5 سلوكيات صحية مترابطة لتقوية مناعة الجسم

توفر الحماية خلال جائحة «كوفيد ـ 19»

5 سلوكيات صحية مترابطة لتقوية مناعة الجسم
TT

5 سلوكيات صحية مترابطة لتقوية مناعة الجسم

5 سلوكيات صحية مترابطة لتقوية مناعة الجسم

ضمن ما يُحسب كتداعيات لجائحة (كوفيد - 19) العالمية، ترصد الأوساط الطبية، وكذلك الاقتصادية، تنامي حجم سوق منتجات «مُقويات المناعة» Immunity Boosting Products، كجزء من سلوكيات الوقاية الصحية لجهاز مناعة الجسم. سواء كمنتجات غذائية طبيعية أو مشروبات صحية أو مستحضرات دوائية.
وخلال عامي 2020 و2021 شهد عدد المنتجات المعروضة عبر الإنترنت لـ«صحة الجهاز المناعي» Immune System Health، والتي تُقدم بإبراز قدرتها على تعزيز المناعة، زيادة بنسبة تجاوزت 50 في المائة في أوروبا. وتفيد إحصاءات الولايات المتحدة إلى أن أكثر من 40 في المائة من المستهلكين يشترون المزيد من منتجات الأطعمة أو المشروبات لتعزيز قوة جهاز المناعة لديهم بسبب جائحة فيروس «كورونا».

- جهاز المناعة
والحقيقة أن جهاز المناعة يقوم بعمل حيوي رائع في الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات المسببة للأمراض. والسؤال المطروح ليس هو: هل «بإمكان» المرء تعزيز قوة ونشاط جهاز المناعة لديه؟ بل إن السؤال هو: هل «يريد» المرء تقوية جهاز مناعة الجسم لديه؟ لأن ذلك ممكن جداً، وتتوفر بيد المرء وسائل ذلك، ولكن الخطوة الأولى أن تكون لديه «رغبة» في ذلك، و«يُقرر» فعل ذلك بالطريقة الصحية.
ووجود الرغبة واتخاذ القرار، مهم في شأن تقوية المناعة، لأن جهاز المناعة ليس عضوا محدد الكيان وذا كتلة وموقع محدد، كما هو القلب والكلى والكبد، بل هو نظام تتشارك في عمله غالبية أعضاء الجسم ويتطلب كفاءة نشاط أنواع متباينة من الخلايا المنتشرة في كافة أرجاء الجسم، ويستخدم إنتاج الكثير من المركبات الكيميائية لإنجاز مهامه.
ولكي يعمل جهاز مناعة الجسم بشكل جيد طوال الوقت، لا يُوجد «طريق مُختصر» بتناول بعض المستحضرات لتقوية المناعة، بل الأمر يتطلب طوال الوقت حالة من «التوازن والانسجام» بين الممارسة الصحية لسلوكيات الحياة اليومية من جهة، وبين حفظ الحالة الصحية لكافة أعضاء الجسم من جهة أخرى. وتحقيق هذين الأمرين يتطلب من المرء وجود رغبة للعمل على ذلك «بشكل مترابط» بين عدة سلوكيات صحية في نمط عيش الحياة اليومية.
ويقول أطباء جامعة هارفارد: «لتقوية جهاز المناعة لديك، فإن خط دفاعك الأول هو اختيار نمط حياة صحي. ويُعد اتباع الإرشادات العامة للصحة الجيدة أفضل خطوة واحدة يمكنك اتخاذها نحو الحفاظ بشكل طبيعي على عمل نظام المناعة لديك بشكل صحيح. إذا عمل كل جزء من أجزاء جسمك، بما في ذلك الجهاز المناعي، بشكل أفضل عند حمايته من الاعتداءات البيئية ودعمه باستراتيجيات الحياة الصحية». وتقول المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها CDC: «جهاز المناعة هو وسيلة الجسم لحماية نفسه من العدوى والأمراض. إنه يحارب كل شيء، من فيروسات البرد والإنفلونزا إلى الحالات الخطيرة مثل السرطان. وأنظمتنا المناعية معقدة وتتأثر بالعديد من العوامل. وتعمل اللقاحات على بناء مناعة ضد أمراض معينة».

