مصر تعد استئناف الرحلات البريطانية إلى شرم الشيخ مؤشراً على أمانها

توقعات بزيادة التدفق السياحي وترقب لقرار روسي مماثل

TT

مصر تعد استئناف الرحلات البريطانية إلى شرم الشيخ مؤشراً على أمانها

رحبت الحكومة المصرية بقرار بريطانيا أمس رفع توصيتها السابقة بعدم السفر جواً إلى منتجع شرم الشيخ في مصر. وقالت وزيرة السياحة المصرية، رانيا المشاط، إن «القرار يؤكد قناعة السلطات البريطانية بالأمن والأمان الذي تتمتع به مصر، خصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتعزيز منظومة الأمن على جميع المستويات، سواء في المطارات أو المناطق السياحية»، متوقعة «مردوداً إيجابياً كبيراً على زيادة الحركة السياحية الوافدة».
وكانت الحكومة البريطانية توصي بعدم السفر جواً من منتجع شرم الشيخ بمصر وإليه، إلا في حالات الضرورة، بعد تفجير طائرة ركاب روسية عام 2015، أودى بحياة 224 شخصاً، هم جميع من كانوا على متنها، بعد الإقلاع بوقت قصير.
ودفع الهجوم، الذي أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عنه، روسيا لتعليق جميع الرحلات الجوية إلى مصر لعدة سنوات، ودفع عدداً من الدول لوقف الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ.
وقال السفير البريطاني في القاهرة، جيفري أدامز، في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزيرة السياحة أمس، إن إعلان رفع الحظر «يأتي بعد تعاون وثيق بين خبراء أمن الطيران في المملكة المتحدة ومصر»، مضيفاً: «سوف نعمل عن كثب مع شركات الطيران التي ترغب في استئناف الرحلات».
وأكد أن القرار «يعد رسالة قوية تدل على عمق العلاقات بين البلدين، وعلى عودة الأمن والأمان إلى مصر».
ونوه السفير البريطاني إلى أن ما يقرب من نصف مليون سائح زار مصر خلال العام الماضي، وهو الرقم المتوقع زيادته بعد رفع الحظر، مشيراً إلى مواصلة العمل مع المسؤولين المصريين لضمان سلامة وأمن المواطنين البريطانيين التي تظل على رأس أولويات الحكومة البريطانية.
ومن جانبها، أعربت وزيرة السياحة عن سعادتها بالقرار البريطاني بعودة الرحلات لشرم الشيخ، قائلة «إن هذا المطلب لم يكن فقط من الجانب المصري، بل هناك مطالب مماثلة للشعب البريطاني الذي يعرف جيداً شرم الشيخ، هذا المقصد السياحي المميز».
وأشارت المشاط إلى أنه رغم القيود التي كانت مفروضة على الرحلات الجوية إلى مطار شرم الشيخ، فإن عدد السياح القادمين من المملكة المتحدة ارتفع في السنوات الأخيرة، حيث زار مصر ما يقرب من 415 ألف سائح بريطاني عام 2018.
وأوضحت أن هذه الخطوة من شأنها أن تدفع العلاقات الثنائية بين البلدين، لا سيما المضي قدماً نحو آفاق أرحب في قطاع السياحة الذي بات يشهد طفرة ملحوظة، مشيرة إلى أن هذا القرار يؤكد قناعة السلطات البريطانية بالأمن والأمان اللذين تتمتع بهما مصر، خصوصاً بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لتعزيز منظومة الأمن على المستويات كافة، سواء في المطارات أو المناطق السياحية.
ونوهت بإشادات المؤسسات الدولية بالأوضاع الأمنية في مصر، وحصول بلادها على جائزة «الريادة الدولية في السياحة» لهذا العام من المجلس الدولي للسياحة والسفر (WTTC)، تقديراً لجهودها في تعزيز قطاع السياحة المصري، ليكون أكثر صلابة وقدرة على تحمل الصدمات. وقالت إن «التقرير الأخير للمجلس الدولي للسياحة والسفر أكد أن جهود الدولة المصرية لتحسين الأوضاع الأمنية قد ساعد في زيادة السياحة بمعدل 16.5 في المائة».
كما رحبت وزارة الطيران المدني المصرية بالقرار. وقالت الوزارة في بيان: «هذا القرار... يعد مؤشراً للعلاقات والثقة بين مصر والمملكة المتحدة، وتتويجاً للتنسيق الاستراتيجي الذي تم بين حكومة الدولتين».
وتوقع الخبير السياحي جودة الحملاوي مردوداً كبيراً للقرار البريطاني على سوق السياحة في مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه من المتوقع «ارتفاع معدل الإشغالات في الفنادق من 50 في المائة إلى 80 في المائة خلال الأشهر المقبلة»، ونوه إلى أن «السياحة البريطانية هي الأفضل من حيث الإيرادات».
فيما توقع عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب المصري، قراراً روسياً مماثلاً باستئناف حركة الطيران المباشر إلى المنتجعات السياحية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار البريطاني يعتقد أنه سيشجع روسيا على خطوة شبيهة، علماً بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موجود حالياً في موسكو، وسيناقش الأمر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.