650 مليون شخص يعانون من السمنة في العالم

«البدانة في آسيا» على جدول أعمال مؤتمر «الاتحاد الدولي للسكري والسمنة»

650 مليون شخص يعانون من السمنة في العالم
TT

650 مليون شخص يعانون من السمنة في العالم

650 مليون شخص يعانون من السمنة في العالم

تختتم مساء هذا اليوم الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) 2019، أعمال مؤتمر الاتحاد الدولي للسكري (IDF Congress) 2019 في مدينة بوسان بكوريا الجنوبية، الذي انطلق يوم الاثنين الماضي.
ويعتبر مؤتمر الاتحاد الدولي للسكري الذي يُعقد كل عامين، أحد الأنشطة الأساسية للاتحاد؛ حيث يقدم منبراً عالمياً لمناقشة مجموعة واسعة من مشكلات مرض السكري وعلاقته بالسمنة. وشارك فيه أطباء وعلماء ومتخصصون في الرعاية الصحية من كافة دول العالم، وحضرت «الشرق الأوسط» ممثلة بشكل حصري لصحف المملكة العربية السعودية في المؤتمر.
وناقش المؤتمر سلسلة من المواضيع، كانت في مقدمتها «السمنة» التي تعتبر أحد أهم عوامل الخطر للإصابة بالسكري، وأحد أخطر مسببات المضاعفات المرضية على أجهزة المريض الحيوية.
السمنة عالمياً
تحدث إلى «صحتك» الدكتور كاريل لو رو Dr Carel Le Roux، المتخصص في الطب الاستقلابي وإدارة مرض السمنة بجامعة «إمبريال» في لندن، وأحد المتحدثين في المؤتمر، وأوضح أن هنالك 650 مليون شخص في العالم يعانون من السمنة في الوقت الحالي، وأن كافة البلدان تكافح حقاً لتقليل عدد الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديها. إذن فإن ما فعلناه في السنوات العشرين الماضية لم يكن جيداً بما فيه الكفاية، وعلينا إعادة التفكير في السمنة لإيجاد حل أفضل.
وأضاف أننا نفهم الآن أن السمنة مرض معقد ومزمن، ومحله الجزء الأوسط من الدماغ الذي يتحكم في الجوع والامتلاء، فإذا قمنا بتغيير هذا الجزء الأوسط من الدماغ، فسيتمكن المرضى من إنقاص الوزن والحفاظ عليه على المدى الطويل.
الآن يتعين علينا العثور على العلاجات اللازمة، سواء كان ذلك من خلال اتباع نظام غذائي خاص، أو القيام ببرنامج تمارين، أو تعاطي دواء، أو إجراء عملية جراحية تتيح للمريض أن يصبح أقل جوعاً وأكثر رضاً، إلى جانب الحفاظ على الوزن على المدى الطويل.
مرض مزمن
وأضاف الدكتور كاريل أن جميع العلاجات والوجبات الغذائية والأدوية والعلاجات الجراحية، يمكن أن تنجح مع بعض الناس، ولكن قد لا تنجح مع الجميع. ولسوء الحظ، نحن كأطباء لا نملك فحصاً للدم أو استبياناً يمكن أن يخبرنا عن ماهية العلاج الأفضل للمرضى.
أنت محق في سؤالك «بأن كثيراً من الناس يرغبون في الحصول على حل سريع كجراحة السمنة»، ولهذا السبب علينا أن نفسر لهم أنه حتى عندما نستخدم العلاج الجراحي فإنه يعتبر علاجاً مدى الحياة. إننا بحاجة إلى الجمع بين التدريب على نمط الحياة، أو أخذ العلاج، أو تناول الأدوية، مجتمعة مع الجراحة على المدى الطويل. لذلك من الأهمية بمكان أن نفهم أنه لا يوجد حل سريع، وليس هناك مخرج سهل؛ لكننا نحتاج إلى العلاج المناسب مع المريض وفي الوقت الملائم.

