على مشارف الآثار الرومانية وسط بيروت، أحيت «بياف» (مهرجانات بيروت الدّولية) نسختها الـ11؛ وبعد غيابها لظروف قسرية، كغيرها من النشاطات التي افتقدتها العاصمة اللبنانية في السنوات الأربع الماضية، عادت لتتألق من جديد.
وتحت شعار «أنا لبناني»، نُظّمت فعاليات هذا المهرجان الذي شهد حضور نجوم الفن في لبنان، وكُرّمت خلاله 24 شخصية فنية وإعلامية واجتماعية. كما اختُتم بتقديم جائزة أفضل زيّ نسائي ورجالي في الحفل، حصده كلٌ من المؤثرة يارا بو منصف، والممثل نيكولا معوض.
خرج «بياف» عن إيقاع التكريمات التقليدية، مستلهماً جوائزه المقدمة لـ24 من المشاهير من 24 غيرهم راحلين.
في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يوضح الدكتور ميشال ضاهر، منظِّم الحفل وصاحب فكرته: «أردناها تحية وتكريماً على السواء. فلبنان غنيّ بمبدعيه على مرّ الزمن. ومع هؤلاء عبرنا إلى مبدعين في زمننا الحالي».
لم تحمل الجوائز الـ24 عناوين برّاقة تنحصر بكلمة «أفضل»؛ فالقيمون على المهرجانات يُعدّون التكريم بحد ذاته يشير إلى ذلك. ويتابع الضاهر في سياق حديثه: «كلّ شخص كُرّم بجائزة فهو من بين الأفضل. وانحصر همّنا الأول والأخير بترجمة عنوان المهرجان. فجميع المكرمين وغالبية من سلّموهم جوائزهم كانوا لبنانيين. وذلك للإشارة إلى أن في لبنان كنوزاً كثيرة واللائحة طويلة. وما رأيتموه في النسخة الـ11 يمثّل نموذجاً صغيراً لتلك الكنوز الفنية».
استُهل المهرجان بالنشيد الوطني اللبناني بصوت الفنانة عبير نعمة، التي أطلّت بفستان أبيض، وصدح صوتها على طريقة الـ«سولو» تنشده بلا موسيقى. وبعد كلمات وجيزة لمقدمة الحفل الإعلامية جومانا بوعيد، ومنظِّمه الدكتور ميشال الضاهر، ووزير الإعلام زياد مكاري انطلق الحفل. بعدها مباشرةً، كان للفنان الوليد الحلاني وصلة غنائية للراحل وديع الصافي «لبنان يا قطعة سما». ولتكرّ بعدها سبحة التحيات التكريمية لفنانين راحلين، ويَلي كلَّ واحدة منها جائزة «بياف» لنجوم حاليين.
كان المخرج الراحل ريمون جبارة، أول الغائبين المكرمين؛ وحصد الفنان جورج خباز أولى جوائز «بياف» بعد أن ألقى قصيدة مؤثرة عن لبنان من تأليفه.
ومن الراحلين الذين قدم لهم المهرجان تحية تكريمية سيمون أسمر، وزغلول الدّامور (جوزيف الهاشم)، وكذلك لطيفة ملتقى، وإحسان المنذر، ورياض شرارة، ومروان نجار وغيرهم. وبعد ذكر اسم الراحلة هند أبي اللمع، اعتلت المسرح الممثلة نادين نجيم، لتتسلّم جائزتها التكريمية من الإعلامي نيشان ديرهاروتونيان وسفيرة قبرص في لبنان ماريا حجي تيود سيو، ولتعبّر نادين نجيم عن سعادتها بتسلّم هذه الجائزة على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان. وختمت تقول: «بيروت الصّلبة والمقاومة التي قامت من تحت الرّدم عشرات المرات تُشبهنا ونُشبهها».
وخلال الحفل لوحظ تكريم ثنائيات فنية تربطهما القرابة مثل الفنان عاصي الحلاني ونجله الوليد. وكذلك الراحل رياض شرارة ونجله هادي شرارة. كما كُرّمت شخصيات لها دورها الثقافي الرائد في لبنان من بينها النّحات الراحل ألفرد بصبوص، وقد رُبطت مسيرته بالإخوة عساف، أصحاب «متحف محترف عساف» في منطقة الشوف.
ومن الفنانين الذين تسلّموا جائزة المهرجان، رامي عياش، وجوزيف عطية، والدي جي روجيه سعد، وكذلك الممثلة والكاتبة المسرحية بيتي توتل، والمؤلفة الدرامية نادين جابر خوري.
وأحيا الحفل عددٌ من المطربين المكرمين، هم عاصي الحلاني وابنه الوليد وعبير نعمة. في حين اختار الفنان جوزيف عطية ميدلاي غنائياً، فاستهلّه بـ«ولا غلطة» ليختمه بـ«البغددة».
ومن الأسماء الأخرى التي كُرّمت نظراً لإنجازاتها، الممثلة والإعلامية ريتا حرب، والنائب الدكتور إلياس جرادة، والمؤثرة نور عريضة التي أكّدت بأنها ستكون صوت كل امرأة لبنانية تعاني العنف الأسري.
ويختم الدكتور ميشال الضاهر لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «النسخة الـ11 من (بياف) التي أطلّت بعد غياب، صُمّمت خصّيصاً لأجل لبنان واللبنانيين. وذلك من باب الإشارة إلى أننا شعب خلّاق ولديه القدرة على الإبداع من دون مساعدة أحد».