الجزائر... مسرح صراع للحراك الشعبي

قائد الجيش متمسك برئيس وحكومة وانتخابات في مواجهة رفض الملايين

الجزائر... مسرح صراع للحراك الشعبي
TT

الجزائر... مسرح صراع للحراك الشعبي

الجزائر... مسرح صراع للحراك الشعبي

على الرغم من مرور قرابة ثلاثة أشهر على رحيل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الحكم، تجتهد الطبقة السياسية ونشطاء الحراك الشعبي والجيش في البحث عن مخرج للمأزق السياسي الحاد الذي تسبب فيه الرئيس السابق بسبب تشبثه بالحكم. غير أن ما تقترحه المؤسسة العسكرية في الجزائر من حلول لا يرضي المتظاهرين الذين يرفعون سقف مطالبهم في كل جمعة، كلما هاجمهم قائد الجيش ودعاهم إلى «التحلي بالعقلانية في طرح المطالب».

يبدو الشرخ أعمق من أي وقت مضى، بين الجنرال أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري وملايين المتظاهرين، فالضابط الكبير الذي أضحى الحاكم الفعلي في البلاد، يرفض التخلي عن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. بينما يعتبرهم المتظاهرون من «بقايا النظام البوتفليقي»، وأنهما غير جديرين بثقة الجزائريين لبناء «الجمهورية الثانية». ولقد قال أحد المتظاهرين معلقاً على ذلك: «يستحيل أن تبني سفينة جديدة عصرية بخشب قديم».
أيضاً، يتمسك قائد أركان الجيش بـ«خارطة الطريق» التي رسمها هو كحلّ وحيد للأزمة، وهي تتمثل أساساً في تنظيم انتخابات رئاسية يوم 4 يوليو (تموز) المقبل. أما المتظاهرون فيرفضونها بشدّة على أساس أن «الكادر البشري» في الأجهزة الحكومية الذي سيشرف على الانتخابات لا يزال على ولائه للنظام. وبالتالي، سيزوّر الانتخابات لمصلحة مرشح السلطة، وفق منطق أصحاب هذا الرأي.

أزمة «المرحلة الانتقالية»

ثم إن قائد الجيش يتعامل بحساسية شديدة مع المطالبين بـ«مرحلة انتقالية»، لأنها تعني بالنسبة إليه تأجيل الانتخابات إلى أجل غير محدد، بينما يريدها نشطاء الحراك بإصرار كبير ومدتها، حسبما يقولون، يجب ألا تقلّ عن عام. وهم يرونها خطوة ضرورية لتعديل الدستور ومراجعة قانون الانتخابات، وهذان شرطان لا بد من توافرهما لتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود.
وفي آخر خطاب له (الأربعاء الماضي)، انتقد قايد صالح بشدة أصحاب هذا الطرح، فاتهمهم بـ«البحث عن التأزيم وإطالة أمد هذه الأزمة، وتعمُّد نشر الإشاعات والأخبار المزيفة والأكاذيب بطريقة مستمرة، عبر كثير من الوسائط الإعلامية. ومن يفعل ذلك لا يمكنه بأي حال من الأحوال، أن يسهم في إحداث مناخ ملائم للتفاهم المتبادل أو حتى من أجل حوار هادئ ورصين، وتلكم أهداف غير بريئة تماماً يتحمل أصحابها تبعاتها أمام الله والشعب والتاريخ».
وكان قائد الجيش يقصد بـ«نشر الإشاعات والأكاذيب»، شيئاً يخصه هو يتمثل في تداول خبر عن رغبته في أن يصبح رئيساً للبلاد.
ولكن، في محاولة لإرضاء «الحراك» عبر الاستجابة لبعض المطالب التي يرفعها، كان قايد صالح قد أمر القضاء بسجن رموز بارزة من النظام طالب المتظاهرون بـ«رؤوسهم» خلال الاحتجاج الشعبي الأسبوعي. فجرى سجن السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، ومديري المخابرات سابقاً الفريق محمد مدين واللواء بشير طرطاق. ووجه اتهام إلى الثلاثة بـ«التآمر على سلطة الجيش والدولة»، غير أن هذه الخطوة لم تُرضِ المتظاهرين تماماً، لأن متابعة الثلاثة في القضاء العسكري جاءت بسبب أنهم كانوا يخططون لتنحية رئيس أركان الجيش، بينما يريد الجزائريون أن يحاسبهم القضاء على تهم هدر قدرات البلاد واختلاس المال العام وسوء التسيير، وسجن سياسيين بسبب آرائهم ومواقفهم.
باختصار، هذه هي التهم التي كان «الحراك الشعبي» يريد أن يوجهها القضاة إلى رموز النظام.
في أي حال، لم تتوقف قيادة الجيش عند سجن أشخاص كانوا على صلة مباشرة بالرئيس السابق، بل اعتقلت رئيسة حزب قديم بعد اتهامها هي أيضاً بـ«التآمر على الجيش»، بحجة أنها كانت على صلة بالسعيد ومدين وطرطاق، هي لويزة حنون المرشحة اليسارية في الانتخابات الرئاسية عام 2014. ولقد أحدث سجن حنون تبايناً في مواقف المتظاهرين، بين قطاع يراها «صنيعة النظام القديم» وآخر يعتبرها «ضحية مواقفها السلبية من قايد صالح». وليس خافياً على أحد في الجزائر أن حنون لا تطيق رؤية قايد صالح، وهو يخوض في السياسة و«يخوّن» السياسيين. وكما هو معلوم عند كثيرين، فإن قائد الجيش «لا يحمل حنون في قلبه» لأنها كانت على تواصل دائم مع السعيد بوتفليقة قبل تنحّي شقيقه.

