استراتيجيات معالجة الرجفان الأذيني

يحدث نتيجة اختلال صدور التيار الكهربائي في القلب

استراتيجيات معالجة الرجفان الأذيني
TT

استراتيجيات معالجة الرجفان الأذيني

استراتيجيات معالجة الرجفان الأذيني

* عمري في الخمسينات وجرى تشخيص إصابتي بالرجفان الأذيني، أرغب في معرفة كيف تكون المعالجة.
حامد خ. - فرنسا
- هذا ملخص الأسئلة الواردة في رسالتك. والسؤال مهم لأن الرجفان الأذيني هو من أكثر أنواع اضطرابات إيقاع النبض شيوعا بين عموم الناس. وبداية، علينا إدراك وفهم جانبين كي تعرف كيف تتعامل مع هذه المشكلة الصحية التي تواجهها وكيف تتعامل مع الطبيب الذي يقوم بمعالجتك، وكيف تتعامل مع وسائل العلاج التي تُعطى لك لكي تعينك على حماية صحتك وسلامتك. الجانب الأول يتعلق بفهم المعلومات الأساسية عن هذه الحالة المرضية، والجانب الثاني يتعلق باستراتيجيات عملية المعالجة.
القلب هو عبارة عن أربع حجرات عضلية، مهمته القيام بعمليتين؛ الانبساط لكي يستوعب الدم المقبل إليه من الجسم والرئتين، والانقباض لكي يضخ الدم الذي تجمع فيه حال الانبساط، ويدفعه إلى أرجاء الجسم المختلفة لتغذية الأعضاء فيه. وبدء عملية الانقباض ثم الانبساط يتطلب سريان تيار كهربائي في أرجاء حجرات القلب العضلية، والتيار الكهربائي هذا يجب أن يكون له مصدر واحد لكي يضمن السيطرة على حجرات القلب العضلية لقيامها بعمليتي الانقباض والانبساط بصفة متناغمة ومتجانسة وفق نظام يحقق انقباض الأذينين أولا ثم انقباض البطينين ثانيا، وبالتالي انبساط الأذنين أولا ثم انبساط البطينين.
إن حصول هذه الأمور بهذه الصفة يضمن سلاسة وكفاءة في استيعاب الدم المقبل إلى القلب، ويضمن أيضا سلاسة وكفاءة ضخ الدم من القلب إلى أنحاء الجسم. ولذا تلاحظ أن الأساس في نجاح عمل القلب بسلاسة وكفاءة هو أن يكون مصدر التيار الكهربائي الساري في القلب واحدا، وأن ينتج هذا المصدر الواحد تيارا كهربائية بوتيرة لا تقل عن 60 مرة في الدقيقة، ولا تزيد عن 100 مرة في الدقيقة.
وعلى ما تقدم، فإن أي حالة لا يكون فيها مصدر التيار الكهربائي هو مصدر واحد أو تقل الوتيرة عن 60 أو تزيد عن 100 فإن الحالة تسمى «اضطراب في إيقاع نبض القلب». وهناك قائمة من أشكال وصفات وهيئات اضطرابات إيقاع النبض التي ربما يشعر المريض في كثير منها بالخفقان. والخفقان ببساطة هو إحساس المرء بنبض قلبه، والإنسان الطبيعي ينبض قلبه آلاف المرات طوال اليوم دون أن يشعر بذلك.
في حالة الرجفان الأذيني، يحصل أن التيار الكهربائي بدلا من أن يصدر من مكان واحد طبيعي في القلب، فإنه يصدر من مناطق كثيرة في كامل الأذينين، أي أن المشكلة ليست خلل في قدرة المصدر الطبيعي للتيار الكهربائي القلبي، بل المشكلة في تغلب مصادر أخرى على هذا المصدر وتوليها زمام الأمر بدلا منه. وفي حالة الرجفان الأذيني تصدر هذه المصادر الجديدة تيارات كهربائية بسرعة عالية جدا تتراوح ما بين نحو 300 إلى 500 نبضة في الدقيقة، وتسري جميعها في حجرتي الأذينين، مما يعني أنه لا يوجد وقت للأذينين لأن ينبسطا ولا لأن ينقبضا بصفة طبيعية، بل هما يرتعشان أو يرتجفان دون فائدة تضمن استيعاب كامل الدم المقبل إليهما ودون فائدة تضمن ضخ الدم منهما إلى البطينين.
إن انتقال سريان جميع هذه التيارات الكهربائية إلى البطينين سيؤدي إلى ارتجاف البطينين، وهي حالة خطرة جدا دون أي مجاملة في عدم ذكر هذه المعلومة المهمة، والقلب لديه تراكيب تضمن إعاقة حصول هذا الانتقال التلقائي لجميع التيارات الكهربائية التي تحصل في الأذينين، ولكنها ضمانة غير متوفرة بالكامل وطوال الوقت، وبالتالي تحتاج إلى معونة علاجية سيأتي ذكرها.
