تعليم فاشل... تخّلف مضمون

كتاب يرثي التعليم والتربية في لبنان والعالم العربي

تعليم فاشل... تخّلف مضمون
TT

تعليم فاشل... تخّلف مضمون

تعليم فاشل... تخّلف مضمون

شاءت المصادفة أن يصدر كتاب نمر منصور فريحة «تعليم فاشل.. تربية فاشلة» قبل فترة زمنية قصيرة من حادثة إحراق المواطن اللبناني جورج زريق نفسه حياً، في ملعب مدرسة ابنته، بعد أن عجز عن دفع متوجباته المستحقة. وهزت قصته الرأي العام، وأعادت إلى الواجهة قضية التعليم في لبنان كأولوية يتوجب بحثها بعمق. الكتاب الصادر عن «دار الجديد» يحمل عنواناً فرعياً هو «مرثاة التعليم والتربية في لبنان والعالم العربي». غير أن فريحة يذهب، لحسن الحظ، أبعد من الرثاء إلى التوصيف الدقيق، ومن ثم إلى تحديد العلاج بعد التشخيص. والمؤلَّف مهم لكل تربوي ينشد تحسين أدائه، أو مسؤول في مجال التعليم يعنيه إدراك غور المشكلة التي تتجاوز لبنان لتشمل المنطقة العربية ككل، من دون مواربة ولغة تنظيرية عصية، فهو خلاصة تجربة طويلة للكاتب، وزبدة مكابدة مديدة، أراد أن يتقاسمها مع أصحاب الشأن.
وأول ما ينبه إليه فريحة الذي بدأ حياته في دار المعلمين، وأصبح بعد ذلك أستاذاً في الجامعة اللبنانية ورئيساً للمركز التربوي للبحوث والإنماء، هو أن النظام التربوي ليس مختزلاً بوزارة التربية، ومعزولاً عن باقي أنشطة الحكومة وآيديولوجياتها، بل هو انعكاس للعلاقة بين السلطة السياسية والتربويين. والعلة الكبرى حين تكون التربية في خدمة السلطة وما تمليه عليها، وليس العكس، وهؤلاء غالباً ما يذعنون لما يملى عليهم، ويخشون تقديم اقتراحات تزعج رؤساءهم، وبالتالي تبقى العملية التعليمية رهن الاعتباطية السياسية. وغالباً ما تفتقد الدول العربية إلى استراتيجية تربوية مكتوبة واضحة يسير عليها وزراء متعاقبون. وإذا توفرت، فنادراً ما يعاد إلى النصوص حرصاً على احترامها، بل كلما تولى مسؤول جديد منصباً، ضرب عرض الحائط بخطط من قبله. وإذا كانت المشاكل كثيرة، ويصعب تعدادها في هذه العجالة، فنتائج الطلبة العرب لا تسر القلب، في الاختبارات المحلية والعالمية بشكل خاص، فمستوياتهم متواضعة، ويحلون في مرتبة متدنية، نسبة إلى أقرانهم في دول أخرى كثيرة. وللتأكد من ذلك، بالإمكان بكل بساطه زيارة مواقع هذه الاختبارات، مثل: TIMSS PISA، وPIRLS.
ويتحدث الكاتب الذي تقلب في كثير من المهام التربوية عن تسخير وزارت التربية للخدمات الشخصية، وتعيين غير أكفاء لهم عقلية أهل الكهف في مناصب تربوية قيادية، والتستر على المعايب باستخدام «بروباغندا» إعلامية بشكل مستمر لتلميع صورة التعليم، هذا عدا المؤتمرات الفولكلورية التربوية التي لا تفضي إلى غير الثرثرة.
ومن الفصول المهمة في الكتاب الفصل المخصص للمدارس الخاصة الموجودة في بعض الدول العربية منذ عشرات السنين، لكن عددها ازداد في السنوات الأخيرة بشكل كبير، دون إطار مرجعي موحد لها، حتى بات لكل مدرسة رؤيتها الخاصة. وفريحة يقسمها إلى مدارس دينية تربي تلامذتها على قناعات طائفية، وهي غالباً ما تجعلهم معزولين عن باقي محيطهم، ونوع ثان هو المدارس الأهلية، وهذه أنشأها مواطنون للربح والاستثمار، ولا أهداف آيديولوجية أو دينية لها، لكنها تجارية، وهذا عيبها. أما النوع الثالث، فالمدارس الخاصة الأجنبية التي تأتي ببرامجها وشهاداتها من بريطانيا وأميركا وفرنسا، وتبدو وكأنها الأفضل لغاية الآن بين المدارس الخاصة، وتلعب دوراً «مقبولاً».