أخطاء استراتيجية

الناشط السياسي والباحث في التاريخ، الدكتور محمد أرزقي فراد، يقول معلقاً على الوضع الراهن: «من دواعي القلق أن يرى المرء بعض التسرّع في التعاطي مع قضية المحاسبة، حتى جعلت القائمين عليها يظهرون بمظهر «حاطب ليل» أحياناً، وإلاّ فبماذا نفسّر حبس السيدة لويزة حنون وهي رئيسة حزب سياسي معروف في الساحة ينشط منذ عقود... له وجود في المجالس المحلية والولائية والبرلمان، ومشهود له بمواقفه الوطنية المدافعة عن الثروات الوطنية، كرفض قانون شكيب خليل (وزير الطاقة سابقاً متابع في قضايا فساد) للمحروقات، وحماية الخدمة العمومية، وحق الدولة في عدم التنازل للخواص عن القطاعات الاستراتيجية الكبرى، حفاظاً على مصالح الشعب وهيبة الدولة واستقلالها؟».
وتساءل فراد: «لماذا تسرّع القضاء العسكري في حبس السيدة لويزة حنون، أسوة برموز الفساد النّاهبة والمبدّدة للمال العام التي يجمع الرأي العام على إدانتها؟ ألا يُعتبر حشرها مع هؤلاء نوعاً من التسرّع غير المبرّر؟ ألا يعتبر ذلك مساساً بشرعية العمل السياسي الذي يخوّل لها ممارسة وظيفة نقد السلطة القائمة؟ أليس من حقها أن تلتقي برموز السلطة في ظل عهدة الرئيس السابق بوتفليقة على غرار بقية الطبقة السياسية؟ ثم هل من «روح القانون» الزجّ بالسيدة لويزة حنون في الحبس المؤقت (وهو إجراء استثنائي يقرّره قاضي التحقيق) في شهر رمضان دون مراعاة ظروفها الاجتماعية والصحية؟ ألم يكن من الأنسب ونحن نعيش ظرفاً سياسياً متميزاً، أن تتحلى السلطة بالنباهة في تعاملها مع القضية، مراعاة لمطالب الشعب المركّزة على ملفات الناهبين للمال العام (كْلِيتُو لبْلادْ)؟ على أي حال، إذا كانت هناك مبرّرات تجيز حبسها، فمن واجب القضاء العسكري تنوير الرأي العام بها دون المساس بسرّيّة التحقيق».