- وسائل تقوية المناعة
وهناك بعض الطرق الإضافية التي يمكنك من خلالها تقوية جهاز المناعة لديك. وإليك هذه الخطوات الصحية الخمس لتقوية عمل جهاز مناعة الجسم:
1- تقليل الإجهاد النفسي. يفيد الباحثون من نظام جامعة ميريلاند الطبي (UMMS) بالقول: «هناك علاقة معقدة بين التوتر وعمل جهاز المناعة. فجهاز المناعة حساس للضغط النفسي، خاصة إذا كان مزمناً. ويعرف جهازك المناعي متى تكون متوتراً. ووفقاً لدراسات أبحاث المناعة الحديثة، يمكن أن ينتج الإجهاد المزمن مستويات أعلى من المعتاد من هرمون الكورتيزول. وهذا يمكن أن يعيق استجابة الجسم المضادة للالتهابات ويسبب التهابات مستمرة».
ويُضيف باحثو كليفلاند كلينك: «الإجهاد النفسي على المستوى المزمن ليس جيداً. وبمرور الوقت، يمكن أن يقوض صحتنا المناعية. وهناك العديد من المسارات المناعية العصبية المعقدة التي تدعم هذه الظاهرة».
ويوضح أطباء جامعة هارفارد: «يدرس العلماء بنشاط العلاقة بين الإجهاد النفسي ووظيفة المناعة. ومعظم العلماء الذين يدرسون العلاقة بين الإجهاد ووظيفة المناعة، لا يدرسون ضغوطاً مفاجئة قصيرة المدى الزمني. بل بدلاً من ذلك، يحاولون دراسة الضغوطات المستمرة والمتكررة والمعروفة باسم الإجهاد المزمنChronic Stress، مثل تلك التي تسببها العلاقات مع العائلة والأصدقاء وزملاء العمل».
وتقول رابطة القلب الأميركية: «الإجهاد المزمن يمكن أن يكون له أثر جسدي سلبي عليك، يمكن أن يضعف الجهاز المناعي لديك».
وتحت عنوان «الإجهاد يضعف جهاز المناعة»، تفيد الجمعية الأميركية لعلم النفس APA، قائلة: «قد تقوي الروابط الاجتماعية المناعة بشكل غير مباشر لأن الأصدقاء - على الأقل الأصدقاء المهتمون بالصحة - يمكنهم تشجيع السلوكيات الصحية الجيدة مثل الأكل والنوم وممارسة الرياضة بشكل جيد. يساعد الأصدقاء الجيدون أيضاً على تخفيف ضغوط الأحداث السلبية».

- تغذية صحية
2- التغذية الصحية. وفي دراسة بعنوان «النظام الغذائي ووظيفة المناعة» لباحثين من كلية الطب بجامعة ساوثهامبتون في المملكة المتحدة، تم نشرها ضمن عدد 16١٦ أغسطس (آب) 2019 لمجلة العناصر الغذائية Nutrients، لخص الباحثون دور التغذية بقولهم: «من المفهوم جيداً أن نقص التغذية يضعف وظيفة المناعة، ويعتمد مدى الضعف الذي ينتج عن ذلك على شدة النقص. ويمكن لمغذٍ واحد أن يمارس تأثيرات مناعية متعددة ومتنوعة، كما في حالة فيتامين إي E. والتغذية المثلى للحصول على أفضل النتائج المناعية هي التغذية التي تدعم وظائف الخلايا المناعية بما يسمح لها ببدء استجابات فعالة وسريعة ضد مسببات الأمراض وتجنب نشوء أي التهاب مزمن. وبعض المغذيات الدقيقة والمكونات الغذائية لها أدوار محددة للغاية في تطوير وصيانة نظام مناعي فعال طوال العمر أو في الحد من الالتهابات المزمنة».
ويضيف أطباء جامعة هارفارد: «هناك بعض الأدلة على أن نقص المغذيات الدقيقة المختلفة (أنواع من الفيتامينات والمعادن) يغير الاستجابات المناعية. وأن تناول جرعات كبيرة من فيتامين واحد لا يؤدي إلى ذلك، وإن الأكثر ليس بالضرورة الأفضل». وعند ثبوت وجود نقص في أحد «المغذيات الدقيقة» وفق نتائج التحاليل، يجب تلقي العلاج التعويضي لإزالة النقص، كفيتامين دي، وسي، والحديد والزنك وغيرها.
وتفيد رابطة القلب الأميركية AHA بأن الحصول على التغذية الصحية المناسبة، مهم جداً في الحفاظ على قوة واستجابة جهاز مناعة الجسم، وتشير بعض الدراسات إلى أن فيتامين دي يمكنه تقوية جهاز المناعة ومكافحة العدوى. وتشمل المصادر الأسماك الدهنية ومنتجات الألبان والمكملات الغذائية وأشعة الشمس.
وتحتوي المنتجات الطازجة والمكسرات والبذور على الكثير من الزنك وبيتا كاروتين والفيتامينات إيه A وسي C وإي E وبي B6. والعناصر الغذائية الأخرى التي نحتاجها لصحة جهاز المناعة. والأطعمة النباتية غنية بالألياف، مما يساعد على خفض نسبة الدهون في الجسم وتقوية الاستجابة المناعية. لأن تراكم الدهون والسمنة يعيقان عمل خلايا الدم البيضاء المقاومة للجراثيم، ويُخلان بتوازن بكتيريا الأمعاء الصديقة، وهي التي تساعد في الاستجابة المناعية.

