5 أخطاء في المشي يجدر تجنبها

لتحقيق الفوائد الصحية

5 أخطاء في المشي يجدر تجنبها
TT

5 أخطاء في المشي يجدر تجنبها

5 أخطاء في المشي يجدر تجنبها

هناك مشي، وهناك مشي بطريقة صحية، وهناك أيضاً مشي لفوائد صحية.
وصحيح أن غالبية الناس تمشي، ولكن بعضهم فقط يمشي بطريقة صحية ضمن وضعية صحية سليمة وغير مؤذية لأجزاء مختلفة من الجسم.
ومن بين منْ يُمارسون المشي كرياضة، يمارس بعضهم ذلك فقط بطريقة تجعله يقدم لهم فوائد صحية في تقوية عضلات الجسم وضبط توازنه ورفع مستوى اللياقة البدنية وخفض الزيادة في وزنه والوقاية من الأمراض المزمنة.
والمشي يُعد من أكثر الطرق سهولة لتحريك أجزاء الجسم بطريقة صحية، إضافة إلى أنه وسيلة «مجانية» لممارسة الرياضة البدنية المطلوبة صحياً. ويقول المتخصصون في مايو كلينك: «يجب ألا تكون الأنشطة البدنية معقدة، حيث يمكن لشيء بسيط مثل المشي السريع يومياً أن يساعدك في عيش حياة أكثر صحة».

- أخطاء المشي
ومع ذلك، هناك خمسة أخطاء في المشي، التي قد يقع المرء فيها دون دراية منه، تحرمه من تحقيق أقصى استفادة في نيل الفوائد الصحية المرجوة من رياضة المشي. وإضافة إلى «انتقاء الحذاء غير الصحي» لممارسة رياضة المشي، إليك الأخطاء الأربعة الأخرى التالية:
> المشي بوضعية مترهلة. نتعلم المشي عندما نكون صغاراً جداً، ولا يمكننا تذكر ذلك حقاً، وربما لم نفكر فيه كثيراً منذ ذلك الحين. ومع ذلك، فإن أسلوب طريقة المشي الخاصة بالشخص يستحق بعض الاهتمام، سواء كان ذلك للمشي العادي أو للتمرين الرياضي. وصحيح أن الهدف من المشي المعتاد هو الانتقال من نقطة «ألف» إلى نقطة «باء»، ولكن تحويل هذا المشي المعتاد إلى أحد أنشطة اللياقة البدنية الرياضية لجني الفوائد الصحية، يتطلب أولاً أن يعتبره المرء تمريناً رياضياً وليس مجرد تنقل.
ويتطلب أيضاً اتخاذ وضعية جيدة للجسم أثناء الوقوف للمشي وأثناء التحرك، والقيام بتحريك أطراف الجسم بطريقة ذات هدف صحي. وهذا يشمل وضعية الرأس والرقبة والكتفين واليدين والحوض والساقين والقدمين. ووفق ما تشير إليه المصادر الصحية فإن المظهر المطلوب للجسم من الناحية المثالية أثناء المشي يتضمن:
- رأسك لأعلى والنظر تجاه الأمام وليس في الأرض.
- إرخاء العنق والكتفين والظهر بشكل خفيف، وعدم الانتصاب بشدة.
- تأرجح الذراعين بحرية مع ثني المرفقين قليلاً، ولا بأس من زيادة سرعة تحريك الذراعين قليلاً لتحريك مزيد من عضلات الجسم.
- شد عضلات البطن قليلاً، مع جعل الظهر مستقيماً، وليس مقوساً إلى الأمام أو الخلف.
- المشي بطريقة سلسة، مع ثني القدم من الكعب إلى إصبع القدم.
> المشي ببطء. تعود البعض على المشي البطيء، وهذا قد يكون ملائماً في بعض الظروف التي تتطلب ذلك. ولكن عند الحديث عن «رياضة المشي» لجني فوائد صحية، فإن المشي البطيء لا محل له البتة، بل المطلوب هو «المشي السريع». وحول رياضة المشي السريع يقول المتخصصون في مايو كلينك: «يمكن للمواظبة على المشي السريع أن تساعدك في: الحفاظ على وزن صحي وخسارة دهون الجسم، والوقاية من العديد من الأمراض أو السيطرة عليها، بما في ذلك مرض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم والسرطان وداء السكري من النوع الثاني، وتحسين لياقة القلب والأوعية الدموية، وتقوية عظامك وعضلاتك، وتحسين قدرة العضلات على التحمل، وزيادة مستويات الطاقة، وتحسين حالتك المزاجية والإدراكية وذاكرتك ونومك، وتحسين التوازن والتنسيق، وتقوية الجهاز المناعي، والحد من الإجهاد والتوتر». ووجدت إحدى الدراسات أن المشي السريع ثلاث مرات فقط في الأسبوع يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف أيضاً.
و«المشي السريع»Brisk Walking للبالغين دون سن الستين، هو الذي يخطو فيه المرء أكثر من 100 خطوة في الدقيقة، أي بسرعة 4.3 (أربعة فاصلة ثلاثة) كيلومتر في الساعة، ما يعني قطع مسافة 76 مترا تقريباً في دقيقة واحدة. وبهذه السرعة في المشي، يحصل ارتفاع في نبض القلب بالدرجة المطلوبة صحياً، كما سيأتي توضيحه.
بينما يتضمن «المشي القوي» Vigorous Walking التحرك بحوالي 130 خطوة في الدقيقة.
و«الركض» Jogging بالتعريف الطبي يتضمن التحرك بسرعة 140 خطوة في الدقيقة. وتشير دراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي إلى أنه إذا كان بإمكانك المشي 100 خطوة على الأقل في الدقيقة، فأنت تمشي بسرعة كافية لجني الفوائد الكبيرة للياقة البدنية في تأثيراتها الصحية الإيجابية.

