وزراء «القوات اللبنانية» يهددون بالانسحاب من لجنة الموازنة

TT

وزراء «القوات اللبنانية» يهددون بالانسحاب من لجنة الموازنة

هدد وزراء حزب «القوات اللبنانية» بالانسحاب من لجنة مناقشة موازنة 2020 بسبب خلوها من القرارات الإصلاحية، مؤكدين أنهم لن يقبلوا بالسياسة التي اعتمدت في موازنة 2019، واعتبروا أن «الأزمات التي يتخبط بها لبنان لا تسمح بإضاعة الفرص وإهدار الوقت»، مشددين على أن «التحركات الاحتجاجية على الأرض، تعبر عن انعدام ثقة الشعب بالطبقة السياسية».
ويشكو «القوات» من أنه لا يجد لدى القوى السياسية «سوى وعود على الورق وغياب للفعل، ما دامت الإجراءات الإصلاحية لا تسير بالتوازي مع مناقشة الموازنة». ورأى وزير العمل كميل أبو سليمان (أحد وزراء الحزب في الحكومة)، أن «مشروع موازنة 2020، خالٍ من أي بنود إصلاحية، وطلبنا منذ الأسبوع الماضي سلسلة إجراءات إصلاحية بنيوية تسير بالتوازي مع درس الموازنة، ويبدو أن هناك تجاهلاً لهذا الطلب».
وأكد أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن «وزراء القوات جديون بالتهديد بالانسحاب من اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الموازنة». وقال: «نحن لا نبحث عن مشكلة بل نريد حلاً للأزمات التي يتخبط بها البلد، ويبدو أن الآخرين غير جادين في الوصول إلى الحل». وأشار إلى أن «السياسات الخاطئة وضعت لبنان في قلب الخطر، بدليل المظاهرات الاحتجاجية التي عادت إلى الشارع، وخطر انهيار الليرة، وتراجع التصنيف الائتماني للبنان، سواء من قبل مؤسسات التصنيف الدولية أو الأسواق العالمية، ونحن كفريق سياسي لا نقبل أن نبقى شهود زور على ما يحصل».
وكان مجلس الوزراء شكل لجنة برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، وعضوية الوزراء غسان حاصباني، وكميل أبو سليمان، وعلي حسن خليل، ومحمد فنيش، ووائل أبو فاعور، وعادل أفيوني، ومنصور بطيش ومحمد شقير. وعقدت اللجنة الأسبوع الماضي جلستها الأولى، وطالب وزيرا «القوات» داخل اللجنة بـ«دراسة الإجراءات الإصلاحية المقدمة من أكثر من طرف، والتي يجب أن تواكب مناقشة الموازنة، وأن توكل دراسة الإصلاحات إلى لجنة أخرى». وهو ما تحفظ عليه بعض الوزراء باعتبار أن الورقة الإصلاحية التي أقرت في القصر الجمهوري في بعبدا الشهر الماضي، لديها مهلة ستة أشهر لإنجاز مهمتها.
وفي غياب البنود الإصلاحية عن الموازنة، ثمة قلق من رفع نسبة العجز في الموازنة إلى ما فوق 7.5 في المائة، علما بأن الحكومة تعهدت بخفض العجز في موازنة 2020 إلى حدود 5 في المائة.
واستغرب الوزير أبو سليمان كيف أن مشروع الموازنة «تجاهل الطروحات المقدمة في ورقة بعبدا الاقتصادية، والخطط المقدمة من أطراف سياسية عدة». وأضاف: «نحن في القوات اللبنانية قدمنا ورقة تتضمن 17 بنداً، تبدأ بإصلاح جهاز الجمارك، ووقف تضارب الصلاحيات داخله، وتوفير أجهزة المسح للكشف الدقيق، وتوفر البيانات الجمركية للبضائع المستوردة من بلد المنشأ، لوقف التهرب الضريبي، ومعالجة تراجع مداخيل الاتصالات، وخصخصة القطاع الخليوي بدل أن تحتكره الدولة بشركتين فقط، وتشكيل الهيئة الناظمة للاتصالات».
ودعا وزير العمل إلى «البدء بتطبيق خطة الكهرباء بأسرع وقت، وتشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء من أصحاب الكفاءة العالية، لا أن تبقى هذه المؤسسة تابعة للوزارة». ورأى أنه «إذا عجزت الحكومة عن هذه المهمة، فإننا نطالب بتشكيل حكومة تكنوقراط من أصحاب الاختصاص، قادرة على اجتراح الحلول لهذه الأزمات».
واعتبرت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق أن «الأوطان لا تبنى بقيادات ضعيفة ومترددة، بل بقيادات ثورية تطلق الحلول وتخلق الفرص بدل أن تضيعها». وقالت شدياق المنتمية إلى «القوات»: «يمر لبنان بأحلك الظروف، على المستويات كافة الاقتصادية والمالية والنقدية والسياسية والاجتماعية، وبدل العمل بجدية على الإصلاحات تنتظر بعض القوى السياسية عجيبة لإنقاذ الوضع». ورأت أنه «إذا ما استمروا في انتظار عجيبة من هنا وأخرى من هناك، فعلى لبنان السلام».
ودعت مجلس الوزراء إلى «اتخاذ قرارات جريئة خارج الصندوق، واتخاذ قرارات إصلاحية في مهل سريعة جداً، بدل أن نقوم فقط بجردة حسابية ونخرج بموازنة جديدة لا تتمايز بشيء عن موازنة 2019، لا بل تشبه الهيكل العظمي على حد ما وصفها لي أحد الوزراء الأصدقاء».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.