«ليم» تعود إلى جذورها السعودية في رمضان

في هذا الشهر لبَّت الرغبة في قفاطين وعباءات أنيقة

توازن «ليم» في تصاميمها بالجمع بين المحتشم والعصري (ليم)
توازن «ليم» في تصاميمها بالجمع بين المحتشم والعصري (ليم)
TT

«ليم» تعود إلى جذورها السعودية في رمضان

توازن «ليم» في تصاميمها بالجمع بين المحتشم والعصري (ليم)
توازن «ليم» في تصاميمها بالجمع بين المحتشم والعصري (ليم)

من يتابع تطور علامة «ليم» السعودية، يعرف أنها ظلت وفية لأهم جين وراثي من جيناتها، ألا وهو الحشمة المعاصرة. منذ تأسيسها في عام 2018 وضعت نصب أعينها أنها وُلدت في مجتمع شرقي له تقاليده وطقوسه. لكن يُحسب لها أنها لم تراعِه إلى درجة الإغراق في التراث. بهذه النظرة الفنية نجحت في كسب زبونة عالمية لا حجة لها في أن تتعامل معها كأي دار أزياء غربية. بكل تفاصيلها وألوانها وخطوطها تخاطب امرأة عالمية لا تميل إلى كشف المفاتن. فهذه تصاميم لكل مكان وزمان.

التصاميم الرمضانية تلقى إقبالاً أكثر كونها مستلهمة من القفاطين والعباءات (ليم)

على الرغم من عدم غرفها من التراث بشكل حرفي، تبقى التشكيلات الخاصة بشهر رمضان مُرتبطة بالمنطقة ارتباطاً كبيراً، مثل العباءات والقفاطين والجلابيات.

يقول مايلز يونغ، المدير الإداري في مجموعة «الهلا» التجارية، وهي الشركة الأم لعلامة «ليم»، إنه خلال شهر رمضان «نشهد زيادة في الطلب على تصاميم خاصة بالمناسبات، مثل القفطان والعباءات وما شابهها. ما نلاحظه دائماً أن زبوناتنا في المنطقة يُقبلن عليها أكثر ويطلبنها بأقمشة خفيفة وناعمة».

قفطان خاص بشهر رمضان بلون الفيروز الفضة (ليم)

منذ أن تأسست «ليم» في السعودية وهي تنتقل من نجاح إلى آخر. توسَعت أول مرة إلى مواقع التسوق الإلكتروني مثل «سيلفريدجز» وغيره من المواقع العالمية. غير أن طموحاتها كانت أكبر. في العام الماضي بدأت عمليات افتتاح محال رئيسية لها، كان أول الغيث محل ضخم وأنيق في «ويستفيلد وايت سيتي» بلندن. يشرح مايلز هذه الاستراتيجية التوسعية قائلاً إن الدافع إليها هو «أن مفهوم التوازن يدخل في صميم فلسفتنا كدار أزياء سعودية بمواصفات عالمية. فنحن نهتم بكل التفاصيل بدءاً من الأقمشة والألوان إلى الزخارف التي تواكب اتجاهات الموضة وفي الوقت ذاته تبقى راسخة في المنطقة العربية بحشمتها ورصانتها».

في رمضان يزيد الطلب على القفاطين والعباءات لكثرة المناسبات الخاصة (ليم)

كان لا بد أن تتوسع العلامة السعودية وتحط أقدامها في لندن وفق راي مايلز. فالسوق البريطانية واحدة من مراكز التسوق المهمة للأزياء المحتشمة، التي تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات. كان لـ«ليم» نصيب منها بدليل أدائها الجيد منذ إطلاقها عبر الإنترنت على موقع Selfridges.com ثم باقي محالها فيما بعد. فمهما انتعش التسوق على المواقع الإلكترونية وراق لشريحة من المتسوقين ليس لديهم الوقت الكافي للتجول بين المحال، لا يمكن أن يؤثر سلباً على أهمية التسوق في المحال الإسمنتية. فهذه أيضاً لها زبوناتها ومريدوها.


