هل الجرعة المعززة من لقاح «كوفيد ـ 19» ضرورية؟

مناقشات حول دورها في زيادة المناعة

هل الجرعة المعززة من لقاح «كوفيد ـ 19» ضرورية؟
TT

هل الجرعة المعززة من لقاح «كوفيد ـ 19» ضرورية؟

هل الجرعة المعززة من لقاح «كوفيد ـ 19» ضرورية؟

مع استمرار انتشار متغير «دلتا» لفيروس «سارس كوف 2» المعدي بشكل غير عادي في جميع أنحاء العالم بدأت تظهر محدودية فعالية اللقاحات رغم فاعليتها المعروفة ضد المتغيرات الأخرى.
وبهذا يتبخر الأمل في أن اللقاحات يمكن أن تمنع جميع أنواع العدوى تقريباً وتوقف انتقالها، مما يؤدي إلى احتمال قلب خطة العودة إلى المدارس ومكاتب العمل ويهدد الانتعاش الاقتصادي ويثير خلافات حول دور الأقنعة والتطعيم.

جرعة معززة
بدأت بالظهور تلميحات بأن المناعة التي يسببها اللقاح آخذة في التضاؤل، مما دعا صانعي السياسات والعلماء إلى مناقشة ما إذا كانت الجرعات المعززة على نطاق واسع يمكن أن تساعد، أو ما إذا كانت الأولوية القصوى هي لتطعيم غير الملقحين.
ويتساءل الكثير من الناس عما إذا كانت جرعة معززة كافية أم أن التطعيم الدوري لفيروس «كوفيد - 19» سيصبح الوضع الطبيعي الجديد كما هو الحال بالنسبة للإنفلونزا. وهنا يقول بعض العلماء إن الخبرة المتوفرة مع لقاحات أخرى تشير إلى أن معززاً واحداً جيد التوقيت قد يوفر مناعة طويلة الأمد، لكن آخرين يؤكدون أن الاندفاع المعزز سابق لأوانه نظراً لندرة البيانات حول فعالية اللقاحات والتوقيت المفضل لإعطائها. ويضيف الطبيب المتخصص في علم الأوبئة بروس أيلوارد كبير المستشارين في منظمة الصحة العالمية إلى أنه من غير الواضح تماماً من الذي سيحتاج إلى جرعة لقاح معززة (أي جرعة ثالثة) أو متى تؤخذ الجرعة المعززة أو أي من اللقاحات تعمل بشكل أفضل. لذلك نحتاج إلى فهم كل ذلك قبل أن نقرر كيفية استخدام المعززات.
وقد بدأت إسرائيل، التي تلقى أكثر من 60 في المائة من سكانها جرعتين من لقاح فايزر في 30 يوليو (تموز) الماضي، بإعطاء جرعة ثالثة من اللقاح لأي شخص يبلغ من العمر 60 عاماً أو أكبر وهي أول دولة تفعل ذلك. وفي 20 أغسطس (آب) عادت وأكدت على أن كل شخص يبلغ من العمر 40 عاماً أو أكبر يجب أن يحصل على جرعه ثالثه. أما الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى فقد بدأت في إعطاء الجرعات المعززة للأشخاص الذين يعانون من ضعف الاستجابات المناعية أو المعرضين لخطر الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» الخطير. وتوصي بعض المناطق أيضاً باستخدام معززات للعاملين في مجال الرعاية الصحية وقالت الإدارة الأميركية إنها ستوفر التعزيزات على نطاق أوسع في سبتمبر (أيلول) الحالي، رغم أن ذلك سيتطلب أولاً موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية ولجنة أميركية متخصصة.
من ناحية أخرى، يجادل العديد من خبراء اللقاحات بأنه لا يوجد دليل كافً على الحاجة إلى الجرعات المعززة، أو على أنها ستساعد حقاً في السيطرة على الوباء، خاصة أن الدراسات المتعددة تظهر أن أنظمة اللقاحات الحالية تثبت قوتها ضد الأمراض الشديدة. وتقول توليو دي أوليفيرا عالمة الأحياء الحسابية في جامعة كوازولو ناتال ديربان في جنوب أفريقيا إن إعطاء المعززات الآن «أمر غير عادل على أقل تقدير وربما... حتى إجرامي». حيث تخزن البلدان جرعات إضافية، فمثلاً يوجد في المملكة المتحدة 66 مليون نسمة، وقد اشترت مؤخراً 110 ملايين جرعة أخرى وقد تم تطعيم نحو 80 بالمائة من السكان، بينما في الوقت الحالي لا تزال نسبة الذين تم تطعيمهم في أفريقيا أقل من 3 في المائة.
ولا ينكر آخرون مثل ليف إريك ساندر خبير الأمراض المعدية في مستشفى جامعة شاريتيه في برلين في ألمانيا في بحثه المنشور في 14 يونيو (حزيران) 2021 في مجلة Science أن الجرعات المعززة في البلدان الغنية قد يضر ببقية العالم لكنهم يقولون إنه من الناحية العلمية من المحتمل أن تساعد جرعة ثالثة في تقوية جهاز المناعة، حيث تنخفض فعالية اللقاح مع متحور دلتا وإن التعزيز بعد أشهر قد يكون مثالياً، لكن لا يعني بالضرورة أنه ستكون هناك حاجة إلى تحديثات سنوية، رغم أن «سارس كوف 2» يتطور بطرق خطيرة فإنه لا يبدو أنه يخضع لنفس النوع من فيروسات الإنفلونزا المتغيرة الجينية التي تحدث في الحيوانات الأخرى.

