«رسالة حب لبيروت»... مزاد يستكشف تأثيرها في أعمال الفنانين العرب

تقيمه «دار سوذبيز» في أبريل

محمود سعيد - «بيوت العيتانية» 1951
محمود سعيد - «بيوت العيتانية» 1951
TT

«رسالة حب لبيروت»... مزاد يستكشف تأثيرها في أعمال الفنانين العرب

محمود سعيد - «بيوت العيتانية» 1951
محمود سعيد - «بيوت العيتانية» 1951

«باريس الشرق» اسم كان يُطلق على العاصمة اللبنانية بيروت، خصوصاً في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث كانت المدينة مركزاً وملتقى للفنانين والأدباء من العالم العربي، وبشكل ما يحاول مزاد مقبل في «دار سوذبيز» تحت عنوان «رسالة حب لبيروت» إعادة تلك الفترة للحياة، وتقديم التحية للمدينة، وعرض تأثيرها على عدد من أهم الفنانين التشكيليين في العالم العربي.

المزاد الذي سيقام يوم 23 أبريل المقبل سيلقي الضوء على ما يقرب من 50 فناناً من لبنان والعالم العربي. يعتمد المعرض على فكرة أن بيروت جذبت فنانين من أنحاء العالم العربي، واحتضنت أعمالهم، وأثَّرت في مسيرتهم الفنية.

تحكي لي منسقة المعرضة والخبيرة في «دار سوذبيز»، ألكساندرا روي، كيف تطورت فكرة المزاد قائلة: «لاحظنا في مزاداتنا الماضية وجود مجموعة ضخمة من الأعمال الفنية المرتبطة بلبنان. ومن هنا ظهرت فكرة أن نحول أنظارنا لمدينة بيروت لاستكشاف تأثيرها على الفنانين».

تشير إلى أن الفكرة تطورت بعد مشاهدة معرض أُقيم ضمن «فعاليات بينالي ليون»، من تنسيق سام بردويل، بعنوان «بيروت في الستينات الذهبية»، وتضيف قائلة إن الفرق بين هذا المعرض والمزاد المقبل أن الدار رأت أن تتوسع في المساحة الزمنية للأعمال المعروضة، وفي عدد الفنانين وطبيعة علاقتهم بمدينة بيروت: «من الجميل أن نظهر التواصل بين الفنانين في المنطقة، في أسفارهم ورحلاتهم، وأيضاً أن نركز على الفنانين؛ ليس فقط من جانب إنتاجهم الإبداعي، بل أيضاً كمعلمين وأصدقاء وملاك صالات عرض».

أوغيت كالان - بلا عنوان 2004

المزاد يضم نحو 50 فناناً، منهم 30 من لبنان، إلى جانب فنانين من العراق ومصر وسوريا وفلسطين، الذين تشكلت ممارساتهم من خلال تفاعلهم مع البلاد، وتشمل أبرز الأعمال اللوحات والألوان المائية والوسائط المختلطة والمنحوتات لأمثال إيتيل عدنان وهوجيت كالان وأيمن بعلبكي ومنى سعودي وعارف الريس وسلوى روضة شقير.

وتتتبع الأعمال معاً تأثير لبنان منذ بدايات الحداثة في منتصف القرن، وحتى يومنا هذا، في فن المنطقة والعالم الأوسع، وتشير الخبيرة إلى أن أحد الأعمال يعود إلى الخمسينات من القرن الماضي، ومنها حتى 2016. عبر عملية إعداد المزاد كانت هناك بعض الاكتشافات التي وفرت أبعاداً ثرية لفكرة العرض، تقول روي: «على سبيل المثال لدينا عمل للفنان العراقي محمد غني حكمت من (مؤسسة ألفريد بصبوص)، وهو نحات لبناني رائد، وهو ما يجعلنا نفكر في طريقتهما بالعمل والتشابهات أو المقارنات التي يمكن عقدها بينهما، أو أن والدة الفنان السوري مروان لبنانية أو أنه كان معلماً للفنان اللبناني أيمن بعلبكي، كلما نظرنا إلى الأعمال والفنانين في المزاد نرى المزيد من الصلات التي تعكس مكانة بيروت ولبنان في الفن العربي الحديث والمعاصر، وهو ما يجعل المزاد متنوعاً».

