المشاهدة السلبية تتسبب بأمراض نفسية

آثار سيئة لشاشات الأجهزة الإلكترونية على الأطفال

المشاهدة السلبية تتسبب بأمراض نفسية
TT

المشاهدة السلبية تتسبب بأمراض نفسية

المشاهدة السلبية تتسبب بأمراض نفسية

الشاشات المختلفة أصبحت سمة العصر؛ إذ إنها تجتذب الأطفال مثل البالغين، وربما على نطاق أوسع، حتى إن الأمر يكاد يصل إلى الإدمان الفعلي لدى الأطفال الأكبر عمراً والمراهقين. ويمثل الوقت الذي يقضيه الطفل أمام الأجهزة الإلكترونية عائقاً حقيقياً يمنعه من ممارسة الرياضة، والمذاكرة، والتفاعل مع أفراد أسرته.

- حالات عصبية
هناك مئات الدراسات التي تناولت الآثار الإيجابية والسلبية لهذه الظاهرة. وأشارت أحدث هذه الدراسات إلى احتمال أن يتسبب الوقت الطويل الذي يُقضى أمام الشاشات المختلفة (Screen Time) لمختلف الأجهزة اللوحية والكومبيوتر والتلفاز وأجهزة الهاتف الجوال، في إصابة الأطفال بحالة عصبية تؤدي إلى أعراض عضوية.
الدراسة التي نشرت في منتصف شهر مارس (آذار) من العام الحالي في «مجلة الجمعية الطبية البريطانية (The Journal BMJ Open)» وقام بها باحثون من «المستشفى المركزي التابع لجامعة هلسنكي بفنلندا (Helsinki University Central Hospital)»، أشارت إلى أن هذه التأثيرات العصبية التي تحدث لدى الأطفال في مرحلة ما قبل الدراسة (من العام الأول وحتى العام الخامس) تؤدي إلى تأخر النمو، وحدوث خلل عاطفي ووجداني لديهم، وبعض الأمراض المرتبطة بالسلوك، مثل فرط النشاط ونقص الانتباه. وتظهر هذه التأثيرات في الخامسة من العمر. وذكرت الدراسة أيضاً أن ألعاب الفيديو لا تؤثر بالسلب على عاطفة الأطفال وذلك رغم سمعتها في التسبب بأضرار صحية.
أكدت الدراسة أن هذه النتائج تعدّ مشكلة صحية في فنلندا، خصوصاً أن الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات قد تضاعف 3 مرات في فترة زمنية بسيطة (من 2013 وحتى 2017)، وأصبح في مقدور الطفل البالغ 4 سنوات فقط لعب الألعاب الإلكترونية المختلفة واستخدام تطبيقات؛ سواء في الأجهزة اللوحية والهاتف الجوال، فضلاً عن مشاهدة الفيديوهات. وقام الباحثون بفحص 700 من الأطفال الفنلنديين، وأظهرت النتائج أن نحو 23 في المائة من الأطفال في عمر 18 شهراً، و95 في المائة بعمر الخامسة، يقضون أكثر من ساعة يومياً في مشاهدة الشاشات، خلافاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.
في عمر 18 شهراً كان متوسط المشاهدة نحو نصف ساعة يومياً (بينما تنصح التوصيات بعدم السماح لهذه الفئة العمرية بقضاء أي وقت أمام الشاشات). وهذا الوقت يزداد ليصل إلى 112 دقيقة يومياً على وجه التقريب في عمر الخامسة فقط؛ حيث وجدت الدراسة أن نحو ثلثي الأطفال في عمر الخامسة يشاهدون العروض المختلفة والأفلام لمدة ساعة يومياً. وهناك طفل من كل 10 أطفال يقضي ساعة يومياً في الألعاب الإلكترونية.

- أعراض نفسية
وبينت الدراسة أن الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول في المشاهدة لديهم أعراض نفسية، مثل القلق والاكتئاب واعتلال المزاج، فضلاً عن المخاوف المتعددة التي تنتابهم، كما عانوا من مشكلات سلوكية، مثل نوبات الغضب، والصراخ، والشجار، وعدم التوافق مع الأقران، وعدم الاستجابة للأوامر، بجانب صعوبة التركيز وفرط الحركة.
لاحظ الفريق البحثي أن ازدياد حدة كل هذه الأعراض كان مرتبطاً بالمشاهدة السلبية للعروض والأفلام والتطبيقات، بينما قلّت هذه الأعراض أو اختفت في حال المشاهدة الإيجابية أو التفاعلية للمباريات الإلكترونية، وذلك بعد تثبيت بقية العوامل الأخرى التي يمكن أن تكون مسؤولة عن هذه الأعراض.
وتبين من الإحصاءات لكل عرض على حدة أن المشاهدة السلبية تزيد من فرط الحركة بمقدار الضعف، كما أنها تزيد من نسبة حدوث صعوبات التركيز والانتباه بمقدار 91 في المائة، وتؤدي إلى زيادة نسبة الاضطرابات العاطفية بمقدار 71 في المائة.