3- سلامة الجهاز الهضمي. الحفاظ على صحة الجهاز الهضمي إحدى دعائم كفاءة عمل جهاز مناعة الجسم. والسبب أن غالبية الخلايا المناعية داخل جسم الإنسان، توجد داخل الأنسجة اللمفاوية المرتبطة بالأمعاء، مما يعكس أهمية هذا النسيج المناعي في الحفاظ على صحة المرء.
كما توجد داخل تجويف الأمعاء، مستعمرات البكتيريا الصديقة Gut Microbiome، التي تلعب أدوراً حيوية جداً، وبطرق متعددة، في كفاءة عمل خلايا مناعة الجسم، وفي نوعية الاستجابات المناعية حتى في مناطق بعيدة من الجسم.
ويتغير تكوين ميكروبيوم الأمعاء على مدار العمر، استجابة لمكونات النظام الغذائي الصحي (تقليل اللحوم والدهون الحيوانية والسكريات وزيادة تناول الخضار والفواكه والمكسرات واللبن الزبادي)، وعدد من العوامل البيئية، مثل تناول المضادات الحيوية. وأيضاً هناك عوامل أخرى، مثل تقليل التعرض للتوتر النفسي والضغط العصبي، وممارسة الرياضة البدنية، والحرص على نوم ساعات كافية بالليل، والامتناع عن التدخين.
وعلى سبيل المثال، أظهرت عدة دراسات أن ممارسة التمارين الرياضية قد تزيد من عدد البكتيريا «الجيدة» وتثري التنوع الميكروبي في الأمعاء.

- النوم والرياضة
4- النوم الليلي الكافي. تقول المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها: «احصل على قسط كاف من النوم، ويتزايد الدليل العلمي على أن قلة النوم يمكن أن تؤثر سلباً على أجزاء مختلفة من جهاز المناعة. هذا يمكن أن يؤدي إلى تطور مجموعة متنوعة من الاضطرابات».
وتقول رابطة القلب الأميركية: «التأثير الإيجابي للنوم ليس فقط على صحة قلبك ولكن أيضاً على هرمونات الإجهاد، ونظام المناعة لديك».
وتقول الدكتورة إريك جيه أولسن من أطباء مايوكلينيك: «يمكن أن تؤثر قلة النوم على جهازك المناعي. وتوضح الدراسات أن من لا ينامون جيداً أو لا ينامون بما يكفي أكثر ميلاً للإصابة بالمرض عند تعرضهم لفيروس. كما يمكن أن تؤثر قلة النوم على سرعة تعافيك إذا تعرضت للمرض. وتقل الأجسام المضادة المكافحة للعدوى، أثناء الفترات التي لا تحصل فيها على القدر الكافي من النوم. لذلك يحتاج جسمك إلى النوم ليقاوم الأمراض المعدية. ويتراوح القدر الأمثل من النوم لمعظم البالغين ما بين سبع وثماني ساعات من النوم الجيد كل ليلة».

