الطعام... لمكافحة القلق

تجنب الأغذية الحاوية للمنبهات وتناول أطعمة تحسن الحالة النفسية

الطعام... لمكافحة القلق
TT

الطعام... لمكافحة القلق

الطعام... لمكافحة القلق

يعاني معظم الأطفال من القلق (Anxiety) سواء بالشكل طبيعي، مثل القلق من الامتحانات، أو الانتقال إلى مدرسة جديدة، أو التعرف إلى أصدقاء جدد، أو التنافس الرياضي، أو بالشكل المَرضي المزمن والذي يؤثر بالسلب على حياة الطفل ويحتاج إلى تدخل طبي وعرض على طبيب أمراض نفسية.
- تجنب الأطعمة المنبهة
وبجانب الجلسات العلاجية والأدوية التي يتم وصفها، هناك بعض الوسائل التي يمكن أن تساهم في تخفيف حدة التوتر الذي ينتاب الطفل، وتساعد في تحسن المزاج، مثل النوم الكافي، والالتزام بنظام غذائي معين يشجع على تناول بعض الأطعمة التي تحتوى على مواد معينة قادرة على تحسين الحالة المزاجية، أو تجنب تناول بعض المأكولات والمشروبات الأخرى التي تزيد من القلق والتوتر، حسب دراسة سابقة نشرت في «المجلة الأميركية للطب النفسي (American Journal of Psychiatry)».
والأطعمة التي يجب التقليل منها أو الامتناع عنها هي التي تحتوي على مادة الكافيين المحفزة للمخ. ورغم أن الكافيين له فوائد صحية، فإن الإكثار منه يزيد من أعراض القلق، وربما تكون المفاجأة لكثير من الآباء أن الكافيين يعدّ واحداً من مكونات كثير من الأطعمة والمشروبات، إضافة للقهوة والشاي، وربما تكون أشهرها وأهمها لدى الأطفال الشوكولاته بغض النظر عن مستوى السكريات فيها. بمعنى أنه حتى الشوكولاته الداكنة تحتوي على كميات كبيرة من الكافيين؛ حيث إن الكافيين يكون موجوداً في نبات الكوكا (cocoa beans) المكون الرئيسي للشوكولاته. وحتى المأكولات والمشروبات التي تحتوي على الشوكولاته، مثل حبوب الإفطار (Cereals) أو الآيس كريم، تحتوي أيضاً على نسبة من الكافيين أو مشروبات الطاقة والكاكو. وبالطبع، فإن الكميات البسيطة من الكافيين مثل قطعة الشوكولاته أو الآيس كريم لا تسبب الأضرار، ولكن في حالات القلق لا يفضل الإكثار منها.
- أغذية مفيدة
وفي المقابل، أشارت الدراسات إلى أن الأطعمة والمشروبات التي يمكن أن تفيد في تحسين الحالة وانحسار القلق، هي تلك التي تعتمد في عملها على زيادة المواد الكيميائية في المخ والمتحكمة في المزاج مثل السيروتونين وهو ناقل عصبي (neurotransmitter). وكلما زادت معدلاته قل القلق وازداد الاتزان النفسي والسعادة. والأدوية المضادة للاكتئاب التي يتم وصفها تعتمد بشكل أساسي على زيادة السيروتونين. ومثل هذه الأطعمة؛ البيض والجبن والأناناس... وغيرها.
وهناك هرمون آخر يتم إفرازه من الغدة النخامية؛ هو الأوكسيتوسين (oxytocin) وهو يساعد في تحسين الحالة المزاجية والتخلص من القلق، ويزيد إفرازه في حالة الحضور مع أصدقاء أو أقارب محببين يتبادلون العطف والمشاعر الطيبة حتى إنه يسمى «الهرمون الاجتماعي».
والجسم كي يقوم بتكوين السيروتونين يعتمد على الحمض الأميني الأساسي (L - tryptophan) (نوع من البروتينات). ولذلك فالأطعمة التي تحتوي على هذا المركب تكون قادرة بشكل غير مباشر على زيادة إنتاج السيروتونين وبالتالي تحسين المزاج العام مثل السبانخ وفول الصويا وبذور السمسم وبذور القرع العسلي والمكسرات مثل الكاجو وعين الجمل والحمص. وكلما تناول الطفل من هذه الأطعمة ساعد ذلك في تقليل القلق.
ولذلك يمكن اللجوء إلى الإكثار منها في أيام الامتحانات أو المنافسات الرياضية المرتقبة، كما أن الألياف الموجودة في البذور المختلفة والمكسرات تحتوي على البكتيريا النافعة «(البروبيوتيك prebiotic)» ومن المعروف أن وجود البكتيريا النافعة في القولون يقلل من التقلصات المصاحبة للتوتر، وبذلك تساعد في تخفيف القلق. وهناك بعض المصادر الحيوانية أيضا تحتوي على «إل تريوفان (L - tryptophan)» مثل الديك الرومي، وكذلك أسماك السلمون، والبيض، وبعض منتجات الألبان، مثل الجبن البارميزان، ولكن بطبيعة الحال يبقى اختيار الأطعمة النباتية أفضل للصحة بشكل عام.
بعض الأطعمة التي يحدث فيها تخمر مثل الزبادي وجبنة الشيدر تحتوي على نوع معين من البكتيريا النافعة يسمى «لاكتوبسيلس اسيدوفلس (Lactobacillus)» والتي تكون محفزاً للمخ لإطلاق هرمون الـ«أوكسيتوسين» ولذلك يمكن للأمهات أن تقوم بعمل وجبات تحتوي على هذه الأطعمة ويتناولها الطفل في المدرسة. وبجانب ذلك تقوم هذه البكتيريا بالتنافس مع البكتيريا الضارة الموجودة في الفم والتي تجعل رائحة الفم كريهة. بجانب الأحماض الأمينية، وجد العلماء أن الأحماض الدهنية و«أوميغا3» إضافة إلى فوائدها الصحية للقلب والصحة بشكل عام، تلعب دوراً مهماً في تقليل التوتر والقلق، ولذلك فالأغذية التي تحتوي على تلك المواد مثل سمك السلمون والماكريل وزيت الزيتون والمكسرات أيضاً تساعد في تحسين الحالة المزاجية.
- مشروبات مساعدة
بعض المشروبات التي تحتوي على مادة «الكاموميل» (البابونج) لها أثر جيد في تقليل القلق، وهناك نوع من أنواع الشاي يحتوي على الكاموميل يمكن شرابه ساخناً. وبشكل عام، فإن المشروبات الدافئة تساعد في تخفيف حدة التوتر، خصوصاً في الصباح؛ حيث تكون مستويات هرمون الكورتيزول عالية في الجسم، وهناك أيضاً المشروبات التي تحتوي على الفواكه والخضراوات خاصة الغنية بفيتامين «سي C» وتساعد في خفض معدلات الكورتيزول في الجسم بشكل طفيف، وبالتالي تخفف من التوتر، مثل عصير المانغو والكانتالوب.
للشاي الأخضر دور مهم في مقاومة القلق؛ حيث يحتوي على نوع من البروتين يحسن موجات معينة في المخ تساعد على الاسترخاء. وربما يندهش كثير من الأمهات بعد معرفة أن أفضل مشروب لتخفيف التوتر هو «الماء»، وكلما تناول الطفل كميات كافية من الماء، ساعد ذلك في تحسين المزاج؛ حيث إن الماء يساعد الجسم على إطلاق الـ«أندروفين» وهو مركب كيميائي يحسن المزاج ويقلل القلق بشكل كبير.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».