رعاة العراق يباشرون عمليات جز أصواف مواشيهم من الأغنام

عملية جز صوف الأغنام
عملية جز صوف الأغنام
TT

رعاة العراق يباشرون عمليات جز أصواف مواشيهم من الأغنام

عملية جز صوف الأغنام
عملية جز صوف الأغنام

مع حلول شهر أبريل (نيسان) من كل عام، وما يرافقه من ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة، يبدأ مربو المواشي في العراق عمليات جز صوف قطعان الأغنام التي يمتلكونها، فدرجات الحرارة المرتفعة المنتظرة في فصل الصيف، يمكن أن تتسبب بمرض أو هلاك الحيوانات مع بقاء فروة الصوف الكثيفة وهي تغطي أجسادها.
قص صوف الغنم، أو ما يسمى محليا «موسم الكصاص (بالكاف الأعجمية)» تقليد قديم يتبعه الرعاة وأصحاب المواشي منذ عقود طويلة، وربما منذ قرون، كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، هادي الجلوب أبو حسن، ويضيف: «منذ أن أبصرت عيني النور وأنا أشهد موسم الكصاص وقد مارسه قبل ذلك آبائي وأجدادي».
يعيش أبو حسن وعائلته الكبيرة المؤلفة من خمسة أولاد وأبنائهم في قرية (مرزابات) التي تبعد نحو 10 كيلومترات من قضاء جصان و15 كيلومترا عن قضاء بدرة التاريخي المحاذي للحدود العراقية الإيرانية.
وعلى الرّغم من سنوات عمره التي ناهزت السبعين، فإنّه ما يزال يتمتع بالحيوية اللازمة لإدارة منزله وترتيب «موسم» جز الصّوف لقطيعه الذي يزيد على 100 رأس من الغنم ونحو عشرين من الماعز.
لا ينسى أبو حسن المجهود الاستثنائي الذي يبذلها أولاده في إدارة شؤون المنزل والقطيع وحقل الزراعة الصغير ويضيف: «حسن يعمل معاونا طبيا في منفذ مهران الحدودي، والبقية يقومون بمختلف الأعمال هنا، لولا مساعدتهم لما تمكنت من فعل أي شيء».
السياسية، أبعدت أبو حسن عن سلك الجيش مطلع سبعينات القرن الماضي، بعد أن لاحقته تهمة الانتماء للحزب الشيوعي العراقي حينذاك، وأدت إلى طرده من فصيل المظليين في القوات الخاصة يوقل: «اليوم لا أجيد سوى سياسية قطيع أغنامي ولا دخل لي بالسياسة أبداً».
موسم «الكصاص» يتطلب ترتيبات محدّدة قبل وأثناء إجراء العملية التي تبدأ أولاً بغسل قطيع الغنم قبل يومين أو ثلاثة من عملية تنظيفه مما لحق به من أوساخ وأوحال فصل الشتاء، تمهيداً لعملية القص التي تأتي بعد أن يجف الصّوف من الماء، ومن دون عملية الغسل لا يمكن إجراء عملية القص.
مبدأ «تقسيم العمل» الشائع في الأدبيات الاجتماعية والأنثروبولوجية يتجلى بصورة واضحة في عملتي الغسل والقص اللاحقة؛ حيث يتوزع الشباب في عملية الغسل إلى مجموعتين، المهمة الأولى هي النزول إلى النهر القريب من القرية لغسل النعاج التي تقوم المجموعة الثانية برميها إليهم في النهر. وفي يوم القص الموعود تنقسم مجموعات الشباب إلى مجموعتين أيضا. الأولى مجموعة «المهرة» أو ما يمكن أن يسموه بحلاقي النعاج الذين يتمتعون بمهارة قص الصوف، ومجموعة المساعدين الثانية الذين يسحبون الخروف أو النعجة من القطيع لجلبه إلى «الحلاق» وتوثيق أرجله الأربع تمهيداً لجز قطعة الصوف ولفّها على شكل كرة بعد الانتهاء من العملية.
أبو حسن يشرح تفاصيل عملية التحضير التي تسبق عملية قص الصوف بالقول: «عادة نحضّر المقصات ويسمى الواحد منها محليا (الزو) وهو آلة بسيطة من حدّين متقاطعين تشبه المقص العادي لكنّها أكبر منه». ويضيف: «يوم الكصاص، يوم استثنائي؛ حيث يأتي الأصدقاء والمحبون من القرى القريبة والبعيدة للمعاونة، أو ما يسمى (الفزعة) لأهل القطيع الذي سبق أن بادلوهم الأمر ذاته، ومن لم يساعد صاحبه لا يتوقع أن يبادر صاحبه إلى مساعدته في ذلك اليوم، ويجب على صاحب المناسبة نحر ذبيحة لوجبة غذاء الشباب العاملين في عملية القص».
لكنّ أبو حسن يلاحظ أن «تقليد قص الصوف أصابه بعض التحول في السنوات الأخيرة، فقد قلّت (الفزعات) فيه وبات بعض الشباب المحترفين يأتون من محافظات ذي قار وميسان المجاورة لعرض خدماتهم مقابل ألف دينار لرأس الغنم الواحدة زائدا وجبة الغداء».
«الحلاق البارع» حسين نجل أبو حسن الأوسط تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن التفاصيل الأخرى المتعلقة بعملية قص الصوف بالقول: «البراعة في قص الصوف تبدأ بوقت مبكر من عمر الشباب في الريف؛ حيث يتعلمون الحرفة بداية الأمر في قص صوف النعاج الصغيرة من ثمّ يصبحون متمرسين».
وعن أهم المتغيرات التي لحقت عملية جز الصوف في السنوات الأخيرة، يرى حسين أن «تراجع أسعار قطعة الصوف الواحدة إلى 1000 دينار فقط (أقل من دولار) أضرّ بالرعاة كثيراً وحرمهم من دخل آخر يمكن أن يوفره لهم ثمن الصوف». ويضيف: «سابقا كنا نبيع قطعة الصوف بـ5 آلاف دينار لتجار يبيعونها بدورهم إلى معامل النسيج في واسط، لكن تلك المعامل توقفت في السنوات الأخيرة». ويتابع بأنّ «موسم وفرة الأمطار والرّبيع الحالي زاد من غلّة الصّوف، فالمراعي الجيدة تزيد من إنتاجية الصوف لدى الغنم، لكنّ ذلك لم ينعكس على شكل فوائد مؤكدة بالنسبة لمربي الأغنام، نظرا لتراجع أسعار الصوف».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.