«نوم صحّي... لحياة صحيّة»

شعار اليوم العالمي لاضطرابات النوم 2019

«نوم صحّي... لحياة صحيّة»
TT

«نوم صحّي... لحياة صحيّة»

«نوم صحّي... لحياة صحيّة»

يحتفل العالم اليوم الجمعة بـ«اليوم العالمي للنوم (World Sleep Day)» وذلك بمبادرة سنوية تدعو إليها وتنظّمها «الرابطة العالمية لطب النوم (WORLD SLEEP SOCIETY)» وبمشاركة أكثر من 70 دولة بفعاليات تهدف لزيادة الوعي بارتباط النوم الصحي بنمط الحياة، والتأثير السلبي لاضطراباته المختلفة التي تصيب 45 في المائة من سكان العالم، على نوعية المعيشة والصحة النفسية والبدنية.
ويؤكد البيان الأساسي لـ«اليوم العالمي للنوم» على خطر فرط النوم، وخطر الحرمان المزمن منه على الصحة ونوعية الحياة، وإمكانية التخفيف من أخطاره بنشر التوعية السليمة بين أفراد المجتمع والممارسين الصحيين، وتكريس مفهوم الوقاية والشفاء من أكثر من 100 نوع من اضطرابات النوم عن طريق المختصين في طب النوم، ومن أمثلتها انقطاع التنفس أثناء النوم الذي يصيب نحو 24 في المائة من الرجال، و9 في المائة من النساء متوسطي الأعمار بدرجات مختلفة، ويرتبط بعوامل خطر كثيرة من أهمها فرط الوزن، وارتفاع ضغط الدم، وهبوط سقف الحلق والتدخين... وغيرها.
ورفعت «الرابطة العالمية لطب النوم» شعار المناسبة لعام 2019: «نوم صحّي... لحياة صحيّة» للترويج لـ«اليوم العالمي للنوم» والدلالة على ضرورة الاهتمام بتشخيص وعلاج أي أعراض ترتبط بقلة أو رداءة النوم، كالأرق المزمن الذي يصيب ما بين 30 و45 في المائة من الأفراد البالغين، خصوصاً لدى كبار السن، لتسببه في ظهور وتدهور درجة بعض الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين والسكّري والسمنة المفرطة، واضطرابات المزاج والشهية والسلوك وزيادة النعاس أثناء النهار، إضافة إلى ارتفاع خطر التعرض لحوادث السيارات.
- فعاليات سعودية
وبهذه المناسبة العالمية نظّم «مركز طب وبحوث النوم» بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة، بإدارة الدكتور سراج عمر ولي، أستاذ الأمراض الصدرية واضطرابات النوم، بالتعاون مع «نادي جدة لطب النوم» و«وحدة طب النوم» بمستشفى الأسنان الجامعي، فعاليات اليوم التوعوي صباح أمس الخميس، بمقر المدخل الرئيسي لمستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة. وتضمنت الفعاليات مناقشات ومعلومات ونشرات توعوية باللغة العربية حول النوم واضطراباته، وأهمية العرض على مختصين في مراكز اضطرابات النوم المنتشرة في المملكة رغم عدم كفايتها لتغطية العدد المتزايد من مرضى اضطرابات النوم، وإعطاء توجيهات آنية للزوار حول شكواهم من أعراض اضطرابات النوم، بما فيها «متلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم»، والأرق المزمن، واضطرابات الساعة الحيوية، واضطرابات الحركة والسلوك خلال النوم كالمشي والكلام وتمثيل الأحلام خلال النوم، بلغة سهلة وواضحة... كما تضمنت بعض المعلومات حول أهم اضطرابات النوم التي تتسبب في سوء التوافق في النوم بين الأزواج وبعض المشكلات الحميمة، مثل «متلازمة تململ الساقين» و«الشخير المزمن».
- إحصاءات ودراسات
أوضح الدكتور أيمن بدر كريّم، استشاري أمراض النوم رئيس «نادي جدة لطب النوم»، أن غياب الإحصاءات الدقيقة عن مدى انتشار اضطرابات النوم في المجتمعات العربية، وانخفاض الوعي العام حتى لدى فئة الأطباء غير المختصين، إضافة إلى قلة عدد المختصين في مجال طب النوم، من التحديات الصحية التي يواجهها المجتمع السعودي وتتسبب في تأخر التشخيص الدقيق والعلاج المناسب لعدد كبير من المرضى الذين يعانون من الشخير المزمن بنسبة 25 في المائة من متوسطي الأعمار في المجتمع السعودي، ويتعرضون لعوامل خطر الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم، مثل زيادة الوزن وارتفاع ضغط الدم ومرض السكّري والتدخين.
وأشار الدكتور كريّم إلى إحصاءات عالمية تفيد بأن 3 من كل 4 أشخاص بالغين في المجتمع الأميركي، يستيقظون من النوم بصورة متكررة خلال الليل، أو أنهم مصابون بالشخير. كما تطرق إلى استبيان شمل عينة من النساء الأميركيات، أظهر أن شكوى 50 في المائة منهن كانت من رداءة النوم بصورة مزمنة. وأوضح أن الشخير و«متلازمة انقطاع التنفس» أثناء النوم يُعدّان من أهم العوامل التي تسبب خللاً في توافق النوم بين الأزواج، لكن عادات النوم وطقوسه، وتفضيل درجة حرارة معينة، وطبيعة النوم (خفيف أم ثقيل)، والإصابة بـ«متلازمة الساقين غير المستقرتين»، واضطرابات السلوك كالمشي وتمثيل الأحلام (الركل والكلام) أثناء النوم، إضافة إلى الأرق المزمن... كلها قد تسبب الخلل نفسه بدرجات متفاوتة.