أهم الأعمال في المزاد:

إيتيل عدنان، دون عنوان، نحو عام 1965

وُلدت إيتل عدنان في بيروت عام 1925، وتُعد اليوم واحدة من أكثر الفنانين شهرة على المستوى الدولي في المنطقة، ومن المقرر أن يتم تمثيلها هذا العام في «بينالي البندقية» وتكريمها بمعرض استعادي كبير في «إثراء» بالمملكة العربية السعودية. يجمع هذا العمل المبكر بين حبها للألوان النقية وانجذابها إلى التجريد الهندسي وانبهارها بالشمس وبحر بيروت في شبابها.

إيتيل عدنان - دون عنوان نحو عام 1965

محمود سعيد، «بيوت العيتانية»، 1951

يُعدّ محمود سعيد مؤسس الفن المصري الحديث، واشتهر برسم المناظر الطبيعية في مصر وخارجها حيث رسم مناظر الأماكن التي زارها في أثناء عطلاته. في الخمسينات، كان ملاذه الصيفي المفضل لبنان. وفي عمله هنا نراه يصور قرية عيتنيت (خارج بيروت على بحيرة). يوجد على الجزء الخلفي من اللوحة إهداء لصديق سعيد ومعلمه الدكتور جوزيف القيم، وهو عضو في «الأدباء البوهيميين»، وهي معروضة للبيع بالمزاد العلني لأول مرة من مجموعة عائلته.

أوغيت كالان، بلا عنوان، 2004

وُلِدت أوغيت كالان في بيروت عام 1932، وكانت الابنة الوحيدة لأول رئيس للبنان بعد استقلال البلاد عن فرنسا. بدأت كالان رحلتها بوصفها رسامة في وقت متأخر من حياتها، والتحقت بالجامعة الأميركية في بيروت عام 1965، عندما كانت متزوجة وأماً. هناك درست الفن رسمياً مع صديقتها المعاصرة، هيلين خال. في عام 1970، تركت كالان عائلتها، وانتقلت إلى باريس، في خطوة أشارت إلى أن الفن كان سيصبح حياتها كلها.

صليبا الدويهي - «منظر بحري» 1951

صليبا الدويهي، «منظر بحري»، 1951

كان صليبا الدويهي، أحد أبرز الرسامين في لبنان في القرن العشرين، وانشغل بالمناظر الطبيعية في وطنه، معبراً عنها من خلال مستويات مميزة من الألوان العميقة. درس الدويهي في الولايات المتحدة وأوروبا، ثم انتقل إلى نيويورك في عام 1950، قبل أشهر قليلة من رسم هذا العمل المؤقت، حيث انتقل من الواقعية إلى التجريد. مستوحى من الفنانين الذين التقى معهم على طول الطريق (بما في ذلك مارك روثكو).

منى السعودي، دون عنوان، 1980

وُلِدت منى السعودي في عمان بالأردن. عندما كانت طفلة، كانت تستكشف الآثار القديمة المحيطة بمنزلها، وكانت تلعب بين التماثيل الحجرية والأعمدة الرومانية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. في سن السابعة عشرة، انتقلت إلى بيروت الصاخبة لتصبح فنانة. كانت العاصمة اللبنانية العالمية في الستينات مركزاً للمثقفين العرب وموطناً لمجتمع فني وأدبي مزدهر. أقيم أول معرض فردي للسعودية في مقهى الصحافة ببيروت، شتاء عام 1963، وكان لحظة رائدة في حياة الفنانة، مما مكَّنها من تمويل رحلة إلى باريس، حيث التحقت بمدرسة الفنون الجميلة.

منى السعودي - دون عنوان 1980

سلوى روضة شقير، «بلا عنوان»، من «السلسلة المزدوجة المتكررة»، نحو 1988 - 1990

وُلِدت سلوى روضة شقير في بيروت عام 1916. وتُعدّ أول فنانة تجريدية حديثة حقيقية في لبنان، ونحاتة رائدة في العالم العربي. منذ البداية، كانت شقير منشغلة بالفن والهندسة المعمارية من العالم الإسلامي، وهو الانشغال الذي تفاقم بسبب رحلة إلى مصر في عام 1943، باتباع عنصرَين أساسيين في التصميم الإسلامي (الخط والمنحنى) تتميز أعمال شقير الأنيقة بالتجريب، مستمدة من التقليد.