- فترات المشي
> المشي لمدة قصيرة. يجدر وضع هدف محدد لمدة المشي السريع اليومي، وعدم تركها للظروف أو حينما يتيسر فقط. وتتضمن النصائح الطبية في جانب ممارسة النشاط البدني الصحي، ممارسة أحد أنواع التمارين الرياضية الهوائية Aerobic Exercise، أي التي تدفع الجسم إلى تنشيط عمل الرئتين والقلب والأوعية الدموية، لضخ الدم إلى العضلات، كي تحصل على الأكسجين وتستهلكه لإنتاج الطاقة. وهذا بخلاف التمارين اللاهوائية Anaerobic Exercise التي يتم خلالها إجبار العضلات على التحرك في وقت قصير جداً، لا يضمن توفر الأكسجين لها مع تكرار الحركة، وبالتالي تستخدم غير الأكسجين في إنتاج الطاقة.
ولذا فإن «مؤشر» نجاح استخدام المشي السريع كتمرين رياضي هوائي، هو ارتفاع نبض القلب بدرجة معتدلة، أي بمقدار 65 في المائة من أعلى مقدار لنبض القلب Maximum Heart Rate. وأعلى مقدار لنبض القلب يتم حسابه للشخص بطرح مقدار العمر من رقم 220، ولذا فإن مقدار نبض القلب المطلوب أثناء ممارسة التمارين الهوائية المعتدلة (ارتفاع نبض القلب إلى نسبة 65 في المائة) لشخص في الثلاثين من العمر هو حوالي 145 نبضة في الدقيقة، ولشخص في الخمسين هو 120 نبضة في الدقيقة تقريباً. والمدة الأسبوعية المطلوبة صحياً هي 150 دقيقة على الأقل من النشاط الرياضي الهوائي «المعتدل»، أو 75 دقيقة من النشاط الهوائي «القوي» (ارتفاع نبض القلب إلى نسبة 80 في المائة)، أو المزيج من النشاط المعتدل والقوي. وتقترح النصائح الطبية توزيع هذه التمارين على مدار أيام الأسبوع كله.
> الاندفاع ثم التراخي. الإشكالية الأهم في القيام بالأنشطة الرياضية الصحية هي عدم الاستمرار اليومي فيها. ويمكن استهداف ممارسة المشي السريع لمدة 30 دقيقة يومياً على الأقل، وتحقيق ذلك، والاستمرار فيه. ولضمان الاستمرارية يُمكن اتباع خطوتين»
- الأولى: توزيع حصة كل يوم على عدة فترات. أي لو قرر المرء المشي لمدة 30 دقيقة في خمسة من أيام الأسبوع، يُمكن تقسيم ذلك على ثلاث فترات، كل منها 10 دقائق خلال اليوم الواحد. وفي هذا يؤكد الباحثون من مايو كلينك أن «ممارسة المشي السريع لفترات قصيرة على مدار اليوم تزيد من الفوائد الصحية لها. فحتى الكميات البسيطة من النشاط البدني مفيدة، وتساعد مراكمة النشاط على مدار اليوم على تحقيق فوائد صحية».
- الثانبة: ويضيفون خطوة أخرى للمساعدة في الاستمرارية اليومية بقولهم: «تذكرْ أنه يمكنك البدء ببطء، خاصة إذا لم تكن تمارس التمارين الرياضية بانتظام. يمكنك البدء بخمس دقائق يومياً في الأسبوع الأول، ثم زيادة المدة بمقدار خمس دقائق كل أسبوع حتى تصل إلى 30 دقيقة على الأقل».
وقد يبدأ المرء بالمشي بسرعة متوسطة، ثم يُطور من قدراته تدريجياً إلى المشي بسرعة أكبر، مع المشي لمسافة أكبر، في فترة زمنية أقصر، أي بما يشبه المشي السريع. كما يمكن أيضاً التبديل بين فترات المشي السريع والمشي على مهل.

