رقاقات الثلج كما لم ترها من قبل

يؤدي شكل جزيئات الماء المتجمدة  إلى التحام بعضها ببعض في نمط سداسي الشكل  (نيويورك تايمز)
يؤدي شكل جزيئات الماء المتجمدة إلى التحام بعضها ببعض في نمط سداسي الشكل (نيويورك تايمز)
TT

رقاقات الثلج كما لم ترها من قبل

يؤدي شكل جزيئات الماء المتجمدة  إلى التحام بعضها ببعض في نمط سداسي الشكل  (نيويورك تايمز)
يؤدي شكل جزيئات الماء المتجمدة إلى التحام بعضها ببعض في نمط سداسي الشكل (نيويورك تايمز)

تسمح أساليب التصوير الفوتوغرافي، سواء كانت باستخدام الياقوت الأزرق وألياف الكربون أو بقفاز قديم وكاميرا تقليدية، بالتقاط صور مقربة للغاية لتلك التكوينات الرائعة التي تتشكل أثناء تساقط الثلوج.
تساقطت أكثر من سكستليون (عدد ضخم جدا، الواحد أمامه 21 صفرا) رقاقة من رقاقات الثلج من السماء خلال فصل الشتاء الحالي. مما يعني تساقط مليارات التريليونات من هذه الرقاقات التي تبدأ في الذوبان حالياً، سيما مع اقتراب الربيع.
بيد أن القليل من الناس هم الذين ينظرون إلى الرقاقات عن قرب، الواحدة تلو الأخرى.
أمضى البروفسور كينيث ليبرخت، وهو أستاذ الفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أكثر من ربع قرن من الزمان محاولاً فهم كيف يمكن لمثل هذه المادة الطبيعية البسيطة - الماء - أن تتجمد وتتحول إلى العديد من الصور والأشكال.
وقال البروفسور ليبرخت متسائلا، في محادثة عبر الإنترنت بتاريخ 23 فبراير (شباط) من استضافة متحف بروس في غرينتش بولاية كونيتيكت: «كيف تتكون رقاقات الثلج؟ وكيف تتبدى هذه التكوينات في الطبيعة (حرفياً) من الفراغ كما أحب أن أصفها؟»
أثارت أبحاث البروفسور ليبرخت حول رقاقات الثلج والتصوير الفوتوغرافي اهتمام الدكتور ناثان ميرفولد، كبير مسؤولي التكنولوجيا الأسبق لدى مايكروسوفت، وهو الذي عمل على عدد كبير من المشاريع ذات التخصصات العلمية المتعددة، من بينها علم الحفريات، والطهي، وعلم الفلك.
وكان الدكتور ميرفولد، الشغوف للغاية بالتصوير، قد التقى مع البروفسور ليبرخت للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، ثم قرر في ربيع عام 2018 أنه يريد بنفسه التقاط صور مقربة للبلورات المجمدة معقدة التكوين. وهو يتذكر قوله: «حسنا، سوف نرتب الأمر سويا ونكون مستعدين لفصل الشتاء القادم».
غير أن الأمور لم تكن بمثل هذه البساطة المتوقعة على النحو الذي خطط له الدكتور ميرفولد تماما كما كان الحال مع العديد من المشاريع السابقة التي عمل عليها، ولقد قال عن ذلك: «اتضح أن الأمر أكثر تعقيداً مما كنت أظن. ولذلك، استغرقت الترتيبات عاماً ونصف العام من أجل بناء نظام التصوير الفوتوغرافي».
وكان نظام الكاميرات مخصصاً لتصوير رقاقات الثلج المجمدة. وكان يريد استخدام أفضل المستشعرات الرقمية المتاحة لديه، أي القادرة على التقاط صورة بدقة مليون بكسل، ولقد قال إن «رقاقة الثلج الحقيقية هشة للغاية، ومعقدة التكوين للغاية، ومن ثم كنا في حاجة إلى التصوير فائق الدقة».
غير أن هذا النوع من المستشعرات هو أكبر بكثير من حيث المساحة عن الصور التي تنتجها عدسات المجاهر في غالب الأمر، وذلك ناتج عن القرارات التي اتخذت منذ ما يقرب من قرن كامل على أيدي مصنعي المجاهر قديماً، مما يعني أنه في حاجة إلى العثور على طريقة لتمديد صورة المجهر كي تتفق مع المستشعر. وقال، بعد مواصلة البحث: «لقد توصلت إلى مسار بصري مخصص سوف يسمح للأمر بالعمل فعليا».
ثم ظهرت مشكلة الغلاف المعدني للجهاز البصري، ذلك الذي يتمدد في الطقس الدافئ وينكمش في الطقس البارد. يقول الدكتور ميرفولد إن نقل الجهاز البصري من الوسط الدافئ في الداخل إلى الوسط البارد المتجمد في الشرفة، حيث يحاول جمع رقاقات الثلج، سوف يؤدي إلى إتلاف المجهر بالكامل، وبالتالي يكون من المحال وضع كل شيء في بؤرة التركيز.
