حسين عبد الرسول... كيف اكتشف طفل مصري مقبرة «الفرعون الذهبي» بالصدفة؟

ظهور صورة حسين عبد الرسول خلال افتتاح المتحف المصري الكبير أمس بعد استعراض قصته
ظهور صورة حسين عبد الرسول خلال افتتاح المتحف المصري الكبير أمس بعد استعراض قصته
TT

حسين عبد الرسول... كيف اكتشف طفل مصري مقبرة «الفرعون الذهبي» بالصدفة؟

ظهور صورة حسين عبد الرسول خلال افتتاح المتحف المصري الكبير أمس بعد استعراض قصته
ظهور صورة حسين عبد الرسول خلال افتتاح المتحف المصري الكبير أمس بعد استعراض قصته

افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء أمس (السبت)، المتحف المصري الكبير في الجيزة، في حدث عالمي شهد عرض مقتنيات وكنوز الملك توت عنخ آمون كاملة لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته قبل أكثر من قرن.

وبين أضواء الحفل التي سُلِّطت على كنوز الملك الذهبي، عادت إلى الأذهان قصة الطفل المصري حسين عبد الرسول، الذي كان أول مَن لمح مدخل المقبرة الأسطورية عام 1922.

صورة بالإضاءة تزيّن السماء تُصوّر القناع الجنائزي للملك المصري القديم توت عنخ آمون خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير في الجيزة (أ.ف.ب)

صدفة تكشف عن مقبرة تاريخية

تعود قصة حسين عبد الرسول، وهو طفل من أبناء قرية القرنة بالأقصر، إلى صباح الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، حين كان يعمل في خدمة بعثة عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر بوادي الملوك الواقع بمحافظة الأقصر.

وتقول الدكتورة مي زكي، رئيسة قسم الإرشاد السياحي بجامعة حلوان بمصر، ومؤلفة كتاب عن «توت عنخ آمون»، إن الطفل عبد الرسول اكتشف بالصدفة الدرجات الأولى من سلم مقبرة الفرعون الذهبي.

وتتابع د. مي زكي لـ«الشرق الأوسط» أن مكتشف المقبرة، كارتر، قد سمح لعبد الرسول بارتداء «قلادة توت عنخ آمون» والتصوير بها، وهي الصورة التي حملها ابنه، وأحفاده لاحقاً؛ فخراً بما حقَّقه جدهم.

وتقول الرواية إنه بينما كان يسقي عبد الرسول الماء للعمال، اصطدم إناؤه بحجر غير مستوٍ في الأرض، ليتضح لاحقاً أنه الدرجة الأولى من سلم المقبرة التي ستكشف عن أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ.

وقد وثّق كارتر في مذكراته هذه اللحظة، مشيراً إلى أن الفضل الأول في اكتشاف المدخل يعود إلى «أحد الأولاد الصغار في الفريق». ووفقاً للمجلد الأول من مذكرات هوارد كارتر، التي صدرت عام 1923، فإنه استقرَّ في منطقة وادي الملوك لأكثر من 5 سنوات دون اكتشاف المقبرة، وقبل انتهاء تصريح عمله في المنطقة بنحو أسبوعين، وقعت صدفة الطفل وتم اكتشاف المقبرة.

كنوز الملك الشاب

وتُعدّ مقبرة توت عنخ آمون الأكثر اكتمالاً بين مقابر ملوك مصر القديمة، إذ لم تُنهب كما حدث في معظم المقابر الأخرى.

وعندما فُتحت المقبرة في نوفمبر 1922، أبهرت محتوياتها العالم بما احتوته من أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية محفوظة بدقة نادرة، من بينها القناع الذهبي الشهير، والعربة الملكية، والأسِرَّة الجنائزية، وصناديق المجوهرات والأسلحة.

ويقول نوبي حسين عبد الرسول، نجل حسين عبد الرسول، إن والده كان يحب الذهاب مع والده إلى الأماكن الأثرية بصحبة المكتشفين الأجانب، مضيفاً، في تصريحات تلفزيونية أمس، أن والده اكتشف أول درجة من سلم المقبرة الأسطورية.

وفي هذا الصدد، تشير الدكتورة مي زكي إلى أن عائلة عبد الرسول نشأت في الأقصر، وأن العائلة معروفة بتاريخ طويل في العمل بالآثار والتنقيب، مضيفة أن مقبرة توت عنخ آمون تحتوي على أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية، من بينها التابوت الذهبي الشهير، والقناع الجنائزي للملك.