- كيف تنتقي حذاءً ملائماً لرياضة المشي اليومي؟
> الخطأ الخامس هو ارتداء الحذاء الخطأ، ويتسبب ذلك بآلام للقدمين والركبتين وأسفل الظهر، وهذا من أقوى أسباب عدم ممارسة البعض لرياضة المشي اليومي. وانتقاء حذاء المشي بالمواصفات والمقاس المناسب سيجعل المرء يواظب على المشي اليومي.
وقد أظهرت دراسات متعددة أنه لا يوجد حذاء مثالي واحد لنوع معين من الأقدام، وحتى أفضل الأحذية تصميماً في العالم لن تكون فعالة إذا لم يكن مقاسها ملائماً. وأهم خطوة هي: الشعور بالراحة عند تجريب الأحذية للشراء. وإليك النقاط التالية حول هذا الأمر:
- عند اختيار أحذية المشي ارتدِ نفس نوعية الجوارب التي سترتديها عند المشي.
- توجه لشراء الأحذية بعد المشي لمدة، وفي وقت لاحق من اليوم، وذلك حين تصل قدماك إلى أكبر مقاس لهما.
- اشتر الأحذية من متجر أحذية رياضية به مختصون في ملاءمة مقاس الأحذية، أو من متجر تتوفر فيه الكثير من الخيارات.
- حذاء المشي ينبغي أن يكون خفيف الوزن إلى حد ما، وقادراً على امتصاص الصدمات بشكل جيد.
- اختر حذاء مشي يناسب نوع قوس القدم، لأن ذلك يُساهم في توزيع وزن الجسد بالتساوي على القدم، ويساهم في الكيفية التي تتلاءم بها القدم مع الاصطدام بمختلف الأسطح عند المشي.
- إذا كانت إحدى قدميك أكبر من الأخرى، جرب زوج أحذية يناسب القدم الأكبر.
- جرب المشي بالحذاء قبل شرائه، وينبغي أن تشعر فوراً بأنه مريح.
ولاحظ العناصر التالية في مكونات الحذاء الرياضي:
- وجود واقي «وتر العرقوب» Achilles Tendon Protector (لسان مرتفع يشكل السند الخلفي للحذاء)، يُقلل من الإجهاد الذي يعتري وتر العرقوب، وذلك عبر إحكام غلق الحذاء حول العَقِب Heel.
- وجود طوق العَقِب Heel Collar (الإطار شبه الدائري لأعلى فتحة الحذاء) يوفر وسادة محيطة بمفصل الكاحل واحتواء القدم.
- سقف الحذاء يعمل على ضمان تثبيت الحذاء للقدم، وإذا كان مصنوعاً من قماش شبكي فسيوفر تهوية جيدة للقدمين ويجعل الحذاء خفيف الوزن.
- النعل الداخلي Insole يوفر الوسادة الداخلية التي تجلس عليها القدم. وقوس النعل الداخلي يدعم قوس القدم ليأخذ هيئته الطبيعية.
- النعل الأوسط Midsole (الهلامي أو الرغوي أو الهوائي)، يعمل على توفير راحة للقدم بتقليل تأثير اصطدام القدم بالأرض.
- النعل الخارجي Outsole (الذي يلامس الأرض) يساعد في تكوين احتكاك صحي بسطح بالأرض إذا كانت فيه تجاويف أو نتوءات (كإطارات السيارات).
- مقدمة الحذاء Toe Box توفر مسافة مريحة وواقية لأصابع القدم، خاصة إذا كانت واسعة ودائرية.
ويضيف باحثو مايو كلينك: «احرص على ارتداء ملابس مريحة وواسعة، ومناسبة لمختلف أنواع الطقس، مثل أن ترتدي أكثر من طبقة من الملابس في الطقس البارد. كما ننصحك بارتداء أقمشة تمتص العرق، لتشعر بالراحة لمدة أطول. وإذا كنت تمارس المشي بالخارج في الظلام، فاستخدم ملابس ذات ألوان زاهية أو أشرطة عاكسة للضوء. أو ارتداء أداة حاجبة لأشعة الشمس، مثل قبعة أو نظارات شمس، في حال خروجك للمشي أثناء النهار».

