيا فعالية «بلاك هات 2024» تهدف لتمكين خبراء الأمن السيبراني عالمياً عبر ورش وتحديات تقنية مبتكرة (بلاك هات)

فعالية «بلاك هات» تعود في نسختها الثالثة بالرياض بجوائز تفوق مليوني ريال

بمشاركة عدد كبير من الشركات السعودية والعالمية والشخصيات الرائدة في المشهد السيبراني.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات 1.9 % من إيراداتها في المتوسط (رويترز)

الهجمات الإلكترونية تكلف الشركات البريطانية 55 مليار دولار في 5 سنوات

قالت شركة «هاودن» لوساطة التأمين، إن الهجمات الإلكترونية كلفت الشركات البريطانية نحو 44 مليار إسترليني (55.08 مليار دولار) في السنوات الخمس الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (مسقط)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)