 

وتحظى مقتنيات مقبرة توت عنخ آمون، والتي عرص جزء منها في المتحف المصري بالتحرير، بالإعجاب يصل لحد «السحر»، وفق زكي، التي أشارت إلى أن مقبرة الفرعون الذهبي هي الوحيدة التي تم اكتشافها شبه كاملة ولم تتعرض للنهب أو السرقة.
وتتابع خبيرة الإرشاد السياحي أن كل كنوز مقبرة توت عنخ آمون تقريبا تعرض داخل المتحف المصري الكبير، باستثناء المومياء التي تتواجد حتى الآن داخل مقبرته في البر الغربي في وادي الملوك بمحافظة الأقصر.

استعراض المقتنيات لأول مرة

 

 

في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، مساء أمس (السبت)، استُعرضت مقتنيات الملك توت عنخ آمون لأول مرة كاملة في قاعة عرض مخصصة تبلغ مساحتها نحو 7 آلاف متر مربع، لتُعرَض وفق أحدث تقنيات العرض المتحفي.

القناع الذهبي لفرعون الدولة المصرية الحديثة توت عنخ آمون 1334 - 1325 قبل الميلاد (أ.ف.ب)

وأعلنت وزارة السياحة والآثار أن المقتنيات نُقلت بعناية من المتحف المصري بالتحرير بعد عمليات ترميم استمرّت سنوات، لتُعرَض في سياق يروي قصة حياة الملك الشاب من طفولته حتى وفاته.

 

 


مقالات ذات صلة

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

يوميات الشرق التابوت الأخضر من القطع الأثرية النادرة (المتحف المصري بالتحرير)

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

أبرز المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) التابوت الأخضر «الاستثنائي» الذي يعود إلى الكاهن «عنخ إن ماعت» لمصر، مؤكداً على القيمة الكبيرة لهذا التابوت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صحن مسجد محمد علي   (وزارة السياحة والآثار)

مصر: مخاوف متجددة من «فوضى» حفلات الزفاف بالمساجد التاريخية

تجددت الانتقادات والجدل في أوساط الآثاريين والمهتمين بالسياحة بمصر حول استخدام المواقع الآثارية في استضافة الفعاليات والاحتفالات الجماهيرية الصاخبة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)

«مقبرة الملك تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

جاءت مقبرة الملك تحتمس الثاني ضمن قائمة أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم لعام 2025، وفقاً لما أعلنته مجلة الآثار الأميركية «Archaeology».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)

العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

بدأت الاستعدادات في قاعة «Neon Battersea Power Station» بلندن، لاستقبال المعرض الأثري المصري المؤقت «رمسيس وذهب الفراعنة» المقرر افتتاحه في 28 فبراير المقبل.

محمد الكفراوي (القاهرة )

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
TT

«الميلاد» حول العالم... رسائل أمل وسلام واحتفالات تُعيد الحياة

قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)
قداس منتصف الليل في كنيسة المهد ببيت لحم في فلسطين المحتلة (رويترز)

وسط أجواء من الفرح والأنشطة المتنوعة، عادت المدن حول العالم لتزيين شوارعها واستقبال موسم الميلاد بألوان زاهية، من بيت لحم وغزة إلى الأقصر في مصر وسيدني في أستراليا، معبرة عن الأمل وتجدد الحياة رغم التحديات.

قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد ببيت لحم مع مسيرة كشافة فلسطينية (أ.ف.ب)

شهدت بيت لحم والأراضي الفلسطينية احتفالات ميلادية بعد عامين خيّم عليهما النزاع في غزة، حيث عادت الحياة تدريجياً بعد اتفاق وقف إطلاق النار. شارك المئات في ساحة المهد وشارع النجمة في قداس ومسيرة للكشافة، وسط أصوات الطبول وألحان الترنيم الميلادي.

رئيس الوزراء الأسترالي ألبانيزي يقدم الطعام في غداء عيد الميلاد بسيدني (إ.ب.أ)

وقالت كاتياب عمايا، إحدى المشاركات في الكشافة، إن عودة الاحتفالات تمثل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة، وتمنح سكان غزة الأمل في مستقبل أفضل. وأكد السكان أن الاحتفالات تعكس رغبتهم في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح، بعد فترة من عزوف الزوار وارتفاع معدلات البطالة.

في غزة، أحيا المسيحيون قداس الميلاد في الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة بعد وقف إطلاق النار، معبرين عن رغبتهم في عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة.

شجرة عيد الميلاد المضيئة في إحدى حدائق بكين (أ.ف.ب)

احتفلت الأقصر التاريخية في صعيد مصر بعيد الميلاد بعروض فلكلورية وألعاب التحطيب، على أنغام الربابة والمزمار، مستعرضة إرث المصريين القدماء في الاحتفال بالأعياد والمواسم. واستمرت الاحتفالات طوال فترة الميلاد ضمن فعاليات الدورة الـ15 للمهرجان القومي للتحطيب، ما أضفى بهجة وفرحاً على السكان والزوار.

أعضاء جوقة أغابي يقدمون عرضاً بمتحف الحضارة المصرية بالقاهرة (أ.ب)

شهد شاطئ بونداي في أستراليا احتفالات محدودة بسبب هجوم إرهابي أودى بحياة 15 شخصاً قبل أيام، حيث حافظ المشاركون على طقوس الميلاد مع احترام ذكرى الضحايا، وسط تعزيز الإجراءات الأمنية، بينما قلل الطقس العاصف من عدد المحتفلين.

وفي الوقت نفسه، تواجه بعض مناطق العالم ظروف طقس صعبة، مثل كاليفورنيا التي أعلنت السلطات فيها حالة الطوارئ تحسباً لفيضانات محتملة، ما يعكس التحديات المتعددة التي تواجه المجتمعات خلال موسم الأعياد.

أوكرانيون يرنمون للميلاد حاملين نجوم بيت لحم وسط مدينة لفيف (إ.ب.أ)

على الرغم من الظروف الصعبة، حملت الاحتفالات الميلادية هذا العام رسائل فرح وتجدد للأمل، سواء في فلسطين أو مصر أو أستراليا. وتجسد هذه الفعاليات قدرة المجتمعات على التعبير عن التضامن والحياة المشتركة، والحفاظ على التراث والثقافة، حتى في أصعب الأوقات.


«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
TT

«مقابر الخالدين» تفشل في ابتلاع انتقادات هدم ضريح «أمير الشعراء»

الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)
الضريح الذي دُفن فيه أحمد شوقي يخص عائلة زوجته (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

رغم إعلان محافظة القاهرة نقل رفات أمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) إلى مقابر الخالدين التي تضم رفات رموز المجتمع المصري من ساسة ومبدعين وعلماء وأمراء، فإن خبر هدم ضريح أحمد شوقي في مكانه التاريخي قوبل بردود فعل غاضبة، جاء معظمها من مهتمين بتراث المقابر ذات الطرز المعمارية المتميزة، وأضرحة الشخصيات التاريخية، والعارفين بقدر شوقي، ومكانته في تاريخ الشعر المصري والعربي الحديث.

ويؤكد الباحث في التاريخ الدكتور مصطفى الصادق أن «هدم ضريح أمير الشعراء أحمد شوقي، يأتي ضمن لائحة طويلة من قبور المشاهير والعظماء التي تمت إزالتها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك غضب كبير، إلا أن عملية الهدم نفسها غير مستغرَبة، ومتوقَّعة، فقد سبقه كثيرون، جرفتهم المعاول، حيث سبق هدم ضريح محمود الفلكي، والسردار راتب باشا، وكثيرون آخرين».

وتحدث الصادق عن «وعود لم يفِ بها أحد»، على حد قوله، مضيفاً: «بعد هدم قبة حليم بن محمد علي باشا، أعلن المسؤولون أن أعمال الهدم سوف تتوقف، لكن ما جرى بعدها فاق الوصف، كانت أعمال الإزالة بعد ذلك خرافية»، ولفت إلى أن الحديث الذي يدور حالياً عن «مقابر فاخرة» لا معنى له في ظل هدم أضرحة لا مثيل لها في الفخامة والإبداع والعمارة.

من جهتها أعلنت محافظة القاهرة قرب افتتاح «مقابر تحيا مصر للخالدين»، التي «أقامتها الدولة خصيصاً لنقل رفات الشخصيات التاريخية، وسيخصص جزء منها لعرض التراكيب المعمارية الفريدة ذات الطراز المعماري المتميز».

