يأمل كثيرون من الليبيين في إنجاح المسار السياسي وما يسفر عنه من سلطة تنفيذية جديدة تكون قادرة على إدارة شؤون البلاد وطي صفحة الحرب والقتل والتشريد، إلا أنهم يتخوفون من حسابات (قوى داخلية وخارجية)، يرونها «تسببت في إشعال جبهات الاقتتال»، واستغلت عملية «خرق حظر السلاح» الذي تفرضه الأمم المتحدة على بلادهم. فعلى مدار خمسة أيام متوالية اتجهت أنظار الليبيين إلى مدينة جنيف السويسرية؛ لمتابعة ما جرى هناك من عملية اقتراع لاختيار أعضاء مجلس رئاسي ثلاثي جديد، ورئيس للحكومة، يناط بهم تجهيز البلاد خلال الأشهر العشرة المقبلة لإجراء الانتخابات العامة، والعمل على المصالحة الوطنية، وتوحيد المؤسسات المنقسمة.
جانب من هذه المخاوف، بحسب سياسيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، يتمثل في تكرار سيناريوهات الماضي، «إذا ما رفض الفريق الخاسر النتائج، وانقلب على عملية الانتقال السلمي للسلطة وارتكب أعمال عنف، أو أن يأبى (القادة الانتقاليون) التخلي عن مناصبهم عند حلول موعد الانتخابات، أو قد تعمد قوى أجنبية إلى تخريب العملية السياسية للدفاع عن مصالحها الشخصية»، وبالتالي تعود العجلة إلى تعقيدات وأحداث عام 2014 التي شهدت وقائع مريرة، ومن ثم تمتد المرحلة الانتقالية سنوات إضافية لا تخلو من حروب ودماء.
عكست مشاهد مباشرة بثتها الأمم المتحدة للمجتمعين الليبيين في جنيف، خلال الأسبوع الماضي، ممارسات واختباراً ديمقراطياً لم يعتده الشعب الليبي، الذي يعاني الفوضى منذ عشر سنوات. إذ بدت الصورة أكثر تفاؤلاً لهم بوضع 75 مشاركاً في «منتدى الحوار السياسي»، اختارتهم الأمم المتحدة ليمثلوا شرائح واسعة من المجتمع، بطاقات الاقتراع في ثلاثة صناديق، تمثل الأقاليم الثلاثة. وهو ما اعتبرته الزهراء لنقي، رئيسة منبر المرأة الليبية من أجل السلام، «نجاحاً في تحقيق قدر من الشفافية، بعد نقل وقائع الجلسات وعروض المرشحين لبرامجهم ومساءلتهم مباشرة أمام الجميع». وكان قد أُطلق الحوار السياسي الليبي بتونس في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأوكلت البعثة الأممية إلى المشاركين الـ75 مهمة وضع خريطة طريق لتنظيم انتخابات. وفي منتصف الشهر ذاته، وافقوا على تنظيم (انتخابات وطنية) في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل؛ تزامناً مع الذكرى السبعين ليوم «الاستقلال الوطني».
«حكام ليبيا المؤقتون»
وبجانب الأجواء التي سادها الارتياح في طريقة اختيار الفائزين، من بين قائمة ضمت 45 مرشحاً للسلطة الانتقالية الجديدة، وإخضاعهم لأسئلة مفاجئة، أظهرت برامج بعض المتنافسين لحكم بلدهم «قدراً من السطحية والعمومية»، في مواجهة برامج بدت «متماسكة وقابلة للتنفيذ» في المدة المقررة بعشرة أشهر. لكن إجابات البعض الآخر كشفت عن وجهات نظر مغايرة لمواقفهم السابقة؛ إذ اعتبر عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، خلال شرح وجهة نظره للترشح على منصب رئيس المجلس الرئاسي، أن «الحرب التي خاضها (الجيش الوطني) على طرابلس كانت خطأ». وقبل تجديد تعهده بطي صفحة الماضي، قال «لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ». كذلك وصف اللواء أسامة جويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية لقوات «حكومة الوفاق» خلال تقديم رؤيته للترشح على منصب المجلس الرئاسي، أن «ما حدث في ليبيا عبارة عن إجراء توافقات بين فئات مختلفة، وقع بينهم نزاعات مسلحة كانت لها آثار وخيمة على البلد».
