أسباب متعددة لتساقط الشعر

من أهمها الوراثة والتغيرات الهرمونية والحالة النفسية

أسباب متعددة لتساقط الشعر
TT

أسباب متعددة لتساقط الشعر

أسباب متعددة لتساقط الشعر

تشير الإحصائيات الطبية إلى أن الشكوى من تساقط الشعر، أحد الأسباب الرئيسية لمراجعة البعض للأطباء. وقد يصيب تساقط الشعر، شعر فروة الرأس وحده، أو شعر مناطق أخرى من الجسم. وقد يكون ذلك نتيجة للوراثة، أو التغيرات الهرمونية، أو الأمراض، أو الأدوية، أو الحالة النفسية، أو قد لا يُعرف له سبب محدد.
- حالات تساقط الشعر
ولدى الإناث، يمثل تساقط الشعر من فروة الرأس إحدى المشكلات الصحية ذات التأثيرات النفسية. ويظهر تساقط الشعر كمشكلة، حينما تتأثر به لدى المرأة مناطق كبيرة في فروة الرأس، أو حينما يُصيب التساقط منطقة دون بقية المناطق المحيطة بها من فروة الرأس.
وهناك كثير من الأسباب المعروفة لتساقط الشعر، وهناك أيضا حالات من تساقط الشعر التي لا يُعرف سببها. كما أن تساقط الشعر قد يكون دائما وقد يكون مؤقتا، بحيث يعود الشعر إلى النمو بعد زوال أسباب تساقطه. وفي كثير من الحالات، ثمة أسباب يُمكن التعامل العلاجي معها لوقف استمرار حصول هذه المشكلة.
وحينما تزداد كمية الشعر المتساقط بشكل ملحوظ، فإن من الأفضل مراجعة الطبيب للتأكد من وجود مشكلة تساقط الشعر، وسبب حصولها، وكيفية معالجتها.
وللتعامل مع مشكلة تساقط الشعر، يجدر فهم ما هو الطبيعي وغير الطبيعي في نمو الشعر وتساقطه، إضافة إلى فهم الأسباب التي قد تُؤدي إلى تساقط الشعر، والتي في الوقت نفسه يُمكن معالجتها.
وهناك عدة سيناريوهات في كيفية حصول مشكلة تساقط الشعر، منها بدء ملاحظة المرأة أن ثمة ترققا تدريجيا في غطاء الشعر للجزء العلوي من فروة الرأس. وهذا السيناريو هو الذي يحصل في غالبية حالات تساقط الشعر. وصحيح أن هذا النوع يصيب الرجال والنساء بالعموم مع التقدم في العمر؛ لكن لدى النساء يُلاحظ أنه يبدو على هيئة اتساع منطقة فرق الشعر في منتصف مقدمة فروة الرأس، بينما لدى الرجال يظهر على هيئة اتساع تساقط الشعر على الجانبين لمكان فرق الشعر. وفي سيناريو آخر، تظهر بُقع دائرية من صلع تساقط الشعر بشكل تام أو جزئي، وبقطر نحو 3 سنتيمترات أو أقل أو أكثر، في فروة الرأس. وقد يُصيب هذا الأمر الرجال في شعر الوجه، كاللحية أو الحاجبين. وهناك سيناريو أكثر دراماتيكية؛ حيث يتساقط الشعر بشكل سريع عند تمشيط الشعر أو غسله بالشامبو، مع عدم حصول بقع من الصلع التام في فروة الرأس. وغالباً لهذا علاقة بالتعرض لانتكاسات صحية أو انفعال عاطفي، أو ربما تغيرات في نمط الأكل، وتزويد الجسم بالعناصر الغذائية والمعادن والفيتامينات الضرورية. وهناك حالات مرضية أخرى في الجلد يحصل فيها تساقط الشعر.
- أبرز الأسباب
ومن بين أبرز أسباب تساقط الشعر التي يُمكن التعامل معها: الاضطرابات الهرمونية، والانفعالات النفسية، وسوء التغذية، والحمل، واستخدام مستحضرات غير صحية للشعر، أو العدوى الميكروبية.
وهناك أنواع مختلفة من الاضطرابات الهرمونية التي قد تتسبب بتساقط مؤقت للشعر، منها اضطرابات الهرمونات الجنسية، كما في مراحل الحمل أو الرضاعة، أو بدء فترة سن اليأس من الحيض. وعلى سبيل المثال، من المتوقع حصول تساقط الشعر لدى المرأة بعد الولادة، وخاصة خلال فترة الستة أشهر الأولى بعد الولادة، ولذا لا يستدعي حصول ذلك أي قلق؛ لأن الحالة هذه من المتوقع أن تزول في الغالب بشكل تلقائي لدى معظم النساء، بعد تلك الأشهر الستة الأولى ما بعد الولادة.
ومن الاضطرابات الهرمونية الأخرى، اضطرابات الغدة الدرقية، مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية، أو ضعف الغدة الدرقية. وفي حالات أمراض الغدة الدرقية يحصل تساقط للشعر من جميع مناطق فروة الرأس، أي أنه لا يُصيب منطقة محددة. ومع معالجة كسل الغدة الدرقية، عبر تعويض نقص هرمون الغدة الدرقية، أو معالجة زيادة نشاط الغدة الدرقية، يبدأ الشعر في النمو بشكل تدريجي. ولذا فإن أحد فحوصات تساقط الشعر هو تحليل الدم لمعرفة نسبة هرمون الغدة الدرقية في الجسم.
وفي حالات فقر الدم، وخاصة فقر الدم الناجم عن نقص تزويد الجسم بالحديد، يحصل تساقط في شعر فروة الرأس. وبمعالجة حالة فقر الدم يعود الشعر للنمو التدريجي.
كما قد تتسبب اضطرابات جهاز مناعة الجسم في ظهور بقع أو حلقات من تساقط الشعر، مثل حالات مرض الذئبية، وغيرها من اضطرابات عمل جهاز مناعة الجسم. والحال كذلك في حالات إصابة الجلد بأنواع معينة من الميكروبات، كالفطريات، وهو ما قد يُؤدي إلى تساقط الشعر بشكل مؤقت، وعادة ما يعود الشعر للظهور عند معالجة الفطريات المتسببة بذلك التساقط للشعر.
ومراجعة أنواع الأدوية التي تتناولها المرأة، إما بشكل يومي وإما عند الحاجة، هو أحد جوانب تقييم حالة تساقط الشعر. وهناك أنواع متعددة من الأدوية التي تُؤثر على نمو الشعر، وبالتالي تساقطه، مثل الأدوية المستخدمة في العلاج الكيميائي، أو أنواع من أدوية علاج التهابات المفاصل، أو علاج الاكتئاب، أو أمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم.
- التأثيرات النفسية
وتشير المصادر الطبية إلى أن الحالة النفسية لها تأثير في ظهور حالات تساقط الشعر، كالمعاناة من الصدمة النفسية عند الإجهاض، أو الضغوط النفسية في حالات مرض أحد الأطفال مثلاً.
هذا بالإضافة إلى أن استعمال المرأة لمنتجات غير صحية للعناية بالشعر، أو استخدام أساليب غير صحية في العناية به، مثل صبغات الشعر، ومزيلات لون الشعر المصبوغ، ومزيلات تجعّد الشعر، والمواد التي تُجعّد الشعر، هي كلها أمور تتسبب في الضرر لبنية الشعر، وأيضاً لاستمرارية حيوية نموه، ما يزيد من احتمالات تساقط الشعر، وخاصة الإفراط في وضع المواد الكيميائية عليه، أو وضعها لفترات طويلة قبل غسلها، أو تطبيق أكثر من إجراء على الشعر في وقت واحد، مثل الصبغ والتجعيد، أو الصبغ وإزالة التجعيد، أو الاستخدام اليومي المتكرر للشامبو، أو تمشيط الشعر بقوة، وشده في موديلات متعبة للشعر.
وثمة انتكاسات وحالات مرضية قد يُرافقها ارتفاع حرارة الجسم والالتهابات فيه، وقد يحصل نتيجة لذلك تساقط في الشعر، ولكن هذا السقوط للشعر مؤقت، ويزول في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في الغالب.
- نصائح للوقاية من تساقط الشعر
> تذكر المصادر الطبية أن هناك عدة نصائح للوقاية من تساقط الشعر، ومن أهمها الحرص على التغذية الجيدة، لإمداد الجسم بالبروتينات والمعادن والفيتامينات التي تساعد في نمو الشعر بشكل صحي، وخاصة تناول الأسماك، والبقول، وزيت الزيتون، والمكسرات، والخضراوات، والفواكه الطازجة، والحليب، ومشتقات الألبان. وأيضاً تحاشي إجراء تسريحات الشعر الشديدة على بنية الشعر ومنابته، وتجنب فرك الشعر بشكل شديد أثناء تجفيفه، أو شده بقوة أثناء تمشيطه، وتحاشي مكواة تجعيد الشعر بالحرارة، أو علاجات فرد الشعر بحمام الزيت الساخن. والحرص كذلك على غسل الشعر برفق، وعدم تنظيف فروة الرأس بالأظافر أثناء الاستحمام، بل برؤوس الأصابع.
- حقائق علمية عن الشعر
> ثمة كثير من الحقائق التي تتعلق بالشعر ونموه، ومنها:
- تنمو في جلد الإنسان نحو 5 ملايين شعرة، منها فقط ما بين 100 إلى 150 ألف شعرة تنمو على جلد فروة الرأس.
- ما يتساقط بشكل طبيعي من شعر فروة الرأس هو ما بين 50 إلى 100 شعرة في كل يوم.
- الشعرة هي في الأصل زوائد بروتينية تنمو بشكل متواصل، وتتكون من ثلاث طبقات: قشرة خارجية قاسية، وقشرة متوسطة أقل صلابة، ثم في الداخل هناك لبّ الشعرة.
- الشعر يبدأ بالظهور على الجلد في مرحلة مبكرة من عمر الجنين، وتحديداً وهو في عمر شهرين. وأولى مناطق ظهور الشعر لدى الجنين، أياً كان جنسه، هي منطقة الحاجبين والشفة العليا ومنطقة الذقن. ثم مع بلوغ الشهر الرابع من عمر الجنين، يبدأ الشعر في الظهور على جلد بقية مناطق جسمه.
- الفارق بين شعر الجنين وشعر الإنسان ما بعد الولادة، هو أن شعر الجنين لا يحتوي على طبقة اللب الداخلية، ولذا فإن شعر الجنين ناعم، ويتساقط على مراحل في فترة ما بعد الولادة، ليحل محله الشعر الطبيعي.
- ينمو الشعر على مناطق الجلد كلها، ما عدا مناطق محددة منه، وهي الشفتان وباطن القدمين واليدين.
- يجري نمو الشعر وفق تأثيرات متفاوتة لعوامل عدة، كأنواع مختلفة من الهرمونات، ومكونات الوجبات الغذائية، والحالة النفسية، ومدى تدفق الدم إلى حُلَيْمَة الشعرة، وغيرها من العوامل. ومن الملاحظ أن الأجواء المناخية الحارة تُسرّع من نمو الشعر، بخلاف الأجواء الباردة. كما أن قص الشعر لا يُسرع في نمو الشعر.
- من الناحية التشريحية، يُوجد جذر الشعرة تحت الجلد، ضمن كيس يُسمى الجريب. ومن ضمن مكونات جذر الشعرة توجد حُلَيْمَة الشعرة التي مهمتها إنتاج ساق الشعرة التي تخرج من الجلد.
- نمو الشعر من حليمة الشعرة يمر بمراحل مختلفة: الأولى هي مرحلة النمو، التي يستمر فيها إنتاج الشعرة لمدة خمس سنوات تقريباً. ثم تأتي مرحلة الراحة والركود التي قد تستمر نحو ثلاثة أشهر، ويتوقف فيها نمو ساق الشعرة. وبعدها تأتي مرحلة التساقط التي تنفصل الشعرة فيها عن الجسم. وبعدها يبدأ جريب الشعرة في إنتاج شعرة أخرى تمر في تلك المراحل الثلاث.
- 90 في المائة من شعر فروة الرأس هو في مرحلة النمو، و10 في المائة في مرحلة الراحة والركود.
- تساقط الشعر حالة شائعة جدا، ويؤثر على معظم الناس في وقت ما في حياتهم، ولكن تساقط الشعر الناتج عن كسر ساق الشعرة يختلف عن تساقط الشعر بسبب انخفاض نمو الشعرة من الحليمة.
- الشعر هو مخزن للمعلومات الصحية عن الإنسان، ويمكن بتحليل مكونات الشعرة معرفة معادن وفيتامينات الجسم والأدوية التي يتناولها المرء. ومع ذلك لا توجد فروق واضحة في شعرة الأنثى عن شعرة الذكر.
- عندما تكون الشعرة بصحة جيدة في بنيتها وقوتها، تستطيع الشعرة الواحدة أن تتحمل وزن 100 غرام، أي أن بإمكان شعر فروة الرأس أن يتحمل رفع وزن بمقدار يفوق طنين، أي وزن اثنين من الفيلة الأفريقية.
- الشعر هو ثاني أسرع نسيج ينمو في جسم الإنسان، أي بعد نسيج نخاع العظام. وينمو الشعر نحو سنتيمتر واحد لكل شهر.
- يُوجد ضمن مكونات الشعرة 14 من العناصر المعدنية المختلفة، غالبيتها بكميات ضئيلة جداً، وأحدها هو معدن الذهب. والعناصر الرئيسية، بترتيب الأعلى وجوداً في مكونات الشعرة الواحدة، هي: الكربون، والأوكسجين، والنيتروجين، والهيدروجين، والكبريت.
- كل شعرة على جسم الإنسان لها عصب، وإمدادات دم، وعضلة خاصة بها.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال