السعودية: اكتشاف كائنات بحرية عملاقة وجزر جديدة شمال البحر الأحمر

رحلة استكشافية شمال البحر الأحمر استمرت ستة أسابيع («نيوم السعودية»)
رحلة استكشافية شمال البحر الأحمر استمرت ستة أسابيع («نيوم السعودية»)
TT
20

السعودية: اكتشاف كائنات بحرية عملاقة وجزر جديدة شمال البحر الأحمر

رحلة استكشافية شمال البحر الأحمر استمرت ستة أسابيع («نيوم السعودية»)
رحلة استكشافية شمال البحر الأحمر استمرت ستة أسابيع («نيوم السعودية»)

أعلنت شركة «نيوم السعودية»، اليوم (الأربعاء)، عن اكتشاف كائنات بحرية عملاقة ونادرة وجزر جديدة في شمال البحر الأحمر، بعد رحلة استكشافية استمرت ستة أسابيع، على متن سفينة «أوشن إكسبلورر».
وذكرت الشركة أن البعثة المشتركة التي نفذتها بالتعاون مع «أوشن إكس»، تأتي في إطار مبادرتها الطموحة والفريدة من نوعها لاستكشاف شمال البحر الأحمر، حيث قدمت البعثة بحثاً علمياً خاصاً بالنظم البيئية البحرية، ومجموعات الكائنات الحية الضخمة التي تعيش في قاع البحر، وأحواض المياه المالحة، بالإضافة إلى دراسة حول كيفية الحفاظ على الشعاب المرجانية وتجديدها.

من جانبه، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة «نيوم» المهندس نظمي النصر، أن جهود البعثة حققت أهم أهدافها بالتعرف على منطقة طبيعية كانت بعيدة عن الاهتمام العالمي، مشيراً إلى أنها أبرزت اكتشافات علمية عالمية غير مسبوقة، متمثلة في اكتشاف قمة بحرية بارتفاع يصل إلى 635 متراً (أعلى من الكثير من ناطحات السحاب في العالم) وأكبر حوض للمياه المالحة في أعماق البحار بالعالم، بالإضافة إلى مساحة تزيد عن 600 كيلومتر مربع من المواقع الجاذبة للتنوع البيولوجي للأسماك والشعاب المرجانية.
وفيما يخص الكائنات البحرية، قال النصر إنه جرى توثيق مشاهدتين اثنتين بالكاميرا لحبار عملاق لم تسبق مشاهدته من قبل في المنطقة، بالإضافة إلى تأكيد وجود 12 نوعاً من الكائنات الضخمة في مياه «نيوم»، بما في ذلك أسماك القرش والحيتان والأطوم والسلاحف والدلافين، وتحديد 341 نوعاً من الأسماك فيها، منها 8 أنواع جديدة و68 نوعاً مستوطناً، و18 نوعاً نادراً ومهدداً بالانقراض على مستوى العالم، مضيفاً: «كما وثّقت البعثة مستوطنات جديدة لشعاب مرجانية نادرة تتميز بمقاومتها التغير المناخي، وعمل مسوحات تفصيلية لثلاث جزر غير مستكشفة، واكتشاف ثلاثة مواقع بحرية وحطام سفن قديمة».

وأكد أن اختيار موقع «نيوم» ليس أمراً اعتيادياً فجميع مستهدفات «رؤية 2030» تمت دراستها بشكلٍ متأنٍ ودقيق، ومن أهمها «الاستدامة والتوازن بين التنمية الحضرية والمحافظة على البيئة»، متابعاً بالقول: «وكون (نيوم) حجر الزاوية لهذه الرؤية؛ فقد كان لزاماً عليها أن تقدم للإنسانية وجهة عالمية جديدة تمتلك جميع مقومات المستقبل الجديد لمجتمعات إدراكية تحافظ على البيئة وترتقي بالإنسان والمكان».
من جهته، بيّن رئيس المحميات الطبيعية في «نيوم»، الدكتور بول مارشال، أن «نظام المحيطات العالمي يعاني من أزمة بيئية، ولكن الضرر قابل للإصلاح، وستعزز هذه الشراكة مع (أوشن إكس) التزام (نيوم) تجاه المحافظة على الحياة في الكوكب وحمايتها»، لافتاً إلى أن «الحفاظ على سلامة النُظم البيئية البحرية وتحسينها، وخاصة الشعاب المرجانية، أساس لضمان المستقبل والنجاح، حيث تمهّد هذه الرحلة الاستكشافية الأولى من نوعها في العالم، الطريق أمام برنامج (نيوم) الطموح للحفاظ على البيئة الذي يتطلع لتسريع تحوّلنا إلى مجتمعات تعيش في تناغم تام مع الطبيعة من حولنا».