وأشار الدكتور كريّم إلى دراسة محلّية سعودية، أجراها «مركز طب وبحوث النوم» بمستشفى الملك عبد العزيز بجدة على عينة كبيرة من الأفراد في مدينة جدة، بإشراف الأستاذ الدكتور سراج عمر ولي، مدير المركز، وتم نشرها في عدد شهر أبريل (نيسان) عام 2017 لـ«المجلة الدورية لطب الصدر (Annals of Thoracic Medicine)»، أظهرت أن نحو 9 في المائة من أفراد العينة البالغ عددهم أكثر من 2600 مريض كانت أعمارهم بين 30 و60 عاماً، مصابون بانقطاع التنفس أثناء النوم، حيث بلغت نسبة الإصابة لدى الرجال 12 في المائة، ونحو 5 في المائة لدى النساء، خصوصاً مع المعاناة من أمراض مزمنة أخرى وأعراض زيادة النعاس خلال النهار، وذلك عن طريق إجراء تقييم طبي دقيق لمجموعة عوامل خطر الإصابة باختناق النوم. كما تم إثبات الإصابة بالمرض عن طريق إجراء دراسة مختبرية للنوم في «مركز طب وبحوث النوم» بالمستشفى الجامعي أو في منزل المريض بواسطة جهاز تقني متنقل، حيث أظهرت الدراسة أيضاً أن الشخير المزمن - وهو المظهر الرئيسي من مظاهر انقطاع التنفس أثناء النوم - عرَض منتشر بين الرجال والنساء (نحو 24 في المائة و17 في المائة على التوالي). كما تبيّن من نتائج الدراسة أن التقدّم في العمر، والإصابة بارتفاع ضغط الدم، ومرض السكّري، تعدّ ضمن عوامل الخطر المستقلّة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم.
- مختبرات النوم
وحول أهمية تقنية مختبر النوم، أفاد الدكتور سراج ولي بأن المختبر عبارة عن غرفة مهيأة لاستقبال المريض وضمان راحته أثناء النوم بسرير نوم كبير مريح وإضاءة مناسبة وحرارة معتدلة. وأثناء فحص النوم يتم تسجيل رسم الدماغ والقلب وحركة العينين بالإضافة إلى رصد الشخير وحركة عضلات الحلق والساقين بواسطة موصلات سلكية تثبت قبل النوم. كما يتم رصد حركة التنفس عن طريق حزام يوضع حول الصدر وآخر حول البطن ومتابعة تدفق الهواء عن طريق مجسّات توضع قريباً من الأنف، وكذلك تسجيل نسبة الأكسجين في الدم طوال ساعات النوم باستخدام مقياس للأكسجين عن طريق النبض.
ويجب التنويه بأن إجراء فحص النوم غير مؤلم على الإطلاق؛ بل ويطلب من المريض النوم بصورة عادية قدر الإمكان. فرغم وجود كل هذه الأقطاب والمجسّات المثبتة على الجسم، فإن معظم الأشخاص ينامون شكل جيد نسبياً، فالأقطاب والمجسّات البدنية توضع بحيث يمكن للمريض تحت الفحص التقلب والتحرك أثناء النوم. وفي حال عدم القدرة على النوم، فإنه لا يفضل أبداً تناول الأدوية المنومة قبل أو أثناء الفحص، كما أنه من الضروري ألا ينام المريض في فترة النهار، وألا يتناول أي منبهات أو مشروبات كحولية، في اليوم المقرر لإجراء الفحص.
ولا يقتصر فحص النوم على فترة الليل؛ بل يمكن إجراء اختبار خاص للنوم أثناء ساعات النهار لتشخيص حالات معينة من النوم المفرط، كمرض «نوبات النوم القهري (Narcolepsy)»، حيث يقوم المريض بالنوم على فترات قصيرة؛ مدة كل فترة منها 20 دقيقة، وذلك لقياس قدرته على مقاومة النوم، والظهور المبكر وغير الطبيعي لمرحلة النوم الحالم. ولا تتوقف أهمية مُختبر النوم عند الفحص التشخيصي، بل تتعداه إلى الفحص العلاجي ومتابعة المرضى للوقوف على مدى استجابتهم لأنواع العلاج المختلفة؛ فمثلاً يتم فحص الذين يعانون من انقطاع في مجرى التنفس أثناء النوم بتركيب جهاز «سي باب (CPAP)» الذي يقوم بدفع هواء مضغوط بدرجات متفاوتة خلال مجرى التنفس بواسطة كمامة توضع على الأنف أو الأنف والفم معاً، وبهذا يعمل الهواء المضغوط على إبقاء مجرى الهواء مفتوحاً، وتأمين استقرار وظيفة التنفس، والمحافظة على نسبة الأكسجين طبيعية أثناء فترة النوم.
- فحص النوم المنزلي
يقول الدكتور أيمن كريّم إنه يمكن، حالياً، فحص المريض في المنزل بواسطة جهاز تقني صغير متنقل يمكنه رصد معظم التغيرات المطلوب رصدها للتأكد من التشخيص السليم، خصوصاً انقطاع التنفس أثناء النوم، دون الحاجة لتنويم المريض في المستشفى، وهو إجراء معتمد عالمياً وطبياً ومتوفر في السعودية، ويتم إجراؤه بحسب دواعي الحالة بعد العرض على طبيب.


