أسباب متعددة لتساقط الشعر

من أهمها الوراثة والتغيرات الهرمونية والحالة النفسية

أسباب متعددة لتساقط الشعر
TT

أسباب متعددة لتساقط الشعر

أسباب متعددة لتساقط الشعر

تشير الإحصائيات الطبية إلى أن الشكوى من تساقط الشعر، أحد الأسباب الرئيسية لمراجعة البعض للأطباء. وقد يصيب تساقط الشعر، شعر فروة الرأس وحده، أو شعر مناطق أخرى من الجسم. وقد يكون ذلك نتيجة للوراثة، أو التغيرات الهرمونية، أو الأمراض، أو الأدوية، أو الحالة النفسية، أو قد لا يُعرف له سبب محدد.
- حالات تساقط الشعر
ولدى الإناث، يمثل تساقط الشعر من فروة الرأس إحدى المشكلات الصحية ذات التأثيرات النفسية. ويظهر تساقط الشعر كمشكلة، حينما تتأثر به لدى المرأة مناطق كبيرة في فروة الرأس، أو حينما يُصيب التساقط منطقة دون بقية المناطق المحيطة بها من فروة الرأس.
وهناك كثير من الأسباب المعروفة لتساقط الشعر، وهناك أيضا حالات من تساقط الشعر التي لا يُعرف سببها. كما أن تساقط الشعر قد يكون دائما وقد يكون مؤقتا، بحيث يعود الشعر إلى النمو بعد زوال أسباب تساقطه. وفي كثير من الحالات، ثمة أسباب يُمكن التعامل العلاجي معها لوقف استمرار حصول هذه المشكلة.
وحينما تزداد كمية الشعر المتساقط بشكل ملحوظ، فإن من الأفضل مراجعة الطبيب للتأكد من وجود مشكلة تساقط الشعر، وسبب حصولها، وكيفية معالجتها.
وللتعامل مع مشكلة تساقط الشعر، يجدر فهم ما هو الطبيعي وغير الطبيعي في نمو الشعر وتساقطه، إضافة إلى فهم الأسباب التي قد تُؤدي إلى تساقط الشعر، والتي في الوقت نفسه يُمكن معالجتها.
وهناك عدة سيناريوهات في كيفية حصول مشكلة تساقط الشعر، منها بدء ملاحظة المرأة أن ثمة ترققا تدريجيا في غطاء الشعر للجزء العلوي من فروة الرأس. وهذا السيناريو هو الذي يحصل في غالبية حالات تساقط الشعر. وصحيح أن هذا النوع يصيب الرجال والنساء بالعموم مع التقدم في العمر؛ لكن لدى النساء يُلاحظ أنه يبدو على هيئة اتساع منطقة فرق الشعر في منتصف مقدمة فروة الرأس، بينما لدى الرجال يظهر على هيئة اتساع تساقط الشعر على الجانبين لمكان فرق الشعر. وفي سيناريو آخر، تظهر بُقع دائرية من صلع تساقط الشعر بشكل تام أو جزئي، وبقطر نحو 3 سنتيمترات أو أقل أو أكثر، في فروة الرأس. وقد يُصيب هذا الأمر الرجال في شعر الوجه، كاللحية أو الحاجبين. وهناك سيناريو أكثر دراماتيكية؛ حيث يتساقط الشعر بشكل سريع عند تمشيط الشعر أو غسله بالشامبو، مع عدم حصول بقع من الصلع التام في فروة الرأس. وغالباً لهذا علاقة بالتعرض لانتكاسات صحية أو انفعال عاطفي، أو ربما تغيرات في نمط الأكل، وتزويد الجسم بالعناصر الغذائية والمعادن والفيتامينات الضرورية. وهناك حالات مرضية أخرى في الجلد يحصل فيها تساقط الشعر.
- أبرز الأسباب
ومن بين أبرز أسباب تساقط الشعر التي يُمكن التعامل معها: الاضطرابات الهرمونية، والانفعالات النفسية، وسوء التغذية، والحمل، واستخدام مستحضرات غير صحية للشعر، أو العدوى الميكروبية.
وهناك أنواع مختلفة من الاضطرابات الهرمونية التي قد تتسبب بتساقط مؤقت للشعر، منها اضطرابات الهرمونات الجنسية، كما في مراحل الحمل أو الرضاعة، أو بدء فترة سن اليأس من الحيض. وعلى سبيل المثال، من المتوقع حصول تساقط الشعر لدى المرأة بعد الولادة، وخاصة خلال فترة الستة أشهر الأولى بعد الولادة، ولذا لا يستدعي حصول ذلك أي قلق؛ لأن الحالة هذه من المتوقع أن تزول في الغالب بشكل تلقائي لدى معظم النساء، بعد تلك الأشهر الستة الأولى ما بعد الولادة.
