اختراق جيني يستهدف «كوفيد ـ 19»

مضادات وقائية من الفيروسات في الخلايا البشرية

توظيف «ليبتويد» كنظام توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات
توظيف «ليبتويد» كنظام توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات
TT

اختراق جيني يستهدف «كوفيد ـ 19»

توظيف «ليبتويد» كنظام توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات
توظيف «ليبتويد» كنظام توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات

يعمل فريق من الباحثين الأميركيين على تطوير عوامل مضادة للفيروسات تستهدف جيناتها، وذلك بتوظيف مواد «ليبتويد»، التي تتجمع ذاتياً مع الأحماض النووية المنقوص الأكسجين «دي إن إيه DNA»، والريبي «آر إن إيه RNA»، ويمكن أن تعمل كنظم توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات التي تمنع عدوى «كوفيد - 19»، والفيروسات التاجية الأخرى.
- تطوير عوامل مضادة
ما هي الـ«ليبتويد»؟ وما هي قصة تقنية «باك - مان» التي توظفها؟ يجيب الدكتور طارق قابيل أستاذ التقنية الحيوية المساعد بكليتي العلوم والآداب - جامعة الباحة بالمملكة العربية السعودية، والأستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة بمصر – بأن الـ«ليبتويد» (Lipitoids) هو نوع من تقليد الببتيد الصناعي المعروف باسم «بيبتويد peptoid» الذي اكتشفه لأول مرة قبل 20 عاماً رونالد زوكيرمان. واستعملت مواده في البداية كدهون كاتيونية cationic lipid - peptoid للتسليم الخلوي للبلازميد.
وأضاف أن فريقا من العلماء من جامعة ستانفورد يعمل مع الباحثين في مصهر (مسبك) الجزيئات، وهو مِرْفَقٌ لمستخدمي علم النانو يقع في مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة (Berkeley Laboratory)، لتطوير عامل مضاد للفيروسات يستهدف جينات الفيروسات المسببة لمرض «كوفيد - 19».
في العام الماضي، بدأ ستانلي تشي Stanley Qi، الأستاذ المساعد في أقسام الهندسة الحيوية وعلم الأحياء الكيميائية والنظم في جامعة ستانفورد وفريقه، العمل على تقنية تسمى «باك - مان» (PAC - MAN) أو المضادات الوقائية للفيروسات في الخلايا البشرية (Prophylactic Antiviral CRISPR in human cells) - تستخدم الجين - وكذلك أداة تحرير «كريسبر CRISPR» لمكافحة الأنفلونزا.
لكن كل هذا تغير في يناير (كانون الثاني) الماضي 2020. عندما ظهرت أنباء عن جائحة «كوفيد - 19» حيث واجه تشي وفريقه فجأة فيروساً جديداً غامضاً لم يكن هناك أي علاج واضح له. وقال تشي في بحث نشر حديثا في مجلة «سيل» العلمية: «لذا فكرنا: لماذا لا نحاول استخدام تقنية «باك - مان» لمكافحته؟».
- نظام «باك - مان»
منذ أواخر مارس (آذار) 2020، تعاون تشي وفريقه مع مجموعة بقيادة مايكل كونولي، وهو مساعد هندسي علمي رئيسي في مرفق البنية النانوية البيولوجية في مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي، لتطوير نظام يسلم «باك - مان» إلى خلايا المريض.
ومثل جميع أنظمة «كريسبر»، يتألف نظام «باك - مان» من إنزيم - في هذه الحالة، إنزيم قاتل للفيروسات يدعى «كاس13» (Cas13) وخيط من حمض نووي ريبي يعمل كدليل جزيئي، ويمكنه إصدار الأوامر لإنزيم «كاس13» لتدمير تسلسلات معينة من النيوكليوتيدات في جينوم الفيروس التاجي.
