مرض الكبد الدهني... أضرار متعددة على المدى البعيد

يطال نحو ربع سكان العالم بدرجات متفاوتة

مرض الكبد الدهني... أضرار متعددة على المدى البعيد
TT

مرض الكبد الدهني... أضرار متعددة على المدى البعيد

مرض الكبد الدهني... أضرار متعددة على المدى البعيد

الكبد هو أكبر أعضاء الجسم، والعضو الأساسي في المساعدة على هضم الأطعمة وتخزين الطاقة والتعامل مع الأدوية وإزالة السموم عن الجسم، وهو أعلى أعضاء الجسم حرارة ونشاطاً، ويعتبر مصنع إنتاج الكولسترول في الجسم، وهو أيضاً مكان التخلص من الفائض منه.
- اضطراب الكبد
وأحد اضطرابات الكبد المرضية التي بدأت الأوساط الطبية الاهتمام بها بشكل لافت خلال العقود الماضية، هي حالة زيادة تراكم الدهون في الكبد، أو ما يُعرف طبياً بحالة الكبد الدهني Fatty liver، وذلك لسببين رئيسيين: الأول الانتشار الواسع لهذه الحالة بدرجات متفاوتة بين الناس والأعراض المزعجة لذلك في بعض الحالات، والآخر هو احتمالات تطور هذه الحالة نحو حصول التهابات مزمنة في داخل الكبد، بكل التداعيات المحتملة لذلك على المدى البعيد.
وبلغة مُبسطة، تُعرف الأوساط الطبية حالة الكبد الدهني بأنها: التراكم المفرط للدهون في داخل خلايا الكبد Hepatocytesكفقاعات دهنية. وثمة نوعان رئيسيان لها، أحدها مرتبط بتناول الكحول، ويُسمى «مرض الكبد الدهني الكحولي». والنوع الآخر الأعلى انتشاراً لا علاقة له بتناول الكحول بالمطلق، ويُسمى «مرض الكبد الدهني غير الكحولي» Nonalcoholic Fatty Liver Disease.
- الكبد الدهني
وتقسم الأوساط الطبية حالات «مرض الكبد الدهني غير الكحولي «إلى حالتين مرضيتين، الحالة الأولى هي «الكبد الدهني البسيط» Simple Fatty Liver، ويحصل فيها تسلل الدهون إلى الكبد وتراكمها داخل خلاياه، وهي حالة حميدة بالعموم إذا ما بقيت كذلك ولم تتطور. والحالة الثانية تُسمى «التهاب الكبد الدهني غير الكحولي» Nonalcoholic Steatohepatitis، ويحصل فيها التهاب في أنسجة الكبد جراء ذلك التراكم للدهون ضمن خلايا الكبد، أي حالة يحصل فيها تسمم دهني Lipotoxicity في الكبد وتلف خلاياه.
ووفق ما تذكره المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة NIH ضمن نشراتها التثقيفية للمرضي، فإن حالات «الكبد الدهني البسيط» تشهد تراكما للدهون في خلايا الكبد، ولكنه تراكم قليل ولا يتسبب بالتهاب خلايا الكبد ولا تلف تلك الخلايا. بمعنى أن خلايا الكبد تتحمل وتتكيف مع تلك المزاحمة للدهون في داخلها، وبالتالي لا يصاب الكبد آنذاك بالتلف ولا بمضاعفات ذلك. بينما في حالات «التهاب الكبد الدهني غير الكحولي» يحصل تسمم دهني والتهابات في خلايا الكبد جراء زيادة كتلة الدهون المتراكمة فيها، وبالتالي يحصل تطور مرضي في أنسجة الكبد يظهر على هيئة تليّف الكبد Liver Fibrosis ونمو ندبات ليفية داخل الكبد Liver Scarring، وهو ما قد يُؤدي على المدى البعيد إلى نشوء فشل تشمع الكبد Liver Cirrhosis أو سرطان الكبد.
- انتشار الإصابات