دور المناعة
توفر المناعة الطبيعية التي تتطور بعد الإصابة بفيروس «سارس كوف 2» درعاً أكبر بكثير ضد متغير دلتا من فيروس كورونا، حتى أنها أفضل من جرعتين من لقاح فايزر، إذ توضح الدراسات قوة الجهاز المناعي للإنسان. لكن خبراء الأمراض المعدية أكدوا أن هذا اللقاح وغيره من لقاحات «كوفيد - 19» يظل مع ذلك وقائياً للغاية ضد الأمراض الشديدة والوفاة وحذروا من أن العدوى المتعمدة بين الأشخاص غير المطعمين ستكون محفوفة بالمخاطر للغاية.
كما وجد الباحثون أيضاً أن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس «سارس كوف 2» سابقاً وتلقوا جرعة واحدة من لقاح الحمض النووي الريبوزي - المرسال كانوا يتمتعون بحماية أكثر من خطر الإصابة مرة أخرى من أولئك الذين أصيبوا بالفيروس ولم يتم تلقيحهم بعد. ومع ذلك فإن جرعة واحدة من اللقاح قد تكون كافية كما يقول بعض العلماء ودول أخرى بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسرائيل، حيث تقدم جرعة لقاح واحدة فقط للأشخاص المصابين سابقاً.
وتقول شارلوت ثالين الطبيبة والباحثة في علم المناعة في مستشفى دانديريد ومعهد كارولينسكا في شمال ستوكهولم في السويد وغيرها من الباحثين في دراسة ما قبل النشر على موقع medRvix في 25 أغسطس 2021. أن العدوى المتعمدة بين الأشخاص غير المطعمين من شأنها أن تعرضهم لخطر كبير للإصابة بمرض شديد والوفاة أو الأعراض الكبيرة المزمنة لما أطلق عليه اسم «كوفيد طويل الأمد». كما تظهر الدراسة فوائد المناعة الطبيعية، لكنها لا تأخذ بنظر الاعتبار ما يفعله هذا الفيروس بالجسم للوصول إلى هذه النقطة.
وفي وقت سابق نشر مايكل نوسينزويج الباحث في جامعة روكفلر في نيويورك وفريقه في 14 يونيو (حزيران) 2021 في مجلة «نتشر» بيانات تظهر أن الأشخاص الذين يتعافون من عدوى «سارس كوف 2» يواصلون توليد أعداد وأنواع متزايدة من الأجسام المضادة التي تستهدف فيروس كورونا لمدة تصل إلى عام واحد في حين. وعلى النقيض من ذلك فإن الأشخاص الذين تم تطعيمهم مرتين توقفوا عن توليد أي زيادة في فاعلية أو اتساع حيز الجسم المضاد للذاكرة بعد بضعة أشهر من تناول جرعتهم الثانية.
وبالنسبة للعديد من الأمراض المعدية من المعروف أن المناعة المكتسبة بشكل طبيعي أقوى من المناعة التي يسببها اللقاح، وغالباً ما تستمر مدى الحياة حيث تؤدي فيروسات كورونا الأخرى التي تسبب الأمراض البشرية الخطيرة مثل «المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة» و«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» إلى استجابات مناعية قوية ومستمرة في الوقت نفسه. ومن المعروف أن العديد من فيروسات «كورونا» البشرية الأخرى التي تسبب نزلات البرد تعيد إصابة الناس بانتظام.