ومن الاضطرابات الهرمونية الأخرى، اضطرابات الغدة الدرقية، مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية، أو ضعف الغدة الدرقية. وفي حالات أمراض الغدة الدرقية يحصل تساقط للشعر من جميع مناطق فروة الرأس، أي أنه لا يُصيب منطقة محددة. ومع معالجة كسل الغدة الدرقية، عبر تعويض نقص هرمون الغدة الدرقية، أو معالجة زيادة نشاط الغدة الدرقية، يبدأ الشعر في النمو بشكل تدريجي. ولذا فإن أحد فحوصات تساقط الشعر هو تحليل الدم لمعرفة نسبة هرمون الغدة الدرقية في الجسم.
وفي حالات فقر الدم، وخاصة فقر الدم الناجم عن نقص تزويد الجسم بالحديد، يحصل تساقط في شعر فروة الرأس. وبمعالجة حالة فقر الدم يعود الشعر للنمو التدريجي.
كما قد تتسبب اضطرابات جهاز مناعة الجسم في ظهور بقع أو حلقات من تساقط الشعر، مثل حالات مرض الذئبية، وغيرها من اضطرابات عمل جهاز مناعة الجسم. والحال كذلك في حالات إصابة الجلد بأنواع معينة من الميكروبات، كالفطريات، وهو ما قد يُؤدي إلى تساقط الشعر بشكل مؤقت، وعادة ما يعود الشعر للظهور عند معالجة الفطريات المتسببة بذلك التساقط للشعر.
ومراجعة أنواع الأدوية التي تتناولها المرأة، إما بشكل يومي وإما عند الحاجة، هو أحد جوانب تقييم حالة تساقط الشعر. وهناك أنواع متعددة من الأدوية التي تُؤثر على نمو الشعر، وبالتالي تساقطه، مثل الأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي، أو أنواع من أدوية علاج التهابات المفاصل، أو علاج الاكتئاب، أو أمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم.
- التأثيرات النفسية
وتشير المصادر الطبية إلى أن الحالة النفسية لها تأثير في ظهور حالات تساقط الشعر، كالمعاناة من الصدمة النفسية عند الإجهاض، أو الضغوط النفسية في حالات مرض أحد الأطفال مثلاً.
هذا بالإضافة إلى أن استعمال المرأة لمنتجات غير صحية للعناية بالشعر، أو استخدام أساليب غير صحية في العناية به، مثل صبغات الشعر، ومزيلات لون الشعر المصبوغ، ومزيلات تجعّد الشعر، والمواد التي تُجعّد الشعر، هي كلها أمور تتسبب في الضرر لبنية الشعر، وأيضاً لاستمرارية حيوية نموه، ما يزيد من احتمالات تساقط الشعر، وخاصة الإفراط في وضع المواد الكيميائية عليه، أو وضعها لفترات طويلة قبل غسلها، أو تطبيق أكثر من إجراء على الشعر في وقت واحد، مثل الصبغ والتجعيد، أو الصبغ وإزالة التجعيد، أو الاستخدام اليومي المتكرر للشامبو، أو تمشيط الشعر بقوة، وشده في موديلات متعبة للشعر.
وثمة انتكاسات وحالات مرضية قد يُرافقها ارتفاع حرارة الجسم والالتهابات فيه، وقد يحصل نتيجة لذلك تساقط في الشعر، ولكن هذا السقوط للشعر مؤقت، ويزول في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في الغالب.
- نصائح للوقاية من تساقط الشعر
> تذكر المصادر الطبية أن هناك عدة نصائح للوقاية من تساقط الشعر، ومن أهمها الحرص على التغذية الجيدة، لإمداد الجسم بالبروتينات والمعادن والفيتامينات التي تساعد في نمو الشعر بشكل صحي، وخاصة تناول الأسماك، والبقول، وزيت الزيتون، والمكسرات، والخضراوات، والفواكه الطازجة، والحليب، ومشتقات الألبان. وأيضاً تحاشي إجراء تسريحات الشعر الشديدة على بنية الشعر ومنابته، وتجنب فرك الشعر بشكل شديد أثناء تجفيفه، أو شده بقوة أثناء تمشيطه، وتحاشي مكواة تجعيد الشعر بالحرارة، أو علاجات فرد الشعر بحمام الزيت الساخن. والحرص كذلك على غسل الشعر برفق، وعدم تنظيف فروة الرأس بالأظافر أثناء الاستحمام، بل برؤوس الأصابع.