أبرز الموقوفين

للتذكير، فقد سجن القضاء رجال أعمال بارزين كانوا على صلة بالرئيس السابق، أشهرهم علي حداد مالك أكبر شركات المقاولات في البلاد، والإخوة كونيناف وهم أربعة مُلاّك لشركات كبيرة مختصة في حفر آبار النفط والتنقيب عن المياه الجوفية، وفي النقل والري. ولقد لقي سجن هؤلاء استحساناً من جانب الحراك الشعبي، الذي يرفع صورهم كل أسبوع خلال «مليونيات الجمعة»، غير أن ما لم يفهمه «الحراك» هو سجن الملياردير يسعد ربراب، الذي كان مغضوباً عليه من طرف النظام السابق، وكثيراً ما «أدَّبه» بوتفليقة بعرقلة مشاريعه ومنعه من استثمارات كثيرة، حتى إن سبب سجنه هو مشروع يتعلق بعتاد مستورد لتطهير المياه، قالت الجمارك إن فواتيره مضخّمة. وعبَّر محاموه عن استياء شديد من سجنه بسبب نزاع تجاري بين إحدى شركاته والجمارك. وراهناً، يلقى ربراب دعماً من قطاع من وسائل الإعلام (يملك جريدة مفرنسة)، ويخرج عمال شركاته وهم بالآلاف إلى الشوارع يومياً للمطالبة بإطلاق سراحه. وعدَّ مراقبون اعتقاله خطأً استراتيجياً ارتكبته قيادة الجيش، فهو بذلك يعطي انطباعاً سيئاً في الخارج عن مناخ الأعمال في الجزائر، ولا يشجع رجال الأعمال الأجانب على استثمار أموالهم بها.

مسألة إجراء الانتخابات

من جهته، كتب المحلل السياسي نجيب بلحيمر عن «توزيع تهمة التآمر» وعن تمسك الجيش بأجندته المتعارضة مع أهداف «الحراك»، فقال: «لن تكون هناك انتخابات في الرابع من يوليو المقبل، كان هذا قرار الشعب الجزائري السيد. ومهما تكن المبرّرات التي ستساق لعدم إجراء الانتخابات، فإن الأولى بنا أن نبدأ العمل من الآن لصياغة الحل الذي يجنبنا إهدار مزيد من الوقت. فما سُمّي بالخيار الدستوري أظهر قصوره، وتخوين من كان يدعو إلى حل سياسي وقذفه بتهمة التآمر على الجيش بالزج به في السياسة أظهر هزال الخطاب الرسمي، وفشل الأساليب القديمة في إدارة مثل هذه الأوضاع الحساسة».
ويرى بلحيمر أن تنظيم انتخابات «ليس مسألة (لوجيستيك)، وقد أكدت السلطات العمومية قبل فترة أنها جاهزة تماماً لتنظيم الاقتراع، لكنه مسألة سياسية في المقام الأول. وعندما نزل الشعب الجزائري إلى الشوارع في 22 فبراير الماضي، معلناً رفضه للعهدة الخامسة، لم يكن ضد مبدأ الانتخاب، بل كان ضد الانتخاب الذي يكرّس وضعاً غير شرعي وغير طبيعي، وهذا هو المبدأ الذي حكم موقفه من انتخابات 4 يوليو التي ناضل من أجل إسقاطها».
وبحسب الكاتب «هناك أمر لا يجوز إغفاله، وهو أن التمسك بما يسمى الخيار الدستوري أضاع علينا وقتاً ثميناً كان يجب استغلاله من أجل التقدم في صياغة حل يتفق عليه الجزائريون، ويكون منطلقاً لعملية بناء الدولة على أسس جديدة. وعلينا أن نفهم الآن أننا سنضطر إلى الابتعاد عن الدستور بطريقة أو بأخرى، لأن الحل لا يوجد في الدستور. ولو استمعنا إلى ما طرح من مبادرات وأفكار بهدوء بعيداً عن التخوين والاتهامات لكنَّا قد تقدّمنا كثيراً على طريق الحل، ثم إن المبرّرات التي سيقت لرفض الحل السياسي لا تقنع أحداً في الداخل أو الخارج، وعلينا أن نكفّ عن البحث عن تبرير لخيارات غير شعبية وغير عقلانية»، ثم أضاف: «إن المطلوب الآن هو أن نغير منهجية التعامل مع الوضع. والفشل في إيجاد حل من داخل الدستور يشير بوضوح إلى أن المجتمع تجاوز هذا النص القانوني الذي وضع في ظروف معروفة، ومن أجل أهداف سلطوية لا علاقة لها ببناء الدولة. وهذا يحيلنا إلى أولوية المرحلة المقبلة، وهو وضع أسس متينة لبناء الدولة، وسيكون دستور جديد من ضمن هذه الأسس بكل تأكيد. وحتى إن كانت هناك خلافات حول كيفية إطلاق هذه العملية، فإن الإجماع حاصل على أن تغييراً عميقاً وحقيقياً لنظام الحكم هو وحده من يستجيب لطموحات الجزائريين».

