اكتشاف مواد بلاستيكية دقيقة بجلطات الدم في القلب والدماغ والساقين !

اكتشاف مواد بلاستيكية دقيقة بجلطات الدم في القلب والدماغ والساقين !
TT

اكتشاف مواد بلاستيكية دقيقة بجلطات الدم في القلب والدماغ والساقين !

اكتشاف مواد بلاستيكية دقيقة بجلطات الدم في القلب والدماغ والساقين !

أفادت دراسة تاريخية في وقت سابق من هذا العام بأن المواد البلاستيكية الدقيقة (شظايا صغيرة من البلاستيك تتساقط من قطع أكبر ) تم العثور عليها داخل أكثر من 50 % من الرواسب الدهنية من الشرايين المسدودة. وكانت هذه البيانات الأولى من نوعها التي تربط بين المواد البلاستيكية الدقيقة وتأثيرها على صحة الإنسان.

والآن كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون صينيون عن العثور على جسيمات بلاستيكية دقيقة في جلطات الدم التي تمت إزالتها جراحيًا من الشرايين في القلب والدماغ، والأوردة العميقة في أسفل الساقين؛ إنها مجرد دراسة صغيرة شملت 30 مريضًا؛ بالمقارنة مع 257 مريضًا تمت متابعتهم لمدة 34 شهرًا في دراسة اللويحة الشريانية التي نُشرت بمارس (آذار).

ومثلما اكتشف الفريق الذي تقوده إيطاليا أن وجود اللدائن الدقيقة في اللويحات يزيد من خطر إصابة الأشخاص بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، وجد الفريق الصيني أيضًا ارتباطًا محتملاً بين مستويات اللدائن الدقيقة في جلطات الدم وشدة المرض. وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن مجلة «eBioMedicine» الطبية.

وخضع المرضى الثلاثون المشاركون في الدراسة لعملية جراحية لإزالة جلطات الدم بعد تعرضهم لسكتة دماغية أو نوبة قلبية أو تجلط الأوردة العميقة؛ وهي حالة تتشكل فيها الجلطات في الأوردة العميقة، عادة في الساقين أو الحوض. وكان لدى المرضى، الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا في المتوسط، تاريخ صحي وأنماط حياة مختلفة مثل التدخين أو تعاطي الكحول أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري. كما كانوا يستخدمون المنتجات البلاستيكية يوميًا، وكانوا منقسمين تقريبًا بين المناطق الريفية والحضرية.

وقد تم اكتشاف جسيمات بلاستيكية دقيقة من مختلف الأشكال والأحجام باستخدام تقنيات التحليل الكيميائي في 24 من أصل 30 جلطة دموية تمت دراستها، بتركيزات مختلفة.

كما حدد الاختبار أيضًا نفس أنواع المواد البلاستيكية التي تم اكتشافها في الدراسة التي قادتها إيطاليا حول لويحات الشرايين: كلوريد البوليفينيل (PVC) والبولي إيثيلين (PE). وهذا ليس مفاجئًا لأن PVC (غالبًا ما يستخدم في البناء) والـ PE (المستخدم بشكل أساسي في الزجاجات وأكياس التسوق) هما من أكثر المواد البلاستيكية المنتجة شيوعًا.

وفي هذا الاطار، اكتشفت الدراسة الجديدة أيضًا مادة البولي أميد 66 في الجلطات، وهو بلاستيك شائع يستخدم في النسيج والمنسوجات. ومن بين الأنواع الخمسة عشر التي تم تحديدها في الدراسة كان البولي إيثيلين هو البلاستيك الأكثر شيوعًا، حيث شكل 54 % من الجزيئات التي تم تحليلها.

إضافة لذلك وجد الباحثون أيضًا أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من اللدائن الدقيقة في جلطات الدم لديهم أيضًا مستويات أعلى من D-dimer مقارنة بالمرضى الذين لم يتم اكتشاف أي جزيئات بلاستيكية دقيقة في الجلطات لديهم.

وD-dimer هو جزء من البروتين يتم إطلاقه عندما تتحلل جلطات الدم. لا يوجد عادة في بلازما الدم. لذا فإن ارتفاع مستويات D-dimer في اختبار الدم يمكن أن يشير إلى وجود جلطات دموية، ما يدفع الباحثين إلى الاشتباه في أن اللدائن الدقيقة قد تتجمع بطريقة أو بأخرى في الدم ما يجعل التجلط أسوأ. لكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتحقيق في ذلك؛ إذ لم تقس هذه الدراسة المواد البلاستيكية الدقيقة في دم المرضى، ولأنها دراسة رصدية، فإنها يمكن أن تشير فقط إلى الروابط المحتملة، وليس الأسباب.

وفي تعليق على هذا الأمر، كتب تينغتينغ وانغ طبيب عالم بالمستشفى الأول التابع لكلية الطب بجامعة شانتو الصيني وزملاؤه بورقتهم البحثية «هذه النتائج تشير إلى أن المواد البلاستيكية الدقيقة قد تكون بمثابة عامل خطر محتمل مرتبط بصحة الأوعية الدموية. وهناك حاجة ماسة إلى إجراء أبحاث مستقبلية ذات حجم عينة أكبر لتحديد مصادر التعرض والتحقق من صحة الاتجاهات الملحوظة في الدراسة».

ومع اكتشاف جسيمات بلاستيكية دقيقة سابقًا في أنسجة الرئة وعينات الدم البشرية، فمن السهل أن نتخيل كيف تشق هذه القطع البلاستيكية المجهرية طريقها من البيئة إلى أجسامنا، وتشكل جلطات دموية، حتى لو لم يتمكن العلماء من تتبع هذا المسار خطوة بخطوة كما يحدث.

جدير بالذكر، كشفت دراسة أجريت عام 2023 عن «البصمات» الكيميائية للمواد البلاستيكية الدقيقة في 16 جلطة دموية تمت إزالتها جراحيًا. والآن لدينا فكرة عن عمل وانغ وفريقه، الذي استخدم التصوير الكيميائي بالأشعة تحت الحمراء وطرق أخرى، حول مدى تركيز تلك الجزيئات البلاستيكية في جلطات الدم وتأثيراتها الصحية المحتملة؛ فهذا العمل يوضح مدى سرعة تحرك هذا المجال، بدءًا من اكتشاف المواد البلاستيكية الدقيقة في الأنسجة البشرية إلى دراسة آثارها في الخلايا والفئران وآثارها على البشر. لكن إنتاج البلاستيك يتزايد باستمرار، وتعمل شركات الوقود الأحفوري على زيادته مع انهيار آفاق أعمالها الأخرى.

من أجل ذلك، يحذر وانغ وزملاؤه من أنه «بسبب انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة وفي المنتجات اليومية، فإن تعرض الإنسان لجزيئاته أمر لا مفر منه. وعلى هذا النحو، أثارت الملوثات البلاستيكية الدقيقة قلقًا متزايدًا بسبب انتشارها على نطاق واسع وآثارها الصحية المحتملة».


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.