مقالات ذات صلة

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة الأسلوب الخاص يمكن اكتسابه مع الوقت والممارسة... لكنه في الغالب يولد مع الشخص (رويترز)

أسرار «الأناقة الراقية»... تميز دون تكلف أو تكاليف

«الأناقة دون جهد» ليست مجرد صفة مميزة؛ بل تجسيد لأناقة تنبع من الشخص بطريقة طبيعية وغير متكلفة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة بعد خمس سنوات مديرة إبداعية في الدار غادرت فيرجيني فيار «شانيل» بهدوء (أ.ف.ب)

من سيخلف فيرجيني فيار في دار «شانيل»؟

مساء يوم الأربعاء، أعلنت دار الأزياء الفرنسية شانيل مغادرة مديرتها الفنية فيرجيني فيار. كما تبوأت هذا المنصب منذ خمس سنوات بهدوء، غادرته بهدوء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أزياء طاقم طيران الرياض سيكون أول ما سيراه المسافرون لهذا كان مهماً أن تُسند هذه المهمة لمصمم من وزن وثقافة محمد آشي (آشي)

محمد آشي... مصمم طاقم «طيران الرياض» الجديد

استعداداً لإطلاق أولى رحلاته التجارية رسمياً في عام 2025، كشفت شركة «طيران الرياض»، الناقل الجوي الوطني الجديد، عن اختياره مصمم الأزياء محمد آشي لتصميم أزياء…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

أشاد غارافاني فالنتينو مؤسس دار «فالنتينو» ببييرباولو بنشره في تغريدة يشكره فيها أنه احترم إرثه وتاريخه ولم يحاول تغييرهما بدافع الأنا المتضخمة.

جميلة حلفيشي (لندن)

معرض «كارتييه» في متحف «فيكتوريا وألبرت» يفتح أبوابه للتاريخ

الزائر إلى المعرض سيستمتع بساعات تاريخية مكتوبة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة (أ.ف.ب)
الزائر إلى المعرض سيستمتع بساعات تاريخية مكتوبة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة (أ.ف.ب)
TT

معرض «كارتييه» في متحف «فيكتوريا وألبرت» يفتح أبوابه للتاريخ

الزائر إلى المعرض سيستمتع بساعات تاريخية مكتوبة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة (أ.ف.ب)
الزائر إلى المعرض سيستمتع بساعات تاريخية مكتوبة بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة (أ.ف.ب)

يمكن وصفه بالحدث التاريخي بالنسبة لعشاق المجوهرات وكل من يهتم بتتبع التاريخ وتطوراته من بداية القرن إلى اليوم. فمعرض «كارتييه»، الذي افتُتح يوم السبت الماضي، لم يحتضن متحف «فيكتوريا وألبرت» بلندن مثيلاً له منذ 30 عاماً، وفق ما قاله تريسترام هانت، مدير المتحف، وأكده لوران فينيو، المدير الإداري لـ«كارتييه» في المملكة المتحدة. آخر مرة كانت في عام 1997، من خلال معرض «كارتييه 1900-1939» Cartier 1900–1939. السبب يعود إلى أن تنظيم مثل هذه المعارض يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً في تجميع قطع نادرة وأخرى لا يطيق أصحابها فراقها لأشهر. فالمعرض ممتد إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

تم تجميع قطع نادرة في جهات متعددة وهو ما تطلب الكثير من الوقت (متحف فيكتوريا وألبرت)

المعرض الحالي، مثلاً استغرق عشر سنوات ليأتي بهذا الشكل الفريد شكلاً ومضموناً. فهو يضم أكثر من 350 قطعة فريدة بتوقيع الدار، نسبة منها استعارها المتحف من التاج البريطاني، لتحكي كل واحدة منها قصة للتاريخ، حسب الشخصية التي ظهرت بها، والمناسبة التي ظهرت فيها. وهذا جانب من الجوانب الأساسية التي يُسلط عليها المعرض الضوء، متتبعاً العلاقة الخاصة والتاريخية التي تربط الدار بالعائلة الملكية البريطانية، كونها تعود إلى الملك إدوارد السابع الذي وصفها بـ«صائغ الملوك وملك الصاغة». لم يكتف بهذا الوصف الذي أصبح لصيقاً بها فحسب، بل منحها تفويضاً ملكياً في عام 1904، وذلك بعد عامين فقط من افتتاح أول متجر لها في لندن عام 1902.

تأثيرات من كل أنحاء العالم

بيد أن المعرض لا يركز على هذا الجانب وحده. كل ما فيه قراءة في التاريخ تسجلها الدار بالأحجار الكريمة والمعادن النفيسة. فتصاميم المينا مثلاً تأثرت بأسلوب فابرجيه حين استحوذ الاهتمام بكل ما هو روسي على أوروبا أوائل القرن العشرين، وظهور أشكال وألوان من التيجان الذي اكتسح العالم في عام 1911 جاء بمناسبة تتويج جورج الخامس في بريطانيا. هذا عدا عن الحمى الفنية التي اجتاحت العالم عموماً وبريطانيا خاصة بعد اكتشاف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ آمون.

المعرض لا يتكرر سوى مرة لكل جيل... آخر مرة كان منذ ثلاثين عاماً وذلك لصعوبة تنظيمه بهذا الحجم والمعروضات (إ.ب.أ)

الزائر إلى المعرض سوف يكتشف أنه بمثابة نافذة تنفتح على مجموعة من الفنون والتاريخ والثقافات، لأن الإخوة الثلاثة الذين تمركز كل واحد منهم في عاصمة من العواصم العالمية: لويس في باريس، وجاك في لندن وبيير في نيويورك، كانوا عيناً على العالم. يجسون نبض هذه الأسواق ويلتقطون التغيّرات الثقافية والاجتماعية فيها ثم يصوغونها في قطع تعكس الحقبة التي زامنتها، سواء كانت خواتم ألماس بحجم حبّات الرخام أو تيجان ملكية أو قلادات تتدلى منها الأحجار الملونة مثل الشلالات.

وهكذا ساهم كل واحد منهم في تحويل المشروع العائلي الصغير في باريس إلى اسم عالمي تبلورت ملامح فخامته أكثر في بداية القرن العشرين. بينما كانت لكل واحد منهم رؤيته وشغفه، جمعهم هدف واحد وهو الرغبة في الدفع بـ«كارتييه» إلى الأمام واحتضان كل الفئات والثقافات. استلهموا من إيران والهند ومصر كما غرفوا من نبع الفن الإسلامي والطبيعة وكائناتها الحية وهلم جرا.

المصمم فريدريك ميو

ما افتقدوه من قدرات على التصميم والصياغة، عوَضوه بجموح محموم للتفوق في ابتكار كل ما هو فني، معتمدين على مصممين لهم باع في مجالهم، مثل الفنان البريطاني فريدريك ميو الذي عمل مع الدار من أواخر عشرينيات القرن الماضي حتى عام 1971. كانت له لمسة سحرية جذبت العائلة الملكية البريطانية، إلى حد أن الملكة إليزابيث الثانية أوكلت له في عام 1953، مهمة تصميم بروش يضم ألماسة ويليامسون الوردية النادرة، ويقال إنها واكبت شخصياً عملية تقطيع هذه الحجرة التي قدر حجمها بـ23.6 قيراط على يد حرفيين، كانوا هم أيضاً من الوزن الثقيل. تجدر الإشارة إلى أن هذه القطعة الفريدة تُعرض في المعرض للمرة الأولى إلى جانب رسومات أصلية نادرة تم اكتشافها مؤخراً في أرشيف الدار. واحد منها لسوار من اللؤلؤ الأسود صُمّم خصيصاً لمهاراني بارودا عام 1953، ويعد اليوم من أغلى المجوهرات في العالم.

هناك أيضاً قلادة تعود إلى عام 1928 صممتها الدار لمهاراجا باتيالا إلى جانب بروش ماسي على شكل وردة ارتدته الأميرة مارغريت في عدة مناسبات خاصة وعامة كما ظهرت به في سلسلة من الصور الرسمية التقطها لها المصور سيسل بيتون عام 1955. كان للتيجان نصيب كبير في المعرض، وكان القسم المخصص لها، مسك ختام الجولة التي اقترحها المتحف على الزوار، من بينها التاج المعروف بـ«هايلو» والذي تم تصميمه في عام 1902 للملكة الأم وورثته ابنتها الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، كما ظهرت بها الأميرة آن في عام 1967 ثم كاثرين ميدلتون عام 2011 في حفل زفافها. في عام 2016، ظهرت به المغنية ريهانا على غلاف مجلة «W».

