صحيفة إسرائيلية: الأميركيون يخشون تهرب نتنياهو من «صفقة القرن»

TT

صحيفة إسرائيلية: الأميركيون يخشون تهرب نتنياهو من «صفقة القرن»

في الوقت الذي كان فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يبني استراتيجيته على الرفض الفلسطيني للتعاطي مع «صفقة القرن»، كشفت صحيفة إسرائيلية، أمس الاثنين، أن الأميركيين باتوا يشعرون بأن الحلفاء الإسرائيليين سيشكلون عقبة أكبر. فالفلسطينيون يقولون موقفهم بصراحة تصل إلى درجة الفظاظة، بينما يتهرب الإسرائيليون منها بنعومة. ونتنياهو يخطط لأن يعلن تبكير موعد الانتخابات العامة، حتى لا يضطر إلى التعامل هو الآخر مع هذه الصفقة.
وقد ذكرت صحيفة «جروزالم بوست» الإسرائيلية الصادرة باللغة الإنجليزية، في عددها الصادر، أمس الاثنين، أن الإدارة الأميركية ترجح أن يؤدي الإعلان عن انتخابات مبكرة في إسرائيل، إلى تأجيل الإعلان عن «صفقة القرن»، بحيث «لا تعود هناك ضرورة للإعلان عن خطة سلام، من دون وجود حكومة في إسرائيل لتتبناها». وقالت الصحيفة إن واشنطن تدرك أن استطلاعات الرأي الإسرائيلية تشير إلى أن الاحتمال الأكبر هو أن يفوز نتنياهو في هذه الانتخابات، ولكنه لكي يحقق هذا الفوز سيكون عليه تكرار تجربته في الانعطاف إلى الخطاب اليميني المتطرف، كما فعل خلال حملته الانتخابية في العام 2015، ففي حينه أعلن تراجعه عن تأييد قيام دولة فلسطينية، وقال إن دولة كهذه لن تقوم أبدا خلال حكمه.
وأوضحت «جروزالم بوست»، أنه في حال تم الإعلان عن «صفقة القرن» خلال الانتخابات الإسرائيلية، وإن نصت على إعلان قيام دولة فلسطينية، فإن رئيس حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، سيستغلها لمهاجمة نتنياهو، الذي سيكون حينها، يصارع أمرين: فمن جهة، من المتوقع أن يتبنى الخطة التي بلورتها الإدارة الأميركية، التي طالما قال عنها إنها الأكثر تأييدا لإسرائيل على الإطلاق. وفي المقابل، إن تبناها، فإنه يعطي «ذخيرة حية» لخصومه السياسيين من اليمين. ولكن نتنياهو يدرك أيضا أنه في حال نأى بنفسه عن الخطة الأميركية، فإنه سيتسبب في شرخ عميق جدا في علاقته مع الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وهي العلاقة التي عمل نتنياهو مطولا على توطيدها منذ وصول ترمب للبيت الأبيض قبل عامين، وبلغت حدا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.
واعتبرت الصحيفة هذا النشر بمثابة رسالة أميركية لنتنياهو، تحذره فيها من مغبة رفض «صفقة القرن». وأكدت أن تفاصيل هذه الخطة ما وزالت تحاط بسرية تامة وكتمان. وقالت إن طاقم السلام الأميركي في البيت الأبيض، ينكب، حاليا، على وضع اللمسات النهائية على خطة بحيث تكون جاهزة للإعلان في شهر ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين. وهي تبحث في مشكلة احتمال تبكير موعد الانتخابات الإسرائيلية إلى شهر فبراير (شباط) أو شهر مارس (آذار) المقبلين. وأشارت «جروزالم بوست» إلى أنه لا أحد في الائتلاف الحكومي لنتنياهو، يعتقد أن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وأن الجميع يعتبرون سنة 2019 سنة انتخابات من بدايتها في إسرائيل، ما يعني أنها لن تكون مناسبة لإجراء مفاوضات سلام، لا قبيل الانتخابات ولا حتى بعدها بأشهر، حيث سيكونون مشغولين في تشكيل الحكومة الجديدة.
الجدير ذكره أن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، التقى مع نتنياهو الأسبوع الماضي. وقال خلال لقاء في لندن بعد عودته من تل أبيب، إن الإدارة الأميركية ستعلن قريبا عن تفاصيل صفقة القرن التي أعدها ترمب، مؤكدا أن كل ما تم نشره من معلومات وتفاصيل، حتى الآن، حول المبادرة الأميركية، غير صحيح وغير دقيق. وأكد أن التفاصيل الواردة في خطة السلام، لن تعجب أيا من الطرفين، وستكون هناك حاجة من الجانبين لتقديم تنازلات، «لكننا على قناعة بأنه إذا وافق الجانبان على الدخول في مفاوضات، فإنهم سيفهمون لماذا توصلنا إلى الاستنتاجات التي ستعرض في خطة السلام». وشدد غرينبلات على أن هدف خطة السلام الأميركية هو التوصل إلى اتفاق دائم بين إسرائيل والفلسطينيين بدلا من الاتفاقيات المؤقتة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».