ويعيب الكتاب على المسؤولين عن التعليم عدم اكتراثهم بتقييم مكتسبات خريجي الثانوية العامة بعد اثنتي عشرة سنة من الدراسة، لإمكان تدارك الأخطاء مع الأفواج التالية، علماً بأن الخريجين يعانون في الغالب من ضعف في إتقان لغتهم الأم، ويفتقرون إلى المهارات المهنية، وكذلك الرقمية، وغير مفهوم أن يتواطأ المسؤولون على إهمال عملية التقييم، مع أنها أساس في تحسين التعليم. والعملية التعليمية، كما يقول الكاتب، تقوم على مدماكين أساسيين، هما: الأستاذ والتلميذ، ولا تأتي المناهج إلا في مرتبة ثالثة متأخرة عنهما. والمعلمون من ناحيتهم يعانون من سوء الإعداد وعدم التطوير الذاتي خلال رحلتهم المهنية، ومن التحاق أناس غير متحمسين لمهنة تحتاج عطاء من القلب وكثيراً من التفاني، ثم هناك مشكلة نادراً ما يتم التطرق إليها، وهي «تأنيث التعليم». وهنا، يتهم فريحة المعلمات بكثرة التغيب، خصوصاً بسبب توقيتهن لوضعهن أطفالهن خلال العام الدراسي، بدل أن يفعلن العكس ويرتبن لتكون الولادة في فصل الصيف حرصاً على مصلحة تلاميذهن. ومما يؤثر على مستوى التعليم الحصانة الوظيفية التي يتمتع بها المعلم العربي، بصرف النظر عن حسن أدائه أو الأخطاء التي يرتكبها. وإذا كانت وزارات التربية تنظم ورش العمل لتدريب الأساتذة وتطوير أدائهم، فإن هذا لم يصلح من الحال شيئاً، إذ إن غالبية هذه الورش يقوم بها أشخاص هم أنفسهم بحاجة إلى تأهيل.
ويرسم نمر فريحة صورة قاتمة عن التعليم في العالم العربي، متحدثاً عن مدرسة فاشلة، والخوف من التفكير النقدي وتجنبه، والحرص على وضع مناهج ترضي الأهالي أكثر مما تقنع التربويين المحترفين، معرجاً على إهمال الروح الوطنية، والجانب الإنساني في التربية، بحيث تهمل المواطنة أو التمييز ضد الآخر، وكذلك تعليم الطلاب فضيلة التسامح، وأهمية الديمقراطية، من خلال ممارستها في المدارس. ويهمش تعليم الثقافة الصحية، والمبادرة الاجتماعية، والتكنولوجيا، وشحذ الطموح، وتأهيل الطلاب ليحتلوا مراتب متقدمة في الاختبارات الدولية. وفي الكتاب صفحات طوال حول مشكلات كبرى يعانيها التعليم الجامعي، قبل أن نصل إلى الجزء المخصص لأفكار يمكنها أن تصلح كل هذه التشوهات في المؤسسات التربوية.
وهنا، يقول الكاتب إن «هدفه ليس الانتقاد السلبي بقدر ما أراد التسبب في إحداث صدمة لدى المسؤول والمواطن العادي»، بعرض أوضاع واقع غير سليم، خصوصاً أن جل الاهتمام أعطي لغاية اللحظة للمحافظة على الموجود، بدل الإصرار على التغيير. وتجدنا ندعي «أننا نحن من علم العالم كله الحرف والرياضيات والفيزياء والكيمياء والطب». وتوصيف مكامن الخلل يحمل بحد ذاته وصفة الحل، سواء في أسلوب إعداد الأساتذة، أو تأهيل الطلاب، أو تعديل المناهج، أو التخطيط ورسم الاستراتيجيات، واعتماد الإحصاءات، ومقارنة الأرقام لتوضيح الرؤية.
ولا يمكن للقارئ إلا أن يلحظ أن نمر فريحة يرى علاقة وثيقة جداً بين التعليم والسياسة، والتعليم والتطور، في أي مجتمع، مستشهداً بالأمير فريدريك الكبير الذي تولى عرش بروسيا عام 1740، حيث قال: «من السهل أن تحكم مثقفين، لكن من الصعب أن تقودهم بواسطة السيطرة عليهم»، لكن هؤلاء هم من يدعمون بعد ذلك شرعية السلطة، حين يعاملون بعدالة واحترام. ومعلوم أن «الدولة التي تضع التربية في أسفل لائحة اهتماماتها، يصبح التخلف من أهم إنجازاتها».


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.