«عدم تقبل اللاكتوز»... حالة صحية لدى 70 % من سكان العالم

يحدث لأسباب جينية تدفع إلى تجنّب تناول الحليب

«عدم تقبل اللاكتوز»... حالة صحية لدى 70 % من سكان العالم
TT

«عدم تقبل اللاكتوز»... حالة صحية لدى 70 % من سكان العالم

«عدم تقبل اللاكتوز»... حالة صحية لدى 70 % من سكان العالم

يعتبر «عدم تقبل اللاكتوز» Lactose Intolerance واحدا من أشهر المشكلات الصحية على مستوى العالم، ويعاني منه نسبة تبلغ نحو 70 في المائة من البشر على وجه التقريب. واللاكتوز هو الكربوهيدرات الأساسية الموجودة في الحليب والمنتجات المشتقة منه. وتحدث المشكلة بسبب نقص في الإنزيم الخاص بتكسير هذه الكربوهيدرات (اللاكتاز lactase enzyme) إلى نوعين أبسط من السكريات (الغلوكوز والغلاكتوز) حتى يتم امتصاصها بسهولة في الأمعاء وبالتالي استفادة الجسم منها بجانب المواد الغذائية الأخرى الموجودة في منتجات الألبان مثل الكالسيوم والبروتين.
وبطبيعة الحال يبدأ اكتشاف هذا المرض في الطفولة تقريبا في عمر ما قبل المدرسة حتى عمر الثالثة تقريبا. ويولد معظم الأطفال بمخزون كاف من إنزيم اللاكتاز يجنبهم حدوث الأعراض.
- أسباب وأعراض
في الأغلب تكون أسباب نقص إنزيم اللاكتاز جينية، ولذلك تكون منتشرة في بعض الأعراق أكثر من الأخرى وتزيد نسبتها في أفريقيا وآسيا عنها في أميركا وأوروبا. وفي معظم الأحيان يلازم المرض الشخص طيلة حياته ولكن في بعض الأحيان والتي يكون فيها المرض مجرد عرض ثانوي لمرض آخر وفي هذه الحالة يكون التأثير مؤقتا مثل بعض الأمراض التي تصيب الأمعاء وتسبب الالتهاب وتؤثر على إفراز اللاكتاز مثل مرض السيليك celiac disease وينتهي بعلاج المرض.
وتكمن مشكلة عدم تقبل اللاكتوز في أن منتجات الألبان تعتبر من المواد الغذائية المهمة جدا فضلا عن طعمها المحبب للأطفال مثل الآيس كريم وأنواع الجبن المختلفة والشوكولاته وغيرها.
تعتمد أعراض عدم تقبل اللاكتوز على عدة عوامل منها عمر الطفل وتزداد بتقدم الطفل في العمر ومنها نسبة وجود الإنزيم، وكلما قلت زادت حدة الأعراض. وأيضا يتوقف على نسبة اللاكتوز التي تم تناولها حيث إن معظم الأطفال المصابين بهذه الحالة يمكنهم تناول كميات بسيطة جدا من اللاكتوز في الآيس كريم مثلا بدون حدوث مشكلات صحية. وفي الأغلب تبدأ الأعراض في عمر الثالثة للأطفال الذين يولدون مكتملي النمو تكون هذه الأعراض جميعها متعلقة بالجهاز الهضمي مثل الشعور بالامتلاء نتيجة لتراكم الغازات وشعور بالغثيان وآلام بالبطن وتقلصات وإسهال يحدث نتيجة لعدم امتصاص اللاكتوز والذي يعمل على جذب الماء في الأمعاء نتيجة لزيادة تركيزه وبالتالي يحتوي البراز على كمية كبيرة من السوائل وفي بعض الأحيان يحدث رغبة في القيء. وهذه الأعراض لا تستمر فترات طويلة وتتوقف بمجرد التوقف عن تناول منتجات الألبان.
وربما يكون بعض الأطفال الذين يولدون قبل ميعاد ولادتهم (الخدج أو المبتسرون) معرضين لنقص الإنزيم نتيجة لعدم اكتمال نموهم developmental lactase deficiency وتستمر الأعراض لفترة قصيرة فقط بعد الولادة ومع تمام نموهم تختفي المتاعب الصحية ومع ذلك فإن الغالبية العظمى من المبتسرين يمكنهم تناول حليب الأم أو الألبان المعالجة صناعيا التي تحتوي على اللاكتوز. وفي بعض الأحيان النادرة جدا هناك أطفال لديهم عيب خلقي جيني ولذا لا يوجد لديهم الإنزيم من الأساس. وهؤلاء الأطفال لا يمكنهم تناول حليب الأم ومعرضون لأنواع حادة من الإسهال وربما يتطور الأمر إلى حدوث جفاف وفقدان للوزن إذا لم يتم إطعام الرضيع بحليب خال من اللاكتوز lactose - free formula.
- التشخيص والعلاج
يمكن للطفل الحصول على الكالسيوم من خلال تناول الألبان ومنتجاتها الخالية من اللاكتوز أو تناول الألبان البديلة مثل ألبان الصويا Soy milk أو ألبان اللوز ويفضل حليب الصويا حيث إنه غني بالكالسيوم وكذلك البروتينات وطعمه مستساغ بالنسبة للأطفال. ويمكن أيضا الحصول على الكالسيوم من المصادر النباتية مثل الخضراوات الغنية به كالسبانخ والبروكلي والمكسرات مثل اللوز وكذلك الأسماك مثل السلمون والسردين.
ويمكن أيضا استعمال الأدوية إذا كان الطفل يعاني من نقص ملحوظ في نسبة الكالسيوم من خلال التحاليل المختبرية. وفي الأغلب تكون عبارة عن قطرات أو شراب ولكن من الضروري أن يتم وصف هذه الأدوية من خلال الطبيب وليس حسب قرار الأم وذلك حتى لا تحدث ترسبات للكالسيوم في الكلى إذا كانت نسبته طبيعية في الدم ولم يكن هناك احتياج حقيقي له.
يتم تشخيص عدم تقبل اللاكتوز في الأغلب عن طريق الحالة الإكلينيكية من خلال التاريخ المرضي والعائلي للطفل وأيضا الأعراض. وهناك بعض الاختبارات التي يمكن إجراؤها لتأكيد التشخيص مثل اختبار للتنفس hydrogen breath test.
وتتلخص فكرته في قياس نسبة الهيدروجين في أنفاس الطفل قبل وبعد تناوله لسائل يحتوي على اللاكتوز وفي الطبيعي تكون نسبة ضعيفة فقط من الهيدروجين في التنفس. ولكن الأطفال المصابين بنقص اللاكتاز تكون نسبة الهيدروجين كبيرة جدا. وأيضا يمكن عمل تحليل للبراز وفي حالة وجود غلوكوز بالبراز في الأغلب يكون هناك نقص في تكسير اللاكتوز نتيجة لغياب الإنزيم.
ويعتمد علاج عدم تقبل اللاكتوز حسب حدة الأعراض. وفي بعض الأحيان إذا كانت الأعراض خفيفة والطفل يتناول منتجات الألبان، يمكن للطفل أن يتناول بعض الأدوية التي تحتوي على إنزيم اللاكتاز lactase enzyme supplement وهي موجودة بعدة أسماء تجارية. وفي حالة كون الأعراض أكثر حدة يجب أن يتم منع تناول منتجات الألبان ولكن من الضروري محاولة الحصول على نفس القيمة الغذائية للمواد الموجودة في هذه المنتجات سواء بشكل طبيعي أو من خلال العقاقير حيث إنها لازمة للنمو الصحي السليم للأطفال ولا يمكن الاستغناء عنها.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لماذا يعاود حب الشباب الظهور بعد العلاج؟