القضاء على الفيروس
قد لا تقضي اللقاحات على «كوفيد - 19». يبدو أنه غير مرجح للغاية، بل وقد يكون من المستحيل القضاء على «كوفيد - 19» من المجتمع. هذا ما قاله جوتام مينون الأستاذ في أقسام الفيزياء والبيولوجيا جامعة أشوكا في الهند على موقع Quarts.India في الأول من سبتمبر (أيلول) 2021 وذلك لأن اللقاحات لا تمنع من الإصابة مرة أخرى، حتى وإن كانت تساعد في الوقاية من الأمراض المصحوبة بأعراض، وخاصة الأمراض الشديدة التي تتطلب العلاج. وقال: «لا يبدو أن اللقاحات تمنعك من إصابة الآخرين»، وهذا مصدر قلق، نظراً للمخاوف حول موجة ثالثة محتملة من «كوفيد - 19» في الهند وفقاً للمجلس الهندي للأبحاث الطبية، إذ تشير النماذج الرياضية الأخرى إلى أن هذه الموجة الثالثة قد تبلغ ذروتها في أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) وأضاف أشوكا: «بالنسبة للمستقبل بمجرد أن يتم تطعيمنا جميعاً قد نتوقع الاضطرار إلى أخذ جرعات معززة من اللقاح مرة كل عام أو عامين».
مناعة القطيع واهية
لم يكن العلماء يتوقعون بشكل قاطع من أن «كوفيد - 19» سيصبح مستوطناً لفترة من الوقت فقط، حيث كان الأمل في أن اللقاحات قد تسمح للسكان بالوصول إلى مستوى مناعة القطيع الذي من شأنه القضاء على الفيروس بالكامل تقريباً. لكن نظراً لانتشار متغير دلتا بسرعة كبيرة فإن معظم الخبراء يعتقدون أن مناعة القطيع لم تعد واقعية، حتى لو ارتفعت معدلات التطعيم إلى المستويات التي كان يعتقد أنها ضرورية في السابق. وتقول مراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها الأميركية (CDC) إن 90 في المائة من الأميركيين سيحتاجون إلى التطعيم للوصول إلى مناعة القطيع مع متغير دلتا في النهاية، وإن مناعة القطيع مستحيلة رياضياً مع اللقاحات المتوفرة لدينا الآن.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
TT

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

وحسب الدراسة، التي نقلتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات في أثناء الإقلاع أو الهبوط، قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية، والاضطرابات في ضربات القلب المهدِّدة للحياة، والسكتات الدماغية.

وقد بحثت الدراسة في بيانات تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية لـ3635 شخصاً يعيشون بالقرب من مطارات هيثرو أو غاتويك أو برمنغهام أو مانشستر. وقارن الباحثون هذه البيانات بتلك الخاصة بأشخاص يعيشون في مناطق ذات ضوضاء طائرات أقل.

وحسب النتائج، كان لدى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات ضوضاء أعلى عضلات قلب أكثر تصلباً وسماكة، تتقلص وتتمدد بصعوبة، وكانت أقل كفاءة في ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم.

كان هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة إلى أولئك المعرَّضين لضوضاء الطائرات العالية في الليل، وهو الأمر الذي يعتقد الباحثون أنه قد يكون بسبب تأثير الضوضاء سلباً على نومهم.

وقال كبير المؤلفين الدكتور غابي كابتور، من معهد علوم القلب والأوعية الدموية في جامعة لندن واستشاري أمراض القلب في مستشفى «رويال فري» في لندن: «نتائجنا تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن ضوضاء الطائرات يمكن أن تؤثر سلباً على صحتنا بشكل عام، وعلى صحة القلب بشكل خاص».

وقد ربطت دراسات سابقة التعرض لمستويات عالية من ضوضاء الطائرات بارتفاع ضغط الدم والسمنة.

وأكد فريق الدراسة الجديدة الحاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الآثار الأطول أمداً لضوضاء الطائرات على صحة أولئك الذين يتعرضون لأعلى قدر من التعرض.