5- ممارسة الرياضة. أحد السلوكيات الحياتية ذات التأثيرات الصحية المباشرة على كفاءة عمل جهاز مناعة الجسم، هو ممارسة الرياضة اليومية. وفي توضيح لهذا الجانب، يفيد أطباء كليفلاند كلينك بأن التمارين الرياضية المعتدلة الشدة وسيلة مهمة للحفاظ على صحة الجهاز المناعي مع صحة باقي أعضاء الجسم. ويضيفون أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تحمي من الإصابة بمجموعة متنوعة من الأمراض، كما تسهم بشكل مباشر في تعزيز نشاط الدورة الدموية والأوعية اللمفاوية، وهو الأمر المهم في تمكين خلايا جهاز المناعة من الانتقال عبر الجسم بسرعة، والقيام بعملها بكفاءة. وفي الوقت الحالي، من المعقول اعتبار ذلك.
وتذكر المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة عدداً من الجوانب المتعلقة بممارسة الرياضة وعمل جهاز مناعة الجسم بقولها ما ملخصه في النقاط التالية:
- التمارين الرياضية تسبب تغيراً في الأجسام المضادة وخلايا الدم البيضاء التي تكافح المرض. وهذه الأجسام المضادة أو كريات الدم البيضاء تدور بسرعة أكبر في الجسم، بحيث يمكنها اكتشاف الأمراض في وقت أبكر مما كانت عليه من قبل.
- قد يمنع الارتفاع القصير في درجة حرارة الجسم أثناء التمرين وبعده مباشرة من نمو البكتيريا، وهذا الارتفاع في درجة الحرارة قد يساعد الجسم على مكافحة العدوى بشكل أفضل.
- ممارسة التمارين الرياضية قد تبطئ إفراز هرمونات التوتر التي ارتفاعها يزيد من فرصة الإصابة بالأمراض وانخفاضها يحمي من الإصابة بها.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أفريقيا المرض الغامض أودى بحياة أكثر من 67 شخصاً (رويترز)

مرض غامض يحصد الأرواح في الكونغو

أعلن وزير الصحة في إقليم كوانغو بجنوب غربي الكونغو، أبولينير يومبا، اليوم (الأربعاء)، وفاة 67 شخصاً على الأقل في الأسبوعين الماضيين نتيجة مرض غامض.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا )
صحتك القلب لديه نظامه العصبي المعقد الذي يُعد أمراً بالغ الأهمية للتحكم في إيقاعه (معهد كارولينسكا)

القلب له دماغه الخاص

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من معهد كارولينسكا في السويد بالتعاون مع باحثين من جامعة كولومبيا الأميركية، أن القلب لديه دماغ صغير عبارة عن نظام عصبي خاص.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

دراسة: التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر العقم

أظهرت دراسة أميركية حديثة أن تعرض الأم والأب لملوثات الهواء الشائعة قد يزيد من خطر العقم لأنه قد يكون ضاراً بتطور البويضات والحيوانات المنوية والأجنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الأنشطة الروتينية عالية الكثافة مثل صعود السلالم تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية إلى النصف (رويترز)

4 دقائق من المجهود اليومي تقلل من خطر إصابة النساء بالنوبات القلبية

أكدت دراسة جديدة أن النساء اللاتي يقمن يوميّاً بـ4 دقائق من المجهود اليومي والأنشطة الروتينية عالية الكثافة يقللن من خطر إصابتهن بالنوبات القلبية إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل
TT

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

النظام الغذائي الصحي في الحمل يعزز ذكاء الطفل

كشفت أحدث دراسة هولندية تناولت التغذية الصحية للحوامل عن الآثار الإيجابية الكبيرة لنوعية الغذاء أثناء الحمل على صحة الأم والأطفال، ليس فقط على المدى القصير (أي فترة الحمل) لضمان ولادة رضيع سليم مكتمل النمو من دون مشاكل طبية، ولكن لدورها المهم لاحقاً في نمو المخ وزيادة معدلات ذكاء الأطفال، حينما تتراوح سنهم بين 10 و14 عاماً.

ونُشرت هذه الدراسة في «المجلة الأميركية للتغذية السريرية» (The American Journal of Clinical Nutrition) في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.