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام
TT

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

مؤشرات وزن الجسم

يستخدم «مؤشر كتلة الجسم» BMI الذي يحسب مقدار وزن الجسم بالكيلوغرامات، مع الأخذ بالاعتبار مقدار طول الجسم بالمتر، ليعطينا «رقماً» يفصل بين 3 حالات: الحالة الطبيعية، وزيادة الوزن، والسمنة.

ونلجأ كذلك إلى قياس «محيط الخصر» WC بعدد السنتيمترات بوصفه «رقماً» يميز وجود سمنة البطن من عدم ذلك.

في السنوات الأخيرة ازداد ظهور أمراض ذات صلة بالسلوكيات غير الصحية في نمط عيش الحياة اليومية، وعادات الأكل السيئة، وتداعيات التقدم التكنولوجي الذي يفصل الناس عن ممارسة النشاط البدني. وقد ثبت تجريبياً أن العواقب الصحية السلبية لذلك تنمو على مستوى العالم بمعدل مثير للقلق. وهي تشمل السمنة Obesity، ومرض السكري من النوع 2، وأمراض القلب.

وإلى جانب ظهور «أمراض نمط الحياة» هذه، هناك انتشار زائد لمتلازمة التمثيل الغذائي Metabolic Syndrome، وهي مجموعة من الاضطرابات الأيضية في العمليات الكيميائية الحيوية التي تجري في الجسم، وترتبط بمقاومة الجسم لمفعول الإنسولين، ونشوء عمليات بطيئة ومستمرة في الالتهابات، واضطرابات الدهون في الدم (خصوصاً ارتفاع الدهون الثلاثية)، وارتفاع ضغط الدم.

«سمنة مركزية» ووزن طبيعي

ومن بين كل ذلك، تطفو السمنة البطنية (السمنة المركزية Central Obesity)، التي تتميز بزيادة كمية الأنسجة الشحمية (الشحوم الصفراء) داخل البطن، بوصفها علامة مميزة في كثير من تلك الحالات.