المرشحون لمجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء خضعوا لاستجواب مباشر عبر تقنية الفيديو قبل التصويت على اختيارهم، وتعهدوا بعدم الترشح في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) إذا تم اختيارهم، وقال الناشط السياسي أحمد التواتي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «اليوم نجحت البعثة الأممية، والشعب سينتظر اختيارات الـ75، ولن ينتصر إلا إذا نجح في منع الأطراف الخاسرة من إفساد الاستحقاق الانتخابي، ودافع عن حقه في اختيار من يمثله». وكان واضحاً بروز حظوظ أسماء مثل عقيلة صالح، وفتحي باشاغا، وزير داخلية «حكومة الوفاق» وخالد المشري، رئيس مجلس الدولة، وأحمد معيتيق، نائب السراج الطموح المتحدر من مصراتة بغرب البلاد، لكنهم خسروا جميعهم. والمناصب الثلاثة في المجلس الرئاسي، وهي الرئيس ونائبان له، ستمثل أقاليم طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزّان في الجنوب. وبنتيجة الانتخابات أمس، فاز محمد يونس المنفي من إقليم برقة برئاسة المجلس الرئاسي الجديد، وعضوية كل من عبدالله اللافي عن إقليم طرابلس، وموسى الكوني عن إقليم فزان، فيما أصبح عبد الحميد الدبيبة من إقليم طرابلس (من مصراتة) رئيساً لحكومة الوحدة الوطنية الليبية.
وكان جميع المرشحين ألقوا ببرامجهم الانتخابية عبر تقنية الفيديو، ودعا العديد منهم إلى المصالحة وسحب القوات الأجنبية و«المرتزقة» المقدر عددهم بنحو 20 ألفاً، والذين ما زالوا على الأراضي الليبية. وبحسب الأمم المتحدة ستوكل إلى «المجلس الانتقالي» المستقبلي مهمة «إعادة توحيد مؤسسات الدولة وضمان الأمن» حتى الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية العام.
سلاح خارج السلطة
طوال سنوات الحرب والدمار التي عاشتها ليبيا نشأ اعتقاد بأن من يملك «السلاح السائب» قادر على تدمير أي اتفاق سياسي، وهي الرؤية التي كان ينحاز إليه السياسي الليبي الراحل محمود جبريل، بقوله «طالما وجد السلاح على الأرض، وظلت التشكيلات المسلحة خارج الجيش والشرطة، فلن تقوم دولة ليبية على الإطلاق، ويبقى انتشار السلاح العائق الرئيسي أمام قيام الدولة، وما لم تحل هذه المعضلة فنحن نضيّع الوقت».
أما الآن، ومع اقتراب خروج بعض الساسة من المشهد راهناً، وما يتكتل خلفهم من ميليشيات مدججة بالسلاح بعضها مؤدلجة، فتتجدد المخاوف من ردود أفعال غاضبة حفاظاً على «مكتسباتهم» التي تراكمت طوال سنوات الفوضى. وذهب عبد العظيم البشتي، المحلل السياسي الليبي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه رغم أهمية الكثير من النقاط التي يحتاج الوضع الليبي راهناً إلى إنجازها، «لكن ما لم تكن الأولوية للحديث على تفكيك الميليشيات، وأن يكون السلاح في ليبيا حكراً على مؤسستي الجيش والشرطة، بالإضافة إلى محاربة الفساد، فإن كل وعود المرشحين لن يكون لها قيمة أو معنى».
لذا؛ يتوقع الراصدون لأوضاع المجموعات المسلحة بالعاصمة، أن تؤثر التجاذبات والتحرشات الدائمة بين الميليشيات هناك على نتيجة الاتفاق، خصوصاً التابعة منها للمجلس الرئاسي، والموالية لباشاغا رجل مصراتة القوي؛ إذ لكل منهما حسابات ومصالح شخصية تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه، إن لم تكن مجريات الأوضاع لصالحها! وسبق لفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، استحداث جهاز أمني جديد تحت اسم «جهاز دعم الاستقرار»؛ ودفع بالميليشياوي البارز عبد الغني الككلي الشهير بـ«غنيوة» لرئاسته، مع تعيين نواب له، أبرزهم أيوب أبوراس، وحسن محمد حسن أو زريبة، وموسى أبو القاسم موسى.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، عيّن السراج، آمر ميليشيا «الدعم المركزي» عماد الطرابلسي نائباً لرئيس جهاز الاستخبارات، والقيادي في ميليشيا «قوة الردع» لطفي الحراري نائباً لرئيس جهاز الأمن الداخلي، وهي من الخطوات التي يراها بعض المتابعين كفيلة بإعادة الاضطرابات في العاصمة، إن لم تحل هذه الأجهزة سريعاً.
