العلاج الجيني... آمال كبيرة ومخاوف مشروعة

يعتمد على استبدال جين تالف بآخر سليم أو إيقاف نشاطه

العلاج الجيني... آمال كبيرة ومخاوف مشروعة
TT
20

العلاج الجيني... آمال كبيرة ومخاوف مشروعة

العلاج الجيني... آمال كبيرة ومخاوف مشروعة

طالعتنا جريدة «الشرق الأوسط» بخبر نشر الأسبوع الماضي عن احتمالية إعادة الإبصار للأطفال فاقدي البصر، من خلال استبدال جين تالف بآخر سليم يؤدي وظيفته. وبالطبع تعتبر هذه الخطوة إنجازاً كبيراً يضاف إلى النجاحات التي يحققها العلاج عن طريق التحكم في الجينات ومحاولة تغيير خصائصها خاصة. وقد بدأ العلماء في الاستفادة من هذه الفكرة منذ فترة طويلة في الأمور المتعلقة بتحسين السلالات، سواء في الحيوانات أو النباتات فيما عرف مجازاً بالهندسة الوراثية Genetic Engineering. والحقيقة أن توصيف هندسة الجينات غير دقيق علمياً تماماً في حالة استخدامه في الإنسان، ولذا يكون لفظ العلاج الجيني Gene Therapy أكثر دقة.

فكرة العلاج
من المعروف أن العلاج بالجينات ظهر منذ عقود قليلة، وتعتمد فكرته على الاستفادة من الهندسة الوراثية في علاج الأمراض غير القابلة للشفاء، سواء لأسباب جينية خاصة في الأطفال مثل أنيميا الخلايا المنجلية sickle cell anemia أو العيوب الخلقية أو بعض أنواع السرطانات، عن طريق الاستفادة من الجينات.
ويعتبر الجين مفتاح الشفرة الخاص بكل خلية والذي يحتوي على معلومات التشغيل الخاصة بعمل كل منها. وحدوث خلل في ترتيب هذه الشفرة أو البرمجة يؤدي بالضرورة إلى خلل في وظيفة الخلية، وتوقف نشاطها، مثل فقدان البصر في حالة إصابة خلايا الشبكية. وتعتمد الفكرة العلاجية على ما يشبه عمل «جين صناعي» يحمل البرمجة الصحيحة بدلاً من «البرمجة التالفة» لعمل الخلية من خلال إفراز البروتين.
والبروتين هو المكون الأساسي لجميع خلايا الجسم من أعضاء وهرمونات وجينات وعظام وأربطة، ويعتبر بمثابة أرضية البناء؛ وهو الذي يقوم بوظيفة معينة مثل تجديد الخلايا الصبغية المبطنة لجدار الشبكية كما في حالة الأطفال فاقدي البصر، وبالتالي يمكنهم من استعادة بصرهم. وعلى الرغم من أن فكرة العلاج الجيني سهلة الاستيعاب فإنها تحتاج لتقنيات معقدة جدا، وبخاصة أن مجرد إدخال الجين إلى الخلية لا يضمن نجاح العملية بالضرورة.

طرق العلاج الجيني
* صنع جين سليم ووضع الجين الجديد مكان القديم التالف بسبب طفرة جينية حدثت غيرت عمل الجين.
* أو عن طريق توقيف لنشاط الجين Inactivating الذي يقوم بوظيفته بشكل سيئ أو بشكل متزايد النشاط، كما في حالات السرطانات التي تنقسم فيها الخلايا بشكل متسارع جداً، ويؤدي إلى تدمير العضو أو عدم قيامه بوظائفه.
* وأيضا هناك إمكانية إدخال جين جديد تماماً بخصائص جديدة من شأنه أن يساعد الجسم في مقاومة المرض.
ونظراً لأن تقنية العلاج بالجينات حديثة ولم يتم التعرف بعد على جدواها أو مدى كفاءتها، فإن استخدامها ما زال محصوراً في أنواع الأمراض التي تكون نسبة الشفاء منها ضعيفة أو المتعلقة بخلل جيني في الأساس، فضلاً عن احتمالية وجود أخطار من استخدامها.