هذا أمر، أما الأمر الآخر يتمثل في أن عدم انقباض الأذينين يؤدي إلى ركود وبقاء وتراكم الدم فيهما، وبقاء الدم دون حركة الجريان السائلة يعطي فرصة لاحتمال تكوين كتل من خثرات أو تجلطات للدم، وهذه الكتل قد يقذفها القلب حال وصولها إلى البطينين، وبالتالي قد تتسبب بسدد لأي من الشرايين التي في الدماغ أو أي منطقة أخرى في الجسم، ومن ثم تحصل ربما السكتة الدماغية وغيرها من مظاهر سدد مجاري الشرايين المغذية للأعضاء المختلفة.
والأمر الثالث أن هناك عددا من المسببات لاحتمال حصول حالة الارتجاف الأذيني، مثل أمراض شرايين القلب أو ضعف عضلة القلب أو بعض أنواع أمراض صمامات القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو التدخين أو أمراض الرئة أو زيادة نشاط الغدة الدرقية أو غيره من الأسباب. والأمر الرابع أن هناك حالات من الارتجاف الأذيني التي لا تستمر طوال الوقت، بل يتكرر حصولها ثم تختفي.
تتبنى استراتيجية المعالجة سلوك ثلاثة طرق بشكل متزامن؛ الطريق الأول معالجة السبب الذي أدى إلى مشكلة الارتجاف الأذيني، الطريق الثاني إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي أي محاولة إزالة الرجفان وإعادة الانضباط إلى مصدر نبض القلب، وتهيئة الفرصة للمصدر الطبيعي لكهرباء القلب أن يقوم بعمله، الثالث العمل على منع حصول المضاعفات والتداعيات الضارة المتوقع احتمال حصولها نتيجة لحالة الرجفان الأذيني.
الطريق الأول لا داعي في الاستطراد بذكره، لأن المعالجة فيها تختلف باختلاف السبب. وفي الطريق الثاني تجري عملية محاولة تقويم نظم القلب، أو تحويل وإعادة سرعة القلب إلى الوضع الطبيعي، إما باستخدام بعض أنواع الأدوية الخاصة بمعالجة إيقاع النبض، أو بإجراء عملية الصدمة الكهربائية على منطقة الصدر، أو يمكن اللجوء إلى إجراء آخر يسمى إتلاف أو اجتثاث النسيج بواسطة التيار الكهربائي عبر القسطرة، أي إتلاف أجزاء من الطرق التي تسري فيها التيارات الكهربائية في داخل القلب، ونتيجة لهذه الوسيلة العلاجية قد يفقد القلب قدرته الطبيعية على توليد النبضات وتنظيم ضربات القلب، وبالتالي يحتاج الأمر إلى وضع جهاز منظم نبض القلب.
الطريق الثالث يتطلب الاهتمام بمنع حصول ثلاثة أمور رئيسة، ومنع حصول عدد من المضاعفات الأقل أهمية. المضاعفات المهمة هي احتمال انتقال حالة الرجفان من الأذينين إلى رجفان في البطينين، أو حصول حالة من زيادة غير طبيعية في عدد انقباضات البطينين. وهناك عدة أدوية تقلل من سرعة انتقال التيارات الكهربائية من الأذينين إلى البطينين. والمضاعفة الأخرى المهمة هي احتمال تكوين خثرات أو جلطات دموية في الأذينين ودفعها إما إلى الدماغ أو الرئتين أو الكلى أو الأطراف. وهنا، يجري وصف أدوية تزيد من سيولة وميوعة الدم وتمنع تكوين الخثرات بسهولة، مثل أدوية الوارفين الذي يُعطى عبر الفم أو الهيبارين الذي يعطى إما في الوريد أو الحقن تحت الجلد، أو عقار دابيكاترين الذي يعطى بالفم، وفي حالات معينة قد يكفي الأسبرين.
إن تلقّي أدوية زيادة سيولة الدم مهم لمنع هذه المضاعفات المتعلقة بخثرات الدم، ولكنه أيضا مهم في المقابل لضبط مقدار الزيادة في سيولة الدم، ومنع حصول مضاعفات النزيف المحتمل حصوله جراء تلقي جرعات أعلى مما يجب من أدوية زيادة سيولة الدم.
هذه الأمور ضعها في ذهنك، وتأنَّ في فهمها، لأنها تغطي غالبية الجوانب التي من المفيد معرفتها حول حالة الرجفان الأذيني وكيفية معالجته ومتابعة المعالجة مع طبيبك.



الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
TT

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون

الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)
الميكروبيوم مفتاح محتمل لعلاج أفضل لمرضى كرون (أرشيفية)

يعد النظام الغذائي السائل الخاص، المعروف بالتغذية المعوية، علاجاً أساسياً لمرض كرون، حيث يتناول المرضى هذه التركيبة فقط لمدة من ستة إلى ثمانية أسابيع، ويتجنبون الأطعمة الصلبة تماماً. ومع ذلك، كانت الأسباب الدقيقة وراء فائدة ذلك غير واضحة في السابق.

تمكن الباحثون في الجامعة التقنية في ميونيخ (TUM) ومستشفى جامعة «لودفيغ ميونيخ» من فك شفرة الآلية وراء هذا العلاج الغذائي. بناءً على هذه النتائج، يطلقون دراسة سريرية تجمع بين العلاج الغذائي، ونقل الميكروبيوم البرازي لتعزيز نتائج العلاج بشكل أكبر. تحتوي تركيبة التغذية المعوية الحصرية على جميع العناصر الغذائية الأساسية، وهي فعّالة للغاية في إدارة مرض كرون، وغالباً ما تعمل على تحسين الأعراض في غضون أيام قليلة، ومن دون علاج طبي إضافي.

تم استخدام هذا العلاج الغذائي بنجاح لعقود من الزمان، خصوصاً عند الأطفال والمراهقين، لأنه لا يقلل الالتهاب فحسب، بل يدعم أيضاً نمو الأمعاء وشفاءها، كما أنه فعّال عند البالغين. ومع ذلك، في حين أن هذا النهج يمكن أن يحفز التحسن، فإن الأعراض غالباً ما تعود في غضون عام بعد انتهاء العلاج.

كيف يمكن إطالة تأثير العلاج الغذائي؟

طور ديرك هالر، أستاذ التغذية والمناعة في جامعة «ميونيخ التقنية»، ومدير معهد «زيل» للغذاء والصحة، وتوبياس شوارد، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي وأمراض الكبد للأطفال في مستشفى «دكتور فون هاونر» للأطفال، نهجاً علاجياً جديداً. فقد أظهر الباحثون كيف يتغير ميكروبيوم الأمعاء - المجتمع المعقد لجميع الميكروبات في الأمعاء - نتيجة للعلاج الغذائي، ويسهم في نجاح العلاج.

لقد وجدوا أن الأحماض الدهنية، متوسطة السلسلة في النظام الغذائي، تؤثر بشكل إيجابي على بعض بكتيريا الأمعاء، التي تتكاثر وتقلل الالتهاب.

نموذج معوي اصطناعي

في نموذج معوي اصطناعي، عالج الباحثون براز المرضى بالتركيبة التي تكيفت مع الميكروبيوم. وبعد نقل هذا الميكروبيوم المكيف إلى الفئران لم يتطور أي التهاب.

يجري الفريق الآن دراسة سريرية للتحقيق فيما إذا كانت هذه الآلية تعمل أيضاً في البشر، والهدف هو الحفاظ على حالة خالية من الالتهاب لأطول فترة ممكنة.

لتحقيق ذلك، يستخدم الباحثون نقل ميكروبيوم البراز، الذي يشار إليه عادة باسم «زرع البراز»، بعد العلاج الغذائي.

لنقل ميكروبيوم البراز، يتبرع الأشخاص الأصحاء الذين خضعوا لفحص مكثف بالميكروبيوم الخاص بهم، الذي تتم معالجته في كبسولات. يتم تصنيع كبسولات التجربة السريرية في مستشفى جامعة «كولونيا»، ويأخذ المرضى الكبسولات بعد العلاج الغذائي.

يقول ديرك هالر: «يتم استخدام نقل ميكروبيوم البراز بنجاح بالفعل لأمراض معوية أخرى. نأمل الآن أن يثبت أنه نهج علاجي جديد لمرض كرون».