والسؤال الذي يتبادر للذهن: هل الأمر في شأن الأضرار الصحية مرتبط بالسمنة بوصفها حالة عامة في زيادة كتلة عموم الجسم أم أن الأمر مرتبط على وجه الخصوص بزيادة تراكم الشحوم في البطن (محيط منطقة الوسط)؟

والأدق أيضاً في طرح هذا السؤال عندما يكون لدى المرء حالة «الوزن الطبيعي مع سمنة بطنية» NWCO، أي عندما يكون وزن الجسم طبيعياً لدى الشخص بالنسبة لطوله، ولكن في الوقت نفسه لديه سمنة بطنية... هل من الممكن أن يكون هذا الشيء ضاراً ويمثل خطراً صحياً؟

والإجابة عن هذا السؤال تحتاج بداية إلى التساؤل بالأصل: هل ثمة «مشروعية طبية» لطرح مثل هذا السؤال؟

والإجابة نعم بالتأكيد، أن ثمة مشروعية طبية في طرح هذا السؤال لدواع شتى، أهمها اثنان، هما:

- الداعي الأول أن هناك أمثلة من سمنة أجزاء معينة في الجسم، ثبت أن ليس لها ضرر صحي واضح، حتى لو كان لدى الشخص ارتفاع في مقدار وزن الجسم، وارتفاع في مؤشر كتلة الجسم. وتحديداً أفادت نتائج دراسات عدة بأن سمنة شحوم الأرداف بحد ذاتها لدى النساء، ليس لها تأثير صحي ضار يوازي وجود سمنة تراكم شحوم البطن لديهن. وكذلك ثبت أن سمنة كتلة عضلات الجسم (زيادة مقدار وزن الجسم بسبب زيادة وزن كتلة العضلات فيه وليس زيادة تراكم الشحوم)، التي قد تزيد في مقدار مؤشر كتلة الجسم لتجعله ضمن نطاق السمنة، ليس لها تأثيرات سلبية مقارنة مع سمنة زيادة كتلة الشحوم في الجسم بالعموم وفي البطن على وجه الخصوص. وثبت أيضاً أن سمنة الوزن الطبيعي، مع تدني حجم كتلة العضلات، وارتفاع كتلة الشحوم Sarcopenic Obesity، لها تأثيرات ضارة لا تقل عن سمنة زيادة مؤشر كتلة الجسم.

- الداعي الآخر أن نحو 25 في المائة من البالغين ذوي الوزن الطبيعي، يُصنفون بالفعل على أن لديهم سمنة تراكم شحوم البطن، وفي الوقت نفسه يكون وزن أجسامهم طبيعياً، وفق «المجلة الطبية البريطانية BMJ» عدد 26 أبريل (نيسان) 2017. وهذه النسبة مقاربة جداً للإحصاءات الطبية في الولايات المتحدة. وفي مجتمعات أخرى ثبت أنها أعلى وفق نتائج دراسات طبية فيها. وهي نسبة مهمة بين عموم البالغين الذين قد يعتقدون أن كون مقدار وزن جسمهم طبيعياً يعني تلقائياً أنه لا ضرر متوقعاً عليهم من تراكم الشحوم في بطونهم.

دراسات سمنة البطن

والملاحظ أن الأوساط الطبية تأخرت كثيراً في الاهتمام بهذه الوضعية الصحية ومعرفة آثارها. وأيضاً تأخرت في وضع إرشادات ونصائح طبية للتعامل معها. وفي دراسة مشتركة لباحثين من جامعة آيوا، ومن كلية ألبرت آينشتاين للطب بنيويورك، ومن جامعة كاليفورنيا، ومن كلية الطب بجامعة هارفارد، ومن مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، تم طرح الأمر في دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بالوفيات بين النساء». ونشر ضمن عدد 24 يوليو (تموز) 2019 من مجلة «شبكة جاما المفتوحة» JAMA NETWORK Open، الصادرة عن «الجمعية الطبية الأميركية» AMA.