مخاطر العلاج الجيني
هناك بعض العوامل التي تحد من التوسع في استخدام العلاج الجيني مثل المخاطر الطبية التي ربما تنتج عن استخدامه ومنها:
* احتمالية أن يتم إدخال الجين الجديد في المكان الخاطئ؛ بمعنى أن يتم استبداله بجين سليم بدلاً من التالف؛ نظراً لأن الخلية الواحدة تحتوي على آلاف الجينات، ولذلك تحتاج لتقنية عالية الدقة، ونتيجة لهذا الخطأ يمكن أن تحدث أخطار صحية كبيرة، فضلاً عن أنه حتى في حالة وصوله إلى الخلية الصحية في بعض الأحيان تقوم الخلية بوقف نشاط الجين الجديد.
* هناك مشكلة أخرى تواجه العلاج بالجينات وهي حدوث التفاعلات المناعية، حيث يتم التعامل مع الجين الجديد مثل أي ميكروب أو فيروس يدخل الجسم، وبالتالي تقوم الأجهزة المناعية للجسم بمقاومته ومحاولة تدميره، وهو الأمر الذي يؤذي جسم الإنسان، ولذلك يتم إدخال الجينات عبر وسيط carrier، وعادة يكون هذا الوسيط فيروسا تتم إعادة تخليق جيناته بشكل لا يجعل الفيروس يسبب المرض، وفي الوقت نفسه يكون له القدرة على دخول الخلية البشرية من دون تحفيز الجهاز المناعي.
* احتمالية أن يتعارض عمل الجين الجديد مع نشاط بقية الجينات بمعنى أنه يستبدل التالف ويبدأ عمله بالفعل، ولكن هذا العمل ربما يؤثر على جين أو عدة جينات أخرى، ويتدخل في انقسام الخلية، وهو الأمر الذي ربما ينتج عنه الإصابة ببعض أنواع السرطانات (بدلاً من علاجها).
* تعتبر التكلفة المادية من أكثر الأمور المؤرقة في استخدام تقنية العلاج بالجينات، حيث إن تكلفتها مرتفعة جداً، وتحتاج لإمكانيات كبيرة، ومعامل مجهزة بشكل عالي الدقة؛ نظراً لاختبار العديد من الجينات حتى يتم اختيار الجين المناسب.
وبطبيعة الحال يحتاج الأمر إلى العديد من التجارب والدراسات لمعرفة لأي مدى سوف يساهم العلاج الجيني في شفاء العديد من الأمراض ذات الطبيعة الوراثية، خاصة في الأطفال أو حتى في البالغين، حيث إن العديد من الدراسات الحديثة تشير إلى الدور الذي يلعبه عامل الوراثة والجينات تقريباً في معظم الأمراض، وهناك معاهد بحثية متخصصة في عمل ما يشبه خريطة بشرية للجينات الموجودة في كل خلية في الجسم. وبالفعل قاموا بتحديد 25 ألفاً من الجينات المسؤولة عن العديد من الخصائص والوظائف الحيوية للخلية للبشرية. وعن طريق التحكم في إعادة ترتيب هذه الجينات التي يحدث لها طفرات، أو استبدالها وتغيير خصائصها يمكن التوصل إلى الوقاية والعلاج من العديد من الأمراض.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

صحتك صورة نشرتها شركة BiVACOR للقلب الاصطناعي

لأول مرة... رجل يعيش 100 يوم بقلب اصطناعي من التيتانيوم

عاش رجل أسترالي 100 يوم بقلب اصطناعي من التيتانيوم، بانتظار عملية زراعة قلب من متبرع، وهي أطول فترة حتى الآن لشخص يستخدم هذه التقنية.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الزيوت النباتية بما في ذلك زيت الزيتون غنية بالدهون غير المشبعة ولوحظ ارتباطها بانخفاض الالتهابات (رويترز)

