الجزائر: دعوة للحضور بكثافة في محاكمة «معتقلي الراية الأمازيغية»

TT

الجزائر: دعوة للحضور بكثافة في محاكمة «معتقلي الراية الأمازيغية»

دعا تنظيم يدافع عن معتقلي الحراك في الجزائر، إلى «التجند والحضور بكثافة» اليوم في محكمة الجنح بالعاصمة، لمساندة «معتقلي الراية الأمازيغية» محرزي ليلى، وطاهر صافي، وأوديحات خالد، الذين تلاحقهم النيابة بتهمة «تهديد الوحدة الوطنية»، على خلفية رفعهم رايات أمازيغية خلال المظاهرات.
وقررت غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف، أمس، إحالة 13 معتقلاً في «قضية الراية الأمازيغية» على المحاكمة، كانوا قد اعتقلوا في يونيو (حزيران) الماضي، خلال مظاهرات الجمعة. واستهدفهم رجال أمن بزي مدني؛ لأنهم كانوا يحملون الراية التي ترمز لخصوصية ثقافية تميز أمازيغ شمال أفريقيا.
وقالت «اللجنة الوطنية للدفاع عن معتقلي الرأي»، في بيان أمس، إن عائلات الموقوفين على ذمة التحقيق «تدعو كل المؤمنين بحرية التعبير، إلى مساندتها بقوة قبل بدء محاكمة أبنائها» اليوم.
وتوقع عضو هيئة الدفاع عن المتهمين عبد الله هبَول، الحكم ببراءتهم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قانوناً ومنطقياً سيحكم القاضي ببراءة الموقوفين الثلاثة، من تهمة تهديد الوحدة الوطنية، إذ لا يوجد في القانون الجنائي الجزائري أي شيء يفيد بأن من يحمل راية أخرى غير العلم الوطني، معرَّض لعقوبة السجن، ولا حتى غرامة مالية. وكان اعتقالهم وإيداعهم الحبس الاحتياطي مخالفاً للقانون، لذلك فهم برأيي سجناء سياسيون، والسلطة سجنتهم لأنهم عبروا عن مواقف سياسية ضدها، تتمثل في المطالبة بإسقاطها».
وشنت قوات الأمن حملة اعتقالات ضد المتظاهرين، بعد يومين من خطاب لقائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، قال فيه إنه أصدر «أوامر صارمة لقوات الأمن للتصدي لأي شخص يرفع علماً آخر غير علم الجزائر خلال المظاهرات». وأكد أن قوات الأمن «ستطبق بصرامة ودقة القوانين سارية المفعول، وستتصدى لكل من يحاول المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس»، في إشارة إلى حاملي راية الأمازيغ في المظاهرات. وتحدث عن «وجود أقلية صغيرة ترفع رايات أخرى غير الراية الوطنية».
من جهة أخرى، قال وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة حسن رابحي لصحافيين، أمس، إن «مهمة الصحافيين لن تكون سهلة، مع اقتراب حملة الانتخابات الرئاسية (المقررة في 12 ديسمبر «كانون الأول» المقبل)، إذ لا ينتظر منهم إنتاج معلومات دقيقة وموثوقة وحسب، وإنما عليهم تفادي الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة التي ساهم بعض الصحافيين، للأسف، في نقلها وتضخيمها». ولم يوضح رابحي ماذا يقصد، وشدد على أن «المهنية في الصحافة تفرض علينا التقيد بقواعدها، خدمة للمهنة وحفاظاً على تماسك المجتمع».
وتتعرض غالبية وسائل الإعلام؛ خصوصاً الفضائيات والصحف الخاصة، لضغوط شديدة من السلطة التي فرضت عليها نقل المظاهرات الشعبية في أضيق الحدود. وتم منع النقل المباشر لحراك الجمعة ومظاهرات طلاب الجامعات (يوم الثلاثاء) على أكثر من 20 قناة تلفزيونية خاصة. ويوجد صحافي مراسل فضائية أجنبية في السجن منذ شهر؛ لأنه استعان بعتاد لبث الصور محظور على وسائل الإعلام الأجنبية، وذلك أثناء تغطيته مظاهرات معادية للسلطات. كما تم اعتقال صحافيين عدة ومصادرة كاميراتهم، أثناء تغطية الحراك، وأفرج عنهم في وقت لاحق.
وأكد وزير الإعلام أن الجزائر «تدافع عن قيم الحرية والانفتاح وحرية الإعلام، شأنها في ذلك شأن الدول التي لها تقاليد ديمقراطية عريقة، غير أنها لا تسمح بانتشار ظاهرة الأخبار الكاذبة بالنظر إلى الانحرافات الخطيرة التي تنجر عنها، ومنها على الخصوص تعطيل الحريات والمكاسب الديمقراطية». وناشد «وسائل الإعلام الثقيلة» إطلاق حملة تواصل واسعة «لتوعية الشباب بخطورة الأخبار الكاذبة، وما تنطوي عليه من خداع ومكر، وأن تعرفه على كيفية التمييز بين الخبر الصحيح والخبر المضلل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.