يوميات الشرق تتعرض النساء لضغوط مجتمعية أكبر بسبب مشكلات تتعلق ببشرتهن (رويترز)

لماذا يعاود حب الشباب الظهور بعد العلاج؟

توصلت دراسة جديدة أجراها باحثون في مستشفى ماساتشوستس العام ببريغهام في الولايات المتحدة إلى استراتيجيات لتقليل تكرار ظهور حب الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

تفشي سلالة جديدة من «نوروفيروس» في الولايات المتحدة

ما تحتاج إلى معرفته حول أحدث الأرقام وما يمكنك القيام به لحماية نفسك من الفيروس.

مايكل غروثوس (واشنطن)
صحتك إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة (رويترز)

خبراء يحذرون من إجبار الأطفال على إنهاء وجباتهم

حذر خبراء التغذية من أن إجبار الآباء لأطفالهم على إنهاء وجباتهم قد يؤدي إلى تأجيج أزمة السمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك رجل يعاني من زيادة في الوزن (رويترز)

تقرير عالمي يدعو للتوصل إلى تعريف جديد للسمنة

أكد تقرير جديد صادر عن خبراء عالميين الحاجة إلى التوصل لتعريف جديد «أكثر دقة» للسمنة، ولـ«إصلاح جذري» لكيفية تشخيص هذه المشكلة الصحية في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك سر السعادة في العمل التركيز على التقدم بدلاً من الكمال مما يؤدي إلى تحقيق قدر أكبر من الرضا (رويترز)

نصائح للتغلب على الهوس بتحقيق الكمال

نصحت الدكتورة في مركز جامعة بوسطن لدراسات الاضطرابات والقلق، إلين هندريكسن، بضرورة التمييز بين السعي إلى الكمال والشعور الدائم بعدم الرضا عن النفس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
TT

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، حسبما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 3.8 في المائة من سكان العالم من الاكتئاب، مما يؤثر على نحو 280 مليون شخص. وفي حين أن مجموعة من العوامل بما في ذلك الأحداث السلبية في الحياة، وسوء الصحة الجسدية والإجهاد يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، إلّا أن أسباب الاكتئاب تشتمل أيضاً على عنصر وراثي.