- حقائق علمية عن الشعر
> ثمة كثير من الحقائق التي تتعلق بالشعر ونموه، ومنها:
- تنمو في جلد الإنسان نحو 5 ملايين شعرة، منها فقط ما بين 100 إلى 150 ألف شعرة تنمو على جلد فروة الرأس.
- ما يتساقط بشكل طبيعي من شعر فروة الرأس هو ما بين 50 إلى 100 شعرة في كل يوم.
- الشعرة هي في الأصل زوائد بروتينية تنمو بشكل متواصل، وتتكون من ثلاث طبقات: قشرة خارجية قاسية، وقشرة متوسطة أقل صلابة، ثم في الداخل هناك لبّ الشعرة.
- الشعر يبدأ بالظهور على الجلد في مرحلة مبكرة من عمر الجنين، وتحديداً وهو في عمر شهرين. وأولى مناطق ظهور الشعر لدى الجنين، أياً كان جنسه، هي منطقة الحاجبين والشفة العليا ومنطقة الذقن. ثم مع بلوغ الشهر الرابع من عمر الجنين، يبدأ الشعر في الظهور على جلد بقية مناطق جسمه.
- الفارق بين شعر الجنين وشعر الإنسان ما بعد الولادة، هو أن شعر الجنين لا يحتوي على طبقة اللب الداخلية، ولذا فإن شعر الجنين ناعم، ويتساقط على مراحل في فترة ما بعد الولادة، ليحل محله الشعر الطبيعي.
- ينمو الشعر على مناطق الجلد كلها، ما عدا مناطق محددة منه، وهي الشفتان وباطن القدمين واليدين.
- يجري نمو الشعر وفق تأثيرات متفاوتة لعوامل عدة، كأنواع مختلفة من الهرمونات، ومكونات الوجبات الغذائية، والحالة النفسية، ومدى تدفق الدم إلى حُلَيْمَة الشعرة، وغيرها من العوامل. ومن الملاحظ أن الأجواء المناخية الحارة تُسرّع من نمو الشعر، بخلاف الأجواء الباردة. كما أن قص الشعر لا يُسرع في نمو الشعر.
- من الناحية التشريحية، يُوجد جذر الشعرة تحت الجلد، ضمن كيس يُسمى الجريب. ومن ضمن مكونات جذر الشعرة توجد حُلَيْمَة الشعرة التي مهمتها إنتاج ساق الشعرة التي تخرج من الجلد.
- نمو الشعر من حليمة الشعرة يمر بمراحل مختلفة: الأولى هي مرحلة النمو، التي يستمر فيها إنتاج الشعرة لمدة خمس سنوات تقريباً. ثم تأتي مرحلة الراحة والركود التي قد تستمر نحو ثلاثة أشهر، ويتوقف فيها نمو ساق الشعرة. وبعدها تأتي مرحلة التساقط التي تنفصل الشعرة فيها عن الجسم. وبعدها يبدأ جريب الشعرة في إنتاج شعرة أخرى تمر في تلك المراحل الثلاث.
- 90 في المائة من شعر فروة الرأس هو في مرحلة النمو، و10 في المائة في مرحلة الراحة والركود.
- تساقط الشعر حالة شائعة جدا، ويؤثر على معظم الناس في وقت ما في حياتهم، ولكن تساقط الشعر الناتج عن كسر ساق الشعرة يختلف عن تساقط الشعر بسبب انخفاض نمو الشعرة من الحليمة.
- الشعر هو مخزن للمعلومات الصحية عن الإنسان، ويمكن بتحليل مكونات الشعرة معرفة معادن وفيتامينات الجسم والأدوية التي يتناولها المرء. ومع ذلك لا توجد فروق واضحة في شعرة الأنثى عن شعرة الذكر.
- عندما تكون الشعرة بصحة جيدة في بنيتها وقوتها، تستطيع الشعرة الواحدة أن تتحمل وزن 100 غرام، أي أن بإمكان شعر فروة الرأس أن يتحمل رفع وزن بمقدار يفوق طنين، أي وزن اثنين من الفيلة الأفريقية.
- الشعر هو ثاني أسرع نسيج ينمو في جسم الإنسان، أي بعد نسيج نخاع العظام. وينمو الشعر نحو سنتيمتر واحد لكل شهر.
- يُوجد ضمن مكونات الشعرة 14 من العناصر المعدنية المختلفة، غالبيتها بكميات ضئيلة جداً، وأحدها هو معدن الذهب. والعناصر الرئيسية، بترتيب الأعلى وجوداً في مكونات الشعرة الواحدة، هي: الكربون، والأوكسجين، والنيتروجين، والهيدروجين، والكبريت.
- كل شعرة على جسم الإنسان لها عصب، وإمدادات دم، وعضلة خاصة بها.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف
TT