مقالات ذات صلة

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
يوميات الشرق سرطان الكبد من بين السرطانات الأكثر شيوعاً في العالم (جامعة ييل)

الإفراط في تناول الدهون والسكر قد يدمر الكبد

حذّرت دراسة أميركية من أن الإفراط في تناول الدهون والسكريات يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد، وذلك من خلال تدمير الحمض النووي في خلايا الكبد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق شاي الكركديه يحتوي على نسبة عالية من مادة «البوليفينول» (غيتي)

مواد طبيعية قد تمنحك خصراً نحيفاً وقلباً صحياً وضغط دم منخفضاً

ثمة كلمة جديدة رائجة في مجال الصحة هي «البوليفينولات»، فبينما ظل العلماء يدرسون المركبات النباتية لسنوات، فقد جذب المصطلح الآن خيال الجمهور لسبب وجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من تمرين عالي الطاقة في صالة ألعاب رياضية في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

«هارد 75»... تحدٍّ جديد يجتاح «تيك توك» مع بداية العام

مع بداية العام الجديد، انتشر تحدٍّ جديد عبر تطبيق «تيك توك» باسم «هارد 75».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
TT

«أسماك مزروعة بخلايا سرطانية»... جديد الأطباء لعلاج الأورام «بسرعة»

يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)
يبحث العلماء عن نموذج يتنبّأ بكيفية تأثير العلاج على أورام المرضى (رويترز)

هل يستطيع أطباء الأورام اتخاذ قرارات أفضل لعلاج السرطان باستخدام الأسماك؟ تهدف تجربة سريرية من المقرر أن تبدأ هذا الشهر في البرتغال إلى معرفة ذلك.