لتخفيض خطر الوفاة... استبدل الزبدة بواسطة الزيوت النباتية

تقارن دراسة حديثة نُشرت في مجلة «جاما» بين كيفية تأثير استهلاك الزبدة أو الزيت النباتي على الوفيات الإجمالية وتلك المرتبطة بأسباب محددة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أولى علامات التنكس والانحدار في التفكير تبدأ من سن 44 عاماً (رويترز)

في أي عمر يبدأ تفكيرك بالتدهور؟

حدَّدت دراسة جديدة السنَّ المحددة التي تُظهر فيها خلايا أدمغتنا أولى علامات الانحدار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الأكل خلال الصيام يحتاج إلى نظام خاص (بابليك دومين)

الصيام المتقطع قد يساعد في منع جلطات الدم

فحصت دراسة نُشرت في دورية «لايف ميتابوليزم» آثار الصيام المتقطع على مكونات تخثر الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة... رجل يعيش 100 يوم بقلب اصطناعي من التيتانيوم

صورة نشرتها شركة BiVACOR للقلب الاصطناعي
صورة نشرتها شركة BiVACOR للقلب الاصطناعي
TT
20

لأول مرة... رجل يعيش 100 يوم بقلب اصطناعي من التيتانيوم

صورة نشرتها شركة BiVACOR للقلب الاصطناعي
صورة نشرتها شركة BiVACOR للقلب الاصطناعي

عاش رجل أسترالي 100 يوم بقلب اصطناعي من التيتانيوم، بانتظار عملية زراعة قلب من متبرع، وهي أطول فترة حتى الآن لشخص يستخدم هذه التقنية.

ووفق شبكة «سي إن إن» الأميركية، فإن المريض هو رجل في الأربعينات من عمره، رفض الكشف عن هويته، وقد حصل على القلب الاصطناعي، خلال عملية جراحية خضع لها في مستشفى سانت فينسنت بسيدني، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وفي الشهر الماضي، أصبح الرجل أول شخص في العالم يغادر المستشفى مزوداً بالجهاز، الذي أبقاه على قيد الحياة 100 يوم حتى توفَّر متبرع بالقلب، في وقت سابق من هذا الشهر.

ووفقاً لبيانٍ صدر، اليوم الأربعاء، عن مستشفى سانت فينسنت وجامعة موناش وشركة BiVACOR؛ الشركة الأميركية الأسترالية المطورة للجهاز، فإن الرجل، الذي كان يعاني قصوراً حاداً في القلب، «يتعافى بشكل جيد».

وقال المستشفى، في البيان، إن المريض يحمل الرقم القياسي لأطول فترة يقضيها شخص مزود بقلب اصطناعي، «مما يُعدّ خطوة كبيرة نحو مستقبل تقنية القلوب الاصطناعية».

وأضاف المستشفى أن الهدف طويل المدى هو أن يتمكن المرضى من العيش بالجهاز إلى أجل غير مسمى، دون الحاجة إلى زراعة قلب حقيقي.

حقائق

18 مليون شخص

يموتون بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية سنوياً

من جهته، صرح مؤسس شركة BiVACOR، المهندس البيولوجي الأسترالي دانيال تيمز، الذي اخترع الجهاز بعد وفاة والده بمرض القلب، بأنه «من المُبهج رؤية عقود من العمل تُثمر».

وقال، في البيان: «يُعرب فريق BiVACOR بأكمله عن امتنانه العميق للمريض وعائلته؛ لثقتهم بقلبنا الاصطناعي. ستُمهد شجاعتهم الطريق لعدد لا يُحصى من المرضى للحصول على هذه التقنية المنقذة للحياة».

وتُعدّ أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الرئيسي للوفاة عالمياً، إذ تُودي بحياة نحو 18 مليون شخص سنوياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.