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف. مع كل نوبة، قد يبدو الألم لا يُطاق، مُصاحباً بأعراض شديدة كالغثيان والحساسية للضوء والصوت. وعلى الرغم من أن أعراض الصداع النصفي مؤقتة، فإن مدة ألم الصداع يمكن أن تجعل المريض يشعر باليأس وكأن الحياة قد انتهت.

ولكن ومع التطورات الطبية الحديثة، بدأت تظهر خيارات علاجية تُعيد الأمل لملايين المرضى حول العالم تتحكم في الصداع النصفي فور حدوثه ومنعه من التدخل في النشاط اليومي للمريض.

مؤتمر طبي

نظّمت الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، يوم الثلاثاء، 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مؤتمراً طبياً بعنوان «نهج جديد في علاج الصداع النصفي» (NEW APPROACH in MIGRAINE TREATMENT). وعُقد المؤتمر بالتعاون مع المركز الطبي الدولي وشركة «Abbvie» الطبية، وقام ملتقى الخبرات بتنظيمه.

غلاف كتيّب المؤتمر

شاركت في المؤتمر نخبة من المتخصصين، إذ قدّم الدكتور سعيد الغامدي، استشاري الأعصاب بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، وأستاذ مساعد في جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية، عرضاً حول خيارات العلاج المستهدف للصداع النصفي من خلال التجارب السريرية.

كما تناولت الدكتورة ميساء خليل، استشارية طب الأسرة ومتخصصة في الرعاية الوقائية وطب نمط الحياة، أهمية دور الرعاية الأولية في التعامل مع الصداع وعبء الصداع النصفي على عامة السكان.

واختتم الجلسات الدكتور وسام يمق، استشاري الأعصاب ومتخصص في علاج الصرع، بتسليط الضوء على الاحتياجات غير الملباة في العلاجات الحادة للصداع النصفي.

اضطراب عصبي شائع

في حديث خاص مع «صحتك»، أوضح الدكتور أشرف أمير، استشاري طب الأسرة، نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، ورئيس المؤتمر، أن الصداع النصفي (الشقيقة) يُعد من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً على مستوى العالم. وأشار إلى أنه اضطراب عصبي معيق يُصيب نحو مليار شخص عالمياً، يتميز بنوبات من الألم الشديد النابض، غالباً في أحد جانبي الرأس، وترافقه أحياناً أعراض مثل الغثيان، التقيؤ، والحساسية الشديدة للضوء والصوت، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المرضى اليومية.

وأكد الدكتور أمير أن الصداع النصفي يؤثر على أكثر من عُشر سكان العالم، مما يجعله إحدى أكثر الحالات انتشاراً، والتي تنعكس سلباً على جودة حياة المصابين، إضافة إلى تأثيره الواضح على الإنتاجية وساعات العمل.

وأضاف أن التطورات الحديثة في مجال الأبحاث الطبية أسهمت في فهم أعمق لآلية حدوث الصداع النصفي، وهو ما فتح الباب أمام تطوير علاجات مبتكرة وفعّالة. كما أشار إلى أن هذا التقدم يمثل تحولاً كبيراً في التعامل مع هذا الاضطراب، الذي كان يُعدُّ في السابق حالة مرضية غامضة يصعب تفسيرها أو السيطرة عليها.

وبائيات الصداع النصفي

يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم من الصداع النصفي، أي حوالي 11.6 في المائة من سكان العالم. وتظهر الدراسات أن النساء أكثر عُرضة للإصابة به مقارنةً بالرجال.