وتُعدّ الدراسة التي استمرت خمس سنوات بقيادة عالمة الأحياء التنموية، ريتا فيور، من مؤسسة «تشامباليمود»، أول تجربة عشوائية يتلقّى فيها المرضى أدوية تم اختبارها مسبقاً في أجنة سمك الزرد المزروعة بالخلايا السرطانية وأعطت «نتائج واعدة» على الأسماك.

ويقول عالم أحياء الخلايا الجذعية من كلية الطب بجامعة هارفارد، ليونارد زون، الذي لم يشارك في التجربة: «يبحث الجميع عن شيء أكثر تنبؤاً» بكيفية تأثير العلاج في أورام المرضى. وتم استخدام الفئران والذباب قبل ذلك لتجربة أدوية للسرطان، لكن «جميعها كانت له حدود». ويضيف زون: «إذا أظهرت الدراسة الجديدة أن الأسماك لها قيمة تنبؤية عالية، فسوف يهتم الناس بهذا الأمر».

سيتم اختبار أدوية مجربة في سمك الزرد على المرضى لأول مرة (أ.ف.ب)

والاختلافات في أورام المرضى بسبب سمات مثل الوراثة، والتمثيل الغذائي، يمكن أن تجعل اختيار العلاج المناسب أمراً محيّراً لأطباء الأورام. ونظراً إلى إمكانية توفر الكثير من الخيارات المتماثلة تقريباً، فقد يضطر المرضى إلى تحمّل علاج ضار تلو الآخر حتى يستقروا على العلاج الذي يساعدهم. ويمكن للتحليل الجيني في بعض الأحيان أن يغربل الاختيارات، ولكن حتى عندما يحمل سرطان المريض طفرات تشير إلى علاج معين، فليس هناك ما يضمن أنه سيستجيب إليه، وفق ما ذكرته مجلة «ساينس» العلمية.

وبحثاً عن بديل أفضل، كان مختبر العالمة فيور يدرس سمك الزرد منذ ما يقرب من عقد من الزمن. وعزل الباحثون الخلايا السرطانية من المريض، ثم زرعوها في أجنة سمكة الزرد الشفافة التي تنمو بشكل طبيعي خارج الأم. وأضاف العلماء أدوية السرطان إلى مياه الأسماك، كما قدموا جرعات من الإشعاع، وراقبوا الخلايا السرطانية لقياس أي العلاجات «من المحتمل أن تكون فاعلة». وعلى القدر نفسه من الأهمية، ومن خلال الكشف عن الخيارات التي لم تنجح، تُنقذ التجربةُ على الأسماك المرضى من علاجات «قد تكون سامة وغير مجدية».

وفي تقرير صدر عام 2024، قال علماء إن الأسماك استطاعت التنبؤ بصورة صحيحة بالعلاج المناسب لـ50 مريضاً بالسرطان من وسط مجموعة تضم 55 مريضاً. ومن المميزات التي تشجع استخدام سمك الزرد هو أن هذه التجربة تقدّم نتائج سريعة بخصوص العلاج خلال 10 أيام فقط.

وفي التجربة السريرية، ستختبر فيور وفريقها دقة نتائج سمك الزرد على المرضى من خلال غربلة الخلايا السرطانية من السائل الذي يتراكم في بطن الأشخاص المصابين بسرطان الثدي أو المبيض، الذي عادة ما يتم تصريفه بوصفه جزءاً من العلاج.

وتقول فيور: «نحن لا نقوم بإجراءات إضافية على المرضى»، لكن سيتم زرع الخلايا السرطانية في أجنة الأسماك، وبدلاً من اختبار الأدوية التجريبية، كما تفعل الكثير من التجارب السريرية الأخرى، فستحدد الدراسة على الأسماك أي مجموعة من العلاجات المعتمدة تعمل بشكل أفضل، وسيحصل نصف المرضى على الأدوية التي تقترحها نتائج سمك الزرد، وسيتلقّى النصف الآخر العلاج الذي يختاره أطباؤهم، ثم سيجري تقييم النتائج.