5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

الخبراء يحذّرون من الانغماس في طلب المشورات الصحية «الذكية»

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»
TT

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

5 نصائح عند استشارة… «الدكتور تشات جي بي تي»

سواءً للأفضل أو للأسوأ، يطلب الكثير من الناس معلومات ونصائح صحية من روبوتات الدردشة الذكية. ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته مجموعة أبحاث الصحة KFF في يونيو (حزيران) 2024، أفاد نحو واحد من كل ستة بالغين بأنهم يفعلون ذلك بانتظام. ويقول الخبراء إن هذه النسبة قد ازدادت منذ ذلك الحين، كما كتب سيمار باجاج (*).

إجابات... بين الدقة العالية والاختلاقات

أظهرت دراسات حديثة أن «تشات جي بي تي» قادر على اجتياز امتحانات الترخيص الطبي وحل الحالات السريرية بدقة أكبر من البشر. لكن روبوتات الدردشة الذكية تشتهر أيضاً باختلاق الأمور، ويبدو أن نصائحها الطبية الخاطئة قد تسببت أيضاً في أضرار جسيمة.

وقال الدكتور أينسلي ماكلين، الرئيس السابق للذكاء الاصطناعي في مجموعة Mid-Atlantic Permanente الطبية، إن هذه المخاطر لا تعني التوقف عن استخدام روبوتات الدردشة، لكنها تؤكد على ضرورة الحذر والتفكير النقدي.

الروبوت لا يحل محل الطبيب

وأضاف ماكلين أن روبوتات الدردشة رائعة في إنشاء قائمة أسئلة لطرحها على طبيبك، وتبسيط المصطلحات الطبية في السجلات الطبية، وإرشادك خلال تشخيصك أو خطة علاجك. ولكن لا يوجد روبوت دردشة جاهز ليحل محل طبيبك؛ لذا كن أكثر حذراً عند طلب التشخيصات المحتملة أو النصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي.

أفضل طرق استخدام الروبوتات للإجابات الصحية

سألنا الخبراء عن أفضل طريقة لاستخدام روبوتات الدردشة للإجابة عن أسئلتك المتعلقة بالرعاية الصحية.

* تدرب عندما تكون المخاطر منخفضة. قالت الدكتورة راينا ميرشانت، المديرة التنفيذية لمركز تحول وابتكار الرعاية الصحية في جامعة بنسلفانيا الطبية، إن الناس معتادون عموماً على طلب المشورة الطبية من «غوغل»، ويدركون أن «الصفحة العاشرة من النتائج ليست بجودة الصفحة الأولى».

لكن معظم الناس لا يمتلكون القدر نفسه من الخبرة في استخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ويقول الخبراء إن هناك منحنى تعلم، وإن المستخدمين يحتاجون إلى التدرب على صياغة الأسئلة وتدقيق الردود للحصول على أفضل النتائج.

لذا؛ لا تنتظر حتى تواجه مشكلة صحية خطيرة لتبدأ بتجربة الذكاء الاصطناعي، كما يقول الدكتور روبرت بيرل، مؤلف كتاب «تشات جي بي تي» - الطبيب: كيف يمكن للمرضى والأطباء المُعززين بالذكاء الاصطناعي استعادة السيطرة على الطب الأميركي«ChatGPT, MD: How A.I.-Empowered Patients & Doctors Can Take Back Control of American Medicine».

اقترح بيرل أن تتذكر زيارتك الطبية الأخيرة، وبعض الأسئلة التي أجاب عنها طبيبك بشكل جيد... اطرحها على روبوت الدردشة واختبر الإجابات، وقارن إجاباته بإجابات طبيبك. وأضاف أن هذا التمرين يمكن أن يمنحك فكرة عن نقاط قوة روبوت الدردشة ونقاط ضعفه.

ميل الروبوتات إلى التملّق

احذر أيضاً من ميل روبوتات الدردشة إلى التملق والإصرار على التصديق. إذ قد يدفع سؤال مُوجّه - مثل: «ألا تعتقد أنني في حاجة إلى إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي؟» - روبوت الدردشة إلى الموافقة علي تصوراتك، بدلاً من تقديم إجابات دقيقة. ولكن يمكنك الوقاية من ذلك بطرح أسئلة متوازنة ومفتوحة.

حتى أن بيرل أوصى بأن تستبعد نفسك من السؤال – مثل توجيه سؤال: «ماذا ستقول لمريض يعاني سعالاً شديداً؟» — لتتجاوز ميل روبوتات الدردشة للموافقة على رأيك بشكل أفضل. يمكنك حتى التفكير في سؤاله مباشرةً: «ماذا تقول له (للمريض) من إجابات قد لا يرغب في سماعها؟».

مشاركة البيانات

* تشارك في السياق - في حدود المعقول. قال الدكتور مايكل توركين، طبيب الطب الباطني في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو الصحية، إن روبوتات الدردشة لا تعرف شيئاً عنك، إلا ما تخبرها به. لذلك؛ عند طرح أسئلة طبية، امنح روبوتات الدردشة أكبر قدر من السياق (التفصيل) الذي تشعر بالراحة في مشاركته لزيادة فرصة الحصول على إجابة أكثر تخصيصاً.

لنفترض أنك سألت روبوت دردشة عن ألم ورك أُصبتَ به أخيراً. هناك بالطبع عشرات الأسباب المحتملة. قال بيرل: «لكن بمجرد أن تُعطي روبوت الدردشة عمرك، وتاريخك الطبي السابق، والأمراض المصاحبة، والأدوية، ووظيفتك، يمكنه الآن أن يبدأ في تقديم تشخيص دقيق وشخصي للغاية»، وهو تشخيص يمكنك بعد ذلك سؤال طبيبك عنه.

مخاوف خرق الخصوصية

مع ذلك، قال الدكتور رافي باريخ، مدير مختبر التعاون بين الإنسان والخوارزميات في جامعة إيموري، إن هناك مخاوف جدية تتعلق بالخصوصية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. وأضاف أن معظم برامج الدردشة الآلية الشائعة غير مُلزمة بقانون نقل ومساءلة مؤسسات التأمين الصحي، وليس من الواضح من يمكنه الوصول إلى سجل محادثاتك. لذا؛ تجنب المشاركة بتفاصيل التعريف بوضعك أو تحميل سجلاتك الطبية كاملةً. فقد تتضمن هذه السجلات عنوانك ورقم الضمان الاجتماعي وبيانات حساسة أخرى.

إذا كنت قلقاً بشأن الخصوصية، فإن الكثير من برامج الدردشة الآلية تعمل بنظام التصفح المجهول أو المتخفي، حيث لا تُستخدم المحادثات لتدريب النموذج، وتُحذف بعد فترة قصيرة. وأشار توركين إلى وجود الكثير من برامج الدردشة الآلية الطبية المتوافقة مع القوانين.

حذارِ من المحادثات الطويلة

* تحقق من صحة المعلومات أثناء المحادثات الطويلة. قال باريخ إن برامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي قد تنسى أو تخلط أحياناً بين تفاصيل مهمة، خاصةً إذا كانت من الإصدارات المجانية أو أثناء إجراء المحادثات الطويلة. لذا؛ يُفضل استخدام النماذج المدفوعة الأجر والأكثر تقدماً، للأسئلة الطبية؛ لأنها عادةً ما تتمتع بذاكرة أطول، وعملية «استنتاج» أفضل، وبيانات أكثر تحديثاً.

قد يكون من المفيد أيضاً بدء محادثات جديدة بشكل دوري، لكن الكثير من المرضى يجدون صعوبة في إعادة إدخال معلوماتهم الطبية وتحديث النموذج. في هذه الحالة، أوصت ميرشانت بطلب «تلخيص ما تعرفه عن تاريخي الطبي» من روبوت المحادثة على فترات منتظمة. يمكن أن تساعد هذه المراجعات في تصحيح سوء الفهم وضمان بقاء روبوت المحادثة على المسار الصحيح.

اطلب أسئلة من الروبوتات

* اطلب طرح المزيد من الأسئلة. بشكل عام، تتفوق روبوتات المحادثة الذكية في تقديم الإجابات مقارنة بطرحها للأسئلة؛ لذا فإنها تميل إلى تجاهل المتابعات (الأسئلة) المهمة التي قد يوجهها الطبيب للمريض، كما يقول توركين - مثل ما إذا كنت تعاني أي أمراض كامنة أو تتناول أي أدوية. وهذا يُمثل مشكلة خاصةً عند السؤال عن تشخيصات محتملة أو نصائح طبية.

للتعويض (عن هذا النقص في عمل الروبوتات)، أوصى توركين بتحفيز روبوت المحادثة بجملة مثل: «اسألني أي أسئلة إضافية تحتاج إليها للتفكير بشكل أكثر أماناً».

توقع هنا سيلاً من الأسئلة، لكن حاول الإجابة عن كل سؤال بعناية. إذا أغفلت سؤالاً أو تجاهلته، فمن المحتمل ألا يسألك مرة أخرى، كما يقول توركين.

اطلب المصادر

* قارن روبوت الدردشة الخاص بك بنفسه. قال بيرل إن كل نصيحة صحية تُقدم عبر الإنترنت أو من صديق تأتي بمنظور مُحدد، وروبوتات الدردشة القائمة على الذكاء الاصطناعي ليست استثناءً. تكمن المشكلة في أنه حتى عندما يرتكب الذكاء الاصطناعي أخطاءً بدائية، فإنه لا يزال ينضح بالثقة ويبدو عالماً بكل شيء.

لذا؛ تنصح ماكلين بالتشكك وطلب المصادر من روبوتات الدردشة، ثم التأكد من وجودها بالفعل. كما يجب عليك طرح أسئلة متابعة صعبة، وجعل روبوتات الدردشة تشرح أسبابها. وأضافت: «كن متفاعلاً حقاً. لا أحد يهتم بصحتك أكثر منك».

ولدفع روبوتات الدردشة إلى أبعد من ذلك؛ شجعها على تبني وجهات نظر مختلفة. في البداية، كما قالت ماكلين، قد تقول لروبوت الدردشة: «أنت طبيب رعاية أولية دقيق وذو خبرة». ولكن لاحقاً، اطلب منه تبني وجهة نظر اختصاصي؛ ما يُسهم في توجيه النموذج نحو معرفة أعمق ومتخصصة في مجال معين.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

أكد خبراء في منتدى القطاع غير الربحي الدولي، الذي انطلق في العاصمة السعودية الرياض، أن الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

ضرورة ملاءمته لنبرة الحديث وممارسات العمل والافتراضات الثقافية

إنريكي دانس (واشنطن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.