المسرحية اللبنانية لطيفة ملتقى تودع الحياة ملتحقة بتوأم شعلتها الفنية

اجتاحتها رغبة الرحيل بعد غياب زوجها منذ نحو شهرين

تزوجت لطيفة أنطوان ملتقى في شتاء عام 1959
تزوجت لطيفة أنطوان ملتقى في شتاء عام 1959
TT

المسرحية اللبنانية لطيفة ملتقى تودع الحياة ملتحقة بتوأم شعلتها الفنية

تزوجت لطيفة أنطوان ملتقى في شتاء عام 1959
تزوجت لطيفة أنطوان ملتقى في شتاء عام 1959

لم تستطع المخرجة والكاتبة والممثلة المسرحية اللبنانية لطيفة ملتقى احتمال فراقها عن زوجها أنطوان ملتقى منذ رحيله في 21 فبراير (شباط) ولحقت به في 9 أبريل (نيسان) الحالي عن عمر يناهز الـ92 عاماً. وطيلة فترة فراقهما القصيرة بقيت تسأل ابنها زاد عنه وتبدي رغبتها بالرحيل حتى دخلت في غيبوبة الخميس الماضي في 4 الحالي.

قصة حب أنطوان ولطيفة ملتقى هي استثنائية، فقد ترافقا في حياتهما الزوجية منذ عام 1959 كما في المهنة لأكثر من عقد كامل، حيث ارتبطا بمشوار تأسيسي مهم للمسرح اللبناني. فالمحامية اللامعة اشتهرت منذ الخمسينات بتجسيد مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة على أرض الواقع. وبعدها قررت التفرغ لشغفها الفني لتؤلف مع زوجها ركنين أساسيين من أعمدة المسرح اللبناني.

من أبرز المسرحيات التي اقتبسها أنطوان ولطيفة ملتقى أو ترجماها أو أخرجاها وشاركا في تمثيلها «ماكبِث» و«ريتشارد الثالث» لشكسبير. و«أوديب ملكاً» و«أنتيغون» لسوفوكليس. و«الذباب» لجان بول سارتر و«عرس الدم» لغارسيا لوركا. كما قدما معاً مسرحيتي «سوء تفاهم» و«كاليغولا» لألبير كامو.

رحلت لطيفة شمعون ملتقى بعد نحو 40 يوماً على وفاة زوجها أنطوان شمعون

وفي عام 1980 أسسا «مسرح مارون النقاش» على اسم رائد المسرح العربي. وأعداه ليكون مكاناً تجري عليه مختلف اختبارات الفضاء المسرحي. وأضافا إلى المسرح نكهة فلسفية جميلة وهادفة. مسيرتهما الطويلة كانت بمثابة شراكة أبدية، فرفيقة الدرب لطيفة أرست معه قواعد وأسس المسرح الجاد. فتفاعل الجمهور معهما وشاركهما إبداعهما، وكذلك عشقهما اللامحدود للمسرح الطليعي.

عمل الراحلان في قسم التمثيل في الجامعة اللبنانية للفنون الجميلة، وتخرج من تحت يديهما نخبة من الممثلين المسرحيين المشهورين.

نعى الممثل والكاتب والمخرج كميل سلامة لطيفة شمعون ملتقى، كاتباً على صفحته بـ«فيسبوك»: «هي أول شخص وثق بي وعلمني... مدام لطيفة لقد أعطيتني الشمعة... شمعة حب المسرح والجميل بأن هذه الشمعة لا تنطفئ شعلتها». وعبر منصة «إكس» نعاها عدد كبير من الممثلين والفنانين. وكتبت كارمن لبس تقول: «الرائدة والكبيرة والعظيمة بصمتها لن يمكننا نسيانها يوماً. وكان لي الشرف العمل معها في العمل التلفزيوني «ابنة المعلّم». فيما كتب الممثل رفعت طربية، الذي رافق الثنائي في مشوارهما المسرحي: «حتى الموت لم يفرق بينهما، لطيفة ملتقى، الوداع، أنطوان ناطرك كي تبنيا معاً مسرح السماء».

من أشهر أعمال ملتقى التلفزيونية «عشرة عبيد زغار» الذي قدمته أيضا بمشاركة زوجها أنطوان. ولا يزال حتى اليوم وبعد مرور أكثر نحو 50 عاما على عرضه محفور في ذاكرة اللبنانيين.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» وصف نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي لطيفة ملتقى بأنها «امرأة عظيمة»، متابعاً: «لقد لحقت بشغفها الفني تاركة مهنتها الأساسية في المحاماة. وهي مع زوجها شكلا ثنائياً استثنائياً قد لا يتكرر في لبنان. فاستحدثا معا قسم تدريس فنون المسرح في الجامعة اللبنانية. وهما سبقا بذلك معاهد وجامعات فرنسا».

واعتبر بدوي أن لطيفة شمعون ملتقى وزوجها يعدان من العلامات الفارقة والمضيئة في سماء لبنان وثقافته عبر التاريخ. وختم يقول: «لقد كانت توأم روحه لأنطوان ملتقى وترجمت ذلك بالفعل عندما لم تستطع تحمل فراقه لأكثر من 40 يوماً. لقد تركانا بالجسد ولكن بصمتهما المسرحية ستبقى حاضرة».

