المغرب: دعوات إلى «العدالة والتنمية» لحسم موقفه من لغة التدريس

وزارة التربية تواصل مشاوراتها مع النقابات بخصوص الأساتذة المتعاقدين

TT

المغرب: دعوات إلى «العدالة والتنمية» لحسم موقفه من لغة التدريس

تتعالى أصوات داخل «حزب العدالة والتنمية» المغربي، قائد التحالف الحكومي، من أجل عقد دورة للمجلس الوطني (برلمان) لحسم موقف الحزب بشأن لغة تدريس المواد العلمية الذي أثار جدلاً واسعاً، بسبب تأكيد مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين على تدريسها باللغة الأجنبية في الوقت الذي يتمسك فيه الحزب بالعربية، لغة للتدريس.
وكشف المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان، وعضو الأمانة العامة لـ«حزب العدالة والتنمية»، في برنامج «حديث مع الصحافة» الذي تبثه القناة التلفزيونية المغربية الثانية (دوزيم) مساء الأحد، أنه دعا لعقد المجلس الوطني لحزبه للحسم في مسألة لغة التدريس.
وقال الرميد: «طالبت في الأمانة العامة بعقد المجلس الوطني للبت في الموضوع، وليس من أجل الإجابة على سؤال هل نأخذ بلغة واحد أم لا، بل لنطرح سؤالا سياسيا هو: هل نريد الاستمرار في الحكومة ونفوض للأمانة العامة تدبير هذا الموضوع، أم أن الأمر يتعلق بمبادئ كبرى وخطوط حمراء، وبالتالي يجب علينا أن نغادر؟»، وهو الرأي الذي لم يسانده فيه أعضاء الأمانة العامة.
وزاد الرميد موضحاً: «أتمنى أن تتحمل الأمانة العامة مسؤوليتها وتتخذ القرار الضروري والملائم»، وذلك في رسالة تؤكد الارتباك والخلاف الحاصل بين قيادات الحزب وقواعده حول مسألة لغة التدريس، التي لا يرى الرميد عيبا في اعتماد الفرنسية.
وشدد وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان على أنه «ليس من حق أي جهة عرقلة المصادقة على مشروع القانون الإطار»، مبرزا أن «حزب العدالة والتنمية» مصمم على «أن يبحث عن التوافق الضروري وينبغي أن تكون المقاربة مقبولة من طرف الجميع»، حسب تعبيره.
في غضون ذلك، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر في المجلس الوطني لـ«العدالة والتنمية»، أن عدد الطلبات التي وردت إلى مكتب المجلس من أجل عقد دورة للحسم في موقف الحزب بشأن لغة التدريس، ما زالت محدودة ولم تصل بعد إلى النصاب الذي يلزم المجلس بالدعوة لالتئام برلمان الحزب، والذي يحدده النظام الداخلي للحزب في ثلث أعضائه.
واعتبر المصدر ذاته أن موضوع عقد دورة المجلس الوطني لمناقشة موقف الحزب من النقاش الدائر حول إصلاح التعليم ولغة التدريس ورفضه لفرض اللغة الفرنسية، بيد الأمانة العامة للحزب، التي يحق لها الدعوة إلى عقد دورة للمجلس الوطني في أي وقت تراه مناسباً.
من جهته، دعا محمد بولوز، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إلى ضرورة عقد المجلس الوطني لـ«حسم موقفنا من لغة تدريس العلوم أمام ما اعتبره خذلانا من البعض للغتنا في هذا المجال».
وقال بولوز، في تدوينة غاضبة نشرها في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «انحياز معظم الأحزاب للغة المستعمر مصيبة كبيرة، والمصيبة الأعظم عندما ينقلب بعض من يصنفون قياديين من إخواننا على الرؤية الاستراتيجية نفسها ويدعون إلى بدء الفرنسة من الإعدادي لتكون فرنسة كاملة للعلوم والتقنيات في التأهيلي»، وذلك في انتقاد واضح للموقف الذي عبر عنه الرميد.
وزاد مهاجما قيادة حزبه: «عوض أن تكون لهم مواقف رجولية وتاريخية تدفع لتعريب الجامعة، ها هم ينهزمون أمام اكتساح الفرنسية المتخلفة لاقتلاع اللغة العربية الأرقى منها بكل المقاييس»، معتبرا أن التناوب اللغوي الذي ورد في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم «لغم يفتح المجال لفرنسة بعض المجزوءات والمضامين وها هو التخاذل يزيد عليها المواد أيضا».
واختتم بولوز هجومه على قيادة «حزب العدالة والتنمية»، قائلا: «الأمل في الله أن يرزقنا قيادة راشدة شجاعة تقول لا للمنكر وتنتصر للمبادئ على حساب المصالح الوهمية»، الأمر الذي يمثل نقدا قاسيا لسعد الدين العثماني، وباقي أعضاء الأمانة العامة للحزب.
في موضوع منفصل، اجتمع وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، أمس، بممثلي النقابات التعليمية الخمس (النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين، والنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، المنشقة عن الاتحاد المغربي للشغل، في لقاء جديد للتباحث بشأن ملف الأساتذة المتعاقدين وعدد من القضايا الأخرى المتعلقة بالقطاع.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نقابية أن اللقاء تواصل إلى ساعة متأخرة، تمهيداً لإعلان نتائج وخلاصات الاجتماع، الذي تزامن مع اليوم الأول لاستئناف الأساتذة المتعاقدين التدريس بعد أزيد من أربعة أسابيع متواصلة من الإضراب والاحتجاجات التي طالبوا فيها بالإدماج في الوظيفة العمومية.
وكانت النقابات التعليمية الخمس قد أكدت في بيان سابق، أن لقاءها مع وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أمس سيمثل «فرصة للحسم النهائي في كل الملفات بما فيها النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية».
يذكر أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي كانت قد توصلت إلى اتفاق مبدئي مع الأساتذة المتعاقدين من أجل إنهاء الإضراب مقابل إيقاف الإجراءات التأديبية في حقهم وصرف أجورهم. واتفق الطرفان على عقد اجتماع ثاني يوم 23 أبريل (نيسان) الجاري، ويرتقب أن يكون حاسما.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».