وفي تقرير سابق، قدّرت الأمم المتحدة كمية السلاح في ليبيا بـ29 مليون قطعة سلاح غير خاضعة للرقابة، تمتلك الميليشيات المسلحة جزءاً منها، بينما الباقي يوجد في حوزة قبائل ومواطنين عاديين.
تعهدات علنية
ما يراه بعض الليبيين مطمئناً نسبياً في هذا التحول نحو «سلطة مؤقتة»، رغم تخوفات موازية، هو أن جميع المترشحين الـ45 قدموا تعهدات على الهواء أمام الشعب الليبي بأنهم سيعملون على توحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية، وإجراء الانتخابات في موعدها. ورأى عضو مجلس النواب عن مدينة مصراتة محمد الرعيض، أنه عندما يتعهد رئيسا مجلس الدولة و«النواب» المشري وصالح، والكثير من النخب «أنهم راضون بمخرجات هذا الحوار، سواء نجحوا أم لا، فإن ذلك يعتبر شيئاً إيجابياً».
ولإزالة هذه المخاوف؛ أعلنت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني وليامز، أن المترشحين «وقّعوا تعهداً بالالتزام بخريطة الطريق وموعد الانتخابات ونتائج التصويت». لكن يبدو أن تجربة النكوص التي مرت بالبلاد لا تزال تخيف البعض.
الدستور وتفكيك الميليشيات
المتابعون للشأن الليبي يرون أن «تركة ثقيلة»، أشبه بالقنابل الموقوتة، في انتظار السلطة التنفيذية الجديدة، من بينها إخراج «المرتزقة» من البلاد، وتفكيك الميليشيات، وجمع السلاح. لكن تبقى أزمة الاستفتاء على مسودة الدستور التي أقرت قبل أربعة أعوام، عقبة كؤوداً... فقد اعتاد الليبيون مع كثرة تداول أزمة بلادهم الرفض بحثاً عن الأفضل!
شيء من ذلك دفع مكوّنات التبو والطوارق والأمازيغ في ليبيا إلى إعلان رفضهم هذه المسوّدة. بل إن الأمازيغ توعدوا بإسقاطها في مناطقهم، ودعوا إلى ذلك في جميع الأنحاء. وذهبوا أبعد من ذلك عندما لوّحت قيادات محلية أمازيغية باللجوء إلى استحداث إقليم إداري رابع، وكتابة وثيقة دستورية خاصة بهم، رداً على ما سمّوها «حقوقهم الضائعة وتهميشهم سياسياً». وقال أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل «دستور الاستقلال والعودة للملكية الدستورية في ليبيا»، إن «العقبة التي واجهت الحكومات السابقة، وستواجه المقبلة، هي السلطات التشريعية والاستشارية الموجودة حالياً، في ظل غياب القاعدة الدستورية».
جملة من تعقيدات المشهد ستطفو على السطح السياسي في قادم الأيام عبر ملفات شائكة مثل «المصالحة الوطنية» بين القبائل، بما تشمله من جبر للضرر وعودة النازحين والمهجرين إلى منازلهم، بالإضافة إلى معاقبة المتورطين في جرائم القتل والاغتيالات منذ إسقاط النظام السابق عام 2011. وتحدث باشاغا خلال تقديم رؤيته كمرشح لرئاسة الحكومة عن أوضاع الميليشيات، فقال «إنها متواجدة في غرب ليبيا وشرقهاً»، لكنه نوّه إلى «اتباع سياسة لتحجيمها وليس إنهاءها؛ لأن تلك كانت سياسة الحكومة»، وأردف «لدينا برامج وتعاون مع الدول في تصنيف الكتائب المسلحة، وكيفية الدمج والأمر يحتاج إلى إصدار توجيهات من الحكومة».