جانب من أعمال الهدم في المقابر (صفحة «جبانات مصر» على «فيسبوك»)

وقالت المحافظة في بيان: «إن المقابر شرفت بإعادة دفن رفات شوقي، إذ تم وضعه في المكان الذي يليق بمكانته الأدبية والتاريخية». فيما قال الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» إن «هدم ضريح شوقي جاء على خلاف ما أعلن عنه المسؤولون، فقد كان الحديث عن عدم المساس به، لكننا فوجئنا بنقل رفاته منذ شهور، ثم هدم المقبرة الذي لم يراع مكانة شوقي؛ فهو أشهر شعراء العربية في العصر الحديث».

وأضاف عبد المجيد أن «الخبر مؤلم جداً، خصوصا أنه يأتي في ظل الحديث عن هدم أضرحة رموز إبداعية مهمة في تاريخ مصر، بدءاً من مدفن محمود سامي البارودي، وصولاً إلى ضريح عميد الأدب العربي طه حسين، الذي يختفي الآن تحت الجسر».

ووفق عبد المجيد: «هناك أضرحة عديدة هدموها وكانت بمثابة متاحف زاخرة بالتحف والتماثيل والرسومات والزخارف الفنية المرصعة بالمعادن، تعرضت للسرقة وبيعت في السوق، وبينها شواهد قبور وتركيبات لمشاهير كان يجب حمايتها ومنع المساس بها».

المحزن في واقعة هدم ضريح شوقي، وفق الباحث في التراث إبراهيم طايع، أن «عمليات الإزالة سبقها بشهور نقل رفاته، وقام مجهولون بسرقة تركيبات عدد من المقابر داخل الضريح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كان من الواضح أن مصير الضريح إلى زوال، لأن كل ما حوله من مدافن جرفتها المعاول».

من جهته وصف الشاعر المصري، أحمد عبد المعطي حجازي، إزالة مقبرة شوقي بأنها بمنزلة «هدم جسم حي وكيان باقٍ وخالد بأيدي فانين وعاجزين عن تقدير القيم». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث لمقبرة شوقي يطول الثقافة المصرية كلها، منذ عقود وحتى الآن، ومَن هدموا مقبرة شوقي هم أنفسهم الذين يهدمون الثقافة المصرية».

دُفن أمير الشعراء في مقبرة تخص عائلة زوجته، وتعود لحسين باشا شاهين، وهناك يوجد رفاته أيضاً، ورفات زوجته ووالده. «أكثر من 5 تركيبات اختفت قبل هدم الضريح، ولم يتبقَّ سوى التركيبة الرخامية الخاصة بشوقي، التي ظلت حتى هدم الضريح»، وفق طايع.


«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
TT

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)
ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

من جديد، يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى ومذاقات المأكولات التقليدية وشتى العروض الحيّة، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية، لإبراز التنوع الثقافي وحدود التلاقي بينهما في قلب الرياض.

وأطلقت وزارة الثقافة النسخة الثالثة من مهرجان «بين ثقافتين» التي تستضيف جمهورية الصين وثقافتها وتقاليدها المتنوعة، وذلك في قاعة «الملفى» بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية «مدينة مسك» في العاصمة الرياض، ضمن حدث دولي يُقام بالتزامن مع العام الثقافي السعودي الصيني 2025؛ بهدف ترسيخ الحوار الحضاري، وتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية والصين.

وتُقدم الفعالية تجربة فنية متكاملة تستعرض الإرث الحضاري والممارسات الثقافية لكلا البلدين، وتكشف عن أوجه التشابه والتكامل بينهما في مجالات الفنون والطهي والحرف اليدوية والموسيقى، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع الشعبين.

ويضم المهرجان معرضاً فنياً يزخر بأعمال لفنانين سعوديين وصينيين بارزين، ومتاجر متنوعة تُقدم منتجات من كلتا الثقافتين، وفعاليات تفاعلية تشمل عروضاً أدائية حية، وتجارب طهي فريدة، وأنشطة ثقافية مصممة لإثراء تجربة الزوار.

