يشير مصطلح البلوغ المُبكر إلى حالة يبدأ فيها جسم الصغير التغيُّر إلى جسم شخص بالغ في مرحلة مُبكرة، ومن علاماته كبر حجم الثدي لدى الإناث، وظهور شعر العانة لدى الإناث والذكور.
وكشفت دراسة ألمانية عن علاقة وثيقة بين مرض السكري من النوع الأول، وبداية البلوغ لدى الإناث والذكور أيضاً. وعرضت نتائج الدراسة، الجمعة، أمام المؤتمر السنوي لـ«الجمعية الأوروبية لطب الغدد الصماء لدى الأطفال» في لاهاي. وهنا أثيرت تساؤلات حول مدى تأثير السكري في مرحلة البلوغ لدى المراهقين.
والسكري من النوع الأول هو الشكل الأكثر شيوعاً لمرض السكري لدى الأطفال، ويحدث عندما يدمّر الجهاز المناعي خلايا «بيتا» في البنكرياس، والتي تنتج الإنسولين، ويختلف عن السكري من النوع الثاني، الذي يصيب البالغين، ويحدث عندما لا يستطيع الجسم استخدام الإنسولين بشكل فعال، أو عندما لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الإنسولين، نتيجة عوامل مثل السمنة وقلة النشاط البدني.
وفق الدراسة، يُحدث البلوغ المُبكر تغيرات هرمونية يمكن أن تؤثر في التحكم الأيضي بمرض السكري. على سبيل المثال، يمكن أن يصبح الجسم أكثر مقاومة للإنسولين، ما يزيد من مستويات السكر في الدم.
وكانت دراسات سابقة قد ربطت بين السكري من النوع الأول، والبلوغ المبكر لدى الإناث، لكن لا يُعرَف بعدُ ما إذا كان المرض يؤدّي للنتيجة عينها لدى الذكور.
وخلال الدراسة، حلَّل الفريق بيانات تتعلّق ببداية البلوغ وتطوّر شعر العانة لـ65518 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و18 عاماً، شُخّصت إصابتهم جميعاً بالسكري من النوع الأول بين عامي 2000 و2021، ووجدوا أنه على مدار عقدين، تمرّ الفتيات والفتيان بمرحلة البلوغ قبل 6 أشهر تقريباً.
وكانت هذه النتيجة أكثر وضوحاً لدى الأطفال الذين أصيبوا بمرض السكري لفترة أطول، أو كانوا يعانون زيادة الوزن، أو لديهم مستويات منخفضة من السكر في الدم.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة الدكتور فيليكس ريشكي، من مستشفى الأطفال «أوف دير بولت» بمدينة هانوفر الألمانية: «رغم أن النتائج الخاصة بالفتيات تتوافق مع البحوث السابقة، فإن دراستنا (رائدة) في الكشف عن اتجاه مماثل لدى الأولاد المصابين بالسكري للمرة الأولى»، مضيفاً، في تصريحات نقلها موقع «ميديكال إكسبرس»: «نتيجة لذلك، نتوقع أنّ متوسط بداية البلوغ لدى الأولاد المصابين بالسكري سيحدث قبل سن 12 عاماً (11.98 عاماً)».
ووفق الدراسة، يرتبط عدد من العوامل، مثل وزن الجسم والمرض والوراثة بالبلوغ المبكر، ومع ذلك فإن البلوغ المبكر غالباً لا يكون له سبب واضح.
وهنا يذكر ريشكي: «لا يضيء بحثنا على المشهد المتطوّر لتوقيت البلوغ لدى الأطفال المصابين بداء السكري فحسب، بل يؤكد أيضاً التفاعل المُعقّد بين عوامل الأيض والهرمونات والتأثيرات البيئية»، مشيراً إلى أن «هناك ما يبرّر إجراء مزيد من البحوث لاستكشاف هذه الديناميكيات بشكل شامل، وإذا لزم الأمر، قد نحتاج لإعادة تقييم وتعديل أساليبنا السريرية لفحص البلوغ المبكر وفقاً لذلك».