- دور الآباء
أوضح الباحثون أن الوقت المقضي أمام الشاشات يمكن الاستفادة منه بشكل أفضل على كل المستويات؛ وأهمها تفاعل الطفل الاجتماعي مع أفراد عائلته والأقران من العمر نفسه، وهو ما يمثل غيابه مشكلة في النمو الوجداني للطفل؛ لأن الطفل يتعلم المهارات المختلفة من خلال مراقبة سلوك الآخرين ومشاركتهم. إن وقت الشاشة يؤدي إلى تأخير وقت الذهاب إلى الفراش وعدم الحصول على مقدار كافٍ من النوم، مما يتسبب في حدوث الأعراض العصبية المختلفة. نصحت الدراسة الآباء بضرورة ضرب مثل لأطفالهم للعزوف عن الجلوس لساعات طويلة أمام شاشات التلفاز، وخلق أوقات خالية من المشاهدة تماماً يتجاذب فيها أفراد الأسرة الحديث، خصوصاً وقت الطعام، ومراقبة الوقت الذي يقضيه أطفالهم أمام الشاشات، ويفضل قضاء الوقت في ممارسة ألعاب الفيديو بدلاً من الأفلام، خصوصاً أن هناك بعض الألعاب التي يكون فيها قدر بسيط من الحركة الفعلية بجانب إثارتها الخيال ومحاولة إيجاد حلول للمشكلات. في حال مشاهدة فيلم أو فيديو تكون الأم بجوار الطفل لخلق التفاعل الإيجابي اللازم مع الأحداث والتعليق عليها وطرح الأسئلة حول أحداث الفيلم، وبذلك تكون وسيلة لتعليم الطفل طريقة حل المشكلات المختلفة. أما في حال ملاحظة القلق والتوتر على الأطفال، فيفضل أن يقوم الآباء بتحديد وقت معين فقط للمشاهدة، مثل الصباح بعد تناول وجبة الإفطار، بحيث يكون باقي اليوم مخصصاً للأنشطة المختلفة، ويجب أن تحتوي على نشاط بدني تبعاً لعمر الطفل، والخروج إلى الهواء، بجانب تشجيع القراءة، ومشاهدة الكتب التي تحتوي على القصص الملونة. ويمكن أيضاً لعب الألعاب التقليدية التي تنمي قدرات الطفل، مثل ترتيب المكعبات المختلفة، واللعب بعرائس لتمثيل قصة معينة، ويفضل أن تكون هذه الألعاب بمشاركة آخرين.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
TT

العيش بالقرب من المطارات يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)
التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية (رويترز)

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المطارات قد يكونون أكثر عُرضة لخطر ضعف صحة القلب.

وحسب الدراسة، التي نقلتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن التعرض للضوضاء الصادرة عن الطائرات في أثناء الإقلاع أو الهبوط، قد يزيد احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية، والاضطرابات في ضربات القلب المهدِّدة للحياة، والسكتات الدماغية.

وقد بحثت الدراسة في بيانات تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية لـ3635 شخصاً يعيشون بالقرب من مطارات هيثرو أو غاتويك أو برمنغهام أو مانشستر. وقارن الباحثون هذه البيانات بتلك الخاصة بأشخاص يعيشون في مناطق ذات ضوضاء طائرات أقل.

وحسب النتائج، كان لدى الأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات ضوضاء أعلى عضلات قلب أكثر تصلباً وسماكة، تتقلص وتتمدد بصعوبة، وكانت أقل كفاءة في ضخ الدم في جميع أنحاء الجسم.

كان هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة إلى أولئك المعرَّضين لضوضاء الطائرات العالية في الليل، وهو الأمر الذي يعتقد الباحثون أنه قد يكون بسبب تأثير الضوضاء سلباً على نومهم.

وقال كبير المؤلفين الدكتور غابي كابتور، من معهد علوم القلب والأوعية الدموية في جامعة لندن واستشاري أمراض القلب في مستشفى «رويال فري» في لندن: «نتائجنا تضيف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة على أن ضوضاء الطائرات يمكن أن تؤثر سلباً على صحتنا بشكل عام، وعلى صحة القلب بشكل خاص».

وقد ربطت دراسات سابقة التعرض لمستويات عالية من ضوضاء الطائرات بارتفاع ضغط الدم والسمنة.

وأكد فريق الدراسة الجديدة الحاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في الآثار الأطول أمداً لضوضاء الطائرات على صحة أولئك الذين يتعرضون لأعلى قدر من التعرض.