اتفاقيات السراج و«الهدنة»
رغم كل ما يجري في ملاعب السياسة، وما قد يسفر عن نتائج تغيّر خريطة ليبيا مستقبلاً، فما تشهده محاور الاقتتال بالقرب من سرت - الجفرة، يبرهن على هشاشة الهدنة بين طرفي الحرب، خصوصاً في ظل تقارير تتحدث عن مواصلة تركيا الدفع بـ«المرتزقة» إلى جبهات الاقتتال في مسعى منها لإبقاء الوضع على ما هو عليه، في ظل جهود اللجنة العسكرية المشتركة.
ويعزز من هذا التوجس إعلان الميليشيات المنضوية تحت «قوة حماية طرابلس» والمنطقة الغربية، الموالية لـ«حكومة الوفاق»، رفضها نتيجة تصويت «ملتقى الحوار السياسي»، والزعم أن رئيسة البعثة الأممية «تضغط من أجل تحقيقها قبل انتهاء مهامها في مشهد يسلب إرادة الأغلبية من الشعب الليبي، وفي عجلة من الوقت تعكس استهتارها بمصالح الشعب الليبي، الذي يعاني ويلات المرض والحروب والفاقة المالية».
الدرب ذاته، تسير عليه عملية «بركان الغضب» التابعة لقوات «حكومة الوفاق»؛ إذ بدت خلال الأيام الماضية أكثر دفاعاً عن الاتفاقيات الأمنية التي وقّعها السراج مع تركيا، وذلك من خلال بث مقاطع مصورة تُظهر جانباً من التدريبات العسكرية لقواتها على يد الجيش التركي. وشملت البرامج التدريبية أنظمة أسلحة الدفاع الجوي ومضادة للطائرات من دون طيار وأنظمة الرادار والمدافع الحديثة. وهنا تساءل مسؤول عسكري بـ«الجيش الوطني» عن الموقف من القوات التركية المتواجدة على الأراضي الليبية، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «هل ستعمل سلطات طرابلس مستقبلاً عن إلغاء هذه الاتفاقيات؟ أم أنها ستبقي عليها؟ وبالتالي يظل الباب موارباً للقوات الأجنبية لتظل بأجهزة استخباراتها تعبث في أرضنا».
العالم يترقب ليبيا
البعثة الأممية لدى ليبيا من جهتها سارعت الخطى لإنجاز هذا الذي يرقبه العالم؛ فسفارة فرنسا لدى ليبيا عبّرت عن دعمها الكامل لملتقى الحوار السياسي لانتخاب سلطة تنفيذية جديدة وموحدة، تكون مسؤولة عن قيادة البلاد إلى «الانتخابات الوطنية». وفي حين قالت «لقد حان وقت التغيير لصالح وحدة ليبيا وسيادتها وازدهارها»، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، منتصف الأسبوع الماضي، إنه «يريد من الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس الجديد جو بايدن، إظهار مزيد من الاهتمام بشأن ليبيا التي تعاني من الفوضى والصراعات منذ نحو عشر سنوات». غير أن سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا كانت من المسارعين بتهنئة ملتقى الحوار، وجميع الليبيين على عملية الترشيح للسلطة الجديدة.
حروب ونزوح ومؤتمرات... 10 سنوات على المعضلة الليبية
> شهدت الأزمة الليبية تطورات عديدة منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011، مروراً بمقتل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وصولاً إلى منتدى الحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الأممية لدى ليبيا. وعاشت البلاد خلالها حروباً ونزوحاً للمواطنين، في ظل انفلات أمني وانقسام سياسي، وتنافس حكومتين على الشرعية في شرق ليبيا وغربها.
27 فبراير 2011، تشكل «المجلس الوطني» الانتقالي. وفي الخامس من الشهر التالي تشكلت حكومة انتقالية برئاسة الدكتور محمود جبريل، وتعهد رئيسها بإجراء انتخابات عامة في غضون ثمانية أشهر على أبعد تقدير، وتولى علي زيدان الحكومة الجديدة.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، قُتل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي على يد ما يسمى بـ«الثوار».
12 فبراير عام 2012، وضع المجلس الوطني الانتقالي قانوناً لانتخابات «المؤتمر الوطني».