درس فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة إدنبرة وكلية كينغز لندن البريطانيتين، بيانات جينية مجهولة الهوية من أكثر من 5 ملايين شخص في 29 دولة، واحد من كل أربعة من البيانات من أصول غير أوروبية، وهي دراسة أكثر شمولية من البحث السابق عن تأثير عامل الوراثة للاكتئاب والذي ركّز في المقام الأول على السكان البيض الأكثر ثراءً، وأهمل معظم أنحاء العالم.

من خلال تضمين عينة أكثر تنوعاً في الدراسة، تمكن الباحثون من تحديد عوامل خطر جديدة مسببة للاكتئاب. ووجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة «سيل» Cell (خلية) وهي مجلة علمية محكمة مختصة بمجال علوم الحياة، 700 اختلاف في الشفرة الجينية للأفراد مرتبطة بتطور الاكتئاب، ولم يكن ما يقرب من نصف هذه الاختلافات الجينية مرتبطة بحالة الاكتئاب من قبل.

هذه التغيرات الصغيرة في الحمض النووي كانت مرتبطة بالخلايا العصبية في مناطق متعددة من الدماغ، بما في ذلك المناطق التي تتحكم في العاطفة.

وتم تحديد 100 من الاختلافات الجينية غير المعروفة سابقاً على وجه التحديد مرتبطة بالأشخاص من أصل أفريقي وشرق آسيوي وإسباني وجنوب آسيوي الذين تم تضمينهم في الدراسة.

وبينما احتمال تأثير كل عامل خطر وراثي منفرد على الاكتئاب صغير جداً، فإن التأثير التراكمي للأفراد الذين لديهم متغيرات متعددة في الحمض النووي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب، وفقاً للدراسة.

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً (رويترز)

فهم أوسع لمسببات الاكتئاب

يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج ستسمح للعلماء بالتنبؤ بخطر الاكتئاب بشكل أكثر دقة، بغض النظر عن العرق، وستسمح بتطوير خيارات علاج أكثر تنوعاً، مما يساعد على تقليل التفاوتات الصحية.

حسبت الدراسة 308 جينات مرتبطة بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب. ثم فحص الباحثون أكثر من 1600دواء لمعرفة ما إذا كان لهذه الأدوية تأثير على تلك الجينات. وبالإضافة إلى مضادات الاكتئاب، حددت الدراسة أن عقار بريغابالين المستخدم في علاج الألم المزمن، ومودافينيل المستخدم في علاج الخدار، كان لهما أيضاً تأثير على هذه الجينات، وبالتالي يمكن استخدامهما لعلاج الاكتئاب.

وقال المؤلفون إن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والتجارب السريرية لاستكشاف إمكانات هذه الأدوية في علاج مرضى الاكتئاب.

وأوضح البروفيسور أندرو ماكنتوش، أحد المؤلفين الرئيسين للدراسة ومن مركز علوم الدماغ السريرية بجامعة إدنبرة «هناك فجوات هائلة في فهمنا للاكتئاب السريري تحد من الفرص لتحسين النتائج بالنسبة للمتضررين. إن الدراسات الأكبر والأكثر تمثيلاً على مستوى العالم ضرورية لتوفير الرؤى اللازمة لتطوير علاجات جديدة وأفضل، ومنع المرض لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة».

وتعليقاً على النتائج، قال الدكتور ديفيد كريباز كاي، رئيس قسم الأبحاث والتعلم التطبيقي في مؤسسة الصحة العقلية، إن المجموعة الجينية المتنوعة للدراسة كانت «خطوة مهمة إلى الأمام» ولكن لا ينبغي استخدام عوامل الخطر الجينية دليلاً نهائياً للعلاج.

وأضاف: «بينما يمكن أن تساعد الأبحاث مثل هذه في تشكيل التدابير لأولئك المعرضين لخطر وراثي أعلى، يجب أن تركز الوقاية من الاكتئاب على معالجة القضايا الأوسع في المجتمع والتي تؤثر على الصحة العقلية إلى حد أكبر بكثير، مثل تجارب الفقر أو العنصرية».

وقالت الدكتورة جانا دي فيليرز، المتحدثة باسم الكلية الملكية للأطباء النفسيين البريطانية: «نرحب بهذا البحث في المتغيرات الجينية التي يمكن أن تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب، وتنوع الدراسة من حيث التمثيل العالمي يجعله جديراً بالملاحظة بشكل خاص. من خلال تحسين فهمنا لعوامل الخطر الجينية وأسباب المرض العقلي، قد نتمكن من تطوير طرق علاج أفضل».

وتابعت «سنواصل دعم الجهود الجارية للوقاية من المرض العقلي وتحسين النتائج لأولئك المتضررين من الاكتئاب».