ويحتفل بالصلاة لراحة نفسها بعد ظهر الجمعة 12 الحالي في كنيسة مار نهرا في منطقة فرن الشباك.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
TT

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)
فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الفيلم يحترم دور المعلم ويقدّره حتى مع وجود الطابع الكوميدي في العمل.

الفيلم الذي عُرض للمرة الأولى ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالنسخة الماضية من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تدور أحداثه في 8 فصول حول رهان مدير المدرسة على تأسيس «الفصل الشرعي» ليقدم من خلاله نهجا مختلفاً عن المتبع.

وقال المطيري لـ«الشرق الأوسط» إن «المدرسة تشكل فترة مهمة في حياة كل شخص ولا تزال هناك ذكريات ومواقف راسخة في ذاكرتنا عنها، الأمر الذي سيجعل من يشاهد الفيلم يشعر بأن هناك مواقف مشابهة ربما تعرض لها أو شاهدها بالفعل خلال مسيرته التعليمية»، مرجعاً حماسه لتقديم شخصية الأستاذ «شاهين دبكة» مدير ثانوية «السويدي الأهلية» رغم كون الدور لرجل أكبر منه سناً إلى إعجابه بالفكرة التي يتناولها العمل وشعوره بالقدرة على تقديم الدور بشكل مختلف.

فهد المطيري مع أبطال الفيلم (الشركة المنتجة)

وأضاف المطيري: «إن الماكياج الذي وضعته لإظهار نفسي أكبر عمراً، استوحيته جزئياً من الفنان الراحل حسين الرضا خصوصاً مع طبيعة المدير ومحاولته المستمرة إظهار قدرته في السيطرة على الأمور وإدارتها بشكل جيد، وإظهار نفسه ناجحاً في مواجهة شقيقه الأصغر الذي يحقق نجاحات كبيرة في العمل ويرأسه».

وحول تحضيرات التعامل مع الشخصية، أكد المطيري أن خلفيته البدوية ساعدته كثيراً لكونه كان يحضر مجالس كبار السن باستمرار في منزلهم الأمر الذي لعب دوراً في بعض التفاصيل التي قدمها بالأحداث عبر دمج صفات عدة شخصيات التقاها في الواقع ليقدمها في الدور، وفق قوله.

وأوضح أنه كان حريصاً خلال العمل على إبراز الجانب الأبوي في شخصية شاهين وتعامله مع الطلاب من أجل تغيير حياتهم للأفضل وليس التعامل معهم على أنه مدير مدرسة فحسب، لذلك حاول مساعدتهم على بناء مستقبلهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة.

وأشار إلى أنه عمل على النص المكتوب مع مخرجي الفيلم للاستقرار على التفاصيل من الناحية الفنية بشكل كبير، سواء فيما يتعلق بطريقة الحديث أو التوترات العصبية التي تظهر ملازمة له في الأحداث، أو حتى طريقة تعامله مع المواقف الصعبة التي يمر بها، وأضاف قائلاً: «إن طريقة كتابة السيناريو الشيقة أفادتني وفتحت لي آفاقاً، أضفت إليها لمسات شخصية خلال أداء الدور».

المطيري خلال حضور عرض فيلمه في «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

وعن تحويل العمل إلى فيلم سينمائي بعدما جرى تحضيره في البداية على أنه عمل درامي للعرض على المنصات، أكد الممثل السعودي أن «هذا الأمر لم يضر بالعمل بل على العكس أفاده؛ لكون الأحداث صورت ونفذت بتقنيات سينمائية وبطريقة احترافية من مخرجيه الثلاثة، كما أن مدة الفيلم التي تصل إلى 130 دقيقة ليست طويلة مقارنة بأعمال أخرى أقل وقتاً لكن قصتها مختزلة»، موضحاً أن «الأحداث اتسمت بالإيقاع السريع مع وجود قصص لأكثر من طالب، والصراعات الموجودة»، مشيراً إلى أن ما لمسه من ردود فعل عند العرض الأول في «القاهرة السينمائي» أسعده مع تعليقات متكررة عن عدم شعور المشاهدين من الجمهور والنقاد بالوقت الذي استغرقته الأحداث.

ولفت إلى أن «الفيلم تضمن تقريباً غالبية ما جرى تصويره من أحداث، لكن مع اختزال بعض الأمور غير الأساسية حتى لا يكون أطول من اللازم»، مؤكداً أن «المشاهد المحذوفة لم تكن مؤثرة بشكل كبير في الأحداث، الأمر الذي يجعل من يشاهد العمل لا يشعر بغياب أي تفاصيل».

وحول تجربة التعاون مع 3 مخرجين، أكد فهد المطيري أن الأمر لم يشكل عقبة بالنسبة له كونه ممثلاً، حيث توجد رؤية مشتركة من جميع المخرجين يقومون بتنفيذها في الأحداث، ولافتاً إلى أن حضورهم تصوير المشاهد الأخرى غير المرتبطة بما سيقومون بتصويره جعل الفيلم يخرج للجمهور بإيقاع متزن.