وقال فيها الباحثون: «السمنة المركزية، التي تتميز بتراكم الشحوم في منطقة البطن بشكل مرتفع نسبياً، ارتبطت بارتفاع خطر الوفاة، بغض النظر عن مقدار مؤشر كتلة الجسم. ومع ذلك، فإن الأفراد الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي مع السمنة المركزية يتم إهمالهم عادة في الإرشادات الإكلينيكية. وعلاوة على ذلك لا يحظى الأفراد الذين يعانون من السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي باهتمام كبير في وضع استراتيجيات الحد من المخاطر، مثل تعديلات نمط الحياة والتدخلات الأخرى».

ولكن حتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، قد يكون أولئك الذين يعانون من السمنة المركزية مُعرّضين لخطر زائد للوفاة بسبب تراكم الشحوم المفرط في البطن. وفي نتائج دراستهم التي شملت أكثر من 160 ألف امرأة أفادوا بالقول: «ارتبطت السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة بالسرطان، مقارنة بالوزن الطبيعي دون السمنة المركزية».

عوامل خطر أيضية قلبية

ومن ثمّ بدأت تصدر دراسات طبية من مناطق مختلفة من العالم حول هذا الأمر. وعلى سبيل المثال، نذكر دراسة حديثة من الصين، وأخرى من بنما.

وفي دراسة بعنوان: «ارتباط السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي بارتفاع ضغط الدم»، تم نشرها العام الماضي، عدد 8 مارس (آذار) 2023 من مجلة «BMC» لاضطرابات القلب والأوعية الدموية، لباحثين من الصين، أفادوا بالقول: «السمنة المركزية ذات الوزن الطبيعي (NWCO) هي حالة أيضية تم وصفها أخيراً في عدد قليل من الدراسات. ويتم تجاهل الأفراد المصابين بها بسهولة في الرعاية الصحية الروتينية، بسبب التركيز الصارم على مؤشر كتلة الجسم».

وأضافوا: «قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم كبيرة في الجسم، وهو ما لا يظهر عندما يكون مقدار مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وتشير الأدلة الموجودة إلى أن السمنة المركزية، التي تتميز بالتراكم المرتفع نسبياً للشحوم في البطن، ترتبط ارتباطاً أقوى بعوامل الخطر الأيضية القلبية من السمنة العامة، وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي». وخلصوا في نتائجهم إلى القول: «ترتبط السمنة المركزية، كما هو محدد بواسطة محيط الخصر، بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى البالغين ذوي مؤشر كتلة الجسم الطبيعي».

وضمن عدد يونيو (حزيران) 2022 من مجلة «لانسيت للصحة الإقليمية - بالأميركتين» The Lancet Regional Health - Americas، نشر باحثون من كلية الطب بجامعة بنما، حول انتشار السمنة المركزية والتعرف على مدى وجود عوامل الخطر القلبية الأيضية Cardiometabolic risk لديهم.

ويتم تعريف مخاطر القلب والأيض على أنها مجموعة من التشوهات في العمليات الأيضية الكيميائية الحيوية، وفي القلب، وفي الأوعية الدموية، بما في ذلك السمنة البطنية، ومقاومة الإنسولين، وارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكولسترول، ودهون الدم، وتصلب الشرايين، التي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، ومرض السكري من النوع 2.

ولاحظوا أن باستخدام مؤشر «نسبة الخصر إلى الطول»WHtR، كان معدل انتشار السمنة البطنية نحو 44 في المائة بين الذين بالأساس لديهم مؤشر كتلة الجسم طبيعياً. وقالوا في نتائجهم: «ارتبطت السمنة البطنية مع الوزن الطبيعي للجسم بعوامل الخطر القلبية الوعائية، خصوصاً مع ارتفاع تركيز الدهون الثلاثية. قد يكون تقييم السمنة البطنية على مستوى الرعاية الصحية الأولية تقنية مفيدة لتحديد الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي مع خصائص السمنة الأيضية».