في أغسطس (آب) 2013، حلف عبد الله الثني اليمين كرئيس وزراء للحكومة الليبية المؤقتة بشرق ليبيا، وما زال يترأس حكومته في مدينة البيضاء بشرق البلاد إلى الآن.
في مايو (أيار) 2014، بدأ المشير خليفة حفتر «عملية الكرامة» للقضاء على «الجماعات الإرهاب» في مدن شرق ليبيا، وفي 24 أغسطس أجريت انتخابات مجلس النواب وأسفرت عن خسارة كبيرة لتيار الإسلام السياسي. وفي سبتمبر (أيلول) من العام ذاته، أعلنت قوات ما تسمى «فجر ليبيا»، تعيين عمر الحاسي رئيساً لحكومة إنقاذ مقرها طرابلس.
في مطلع أبريل (نيسان) 2015 سلم الحاسي رسمياً مهام رئاسة الحكومة لنائبه الأول خليفة الغويل، الذي قال عقب مراسم التسليم والتسلم هذه الخطوة تدل على الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.
في نهاية 2015، احتضنت مدينة الصخيرات المغربية الأفرقاء الليبيين، وشهدت التوقيع على الاتفاق السياسي، الذي نصّ على تشكيل حكومة وحدة وطنية، برئاسة السراج، غير أن الاتفاق لم يحظ بالإجماع.
في عام 2016، حظيت «حكومة الوفاق» على دعم عربي ودولي واسع.
في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2017، أعلن «الجيش الوطني» بقيادة خليفة حفتر، «تطهير» بنغازي بشرق البلاد من «الجماعات الإرهابية»، وأعقب ذلك بالسيطرة على «الهلال النفطي» في العام التالي، تمت محاربة «الجماعات الإرهابية» من مدينة درنة.
في عام 2017، دخت تونس على خط الأزمة الليبية، وأعلنت عن مبادرة للحل بحضور وزراء خارجية مصر والجزائر؛ وذلك لدعم التسوية السياسية الشاملة في البلاد، على أساس الحوار والمصالحة الوطنية.
في مايو 2018، عقدت فرنسا مؤتمراً للحوار الليبي، واتفقت أطراف الأزمة المجتمعة في باريس حينها على تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، مع الالتزام بتهيئة الأجواء. وأكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد لقائه بالسراج دعم بلاده لـ«حكومة الوفاق». وشهدت ليبيا في تلك الأثناء مبادرات عديدة من دول الجوار، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي.
في بداية عام 2019، أعلن المبعوث الأممي السابق لدى ليبيا غسان سلامة، عن عقد «مؤتمر وطني» يعقد في الرابع عشر من شهر أبريل للمضي قدماً بالعملية الانتخابية في ربيع العام المقبل، لكن تم تأجيله بسبب الحرب على طرابلس التي أمر حفتر قوات الجيش بشنها على العاصمة في الرابع من الشهر ذاته لـ«تطهيرها» من «الجماعات الإرهابية»، وأسفرت عن مقتل آلاف المواطنين والمقاتلين، فضلاً عن نزوح مناطق بأكملها خارج العاصمة.
في يناير (كانون الثاني) 2020، قررت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالاتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة الدعوة إلى مؤتمر حول ليبيا عقد في برلين على مستوى رؤساء الدول والحكومات، بالإضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية.
في 4 يونيو (حزيران) عام 2020، أعلنت قوات «حكومة الوفاق» الليبية «تحرير» كامل العاصمة طرابلس، بعدما تراجعت قوات «الجيش الوطني» نحو 50 كيلومتراً إلى خط سرت - الجفرة. ونجحت البعثة الأممية في عقد مؤتمر بجنيف بين اللجنة العسكرية المشتركة أسفر عن تثبيت نسبي للهدنة، مع توصل اللجنة إلى إخراج المرتزقة من البلاد، وفتح الطرق المغلقة بين وسط وغرب البلاد.
في 9 من نوفمبر 2020، انعقد «ملتقى الحوار السياسي» في تونس، برعاية أممية. وشدد الرئيس التونسي قيس سعيد خلال كلمته في افتتاح المنتدى الحوار السياسي الليبي، على أن «الحل لا يمكن أن يكون إلا ليبيّاً خالصاً».