ولقد استعان، عوضاً عن المعدن، بألياف الكربون التي لا تتمدد أو تنكمش بصورة ملحوظة بفعل الأجواء المحيطة.
كما عثر الدكتور ميرفولد كذلك على مصباح (LED – الصمام الباعث للضوء) المصنع خصيصاً في اليابان للاستخدامات الصناعية، والذي يتمكن من إرسال دفقات من الضوء بسرعة (1000-1) بنفس سرعة فلاش الكاميرا النموذجية. الأمر الذي يقلل من الحرارة المنبعثة من فلاش الكاميرا والتي قد تذيب رقاقات الثلج قليلاً.
لفحص شيء ما تحت المجهر لا بد من وضع العينة على شريحة زجاجية أسفل عدسة المجهر. وهذا يؤدي أيضاً إلى إذابة رقاقات الثلج لاحتفاظ الشريحة الزجاجية بقدر من الحرارة. ومن ثم قام الدكتور ميرفولد باستبدال الشريحة الزجاجية بواسطة أخرى من الياقوت الأزرق، تلك المادة التي تبرد بسرعة وسهولة.
كان الدكتور ميرفولد جاهزا للعمل بحلول فبراير من العام الماضي. وبقي عليه أن يعثر على مكان وجود رقاقات الثلج حتى يصورها. في بادئ الأمر، ظن أنه يمكنه الذهاب إلى منتج التزلج، ربما منتجع «أسبن» أو «فيل» في ولاية كولورادو، أو منتجع «ويستلر» في بريتيش كولومبيا الكندية، غير أن هذه الأماكن لم تكن بالبرودة المطلوبة لمواصلة العمل.
وقال الدكتور ميرفولد إن «نوع الجليد الذي يفضله عشاق التزلج ليس سوى مسحوق من الثلوج في حقيقة الأمر. وليست هناك جماليات في هذه الأشياء الجامدة».
وفي واقع الأمر، فإن ندفات الثلوج التي تتساقط على رؤوس معظم الناس في أغلب الأوقات من النادر ما يظن الناس أنها رقاقات الثلج طبيعية التكوين. والماء عبارة عن جزئ بسيط يتألف من ذرة للهيدروجين وأخرى للأكسجين. ومع انخفاض درجات الحرارة إلى أدنى من 32 درجة فهرنهايت (أي بمقدار صفر مئوي)، تبدأ جزيئات الماء في الالتصاق ببعضها البعض، مما يعني تحولها إلى حالة التجمد.
وتتشكل رقاقة الثلج في السحاب عندما تتجمد قطيرة الماء وتتحول إلى بلورة ثلجية متناهية الصغر. ويؤدي شكل جزيئات الماء المتجمدة إلى التحامها ببعضها البعض في نمط سداسي الشكل. وذلك هو السبب في اتخاذ رقاقة الثلج مثالية التكوين شكلها سداسي الأذرع.
ثم تواصل تلك البلورة المتجمدة النمو مع امتصاصها للمزيد من بخار الماء في الهواء ثم تبخر القطيرات المجاورة لها لتجديد محتوى البخار. يقول البروفسور ليبرخت عن ذلك: «يستلزم الأمر ما يقرب من 100 ألف قطيرة ماء متبخرة من أجل إيجاد بلورة ثلجية واحدة مكتملة التكوين». يتوقف نمو البلورة الثلجية على درجة الحرارة والرطوبة المحيطة. وفي ثلاثينات القرن الماضي، كان عالم الفيزياء الياباني «أوكيشيرو ناكايا» هو أول من نجح في تكوين رقاقات الثلج داخل مختبره، ومع اختلاف الظروف وتنوعها، تمكن أيضا من تصنيف أي أنواع الرقاقات التي تتكون وفق أغلب الظروف المحيطة.
تتشكل رقاقات الثلج في صورة صفائح سداسية الأذرع بسيطة التكوين عندما تكون درجات الحرارة أدنى بقليل من درجة التجمد. ومع الوصول إلى درجة 20 فهرنهايت تقريبا (أي 6 درجات مئوية تحت الصفر) يتحول الشكل السائد للرقاقات الثلجية إلى الأعمدة السداسية. وتأخذ الرقاقات شكلها النموذجي الجميل للغاية مع وصول درجة الحرارة إلى ما بين (15 وسالب 5) درجات فهرنهايت انخفاضا.
وعند درجات الحرارة المذكورة، تنمو نقاط الشكل السداسي إلى فروع، ثم تتمدد تلك الفروع إلى فروع جديدة وصفائح سداسية صغيرة الحجم. كما يتأثر نمط النمو بالاختلافات الطفيفة في درجة الحرارة ومستوى الرطوبة، سيما مع استمرار تغير الظروف المحيطة حال تساقط رقاقات الثلج إلى سطح الأرض.
يقول البروفسور ليبرخت: «تأخذ الرقاقات شكلها المعقد المعروف نظرا لوجود هذا المسار المعقد عبر السحب والغيوم، إذ إنها تتبع مسارات مختلفة تماماً أثناء التساقط، ومن ثم فإن كل رقاقة منها مختلفة عن الأخرى وفقاً للمسار المتخذ صوب الأرض».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.