تمسك بالانتخابات الرئاسية

في آخر إطلالة له عبر الإعلام، صرَح قائد الجيش بأنه مستعد للتجاوب مع مبادرات للحل تطرحها أحزاب وشخصيات سياسية غير متحزبة. وعدَّ مراقبون كلامه بمثابة خطوة إيجابية نحو حل سياسي بدل التقيد بالحلول الدستورية. إلا أن ذلك ليس كافياً في نظر الكثيرين، لأن قايد صالح ما زال يرفض إلغاء موعد الرئاسيات. وعن هذا الأمر يقول أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «يدعو السيد قايد صالح إلى (حوار جاد ومعقول) من أجل تنظيم انتخابات رئاسية في (أقرب وقت ممكن)... لكن ألا يبدو ذلك ما يتمناه (الحراك)؟ شريطة أن يجري الحوار بين ممثلين للقوى السياسية الوطنية والسلطة، بوصفها مجرد طرف وليس صاحبة قرار باسم دستور لم يعد ينفع. أيُعقل التحاور تحت إمرة سلطة فاسدة، أهلكت البلد وجعلته أضحوكة بين أمم العالم؟ أهذا ما تريده السيد قايد صالح؟ فبالنسبة إلى رئيس الأركان، يبقى الحوار (مثلما يراه طبعاً) المخرج الوحيد الكفيل بتجنيبنا العودة إلى ويلات التسعينات (أي فترة الإرهاب)، لكن مثل هذا الكلام هل هو تحذير خالص أم تهديد مقنَّع؟ ثم يتحدث السيد صالح عن ضرورة تقديم تنازلات من جميع الأطراف! لكن لصالح من تكون هذه التنازلات؟ هل لنظام أفلس البلاد؟!».
وهنا يعرب المحلل السياسي وأستاذ الجامعة رابح لونيسي عن اعتقاده بأنه «يجب التمييز أولاً بين الجيش وقائد الأركان، الذي يتصرف بوصفه نائب وزير دفاع في حكومة بدوي. أعتقد أن قايد صالح فوجئ بـ(الحراك) في البداية مثل كل النظام. والدليل هو وصف (المغرّر بهم) الذي أطلقه على المتظاهرين، وحاول احتواء الحراك بتنحية بوتفليقة ثم محاربة الفساد، مع الإصرار على تطبيق حرفي للمادة 102 بهدف الإبقاء على النظام نفسه... وهو ما أوصله إلى صدام مع الشعب الذي يريد استعادة سيادته كاملة، في الوقت الذي يريد فيه قائد الأركان الحفاظ على ما يعتبره البعض «أحقية» مجموعة صغيرة جداً من قيادة الجيش في اختيار رئيس الجزائر والقائد الأعلى للقوات المسلحة، كما كان يقع منذ 1962 إلى 1999. هنا يكمن الصراع اليوم في نظرنا. ولو أننا نعتقد أن هذه النظرة محصورة في عدد محدود جداً في قيادة الجيش ويتمثل في قدمائه، أما إطاراته الشبابية المتفتحة، التي تلقت تعليماً عالياً، فهي تريد الدخول في الاحترافية، ويمكن أن تلعب دوراً إيجابياً كما لعبه شبان جيش البرتغال أثناء ثورة القرنفل في 1974».
وحسب رأي لونيسي «أثبت الشعب الجزائري وعياً كبيراً جداً، فأفشل كل مناورات السلطة لتفتيته. ولهذا نعتقد أنه سيحقق كثيراً من أهدافه، وأن جزائر ما بعد 22 فبراير (شباط) ستكون مختلفة تماماً عما قبله. وقد استبشرنا في بداية (الحراك) خيراً، وقلنا: لعله سيتحول إلى ثورة سلمية، وأنه سيفرز نظاماً سياسياً جديداً مبنياً على الشرائح المجتمعية والمهنية بعد خروج هؤلاء إلى الشارع، لكن مناورات السلطة ضيعت هذا الهدف نوعاً ما...».