التاج المعروف بـ«هايلو» صُمم في عام 1902 للملكة الأم وتم توارثه عبر الأجيال. ارتدته كاثرين ميدلتون عام 2011 في حفل زفافها وريهانا في عام 2016 على غلاف مجلة «W» (غيتي)

احتضان لكل الفئات

فالجميل في المعرض، أو بالأحرى في شخصية «كارتييه» أنها نجحت في الجمع بين الملكات وأفراد من الطبقات الأرستقراطية، وكذلك النجمات والشخصيات الاجتماعية على مستوياتهن، من جاكلين كيندي إلى كيم كارداشيان. نذكر مثلاً التاج الذي تزيّنت به دوقة ديفونشاير، وخاتم الخطوبة الذي أهداه الأمير رينيه الثالث إلى غريس كيلي، وظهرت به في فيلم High Society، كذلك ساعة تانك الأيقونية التي كانت لجاكلين كيندي، وامتلكتها لاحقاً كيم كارداشيان، إلى جانب أساور Love الشهيرة التي لا تزال تستقطب عشاق المجوهرات من الشباب.

النجمة الراحلة غرايس كيلي ظهرت في فيلم «هاي سوسايتي» بخاتم الخطوبة الذي صممته لها «كارتييه» بتكليف من الأمير رينيه (غيتي)

طبعاً لا يمكن الحديث عن «كارتييه» من دون التطرق إلى عشقها للطبيعة وكائناتها، والتي ظهرت في عدة إبداعات أيقونية، نذكر منها القلادة الشهيرة على شكل ثعبان التي صممتها الدار للفنانة المكسيكية الشهيرة ماريا فيليكس في عام 1968، و«البانثير» الذي لم يتوقف أغلب المصممين الذين توالوا على الدار عن تطوير أشكاله وأحجامه وألوانه إلى اليوم.

قراءة في التاريخ

من هذا المنظور فإن القول إن المعرض حدث تاريخي ومعاصر ليس من باب المبالغة أو التفخيم. هو فعلاً قراءة في التاريخ قبل أن يكون قراءة في تاريخ الدار الفرنسية وحرفيتها، منذ أوائل القرن العشرين، حين خطى أحفاد مؤسس الدار، لويس-فرنسوا كارتييه، خطوة التوسع العالمي.

بروش يعود إلى عام 1938 ارتدته الأميرة مارغريت في عدة مناسبات خاصة وعامة كما ظهرت به في سلسلة من صور التقطها سيسيل بيتون احتفالاً بعيد ميلادها الخامس والعشرين عام 1955 (غيتي)

يلتقط المعرض هذا الخيط السردي والبصري، مبرزاً كيف أن «كارتييه» كانت ولا تزال حاضرة في كل لحظة محورية من التاريخ. لا تتوانى عن تجسيدها بحجارة كريمة ومعادن نفيسة وتقنيات تعكس تطور العصر. خلال الحرب العالمية الثانية، مثلاً وتأثراً بالاحتلال النازي، صمّمت بروشاً لطائر صامت خلف قضبان ذهبية؛ حرّرته بعد التحرير، وذلك بصياغته مجدداً وهو يُغرِد بحرية وباب القفص مشرّع على مصراعيه.

في الستينات، وهي الحقبة التي شهدت حركات التحرر والرغبة في احتضان الآخر مع ظهور موجة الـ«هيبيز»، قدّمت كارتييه أساور Love التي لا تُفتح إلا بمفك صغير لترمز للالتزام العاطفي الذي لا يفك إلا بصعوبة وتصاميم أخرى مستوحاة من الورود والأزهار. اعتمدت الأمر ذاته في السبعينيات. تزامناً مع انتشار موضة البانك بأسلوبها المتمرد، قدّمت سوار Juste un Clou على شكل مسمار، وفي الثمانينات مع انتشار ثقافة الديسكو والترف، أعادت ابتكار كلاسيكياتها تحت شعار Les Must de Cartier التي توجهت بها لشرائح أوسع، في لفتة تستهدف «دمقراطة الفخامة» وهي حركة ظهرت بوادرها في تلك الحقبة.

تاج تم تصميمه في عام 1911 مستوحى من الفنون الإسلامية (أ.ف.ب)

تُختتم الرحلة في قاعة مهيبة مخصصة للتيجان، تمتد من بدايات القرن العشرين حتى اليوم، يمكن أن يقضي فيها الزائر ساعات طويلة، لما لكل تاج من قصة بعضها عن الحب الأبدي وبعضها عن الحب الضائع الذي لا يُخفف من آلامه سوى المزيد من بريق الألماس والأحجار الكريمة.