السخرية من البدانة... تزيد الوزن

السخرية من البدانة... تزيد الوزن
TT

السخرية من البدانة... تزيد الوزن

السخرية من البدانة... تزيد الوزن

لا شك أن البدانة من أخطر الأمور المهددة لصحة الأطفال العضوية والنفسية، على حد سواء، وبطبيعة الحال فإن الطفل البدين يكون عرضة للسخرية أكثر من الآخرين، وكلما كانت السخرية من الأقارب أكثر، كلما زاد الأمر سوءاً، بمعنى أن سخرية الأهل أو الأخوات تكون أشد إيلاماً على الطفل من مضايقة الزملاء.

سخرية حميدة
على الرغم من أن السخرية تكون في بعض الأحيان دافعاً قوياً للطفل أو المراهق، في اتباع نظام غذائي جيد، وإنقاص وزنه، حتى يتخلص من تلك المضايقات، إلا أنها ربما تؤدي إلى العكس تماماً، بمعنى أنها لا تؤثر فقط على صحة الطفل نفسياً، ولكن تؤدي إلى زيادة الوزن بشكل فعلي، وأن ما يمكن اعتباره مجازاً بـ«السخرية الحميدة» (good will joking)، بمعنى التي تكون بدافع خير وليست للتنمر، يمكن أن تسبب أضراراً لا تقل عن الإساءة المتعمدة، وذلك تبعاً لأحدث دراسة أميركية عن البدانة.
وأكدت الدراسة هذه النتائج، وأشارت إلى أن المراهق أو الطفل يدخل دائرة مفرغة من الشعور بالذنب، وزيادة الوزن. وتشير آخر التقارير من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى أن 18.5 في المائة من الأطفال الأميركيين يعانون من البدانة.
وحسب الدراسة التي تم نشرها في نهاية شهر مايو (أيار) من العام الحالي في «مجلة السمنة عند الأطفال» (journal Pediatric Obesity)، فإن الأطفال الذين تمت السخرية من وزنهم ارتفع مؤشر كتلة الجسم (body mass index) لديهم بمقدار 33 في المائة كل عام أكثر من أقرانهم الآخرين، الذين يعانون من البدانة أيضاً، ولكن لا تتم السخرية من أحجام أجسامهم، وأيضاً عانوا من زيادة مستوى الدهون في أجسامهم بنسبة 91 في المائة، بالمقارنة بالأطفال الآخرين الذين لا يتعرضون للمضايقات، وبمسار أكثر حدة. وتضمنت الدراسة 110 أطفال من الذين إما كانوا يعانون بالفعل من البدانة، أو من المعرضين لذلك (الذين لديهم أبوان يعانيان من البدانة)، وكان متوسط عمر الأطفال حينما تمت الدراسة 12 عاماً، وذلك في الفترة من 1996 وحتى 2009.
وحينما بدأ الأطفال الدراسة تم توزيع استبيان عليهم، وطلب منهم الإجابة عن سؤال ما إذا كانوا تعرضوا للسخرية من حجم جسمهم بأي شكل من الأشكال، ومن دون تحديد مصدر السخرية، سواء من الأهل أو الأصدقاء أو الإعلام، ومن دون تحديد الدافع وراء تلك السخرية.
وتمت زيارة هؤلاء الأطفال، بشكل منتظم، خلال 15 عاماً، وكانت النتيجة أن الأطفال الذين تمت السخرية من أحجامهم ازدادوا بالفعل في الوزن بمعدل 225 غراماً كل عام (نصف رطل) بالمقارنة بالأقران الذين لم يتعرضوا للسخرية.

أسباب مجهولة
وأوضح الباحثون أنه على الرغم من السبب لهذه الزيادة غير معروف على وجه التحديد، إلا أن هناك عدة عوامل ربما تؤدي إلى ذلك؛ ربما أهمها أن السخرية وسوء الحالة النفسية للأطفال تدفعهم إلى تناول كميات أكبر من الطعام، ومن دون حرص أن يكون صحياً من عدمه، طالما يتعرضون للمضايقات في كل الأحوال. ومن ضمن الأسباب أيضاً أن الأطفال الذين يعانون من البدانة يتجنبون التمرينات الرياضية والنشاطات البدنية بشكل عام، خشية السخرية من أجسامهم.
وأشار الباحثون إلى أن السخرية بغرض تحفيز الأطفال للتخلص من السمنة، ليست الطريق الصحيحة لخفض الوزن، وأنها ليست فقط غير محفزة للاختيارات الغذائية الصحيحة، ولكنها محفزة للاختيارات الخاطئة أيضاً، حيث إن بعض الهرمونات التي يتم إفرازها، وقت الألم النفسي، تزيد من الشهية، وتدفع الطفل إلى تناول المزيد من الطعام السيئ. وما يزيد الأمر صعوبة أن الطفل لا يستطيع التعبير عن ألمه، أو عدم رضائه عن مثل هذه الدعابات، خصوصاً إذا كانت تحمل في طياتها شكل النصيحة، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط النفسية على الطفل لإحساسه بالذنب من الغضب من شخص لا يريد له إلا الخير، وحذرت الدراسة أن الآباء أو المعلمين يجب أن يكونوا على دراية كافية بالأثر النفسي السيئ لهذه الدعابات، وأنها خلافاً لما يظنون لا تحفز، ولكن تعقد الأمور.
ونصحت الدراسة الآباء بضرورة حضور دورات تثقيفية عن الدور الذي يمكن أن يقدموه لأطفالهم، ودعمهم بالشكل الصحيح، خصوصاً أن الكثير من الأطفال البدناء يعانون من المضايقات في المدرسة، ولذلك يجب أن يكون المنزل نوعاً من التعويض.
وأيضاً نصحت في المقابل بضرورة أن يحصل الأطفال على مثل هذه الدورات، وتعليمهم أن السخرية ليست من الأمور التي يمكن التجاوز عنها حتى في حالة أن تكون صادقة النوايا، وأنه يجب على الأطفال أن يعربوا من دون خجل عن عدم رضائهم عن هذه السخرية، ويفصحوا عن مشاعرهم الحقيقية الرافضة لمثل هذه الدعابات حفاظاً على صحتهم النفسية والبدنية أيضاً، بل والتخلص من البدانة.
ونصحت الدراسة الآباء الذين يعانون من البدانة، بضرورة التصالح مع الذات، ومحاولة اتباع أنظمة غذائية صحيحة، بمعنى أنه في بعض الأحيان يقوم الأب أو الأم بالسخرية من جسده، وهو الأمر الذي يرسل رسائل ضمنية للطفل بأن الشخص البدين من الطبيعي ألا يشعر بالسعادة والرضا عن مظهره، ما يزيد من الضغوط النفسية على الطفل، ومن دون أن يشعر الآباء. وفي المقابل، يجب على الأسرة أن تقوم بممارسة رياضات بدنية بشكل جماعي، والأمر نفسه ينطبق على الاختيارات الغذائية الصحيحة، ويمكن للأسرة أن تقوم باصطحاب الطفل لمتاجر الغذاء الصحي، وبذلك تقدم الدعم النفسي والصحي للطفل من دون أن يشعر بالضجر من النصائح الغذائية.
- استشاري طب الأطفال



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.