الجيش طوّر موقفه

ويتفق مع هذا الطرح الكاتب الصحافي عثمن لحياني الذي يقول: «كان واضحاً، منذ فترة، أن الصدام في الخيارات بين (الحراك) والجيش، وارد. فالحراك يريد تغييراً حذراً للنظام، والجيش يعتبر ذلك خياراً غير مأمون. أعتقد أن الوضع الآن وصل إلى مرحلة التباين، ما يفرض مراجعة المواقف وتطويرها. فالجيش برأيي طوّر موقفه وبدأ يتحدث عما وصفه بالتنازلات المتبادلة خارج المرحلة الانتقالية التي يتحفظ عليها بشدة. وأفهم من هذا أن المؤسسة العسكرية تبدي استعداداً لتقديم تنازل في شكل القبول بتنحي حكومة بدوي، مقابل تنازل من جانب (الحراك) والمعارضة بقبول بقاء بن صالح رئيساً مؤقتاً... الحكومة ليس لها مستند دستوري بخلاف بن صالح، كما أتوقع رحيل الحكومة مباشرة بعد امتحانات البكالوريا (شهر يونيو/ حزيران)، ذلك أن المخرج المتاح الآن هو تبادل التنازلات، وتشكيل حكومة جديدة سيدة يتوفر لها حزام سياسي ومدني، وتتولى إنهاء المقاطعة السياسية والشعبية لمؤسسات الدولة، وتتولى إدارة الحوار السياسي، وتحضر قانون الانتخابات والمساعدة في تشكيلة هيئة مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات».

أحمد قايد صالح

> وُلِد يوم 13 يناير (كانون الثاني) 1940 في ولاية باتنة، شمال شرقي الجزائر. التحق بالحركة الوطنية في سن الـ17 يوم أول أغسطس (آب) 1957، وتدرج في الكفاح المسلح، ومن ثم تدرج سلم القيادة ليعين قائد كتيبة على التوالي بالفيالق 21 و29 و39 لجيش التحرير الوطني. وبعد الاستقلال أجرى دورات عسكرية في الجزائر والاتحاد السوفياتي السابق، وترقى في مراتب الجيش.
رُقّي إلى رتبة لواء عام 1993، وفي العام التالي عُيّن قائداً للقوات البرية. ثم عام 2004 رئيساً لأركان الجيش الوطني الشعبي ورُقّي لرتبة فريق. ومنذ 2013 تولى منصب نائب وزير الدفاع.

عبد القادر بن صالح

> دبلوماسي وسياسي مخضرم، ثمة خلاف حول مكان وتاريخ ولادته بين ولاية تلمسان ومحيط مدينة سطيف وبين 1941 و1942. تولى عدداً من المناصب الدبلوماسية والإدارية السياسية، بينها السفارة في المملكة العربية السعودية.
كان يتولى منصب رئيس مجلس الأمة (البرلمان) قبل الحراك الشعبي. عُيّن رئيساً مؤقتاً بعد إعلان شغور منصب الرئاسة بتنحي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

نور الدين بدوي

> أصله من وارقلة في الجنوب الجزائري، لكنه من مواليد الجزائر العاصمة عام 1959. خريج المدرسة الوطنية للإدارة وتقلد كثيراً من المناصب الإدارية في أماكن مختلفة من البلاد.
عيّن وزيراً للتكوين والتعليم المهنيين عام 2013. وعام 2015 تولى وزارة الداخلية واحتفظ به في الحكومات المتعاقبة حتى أسندت إليه رئاسة الحكومة خلفاً لأحمد أويحيى قبل أشهر.


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».