وتشير المصادر الطبية أن الإصابات بمرض الكبد الدهني تطال بدرجات متفاوتة نحو ربع سكان العالم. وتُفيد «مؤسسة الكبد الأميركية» American Liver Foundation، حول كل من مرض الكبد الدهني غير الكحولي والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي أن: «مرض الكبد الدهني غير الكحولي يُصيب ٣٠٪ من سكان الولايات المتحدة وغيرها من مناطق العالم، وأن التهاب الكبد الدهني غير الكحولي يُصيب ٥٪ من أولئك السكان». وتُضيف قائلة: «يقدر أن نحو ١٠٠ مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي». ويُوضح المعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى The National Institute Of Diabetes And Digestive And Kidney Diseases، قائلاً: «مرض الكبد الدهني غير الكحولي هو واحد من أكثر أسباب أمراض الكبد شيوعاً في الولايات المتحدة.
ومعظم الأشخاص الذين يعانون منه لديهم نوع: كبد دهني بسيط. وهناك عدد صغير فقط من الأشخاص الذين لديهم مرض الكبد الدهني غير الكحولي ويحصل لديهم: التهاب الكبد الدهني غير الكحولي. وما بين ٣٠ إلى ٤٠٪ من البالغين في الولايات المتحدة يحملون حالة مرض الكبد الدهني غير الكحولي، ونحو ١٢٪ من البالغين في الولايات المتحدة لديهم حالة التهاب الكبد الدهني غير الكحولي».
ويضيف الدكتور أرثر ماكولو، من أطباء جامعة هارفرد، أن: «مرض الكبد الدهني يسري في العائلات في ٣٠٪ من حالاته، ولكننا لا نعرف ما هي الجينات الوراثية المعنية بذلك». وتحت عنوان «انتشار حالات مرض الكبد الدهني غير الكحولي» ضمن دراسة: دليل الممارسة من الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد American Association for the Study of Liver Diseases حول تشخيص وعلاج مرض الكبد الدهني غير الكحولي، والمنشورة عام ٢٠١٨ في مجلة طب الكبد HEPATOLOGY، قال الباحثون: «أعلى معدلات انتشار الإصابات بحالات مرض الكبد الدهني غير الكحولي هي في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، وأقلها في أفريقيا».
وبالمقابل، تضيف المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة قائلة إن مرض الكبد الدهني الكحولي Alcoholic Fatty Liver Disease يرجع إلى كثرة تناول الكحول. وعند تناول الكحول، يعمل الكبد على تحطيم وتفتيت معظم مادة الكحول المشروب كي يُزيلها عن الجسم. ولكن عملية التحطيم والتفتيت هذه يمكن أن تُولد مواد ضارة، وهذه المواد يمكن أن تتلف خلايا الكبد وتحفز حصول عمليات الالتهاب فيه، كما قد تُضعف قوة مناعة الجسم الطبيعية. وكلما زادت كمية الكحول، أضرت بالكبد. ووفق التصنيف الطبي، مرض الكبد الدهني الكحولي هو المرحلة الأولى من مرض الكبد المرتبط بالكحول، والمراحل التالية هي التهاب الكبد الكحولي Alcoholic Hepatitis وتليف الكبد Alcoholic Cirrhosis.
- الكبد الدهني والسكري
ورغم أن سبب مرض الكبد الدهني غير الكحولي غير معروف طبياً على وجه الدقة، وتم طرح عدة فرضيات لها علاقة إما بمقاومة الجسم للأنسولينInsulin Resistance أو زيادة إنتاج الكبد للدهون الثلاثية والكولسترول أو اضطرابات إنتاج الكبد للنوعية الخفيفة جداً من الكولسترولVLDL، لكن المصادر الطبية ومن نتائج الدراسات والبحوث العلمية تُلاحظ أنه أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين لديهم مرض السكري من النوع الثاني أو حالة ما قبل السكري Prediabetes، وذوي الوزن الزائد ومنْ لديهم سمنة، ومنْ بلغوا مرحلة متوسط العمر ما بين أربعين وستين سنة، ومنْ لديهم بالأصل مستويات عالية من الكولسترول والدهون الثلاثية Triglycerides في الدم، ومرضى ارتفاع ضغط الدم، والمصابين باضطرابات التمثيل الغذائي Metabolic Disorders، ومرضى التهاب الكبد الفيروسي من نوع سي Hepatitis C، ومنْ حصل لديهم نقص سريع في وزن الجسم، وكذلك بعض المرضى الذين يتناولون عدد من أنواع الأدوية لمعالجة حالات السرطان أو اضطرابات الحساسية أو أمراض القلب أو الأمراض العصبية.