‏أصالة الموروث السعودي والصيني تتجلّى في عروض ثقافية متنوّعة في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

حينما تهب الرياح شرقاً

يحضر الفن في المهرجان بوصفه لغةً وجسراً يربط بين ثقافتين وشعبين اختارا، عبر العصور، التعبير عن مكنونات ثقافتيهما من خلال العطاء الفني والإبداعي الرصين. وفي معرض يحمل عنوان «حينما تهبّ الرياح شرقاً»، تلتقي الأعمال السعودية والصينية في حوار إبداعي يعكس التلاقي الثقافي المعاصر، من خلال لوحات ومنحوتات وأعمال تركيبية، تسعى إلى استكشاف نقاط الالتقاء بين الطبيعة والفكر، وبين الماضي والحاضر، ضمن رؤية فنية مشتركة.

‏تناغم ثقافي يتوهّج بألوان الفن في ⁧‫المهرجان (وزارة الثقافة)

وتتوزع أعمال المعرض في 3 أقسام؛ حيث تلتقي الصحراء ببحر الذاكرة في القسم الأول من المعرض الفني، ويتناول كيف تُشكِّل الصحراء والبحر ذاكرة الفنانين ورؤيتهم الفنية، إذ تتحول العناصر الطبيعية إلى لغة للتأمل تربط بين ثبات الأرض وسيولة الزمن.

وفي قسم «نسيج من نور وتراب»، وهو القسم الثاني من المعرض، يُسلط الضوء على العلاقة بين المادي واللامادي، إذ يذيب الفنانون الحدود بين الضوء والطين والنسيج ليكشفوا جوهر المادة واتحاد الروح بالبيئة.

وفي قسم «آثار المستقبل»، تُركز المعروضات على إعادة قراءة التقاليد برؤية معاصرة تمزج بين الذاكرة والابتكار، لتغدو الأعمال بمثابة خريطة زمنية تصل الماضي بالحاضر، وتستشرف ملامح المستقبل.

‏صور توثّق الالتقاء الثقافي البديع بين المملكة والصين (وزارة الثقافة)

14 يوماً من جسور الثقافة

يُقدم المهرجان الذي سيستمر حتى 6 يناير (كانون الثاني) 2026، تجربة ثقافية شاملة تُبرز عُمق الحضارة الصينية وتَنوُّعَ موروثها، كما يستعرض أوجه التلاقي والتباين بينها وبين الثقافة السعودية، وذلك في إطار جهود وزارة الثقافة لمدّ جسور التواصل الحضاري، وتعزيز حضور السعودية إقليمياً ودولياً، وترسيخ مكانتها بوصفها مركزاً فاعلاً للحوار الثقافي العالمي.

ويستهدف المهرجان العائلات والأفراد، والسياح والزوار الأجانب، والوفود الرسمية، والمهنيين في القطاعات الثقافية، من خلال برنامج متنوع يشمل معرضاً فنياً، وتجربة «الشارع الصيني» التي تجمع بين الثقافتين عبر الحِرف اليدوية، إلى جانب العروض الأدائية والموسيقية، وغيرها من الفعاليات التي تعكس القيم المشتركة في التراث والهوية، وتُسهم في تعزيز التقارب الإنساني عبر الثقافة بوصفها لغةً عالمية.

من الصين إلى المهرجان وجوه متعددة للمتعة واستكشاف الفن والتراث (وزارة الثقافة)

يُذكر أن النسخة الأولى من مهرجان «بين ثقافتين» استضافت الثقافة اليمنية، فيما استضافت النسخة الثانية الثقافة العراقية، إذ شهدت النسختان إقبالاً جماهيرياً واسعاً وتفاعلاً ملحوظاً من المهتمين والمثقفين؛ ما أسهم في ترسيخ مكانة الفعالية منصة ثقافية سنوية تحتفي بالتنوّع الحضاري الإنساني.

وتسعى وزارة الثقافة، من خلال مهرجان «بين ثقافتين»، إلى تقديم الثقافة السعودية في سياق تفاعلي مُقارَن، يُبرز أوجه التقارب والاختلاف مع ثقافات العالم، ويُعزز الوعي بالتنوّع الثقافي، ويدعم تمكين المبدعين والحرفيين والفنانين، ويوسّع آفاق فرص التعاون الثقافي الدولي، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تنمية الصناعات الإبداعية، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة تحت مظلة «رؤية 2030».

أبعاد ثقافية رحبة يضمها المهرجان بين الثقافتين (وزارة الثقافة)