السمنة في آسيا
تم خلال انعقاد مؤتمر الاتحاد العالمي للسكري (IDF 2019) في بوسان، كوريا الجنوبية - تسليط الضوء على «السمنة في آسيا». وكان من المتحدثين خبراءُ السمنة المشهورين عالمياً، ومنهم البروفسور سوو ليم Prof. Soo Lim أستاذ الغدد الصماء والاستقلاب بكلية الطب جامعة «سيول الوطنية» ومستشفى «بوندانغ» Bundang Hosp.
وفي حديثه لجريدة «الشرق الأوسط»، أشار البروفسور ليم إلى أن من المتوقع أن يزداد انتشار مرض السمنة في منطقة آسيا والمحيط الهادي بسرعة كبيرة، بمعدل ينذر بالخطر، وأن السمنة ستكون عبئاً كبيراً على سكاننا، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو نمط الحياة في اتباع نظام غذائي عالي الكولسترول وعالي الدهون، مع تدني النشاط البدني. وأضاف البروفسور كيم أن لدينا الآن جيلاً شاباً يتبع الثقافة وطريقة الحياة والأنماط الغربية التي تمثل السبب الرئيسي في ازدياد السمنة في العقدين الأخيرين.
وعن وسائل العلاج المتبعة في البلدان الآسيوية، قال البروفسور ليم: هناك ثلاثة أجزاء لعلاج السمنة في كوريا الجنوبية، كمثال لآسيا: الأول هو تعديل نمط الحياة. أعتقد أن هذا هو الجزء الأكثر أهمية. وبعد ذلك يمكننا وصف الأدوية المضادة للحالة، وبعد ذلك يمكننا أن نوصي المريض بتلقي جراحة لعلاج البدانة أو جراحة التمثيل الغذائي.
إن مرضى السمنة؛ خصوصاً من هم في سن المراهقة في قارة آسيا، يترددون قليلاً في مناقشة إدارة الوزن مع اختصاصيي الرعاية الصحية لديهم، فهم يشعرون أحياناً بالذنب بسبب وزنهم.
ووجه البروفسور سوو ليم نصيحة للمرضى في السعودية، وهي جزء من قارة آسيا، قائلاً: «أوصيهم بشدة بتناول مزيد من الخضراوات والفواكه، مقارنة بالمشروبات المحلاة بالسكر أو المشروبات الغازية، كما أوصيهم بالقيام بتمارين منتظمة. يمكنهم القيام بممارسة التمارين الرياضية في الأماكن المغلقة؛ حيث إن الطقس لديكم حار جداً هناك. نعم فذاك أمر جيد يحقق الرعاية الشاملة الكاملة للأفراد الذين يعانون من السمنة بشكل خاص».
السمنة في السعودية
ومن داخل مؤتمر الاتحاد الدولي للسكري 2019، تحدث إلى «صحتك» الدكتور علي سلطان، استشاري ورئيس قسم الغدد الصماء والسكري بالمركز الطبي الدولي بجدة، وأحد الأطباء المشاركين في المؤتمر من المملكة، وأوضح أن السمنة هي حالة تتميز بارتفاع الدهون في الجسم بنسبة تزيد عن 25 في المائة لدى الرجال، وتزيد عن 35 في المائة لدى النساء. وعلى الرغم من الخطأ الشائع حول اعتبار السمنة مماثلة لحالة ارتفاع الوزن بشكل عام، فإن الواقع غير ذلك تماماً؛ حيث إن ارتفاع الوزن قد يكون سببه في بعض الحالات الكتلة العضلية الكبيرة في الجسم.
وأضاف أن آخر الإحصاءات تشير إلى أن نسبة السمنة في العالم تتمثل في نحو 13 في المائة من مجمل البالغين، وأما في السعودية (كإحدى الدول الآسيوية) فإن النسبة تفوق ذلك؛ حيث وصل مؤشر السمنة إلى نحو 35.4 في المائة من مجمل البالغين، و25 في المائة من الأطفال.
معايير تحديد السمنة
هناك معايير دقيقة معتمدة لقياس ارتفاع الوزن، من ضمنها مؤشر كتلة الجسم (BMI - Body Mass Index) وهي قيمة رقمية نحصل عليها بعملية حسابية يتم فيها تقسيم وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر (كيلوغرام/ متر مربع)، مع العلم بأن مؤشر كتلة الجسم لا يأخذ نسب الدهون، وأن هذا الحساب ينطبق على البالغين فقط وليس على الأطفال أو المراهقين في سن النمو (دون سن 19) كما لا ينطبق على الرياضيين والمرأة الحامل والمرضعة وكبار السن. وعموماً، كلما ارتفع مؤشر كتلة الجسم ازدادت مخاطر الإصابة بالأمراض الخطيرة المزمنة، مثل أمراض القلب، والذبحة، أو السكري من النوع الثاني، وكلما كان المؤشر طبيعياً كان الشخص أقل عرضة لهذه الأمراض، إلا إذا كان مدخناً أو لا يمارس الرياضة بشكل منتظم، أو يكثر من تناول الأغذية التي تحتوي على الدهون والسكريات بكميات كبيرة.
إن مؤشر الوزن المثالي يتراوح ما بين 18.5 إلى 24.9 كيلوغرام/ متر مربع. أما الأشخاص من أصحاب الوزن الزائد فتكون كتلة الجسم لديهم ما بين 25 إلى 29.9 كيلوغرام/ متر مربع. وتبدأ السمنة عندما يكون مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30 كيلوغراماً/ متر مربع.
وأضاف د. سلطان أن هناك معياراً آخر لقياس زيادة الوزن، وهو قياس محيط الخصر (WC - waist circumference)؛ حيث يعتمده الاختصاصيون لتحديد درجة السمنة التي يعاني منها الشخص، فزيادة الوزن والسمنة تبدأ عند الرجل صاحب محيط الخصر أكثر من 83 سنتيمتراً، والمرأة ذات الخصر أكثر من 79 سنتيمتراً.
وعن أسباب السمنة، يقول الدكتور علي سلطان، إن العامل الوراثي والاستعداد العائلي يلعبان دوراً مهماً في الإصابة بالسمنة، إضافة إلى العوامل البيئية وأنماط الحياة غير الصحية الخاطئة، ومنها اتباع نظام غذائي غني بالنشويات والدهون، وقليل الخضراوات والفاكهة، مع الإكثار من تناول الطعام بشكل عام. كما إن هناك من يعانون من اضطراب في الشهية، مثل الإكثار من تناول الطعام، وخصوصاً في ساعات الليل المتأخرة. أما عن الأمراض التي تتسبب في الإصابة بالسمنة، فيأتي في مقدمتها اضطراب الغدد المؤدي إلى زيادة الوزن، مثل مرض كوشينغ، وقصور الغدة الدرقية. ومن الأسباب الأخرى إصابة المرأة الحامل بالسمنة قبل الولادة لأسباب مختلفة، منها تناول الحامل السجائر، وتقييد النمو داخل الرحم، والتحول الميكروبي داخل الأمعاء، ونقص النوم، وتناول بعض الأدوية، على سبيل المثال الكورتيزون والهرمونات المنشطة.
مضاعفات السمنة
هناك مضاعفات خطيرة تنتج عن السمنة، وخصوصاً الأمراض المزمنة، مثل:
- داء السكري؛ حيث تسجل الإحصاءات زيادة خطر الإصابة بالسكري لدى المصابين بالسمنة.
- ارتفاع ضغط الدم، وهو من أهم وأكثر الأمراض شيوعاً بسبب السمنة، فنحو 42 في المائة من الرجال و38 في المائة من النساء يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض القلب والشرايين، (لا سيما الشرايين التاجية)؛ حيث يعاني مرضى السمنة من استعداد عالٍ للإصابة بانسداد الشرايين القلبية (الذبحة القلبية).
- ارتفاع نسبة الدهون في الدم.
- زيادة معدل الإصابة بالأمراض السرطانية، وغيرها من الأمراض التي تخفض طول العمر المتوقع (متوسط العمر) لدى المصابين بالسمنة.
- صعوبة الحركة، وتآكل المفاصل والفقرات.
ما هي الوسائل التي يجب اتباعها لإنقاص الوزن؟
تتضمّن الوسائل المعتمدة حالياً لتخفيض الوزن: التدخل، وضبط النظام الغذائي، ورفع نسبة ممارسة الرياضة اليومية، وتعديل السلوك الفردي، واستخدام الأدوية، والتدخل الجراحي.
وفيما يلي بعض الإجراءات التي من الممكن اتباعها من أجل إنقاص الوزن:
- لا بد من إجراء تغيير جذري في النظام الغذائي، عبر اعتماد نظامٍ غني بالفاكهة والخضراوات واللحوم الخالية من الدهون، مثل السمك، مع التقليل من الأطعمة الغنية بالدهون، كالأطعمة المقلية، وكذلك الأطعمة الغنية بالسكريات والنشويات، كالخبز والدقيق والبطاطس.
- ممارسة رياضة الأيروبكس، أو التمارين الرياضية الهوائية، وكذلك التمارين الرياضية الإيقاعية، مثل المشي، والركض، والسباحة، بشكلٍ منتظم، بمعدل 150 دقيقة في الأسبوع، للحفاظ على الصحة، ومن 300 إلى 360 دقيقة في الأسبوع لفقدان الوزن والمحافظة على اللياقة البدنية.
- وبالنسبة للمرضى الذين لديهم مؤشر كتلة جسم 27 – 30، ولديهم خطر الإصابة باضطرابات مرضية تصاحب السمنة، فقد يصف الطبيب المعالج أحد الأدوية التي تساعد على تخفيض الوزن.
- الجراحة، وهي الخيار الأخير الذي يعتمده الاختصاصيون في علاج السمنة، ويعتبر العلاج الأكثر فعالية في حالات السمنة الحادة والشديدة.



بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».