- غياب الأعراض
وفي الغالب، لا توجد أعراض محددة لمرض الكبد الدهني، بنوعية المرتبط بتناول الكحول أو الذي لا علاقة له بتناول الكحول. ولذا تقول المصادر الطبية إنهما من الأمراض الصامتة مع أعراض قليلة أو معدومة مثل الشعور بالتعب أو الانزعاج في الجزء العلوي الأيمن من البطن، وهي أعراض لا تثير القلق لدى غالبية المرضى ولا تدفعهم لطلب المشورة الطبية. ولذا بسبب عدم وجود أعراض في كثير من الأحيان، ليس من السهل تشخيص الإصابة بمرض الكبد الدهني، ولكن قد يشك الطبيب في الإصابة به إذا حصل على نتائج غير طبيعية في اختبارات الكبد التي قد يُجريها لأسباب أخرى، مثل تحاليل الدم لأنزيمات الكبد أو مؤشرات نشاط الكبد الطبيعي أو الأشعة ما فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية لأعضاء البطن.
ووفق دليل الممارسة من الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد American Association for the Study of Liver Diseases حول تشخيص وعلاج مرض الكبد الدهني غير الكحولي فإنه لتحديد الإصابة بـ«مرض الكبد الدهني غير الكحولي» يجب أن يكون هناك أولاً دليل على وجود تراكم للدهون في الكبد Hepatic Steatosis إما عن طريق نتائج التصوير بالأشعة أو من فحص عينة أنسجة الكبد بالميكروسكوب Tissue Biopsy Histology. وثانياً: عدم وجود أسباب أخرى لتراكم الدهون في الكبد مثل: الاستهلاك الكبير للكحول، أو الاستخدام طويل الأجل للأدوية التي تتسبب بتراكم الدهون في الكبد Steatogenic Medication، وهناك عدد من الأدوية المتسببة في ذلك، منها أدوية لعلاج اضطرابات نبض القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو نوبات الصرع أو الروماتزم أو تفاعلات الحساسية وغيرهم مما يعرفه الأطباء عند مراجعة الأدوية التي يتناولها المريض بشكل مزمن. وأيضاً، ومع عدم وجود اضطرابات مرضية ذات طبيعية وراثية Hereditary Disorders تتسبب بتراكم الدهون في الكبد كأحد مظاهرها. وتضيف الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد قائلة: «ولدى غالبة المرضى يرافق حالات مرض الكبد الدهني غير الكحولي وجود حالات مرضية أخرى مثل: السمنة ومرض السكري واضطراب كولسترول الدم».
- التشخيص
وتستطرد قائلة: «المعيار الذهبي لتشخيص مرض الكبد الدهني غير الكحولي لا يزال خزعة عينة نسيج الكبد». وتجدر الإشارة إلى أن التفريق بين بين حالة «مرض الكبد الدهني غير الكحولي» وحالة «التهاب الكبد الدهني غير الكحولي» قد يكون صعباً، ولا يكفي أن تكون المستويات الطبيعية لـ«أنزيمات الكبد» Liver Enzymes دلالة على عدم وجود التهابات في خلايا الكبد نتيجة تراكم الدهون فيها.
ولكن بفحص الميكروسكوب لعينة من أنسجة الكبد، يُمكن التفريق بين حالة «مرض الكبد الدهني غير الكحولي» وحالة «التهاب الكبد الدهني غير الكحولي»، وتوضح ذلك الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد بقولها: في حالة «مرض الكبد الدهني غير الكحولي» يتجاوز تراكم الدهون نسبة ٥٪ مع عدم وجود علامات لإصابات تلف في خلايا الكبد بالتهاب Hepatocellular Injury، مثل الانتفاخ البالوني لخلايا الكبد. بينما في حالة «التهاب الكبد الدهني غير الكحولي» يتجاوز تراكم الدهون نسبة ٥٪ مع وجود علامات لإصابات تلف في خلايا الكبد بالتهاب Hepatocellular Injury، مثل الانتفاخ البالوني لخلايا الكبد.