التغذية في أول 1000 يوم

من المعروف أن مخ الجنين ينمو بسرعة كبيرة أثناء شهور الحمل والمراحل المبكرة من الطفولة، ما يتطلب ضرورة التغذية الصحية الكافية لإمداده بالطاقة الكبيرة التي يحتاجها. ولذلك تُعد التغذية السليمة خلال أول 1000 يوم من حياة الطفل أمراً بالغ الأهمية للتطور الإدراكي، وفي المقابل يمكن أن يؤدي سوء التغذية أثناء الحمل إلى الإضرار بالنمو العصبي والتطور المعرفي وحدوث تغييرات دائمة في خلايا المخ.

بيانات غذائية للحوامل والأمهات

أجرى الباحثون الهولنديون دراسة كبيرة على مجموعة من النساء الحوامل اللاتي ولدن في الفترة بين أبريل (نيسان) 2002 ويناير (كانون الثاني) 2006، وشملت الدراسة البيانات الغذائية الكاملة لما يزيد على 6 آلاف سيدة. وأيضاً وزَّعوا استبياناً على الأمهات يتعلق بنوعية النظام الغذائي لكل منهن خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، لمعرفة القيمة الغذائية لجميع الأطعمة التي يتناولنها.

وقام العلماء بتثبيت كل العوامل التي يمكن أن تؤثر في النتيجة، مثل: سن الأم، وعرقها، ودخلها المادي، ومستوى التعليم، وحالتها النفسية، وأيضاً مدة الرضاعة الطبيعية.

وشمل الاستبيان جميع العناصر الغذائية تقريباً، وقام العلماء بإعطاء درجات لتقييم جودة النظام الغذائي، بداية من الصفر وحتى 15 درجة، تبعاً للمقاييس الغذائية في هولندا؛ حيث تشير الدرجات الأعلى إلى أنظمة غذائية تحتوي على طعام صحي، بينما تشير الدرجات الأقل إلى تدني القيمة الغذائية للطعام.

عناصر مفيدة لمخ الأطفال

ولاحظ الباحثون أن الدرجات الأعلى ارتبطت بتناول العناصر المفيدة، مثل الألياف والخضراوات والفاكهة، وفي المقابل ارتبطت الدرجات الأقل بالمكونات الضارة، مثل الدهون المشبعة والسكريات المخلقة.

كذلك قام العلماء بعمل أشعات رنين مغناطيسي على المخ (MRI) للمواليد؛ حيث تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات: الأولى أُجري الرنين لهم حينما كانوا في سن العاشرة، وعددهم 2223، والمجموعة الثانية كانوا في سن الرابعة عشرة وعددهم 1582، والمجموعة الأخيرة تم عمل أشعة الرنين لهم في سن 10 و14 عاماً معاً، وبلغ عددهم 872 طفلاً. وتضمنت الأشعة قياس حجم المخ لكل طفل، ومقارنته بالنسب العالمية، بما في ذلك المادة البيضاء والمادة الرمادية white matter and gray matter (الأنسجة المكونة لخلايا المخ). كما خضع الأطفال لأربعة اختبارات لقياس معدل الذكاء بناءً على سرعة التفكير والذاكرة والمنطق والفهم.

جودة غذاء الأم ومعدل الذكاء

وجد الباحثون أن جودة النظام الغذائي للأم أثناء الحمل انعكست بالإيجاب على مخ الأطفال، بداية من المراحل الأولى للحمل؛ حيث كان حجم مخ الجنين أكبر وأكثر تعقيداً. وبعد الولادة في سن الثامنة كان معدل الذكاء نحو 102 (أعلى من المتوسط) وذلك في وجود نظام غذائي متوسط. وكان حجم المخ أكبر من المقاييس العالمية، ونفس الأمر تكرر في سن العاشرة والرابعة عشرة، وتطورت القدرات الإدراكية والمعرفية.

وتُعد هذه الدراسة هي الأولى التي تظهر ارتباطاً طويل الأمد بين نوعية النظام الغذائي قبل الولادة، وشكل morphology المخ حتى بداية مرحلة المراهقة، وتوضح الأهمية الكبيرة للغذاء الصحي للأم أثناء فترة الحمل على المخ والجهاز العصبي من الناحية العضوية والوظيفية.