هاجس «عودة الحراك» يدفع الحكومة الجزائرية إلى استثناء صلاة الجمعة من قرار فتح المساجد

TT

هاجس «عودة الحراك» يدفع الحكومة الجزائرية إلى استثناء صلاة الجمعة من قرار فتح المساجد

قال محامٍ جزائري، عضو بـ«هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك الشعبي»، إن استثناء صلاة الجمعة من قرار الحكومة الذي صدر أمس، والذي يخص إعادة فتح المساجد بدءاً من 15 من الشهر الحالي «يعكس خوفها من عودة الحراك الذي ينطلق كل جمعة بعد الصلاة»، علماً بأن المظاهرات المعارضة للسلطة توقفت منذ مارس (آذار) الماضي بسبب استفحال أزمة «كوفيد-19».
وأكد المحامي طارق مراح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحراك «مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمساجد، والحكومة متوجسة من هذا الأمر، وهي تعلم أن عودة المصلين إلى أماكن العبادة تعني عودة الحراك، وهذا هو سبب إبعاد صلاة الجمعة من قرار فتح المساجد من جديد، وهو قرار سياسي في الحقيقة».
وأظهر غالبية نشطاء الحراك استياء من هذا الإجراء الذي يروم في نظرهم «إطالة أمد توقف المظاهرات طمعاً في إنهائها مع الوقت»، بحسب ما كتبه ناشط على حسابه بـ«فيسبوك».
وينقسم الشارع الجزائري، حالياً، بين مؤيد لعودة الحراك ورافض له. فأصحاب الطرح الأول يرون أن مطلب التغيير الذي قام من أجله الحراك لم يتحقق، وبالتالي فلا بد من مواصلة الضغط على السلطة لافتاك مكاسب ديمقراطية. أما أصحاب الطرح الثاني، فيعدون عودة التجمعات الحاشدة خطراً على الصحة العامة، ما دام أن فيروس كورونا ما زال منتشراً، ويخلف ضحايا. كما أن هناك من يطالب بإعطاء فرصة للرئيس الجديد عبد المجيد تبون للوفاء بتعهداته بخصوص التغيير الديمقراطي، ويتم ذلك بالتخلي مؤقتاً -حسبهم- عن الاحتجاجات في الشارع.
وذكرت رئاسة الوزراء، أمس، في حساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي، أنها استشارت «لجنة الفتوى الشرعية» التابعة لوزارة الشؤون الدينية، و«اللجنة العلمية» المكلفة بمتابعة تطور الوباء، بخصوص حالة المساجد المغلقة منذ 5 أشهر، فتقرر «إعادة فتحها تدريجياً، وذلك في ظل التقيد الصارم بالبروتوكولات الصحية المرتبطة بالوقاية والحماية من انتشار الوباء».
وأكدت أن الولايات (محافظات) الـ29 (من أصل 48) الخاضعة لحجز منزلي جزئي منذ شهرين «ستفتخ بها فقط المساجد التي تملك طاقة استيعاب تفوق ألف مصل، وحصرياً بالنسبة لصلوات الظهر والعصر والـمغرب والعشاء، ابتداءً من يوم السبت 15 أغسطس (آب) 2020. وعلى مدى أيام الأسبوع، باستثناء يوم الجمعة الذي سيتم فيه أداء صلوات العصر والـمغرب والعشاء فقط، إلى أن تتوفر الظروف الملائمة للفتح الكلي لبيوت الله، وذلك في مرحلة ثانية».
يشار إلى أنه تم أيضاً إنهاء حظر التنقل بين الولايات الـ29 المصنفة أكثر مناطق البلاد تضرراً من فيروس «كورونا». وأكدت رئاسة الوزراء أن الولايات الـ19 الأخرى التي رفع الحجر عنها منذ مدة سيعاد بها فتح المساجد التي تتوفر على قدرة الاستيعاب نفسها، في التاريخ نفسه، وبالشرط نفسه المتعلق بصلاة الجمعة.
ويتمثل «النظام الوقائي» المخصص للمساجد -حسبها- في «الإبقاء على منع دخول النساء والأطفال البالغين أقل من 15 سنة، والأشخاص ذوي الأمراض الـمزمنة، والإبقاء على قاعات الصلاة والـمصليات والـمدارس القرآنية وأماكن الوضوء مغلقة، مع ارتداء الكمامة الواقية إجبارياً، وحمل الـمصلي على استعمال سجادته الشخصية، وفرض احترام التباعد الجسدي بين الـمصلين بمسافة متر ونصف على الأقل».
وسيتم كذلك تنظيم الدخول إلى المساجد «على نحو يسمح باحترام الـمسافة والتباعد الجسدي، وكذا تهيئة الدخول والخروج في اتجاه واحد للمرور من أجل تفادي تلاقي الـمصلين، ووضع محلول مطهر في متناول الـمصلين، مع منع استعمال مكيفات الهواء والـمراوح، وتهوية المساجد طبيعياً، وتطهيرها بانتظام. كما سيظل الدخول إلى الـمسجد خاضعاً لقياس حرارة الأشخاص مسبقاً، عن طريق أجهزة القياس الحرارية».
وأوضحت رئاسة الوزراء أن «عدم الامتثال لهذه التدابير، أو في حالة التبليغ عن وجود أي عدوى، سيتم الإعلان عن الغلق الفوري للمسجد الـمعني». ودعت المصلين إلى «الحرص بكل صرامة على احترام القواعد الـمحددة، من أجل الحفاظ على صحة الجميع، وحماية أماكن الصلاة من أي خطر لانتشار الفيروس، والتصرف بانضباط ومسؤولية، فردياً وجماعياً، لضمان السكينة في هذه الأماكن الـمقدسة، والإبقاء عليها مفتوحة لفائدة الـمصلين».


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.