أثار طلب مصلحة الضرائب المصرية، من مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية لها في مكاتبها المنتشرة في أنحاء الجمهورية جدلاً واسعاً في مصر، لا سيما أن هذه المراكز غير قانونية، وسط مخاوف من تقنين أوضاع هذه «السناتر» والاعتراف بوجودها رسمياً بعد تحصيل ضرائب منها.
ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الرسمي، إجمالي ما ينفقه المصريون على الدروس الخصوصية بنحو 47 مليار جنيه مصري سنوياً، وفق نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017 – 2018، التي أعلنها الجهاز عام 2019.
وطالب رضا عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أول من أمس، «مَن يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية سواء جمعيات أو قاعات أو شقق أو عن طريق التدريس عبر الوسائل الإلكترونية وغيرها سواء مملوكة أو مؤجرة، مراكز رئيسية وفروعها، بضرورة التوجه إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية بذلك سواء كان لديه ملف ضريبي أو أن يقوم بفتح ملف ضريبي جديد لهذا النشاط، وذلك في موعد أقصاه شهر من الآن».
وبدأت الدراسة بصفة رسمية في مصر الشهر الماضي، ويبلغ عدد الطلاب في التعليم الأساسي بمصر 24 مليوناً، مقسمين على 60 ألف مدرسة على مستوى المحافظات المصرية، حسب إحصائية وزارة التربية والتعليم، وتعاني بعض المحافظات من وجود كثافة عالية في الفصول تصل في بعض الأحيان إلى مائة طالب في الفصل.
ووفق عبد القادر، فإن هذه الخطوة تأتي «ضمن حرص وزارة المالية ومصلحة الضرائب على دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، بما يُسهم في حصر المجتمع الضريبي بشكل أكثر دقة، وإرساء دعائم العدالة الضريبية واستيفاء حقوق الخزانة العامة للدولة».
ورغم نفي مصلحة الضرائب تسبب هذا الطلب في إضفاء الصبغة القانونية على هذه المراكز، فإن الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي المصري، يرى أنه كان من الأولى وضع ضوابط صحية وتعليمية لتنظيم عمل هذه المراكز قبل فرض الضرائب عليها. ويقول شحاتة لـ«الشرق الأوسط»: «هذا القرار يعد مجازفة كبيرة، ويشير إلى عدم الاهتمام بالطلاب». ويؤكد شحاتة أنه «ضد تجريم مراكز الدروس الخصوصية أو إباحتها من دون شروط، مطالباً بمعاملتها معاملة المدارس الخاصة التي تعمل في مصر وفق شروط وضوابط محددة.
وأشار إلى أن «وجود عجز في عدد الفصول والمُعلمين ووجود كثافات عالية يدفع أولياء الأمور إلى إرسال أبنائهم إلى مراكز الدروس الخصوصية التي سيفرض عليها مشروع تطوير التعليم الذي يعتمد على التقويم والتحليل تغيير طريقة التدريس بها».
ويؤكد عبد القادر أن «إخطار المأمورية بنشاط الدروس الخصوصية، وفتح ملف ضريبي لا يعد سنداً قانونياً لتقنين أوضاعها»، لافتاً إلى أنه في حالة عدم توجه من يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط وإخطار المأمورية سوف تقوم المصلحة بتطبيق أحكام قانون الضريبة على الدخل رقم 91 لسنة 2005 وتعديلاته وقانون الإجراءات الضريبية الموحد رقم 206 لسنة 2020، مؤكداً أن نشاط مراكز الدروس الخصوصية، كأي نشاط تجاري أو مهني ينتج عنه ربح، وبالتالي تحصل منه ضريبة، مشدداً على أن واقعة التهرب الضريبي من الجرائم المخلة بالشرف.
وانتقد متابعون هذه التصريحات، واعتبروها خالية من أي رسالة تهدف لتطوير التعليم وتبحث عن جني المزيد من الأموال فقط بصرف النظر عن تأثير ذلك على أولياء الأمور، حيث عبّروا عن مخاوفهم من اتجاه بعض تلك المراكز لرفع أسعارها.
وهو ما تؤيده تصريحات سعيد فؤاد، مدير المكتب الفني لرئيس مصلحة الضرائب، عندما قال في تصريحات تلفزيونية إن «مصلحة الضرائب دورها تحقيق العدالة الضريبية وليس التقنين»، مؤكداً أن السناتر تزاول نشاطاً تجارياً مثله مثل أي نشاط آخر، ولا بُد من خضوعها للنظام الضريبي.
ويرى الدكتور مصطفى رجب، الرئيس الأسبق لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار، أن «ثقافة الدروس الخصوصية مترسخة في مصر منذ أكثر من 150 عاماً، عندما كان يتلقى أبناء الباشوات دروساً خصوصية في بيوتهم الفاخرة»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «بعض الخطط التعليمية التي يضعها وزراء التعليم في مصر للحد من الدروس الخصوصية لا تتفق مع الواقع الصعب الذي يعيشه الطلاب في المدن والقرى البعيدة عن القاهرة».
ورغم عدم قانونيتها، فإن مئات المراكز تفتح أبوابها منذ شهر أغسطس (آب) الماضي، في معظم المحافظات، خصوصا لطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية، ولا تهتم بتطبيق الإجراءات الاحترازية المتعلقة بـ«كورونا»، بحسب مراقبين.
ضرائب مراكز الدروس الخصوصية «المخالفة» تجدد الجدل في مصر
وسط مخاوف من تقنين أوضاعها عبر هذه الخطوة
ضرائب مراكز الدروس الخصوصية «المخالفة» تجدد الجدل في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة