تزايد اهتمام وتركيز الباحثين على هذا الهرمون الذي يساعد الجسم في التحكم في مستوى المياه والصوديوم.
قد يضرّ ارتفاع ضغط الدم، الذي ليس له أعراض أو علامات تحذيرية، بالأوعية الدموية، والقلب، والمخ، والعيون، والكلى. وتقدّر نسبة الذين يعانون من هذه الحالة الخفية في الولايات المتحدة الأميركية بنحو 46 في المائة من البالغين. يمكن أن تساهم بعض العادات غير الصحية، مثل التدخين، والنظام الغذائي السيئ، وعدم ممارسة التمارين الرياضية، في ارتفاع ضغط الدم. وفي الوقت الذي قد تؤدي فيه أمراض الكلى إلى حدوث ارتفاع في ضغط الدم، فإن السبب وراء ظهوره في حالات أكثر الناس المصابين به يظل مجهولا.
- اختلال هرموني
مع ذلك بالنسبة لنحو واحد من بين كل 15 شخصا مصابا بارتفاع ضغط الدم، يؤدي اختلال توازن هرمون الألدوستيرون aldosterone إلى الإصابة بتلك الحالة. ربما تكون تلك المشكلة أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط دم يصعب التحكم فيه، أو ما يطلق عليه ارتفاع ضغط الدم المقاوم resistant hypertension.
تقول الدكتورة غيل أدلر، رئيسة قسم الغدد الصماء والأمراض القلبية والوعائية في مستشفى «بريغهام والنساء» التابعة لجامعة هارفارد: «يكون مستوى هرمون الألدوستيرون مرتفعاً جداً لدى واحد من كل خمسة من بين أولئك الأشخاص».
ويعد هرمون الألدوستيرون منظماً أساسيا للصوديوم والبوتاسيوم في الجسم حسب ما توضح الدكتورة غيل. إذا كنت في الصحراء فيحتاج جسمك إلى ذلك الهرمون من أجل الاحتفاظ بالصوديوم والماء للحفاظ على استقرار مستوى ضغط الدم. لكن إفراز الكثير من هذا الهرمون يجعل الكلى تخزن كمية كبيرة من الصوديوم والماء، وينتهي المطاف بهذه الكمية الزائدة من السوائل إلى مجرى الدم مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم كما توضح أدلر.
- أسباب زيادة الألدوستيرون
تفرز الغدتان الكظريتان، اللتان تتخذان شكل مثلث وتوجد كل واحدة منهما أعلى كل كلية من الكليتين، عددا من الهرمونات الأساسية منها الألدوستيرون. عندما تفرز الغدتان مقدارا كبيرا من ذلك الهرمون، تُعرف تلك الحالة باسم الألدوستيرونية الابتدائية primary aldosteronism. ومن الأسباب الشائعة لحدوث ذلك وجود نمو سرطاني حميد في إحدى الغدتين الكظريتين وتُعرف تلك الحالة باسم متلازمة «كون» Conn’s syndrome. كذلك يعاني البعض من الألدوستيرونية الابتدائية مجهولة العلة، وهو زياد إفراز الغدتين للهرمون دون سبب معروف واضح. كان هناك اعتقاد بأن الغدتين الكظريتين سبب نادر نسبياً لارتفاع ضغط الدم، لكن الدكتورة أدلر تقول إن الأطباء يدركون حالياً أن الألدوستيرونية الابتدائية ربما تشكل قمة الجبل الجليدي فحسب. ربما يمثل ذلك تسلسلا يؤدي إلى حدوث المشكلة التي يعاني منها عدد أكبر من الناس الذين لا تظهر عليهم أعراض واضحة كثيرة.
- ما وراء ضغط الدم
أدى تزايد الاهتمام بهرمون الألدوستيرون خلال العقد الماضي إلى اكتشاف مستقبلات الألدوستيرون ليس فقط في الكلى بل في الأوعية الدموية، وخلايا الدم البيضاء، والخلايا الدهنية، والخلايا العضلية أيضاً (الخلايا العضلية التي تكّون عضلة القلب). كذلك تتزايد الأدلة التي تشير إلى أن زيادة إفراز هرمون الألدوستيرون ربما يؤثر على القلب بأشكال أخرى بخلاف ارتفاع ضغط الدم.
على سبيل المثال ربما تعزز مستويات الهرمون المرتفعة زيادة سمك نسيج عضلة القلب وحدوث جروح به وتُعرف هذه الحالة باسم تليف عضلة القلب cardiac fibrosis. كذلك قد يؤدي ارتفاع مستوى ذلك الهرمون إلى الإصابة بمرض الأوعية (الشعيرات الدموية) التاجية الصغيرة جداً ومن أعراضه تلف جدران الشرايين الصغيرة في القلب. تتسبب هذه الحالة، التي قد تنتشر بين النساء ومرضى السكري، في ظهور أعراض لأمراض قلبية مثل ألم في الصدر، وضيق في التنفس، وشعور بالإرهاق والإعياء. وتشير الأبحاث التي أجرتها الدكتورة أدلر وزملاؤها حديثاً إلى أن الـ«سبيرونولاكتون» spironolactone (ألداكتون Aldactone)، وهو من العقاقير القديمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم التي تثبط إفراز الألدوستيرون، يحسّن تدفق الدم عبر شرايين القلب لدى الأشخاص المصابين بداء السكري. إضافة إلى ذلك قد تقلل بعض أدوية الستاتين مستوى الألدوستيرون أيضاً. قد يساعد هذا الانخفاض المحتمل في إفراز الهرمون (إلى جانب آثار الستاتين الخافضة للكولسترول) في الحد من الإصابة بالمرض القلبي على حد قول الدكتورة أدلر.
- فحوصات مهمة
من علامات الإصابة بالألدوستيرونية الابتدائية هو انخفاض مستوى البوتاسيوم في الدم وهو ما قد يؤدي في بعض الأحوال إلى ظهور أعراض مثل الضعف، واضطراب نبض القلب، وتشنج العضلات. ربما يحتاج الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وانخفاض مستوى البوتاسيوم إلى إجراء فحص دم لمعرفة مستوى هرمون الألدوستيرون، وكذلك الرينين وهو بروتين تفرزه الكليتان. يمكن أن يكشف الفحص بأشعة الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية عن نمو غير طبيعي في الغدة الكظرية. يمكن من عينات من الدم المسحوبة من أوردة في الغدتين الكظريتين اليمني واليسرى معرفة أي من الغدتين هي التي تفرز كمية كبيرة من هرمون الألدوستيرون. كثيراً ما تنجح جراحة لا تتضمن قدرا كبيرا من التدخل لإزالة الغدة المتضررة في علاج ارتفاع ضغط الدم وعلاج انخفاض البوتاسيوم. وعادة ما يتم علاج زيادة إفراز الغدتين للهرمون بتناول عقار «سبيرونولاكتون»، أو عقار آخر ذي صلة مشابه هو «إبليرينون eplerenone» (إنسبرا Inspra). ويثبّط العلاجان نشاط الألدوستيرون في الكلى وفي أي موضع آخر.
- تشريح الغدة الكظرية
تفرز الغدتان الكظريتان اللتان توجدان أعلى الكليتين، الكثير من الهرمونات بما فيها الألدوستيرون. يساعد هذا الهرمون الكلى في تنظيم الماء، والصوديوم، والبوتاسيوم. يمكن أن تؤدي زيادة إفراز الألدوستيرون إلى احتفاظ الكلى بالماء والصوديوم والتخلص من البوتاسيوم.
- رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»