محمد غني حكمت، «الأم والطفل»، 1994

هذه المنحوتة للفنان العراقي الشهير محمد غني حكمت كانت ضمن مجموعة الفنان اللبناني ألفريد بصبوص (عملاق في مجال النحت العربي) التي عرضها ضمن ندوته الدولية للنحت.


مقالات ذات صلة

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز) play-circle 01:27

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الموزة الصفراء المثبتة على الحائط الأبيض بشريط لاصق فضي هي عمل بعنوان «كوميدي» للفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان (أ.ب)

كيف بلغت قيمة موزة مثبتة على الحائط مليون دولار؟

يمكنك شراء موزة بأقل من دولار واحد في أي سوبر ماركت، ولكن ماذا عن الموزة المثبتة بشريط لاصق على الحائط في معرض فني؟ قد تباع هذه الموزة بأكثر من مليون دولار!

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق صورة لتشرشل بالأبيض والأسود التُقطت عام 1941 (دار سوذبيز)

محامٍ إيطالي يشتري صورة تشرشل الشهيرة مقابل 4200 جنيه إسترليني

اشترى محامٍ صورة للسير وينستون تشرشل مقابل 4200 جنيه إسترليني معتقداً أنها نسخة رخيصة، ليجد نفسه أمام فضيحة بعد أن اكتشف أن الصورة كانت النسخة الأصلية المسروقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ساعة الجيب المصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً قُدّمت إلى الكابتن روسترون من قبل 3 أرامل لرجال أعمال بارزين وأثرياء فقدوا حياتهم عندما غرقت السفينة تيتانيك (ب.أ)

بيع ساعة ذهبية تم تقديمها لقبطان قارب أنقذ ركاباً من «تيتانيك» مقابل مليوني دولار

بِيعت ساعة «جيب» ذهبية تم تقديمها لقبطان قارب، أنقذ أكثر من 700 راكب من سفينة تيتانيك، مقابل مبلغ قياسي يقدر بـ1.56 مليون جنيه إسترليني (مليونا دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
TT

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)

قدّم الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، شكره وتقديره لورثة سلمان بن حمود الشبيب، على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى المكتبة الوطنية.

وأشاد الأمير فيصل بن سلمان خلال لقائه أسرة الشبيب، بهذه المبادرة التي من شأنها دعم مقتنيات المكتبة الوطنية وإثراء محتواها الثقافي بما فيه خدمة الباحثين والمستفيدين، مؤكداً أن مقتنيات المكتبة المهداة ستحظى بالعناية اللازمة التي تمكن الباحثين من الاستفادة منها على أفضل وجه.

يذكر أن المكتبة المهداة تحوي عدداً من الدوريات والمجلات الرائدة منذ العدد الأول، أبرزها مجلة المقتطف (1876م)، ومجلة الهلال (1892م)، إضافة إلى عدد من نفائس الكتب في شتى مجالات العلوم والمعارف، فالراحل كان دبلوماسياً ومؤلفاً ومشتغلاً بالكتب وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، كما أضاف إلى المكتبة العربية عدداً من الكتب والمؤلفات المترجمة.

وفي نهاية اللقاء منح الأمير فيصل بن سلمان شهادة تقديرية من مكتبة الملك فهد الوطنية، لعائلة الشبيب مقدمة من المكتبة؛ تقديراً لهم على مبادرتهم.

وسلمان الشبيب، دبلوماسي ومؤلف وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، توفيّ في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس، ودُفن بالرياض.

وأثرى الراحل المكتبة العربية مؤلفاً ومترجماً لعدد من الكتب التي حققت شهرة على مستوى العالم، من أهمها: «عهود خالدة - من الإرث التاريخي في المعاهدات»، و«قاموس في الدبلوماسية».

كما ترجم الراحل الشبيب كتاب «ممارسة الدبلوماسية - تطورها ونظرياتها وإداراتها»، لكيث هاميلتون وريتشارد لانجهورن، وعدت الترجمة العربية للكتاب هي الوحيدة، والأشهر، وغطى الكتاب البدايات الأولى للعمل الدبلوماسي في الشرق القديم، والإمبراطورية الرومانية والحضارات العربية القديمة إلى مرحلة التطور والتوسع الدبلوماسي ومراحله الانتقالية إلى اليوم.