ولذا إذا أردنا ألا نفقد متابعة هذه الفئة من الناس، فيجدر قياس محيط الوسط مع قياس وزن الجسم وحساب مؤشر كتلة الجسم، والالتفات إلى كليهما في التقييم الإكلينيكي. وللتوضيح، على الرغم من حقيقة أن مؤشر كتلة الجسم يتم استخدامه على نطاق واسع لتحديد السمنة في الممارسة الإكلينيكية، فإن أحد القيود المهمة لمؤشر كتلة الجسم هو أنه لا يميز بين أشكال مكونات تركيبات أجزاء الجسم المختلفة، حيث قد يكون لدى الفرد ذي الوزن الطبيعي نسبة شحوم متزايدة في منطقة من الجسم، ولكنها قد تكون مخفية بالقيمة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم.

وحتى بين الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، فإن أولئك الذين لديهم نسبة عالية من الشحوم في الجسم، لديهم انتشار أعلى لمتلازمة التمثيل الغذائي ومكوناتها من أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم طبيعي، ونسبة شحوم في الجسم طبيعية.

25 % من البالغين ذوي الوزن الطبيعي لديهم سمنة تراكم شحوم البطن

تشخيص السمنة بالأساس مجرد حسابات من الأرقام

* عند التكلم عن السمنة في جانب التشخيص، علينا ابتداءً استخدام لغة الأرقام. ومن بين عدة «طرق» مطروحة لدى الأوساط العلمية والطبية، يظل «الأشهر»، و«الأقرب» هو الطرق الأربع التالية في تقييم وزن الجسم والسمنة:

- حساب «مؤشر كتلة الجسم» BMI يتم بقسمة مقدار الوزن بالكيلوغرامات على مربع طول الجسم بالمتر. و«الطبيعي» أن يكون مؤشر كتلة الجسم ما بين 20 إلى 25، أما ما بين 25 و30 فهو «زيادة في الوزن»، وما بين 30 إلى 35 فهو «سمنة»، وما بين 35 و40 فهو «سمنة شديدة»، وما فوق ذلك هو «سمنة مفرطة».

- حساب محيط الخصر Waist Circumference هو طريقة مهمة في تقييم سمنة البطن بالذات. وبدقة، يتم قياس محيط الخصر عند مستوى منتصف المسافة بين أدنى ضلع ملموس وبين الحافة الحرقفية لأعلى قوس عظمة الحوض، وذلك تقريباً أعلى قليلاً من السرّة، بعد إخراج هواء الزفير من النفس، أي قياس محيط أصغر جزء من الخصر. ولكن تجدر ملاحظة أن محيط الخصر يختلف في المجتمعات الجغرافية المختلفة وفق متوسط الطول فيها وعموم حجم الجسم.

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة NIH، فإن محيط الخصر الذي يزيد على 102 سنتيمتر (40 بوصة) للرجال ويزيد على 88 سنتيمتراً (35 بوصة) للنساء (غير الحوامل)، هو سمنة البطن. بينما لدى ذوي الأصول من جنوب شرقي آسيا، فإن الطبيعي نحو 94 سنتيمتراً (37 بوصة) للرجال و80 سنتيمتراً (31 بوصة) للنساء. ولذا تحتاج المجتمعات المختلفة دراسات لتقييم الطبيعي وغير الطبيعي في ذلك.

- حساب نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك WHR. ومحيط الورك Hip Circumference يختلف عن محيط الخصر، حيث إن محيط الورك هو قياس محيط الجزء الأكبر من الوركين، أي الجزء الأوسع من كتلة الأرداف. والطبيعي أن تكون تلك النسبة أقل من 0.95 للرجال، وأقل من 0.80 للنساء. وما فوق ذلك فهو سمنة. وهي طريقة يتم بها التغلب على وجود حجم أكبر في الأرداف التي تكون الشحوم فيها مختلفة عن نوعية الشحوم التي في البطن. وتحديداً شحوم بيضاء في الأرداف، وشحوم صفراء في البطن.

- حساب نسبة الخصر إلى الطول WHtR: يكون بقسمة مقدار محيط الخصر على مقدار الطول. والطبيعي أن يكون أقل من 0.5، وما فوق ذلك هو سمنة. وهي طريقة يتم من خلالها التغلب على الاختلافات العرقية في متوسط الطول لدى غالبية الناس في المجتمعات المختلفة.