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ترتفع النسبة إلى 11.9 في المائة. أما في السعودية، فيُقدَّر انتشار الصداع النصفي بـ9.7 في المائة، أي ما يعادل 3.2 مليون شخص، مما يجعله ثاني أكبر سبب للإعاقة بين السكان. وتُشير دراسات محلية، أُجريت في منطقة عسير، إلى أن الصداع النصفي أكثر انتشاراً في المدن (11.3 في المائة) مقارنة بالمناطق الريفية (7.6 في المائة)، وهو ما يعكس ارتباطه بعوامل بيئية وسلوكية متعددة.

عوامل الخطر والأسباب

* الآلية المرضية يُعتقد أن الصداع النصفي ينشأ من تفاعل معقد بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية. وتُشير الدراسات الحديثة إلى أن نوبات الصداع النصفي قد تنشأ من فرط استثارة في قشرة الدماغ، ما يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي الثلاثي. ويمكن لبعض المُحفّزات، مثل التقلبات الهرمونية، الإجهاد، نقص النوم، والعوامل الغذائية، أن تُساهم في بدء نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأفراد المُعرضين لذلك.

أما أسباب الصداع النصفي فتتضمن عوامل متعددة تشمل:

* العامل الجيني: تلعب الوراثة دوراً مهماً في زيادة احتمال الإصابة بالصداع النصفي، إذ تشير الأبحاث إلى ارتباط الجينات ببعض البروتينات العصبية مثل «الببتيد» المرتبط بجين «الكالسيتونين» (Calcitonin Gene-Related Peptide, CGRP).

* التغيرات في الدماغ: تساهم بعض الاضطرابات في نظام التفاعل بين الأوعية الدموية والجهاز العصبي المركزي في زيادة احتمال الإصابة.

* العوامل البيئية: يمكن أن تؤدي التغيرات البيئية مثل التوتر، أو النوم غير المنتظم، أو بعض أنواع الأطعمة والمشروبات إلى تحفيز النوبات.

مراحل الصداع النصفي والتشخيص

* مرحلة البادرة (Prodrome): تبدأ بتغيرات مزاجية، شعور بالتعب، أو حتى رغبة ملحة في تناول الطعام.

* مرحلة الهالة (Aura): تشمل اضطرابات بصرية أو حسية تحدث قبل نوبة الصداع، وتظهر لدى بعض المرضى فقط.

* مرحلة الألم: يصاحبها ألم شديد نابض، غالبًا في جهة واحدة من الرأس، وتستمر من 4 إلى 72 ساعة.

* مرحلة ما بعد الألم (Postdrome): تتسم بالإرهاق والارتباك، لكنها تُعد علامة على انتهاء النوبة.

* التشخيص: يعتمد أساساً على التاريخ المرضي والفحص السريري، مع استبعاد الأسباب العضوية الأخرى. وتشمل المعايير التي يعتمد عليها الأطباء في التشخيص حدوث خمس نوبات على الأقل متكررة من الصداع، تدوم بين 4 و72 ساعة، ومصحوبة بعلامتين من العلامات التالية: ألم من جهة واحدة، نبضات شديدة، ألم شديد، وأعراض مصاحبة كالغثيان.

خيارات علاجية تقليدية وحديثة

وتشمل:

* أولاً: مسكنات الألم. تاريخياً، اعتمدت إدارة الصداع النصفي على مزيج من العلاجات الحادة والوقائية، بما في ذلك مسكنات الألم المتوفرة بدون وصفة طبية، ومضادات المهاجمات، والأدوية الوقائية مثل مضادات الاكتئاب، ومضادة للصرع، وحقن البوتكس. وعلى الرغم من أن هذه العلاجات وفرت الراحة لكثير من المرضى، فإنها محدودة في فاعليتها ولا تخلو من الآثار الجانبية.

* ثانياً: خيارات علاجية «دوائية» حديثة. تؤكد الأبحاث العلمية أن تصميم عقار موجه خصيصاً لعلاج مرض معين يُعد الخطوة الأمثل لتحقيق فاعلية أعلى وتقليل الآثار الجانبية. ودفع هذا المبدأ الباحثين إلى الغوص عميقاً في دراسة آليات الصداع النصفي، ما قادهم لاكتشاف دور بروتين محدد يُعرف بـ«CGRP». ويُطلق هذا البروتين أثناء نوبة الصداع النصفي وينخفض مستواه بمجرد انتهاء النوبة.

في إحدى الدراسات، عندما تم حقن الأشخاص ببروتين (CGRP)، أُصيبوا بنوبات تُشبه الصداع النصفي، ما أكد دوره الحاسم في هذه الحالة. وأدى هذا الاكتشاف إلى تحول جذري في علاج الصداع النصفي، إذ تمت الموافقة في عام 2018 من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أول جسم مضاد أحادي النسيلة يستهدف البروتين (CGRP) للوقاية من الصداع النصفي. ويعدُّ هذا العلاج المبتكر خياراً مستهدفاً ودقيقاً، إذ يعمل على تعطيل مسار البروتين العصبي المسؤول عن نوبات الصداع النصفي، مما يمثل نقلة نوعية في تحسين حياة المرضى.

وتشمل هذه الأدوية:

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة للببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP)، تمت الموافقة على أربعةٍ منها من قبل إدارة الغذاء والدواء: «إبتينيزوماب» (eptinezumab)، «إرينوماب» (erenumab)، «فريمانيزوماب» (fremanezumab)، و«جالكانيزوماب» (galcanezumab). وقد تم تصميمها للعثور على بروتينات (CGRP)، وقد أظهرت فاعليتها في تقليل شدة وتكرار النوبات، سواء أُعطيت عن طريق الفم أو الحقن تحت الجلد، مع حد أدنى من الآثار الجانبية مقارنة بالعلاجات الوقائية التقليدية.

- أجسام وحيدة النسيلة مضادة لمستقبلات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP). تحتضن هذه الأجسام المستقبلات بشكل أساسي بحيث تكون غير نشطة، هما اثنتان: «أبروجيبانت» (Ubrogepant) و«ريميجيبانت» (rimegepant)، وهما أحدث العقاقير لعلاج الصداع النصفي عند الحاجة والتي لا تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية. تعمل هذه الأدوية عن طريق الفم على حظر مستقبلات (CGRP) على أمل إيقاف نوبة الصداع النصفي المستمرة بالفعل. ومن حسنات هذه الأدوية أن ليس لها خطر الإصابة بالصداع الناجم عن الإفراط في تناول الأدوية مثل بعض علاجات الصداع النصفي الأخرى.

نظم الذكاء الاصطناعي وأدوات الصحة الرقمية تسهم في تحسين دقة التشخيص وإدارة المرض

علاجات بلا أدوية

* ثالثاً: خيارات علاجية «غير دوائية»، وتضم:

- أجهزة التعديل العصبي القابلة للارتداء. تُعد هذه الأجهزة طريقة علاجية مبتكرة لعلاج الصداع النصفي، إذ تستخدم نبضات كهربائية أو مغناطيسية إلى الرأس أو الرقبة أو الذراع لتعديل نشاط المسارات العصبية المحددة المشاركة في آلية حدوث الصداع النصفي، تعمل على إعادة النشاط الكهربائي غير الطبيعي في الدماغ إلى طبيعته.

وقد أثبتت الدراسات أن استخدام هذه الأجهزة، المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء أظهر نتائج واعدة في إدارة الصداع النصفي الحاد والوقائي، مما يوفر بديلاً خالياً من الأدوية، وهي آمنة وآثارها الجانبية قليلة جداً.

- استخدام الذكاء الاصطناعي. أسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص عن طريق تطوير خوارزميات تستطيع تحليل التاريخ المرضي وبيانات المرضى لتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالصداع النصفي، مما يساعد في توفير علاجات موجهة وفعالة.

- أدوات الصحة الرقمية. بالإضافة إلى العلاجات الدوائية والقائمة على الأجهزة، أدت الصحة الرقمية إلى تطوير تطبيقات الهواتف المحمولة والتقنيات القابلة للارتداء التي يمكن أن تساعد في إدارة الصداع النصفي. يمكن لهذه الأدوات الرقمية مساعدة المرضى في تتبع أعراضهم، وتحديد المُحفّزات، وتقديم توصيات مخصصة للتعديلات في نمط الحياة وأساليب العلاج.

تعاون عالمي ومحلي

مع التطورات العلمية الحديثة في فهم آلية حدوث الصداع النصفي وتطوير خيارات علاجية مبتكرة، لم يعد الصداع النصفي حُكماً على حياة المرضى بالتوقف.

وتلعب الجمعيات الطبية والهيئات الصحية، مثل الجمعية السعودية للصداع، دوراً محورياً في تحسين حياة المرضى من خلال التوعية، وتوفير خيارات علاجية موجهة.

ويبدأ الحل بالبحث عن العلاج المناسب وعدم تجاهل هذه الحالة العصبية المعقدة. ومع الاستمرار في الابتكار، يمكننا تخفيف العبء وتحقيق جودة حياة أفضل للمرضى.

*استشاري طب المجتمع