- سلوكيات صحية عالية الفائدة لمعالجة مرض الكبد الدهني
> رغم البحث الطبي المستمر، وعدد الأدوية المطروحة في الدراسات الطبية للتغلب على مشكلة تراكم الدهون في الكبد، إلاّ أنه وحتى اليوم يبقى الهدف العلاجي الوحيد المقبول على نطاق واسع طبياً هو القضاء على الأسباب المحتملة وعوامل خطورة الإصابة بهذه الحالة من زيادة تراكم الدهون في الكبد، وهو ما يتضمن وقف تناول الأدوية التي تتسبب بزيادة تراكم الدهون في الكبد، وفقدان الوزن، وعلاج اضطرابات الكولسترول والدهون الثلاثية، وضبط علاج ارتفاع السكر في الدم. وهي الجوانب التي أثبتت المتابعة الطبية أثرها الفعّال في تخفيف كمية الدهون التي تجثم على خلايا الكبد والحد من نشاط الالتهابات الكبدية الناجمة عن ذلك.
وتحت عنوان «منْ تجب معالجته»؟ يُفيد دليل الممارسة من الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد حول تشخيص وعلاج مرض الكبد الدهني غير الكحولي، بالقول: «يجب أن تتكون إدارة معالجة مرض الكبد الدهني شاملة لكل من: علاج المرض الكبدي ومعالجة الأمراض الأيضية المصاحبة والمرتبطة بهذه الحالة الكبدية، مثل السمنة واضطرابات الدهون والكولسترول في الدم ومرض السكري».
ولذا يوصي الأطباء بفقدان الوزن كخطوة أولى للتعامل العلاجي مع حالات الكبد الدهني غير الكحولي، ذلك أن فقدان الوزن الزائد يمكن أن يقلل من كمية الدهون المتراكمة في الكبد وكذلك قد يحدّ من احتمالات حصول الالتهاب والتليف فيه. وإذا اعتقد الطبيب أن دواء معينا هو السبب في هذه الحالة الكبدية، يجدر التوقف عن تناول هذا الدواء وتناول دواء بديل لمعالجة تلك الحالة المرضية الأخرى.
ولا توجد حتى اليوم أدوية معتمدة طبياً لعلاج حالات الكبد الدهني غير الكحولي. وهناك بعض التغييرات في نمط سلوكيات الحياة يمكن أن تساعد في معالجة هذه الحالة، مثل اتباع نظام غذائي صحي، والحد من تناول الملح والسكر، بالإضافة إلى تناول الكثير من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة. وكذلك الحرص على تلقي لقاحات لالتهاب الكبد ومرض الأنفلونزا والتهاب المكورات الرئوية. وأيضاً الحرص على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والتي يمكن أن تساعدك على فقدان الوزن وتقليل الدهون في الكبد. وتضيف الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد، ما ملخصه أن أفضل البينات الإكلينيكية من الدراسات الطبية تُظهر حتى الآن أن فقدان الوزن بشكل عام هو مفتاح تحسين مظاهر التغيرات التشريحية الالتهابية التي تتضح بالميكروسكوب لدى خلايا وأنسجة كبد مرضى الكبد الدهني غير الكحولي. وكمية النقص المطلوبة في الوزن لا تتجاوز ٧٪ لإظهار تغيرات واضحة لدى أولئك المرضى، ولكن للأسف - كما تقول الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد - بالعموم لا يحقق هذا الإنقاص بنسبة ٧٪ من الوزن لمدة عام سوى ٥٠٪ من المرضى. وتضيف، غالبية مرضى الكبد الدهني غير الكحولي لا ينخرطون في ممارسة الرياضة اليومية.
والجزء الأكثر أهمية في علاج أمراض الكبد الدهنية المرتبطة بالكحول هو التوقف عن شرب الكحول.
- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

ربما تكون مثل كثير من الناس الذين من أوائل الأشياء التي يقومون بها كل صباح هو النظر من النافذة لمعرفة حالة الطقس

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.