ومن خلال الشفرة الوراثية للفيروس، يمكن لـ«باك - مان» تحييد الفيروس التاجي ومنعه من التكاثر داخل الخلايا.
ويقول تشي الذي نشر بحثه أخيرا في مجلة «الخلية» «journal Cell»: إن «التحدي الرئيسي الذي يواجه ترجمة «باك - مان» من أداة جزيئية إلى علاج مضاد لـ«كوفيد - 19» هو إيجاد طريقة فعالة لإيصاله إلى خلايا الرئة». فعندما يغزو فيروس «سارس - كوف - 2»، وهو الفيروس التاجي الذي يسبب مرض كورونا المستجد المعروف باسم «كوفيد - 19»، الرئتين، يمكن أن تلتهب الأكياس الهوائية في الشخص المصاب وتمتلئ بالسوائل، مما ينتزع قدرة المريض على التنفس. واستطرد: «لكن مختبري لا يعمل على طرق التسليم هذه». لذا في 14 مارس (آذار) الماضي، نشروا طبعة أولية من ورقتهم البحثية، كما أنهم غردوا أيضا على «تويتر»، على أمل جذب انتباه متعاون محتمل لديه خبرة في تقنيات التوصيل الخلوي.
وبعد فترة وجيزة، علموا بعمل الباحث كونولي على الجزيئات الصناعية التي تسمى «ليبتويد» في مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي.
- كنز جزيئي
في العقود التي عمل خلالها كونولي وزوكيرمان على تطوير جزيئات توصيل «البيبتويد»، بالتعاون مع مستخدمي مصهر الجزيئات، أظهروا فعاليتها في توصيل الحمض النووي «دي إن إيه» والحمض النووي الريبي «آر إن إيه» إلى مجموعة واسعة من خطوط الخلايا.
وأخيرا، أظهر الباحثون الذين يدرسون «البيبتويد» أن التطبيقات العلاجية المحتملة لهذه المواد غير سامة للجسم ويمكن أن تنقل النيوكليوتيدات عن طريق تغليفها في جزيئات نانوية صغيرة بعرض واحد من مليار من المتر فقط، أي تقريبا بحجم الفيروس التاجي.
في أواخر أبريل (نيسان)، قام باحثو ستانفورد باختبار نوع من الدهون – «ليبتويد 1» - يتجمع ذاتياً مع الأحماض النووية «دي إن إيه» و«آر إن إيه» في ناقلات «باك - مان» في عينة من خلايا الرئة الظهارية البشرية.
ووفقا لتشي، كانت الـ«ليبتويد» فعالة للغاية في الدم. وعندما تم تعبئتها باستخدام نظام «باك - مان» الذي يستهدف الفيروسات التاجية، قلل النظام كمية فيروسات «سارس - كوف - 2» الصناعية في المحلول بأكثر من 90 في المائة. وقال: «لقد وفر لنا مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي كنزاً جزيئياً غيّر أبحاثنا».
أضاف الدكتور طارق قابيل أن الفريق، بعد ذلك، بدأ يخطط لاختبار نظام «باك - مان»- «ليبتويد» في نموذج حيواني حي ضد فيروسات «سارس - كوف - 2» وسينضم إليهم متعاونون من جامعة نيويورك ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد.
وعلق بأنهم إذا نجحوا، فإنهم يأملون في مواصلة العمل مع كونولي وفريقه لمواصلة تطوير علاجات «باك - مان»- «ليبتويد» ضد فيروسات «سارس - كوف - 2» وغيرها من الفيروسات التاجية، واستكشاف توسيع نطاق تجاربهم للاختبارات قبل السريرية.
وقال كونولي: «إن توصيل الـ«ليبتويد» الفعالة، إلى جانب استهداف «كريسبر»، يمكن أن يتيح استراتيجية قوية للغاية لمحاربة الأمراض الفيروسية ليس فقط ضد مرض «كوفيد - 19»، ولكن ربما ضد السلالات الفيروسية الجديدة ذات القدرة الوبائية».
ومن جهته أضاف تشي: «إن الجميع يعمل على مدار الساعة في محاولة للتوصل إلى حلول جديدة. ومن المفيد للغاية الجمع بين الخبرة واختبار الأفكار الجديدة عبر المؤسسات في هذه الأوقات الصعبة».
- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».