وأفاد بأن نتائج هذه البعثة تتجاوز حدود المنطقة، حيث ستدعم الجهود العالمية لحماية النظم البيئية البحرية والحفاظ عليها في أنحاء العالم كافة، وستلقي الضوء على الخصائص البيولوجية والشروط الضرورية لازدهار الحياة في البحار والمحيطات، في ضوء التغيرات الناجمة عن أزمة تغير المناخ العالمي، موضحاً أن النتائج ستُستخدم لدفع تصميم وتطوير المناطق البحرية المحمية من أجل الوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها لتخصيص 95 في المائة من مساحة نيوم للحفاظ على الطبيعة.
إلى ذلك، أكد كبير العلماء، الرئيس التنفيذي المشارك في «أوشن إكس»، الدكتور فينسنت بييربون، التزامهم باستكشاف المواقع التي لم يطلع عليها الكثيرون، وبمشاركتها مع العالم، مبيناً أن النتائج المهمة لهذه البعثة لا تقتصر على الاهتمام بحفظ النظم البيئية في شمال البحر الأحمر فحسب، بل تشمل أيضاً اكتشافات علمية مهمة على المستويين الإقليمي والعالمي.

يشار إلى أن البعثة قامت بأكثر من 960 ساعة من الأبحاث تحت الماء، واشتملت على تخطيط ثلاثي الأبعاد لمساحة تزيد على 1500 كيلومتر مربع من قاع البحر بدقة عالية، ووضع مقياس مرجعي للتنوع البيولوجي وحيوية المواطن البيئية التي ستعزز جهود «نيوم» لتحقيق هدفها المتمثل في الحفاظ على سلامة النظم البيئية المحيطة وتحسينها. وضمّ طاقم العمل 30 شخصاً من علماء المحيطات وباحثين مرموقين عالميين، من بينهم أربعة خبراء من «نيوم»، وخمسة آخرون من وزارة البيئة والمياه والزراعة و«جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، و11 خبيراً من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالإضافة إلى خمسة مستكشفين من «ناشيونال جيوغرافيك».


مقالات ذات صلة

«الظاهرة» العُمانية... بوابة اقتصادية تعزز حركة التجارة مع السعودية

خاص جانب من ولاية عبري في محافظة الظاهرة العُمانية (الشرق الأوسط)

«الظاهرة» العُمانية... بوابة اقتصادية تعزز حركة التجارة مع السعودية

يعتبر المنفذ الحدودي بين سلطنة عُمان والسعودية بوابة اقتصادية رئيسية تعزز حركة التجارة بين البلدين.

آيات نور (الظاهرة)
يوميات الشرق ديمتري كيركنتزس أمين عام المكتب الدولي للمعارض يتسلّم الملف من فهد الرويلي السفير السعودي لدى فرنسا (الهيئة الملكية للرياض) play-circle

السعودية تُسلِّم ملف تسجيل «الرياض إكسبو 2030»

سلّمت السعودية ملف تسجيل «الرياض إكسبو 2030» إلى المكتب الدولي للمعارض، الذي يُعدّ وثيقة متكاملة ترسم ملامح رؤيتها الطموح وخططها الشاملة لاستضافته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مسؤولون في «آلات» و«لينوفو» يقومون ببدء عمليات البناء للمصنع الجديد في المنطقة اللوجستية (سيلز)

إنشاء مركز عالمي لتصنيع الحواسيب والخوادم تحت علامة «صُنع في السعودية»

يدخل قطاع التصنيع في المملكة مرحلة جديدة مع إنشاء شركتي «آلات» السعودية و«لينوفو» الصينية مركزاً للتصنيع في المنطقة الخاصة اللوجستية المتكاملة في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منتجات من اللحوم الحمراء (رويترز)

السعودية تحقق 61 % اكتفاءً ذاتياً من اللحوم الحمراء

تسجل السعودية وفرة ملحوظة في إنتاج اللحوم الحمراء، حيث بلغ الإنتاج أكثر من 270 ألف طن خلال 2023، فيما حققت اكتفاءً ذاتياً منها بنسبة 61 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار بمعرض «صُنع في السعودية» بالرياض (واس)

السعودية تُصدِّر أكثر من 38 ألف «شهادة منشأ» في فبراير

أصدرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية 38830 «شهادة منشأ» خلال شهر فبراير (شباط) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».