مع اقتراب فصل الصيف من نهايته، حان الوقت لتقوية مناعتك ضد الأمراض التي تزداد شيوعاً خلال الأشهر البادرة من العام.

تأثيرات التطعيمات «العميقة»
بوجه عام، يبقى الأشخاص الذين تلقوا لقاح الإنفلونزا أقل عرضة للإصابة بأمراض قلبية خطيرة من غير الملقحين. والاحتمال الأكبر أن يسهم التطعيم أيضاً ضد «كوفيد - 19» والالتهاب الرئوي، في تقليل الإصابة من المضاعفات القلبية الثانوية، التي قد تحدث عند الإصابة بأمراض خطيرة ناجمة عن هذه العدوى، حسب بيان نشرته «الدورية الأوروبية للقلب» على الإنترنت في 30 يونيو (حزيران) 2025، صادر عن فريق من الخبراء الدوليين، بينهم أستاذان من كلية الطب بجامعة هارفارد.
بخلاف الوقاية من العدوى والمضاعفات المرتبطة بها، أكد القائمون على البيان أن للتطعيمات «تأثيرات عميقة» على درء خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويجب اعتبارها الركيزة الرابعة للوقاية الطبية، علاوة على أدوية خفض ضغط الدم، وخفض الكوليسترول، وعلاج مرض السكري.
علاوة على ذلك، ينصح بتلقي لقاحات ضد الفيروس المخلوي التنفسي respiratory syncytial virus) (RSV)) (عدوى خطيرة محتملة بأعراض تشبه نزلات البرد) والهربس النطاقي (shingles) (إعادة تنشيط فيروس جدري الماء، الذي يظهر عبر الأعصاب ويسبب طفحاً جلدياً مؤلماً) لدى الكثيرين من كبار السن.
تهديد مستمر
في هذا السياق، شرحت الدكتورة دارا لي لويس، طبيبة أمراض القلب في مستشفى «بريغهام آند ويمينز»، التابع لجامعة هارفارد، أنه «حتى لو لم تكن مصاباً بأمراض القلب، فقد تشكل العدوى الخطيرة تهديداً خطيراً لقلبك». وأوضحت أن الاستجابة (ردة الفعل) الالتهابية التي يُكوّنها جسمك ضد جميع أنواع العدوى، تشكل سلاحاً ذا حدين. فمن ناحية، يحفز تدفق الجزيئات المعروفة باسم «السيتوكينات» جهازك المناعي على محاربة العامل الممرض المُسبب. إلا أنه من ناحية أخرى، تسبب الاستجابة المناعية الناتجة، عن غير قصد، التهاباً في أماكن أخرى من الجسم، مثل شرايين القلب.
كما يُنشّط المرض استجابة الجسم للتوتر، ما يزيد من احتمالية تكوّن جلطات الدم. ويمكن أن يؤدي الجمع بين الالتهاب والجلطات إلى نوبات قلبية وسكتات دماغية وعدم انتظام ضربات القلب وقصور القلب.
تفاقم المخاطر على مرضى القلب
أوضحت الدكتورة لي لويس أن الأشخاص الذين يعانون بالفعل من أمراض القلب، عرضة بشكل خاص للمضاعفات، خصوصاً وأن السعال والاحتقان اللذين يحدثان عادةً مع التهابات الجهاز التنفسي، يمكن أن يزيدا من صعوبة التنفس. كما أن الانخفاض المحتمل في معدلات الأكسجين، يفاقم الضغط على القلب.
بعض الأحيان، قد تؤدي الالتهابات الخطيرة إلى تعفن الدم، الذي يحدث عندما يُرهق الجهاز المناعي أو ينشط بشكل مفرط، ما يسبب أعراضاً مثل تسارع ضربات القلب، وسرعة التنفس، وانخفاض ضغط الدم. ويمكن أن تؤدي هذه المضاعفات إلى ما يُعرف بالنوبة القلبية من النوع الثاني (type 2 heart attack).
وهنا، نبهت الدكتورة لي لويس إلى أنه «على عكس النوبات القلبية التقليدية، التي تنجم عن تراكم اللويحات أو انسداد الشرايين، تحدث النوبة القلبية من النوع الثاني عندما يكون هناك عدم توافق بين العرض والطلب على الدم».
نصائح بشأن اللقاحات
وفي ما يلي سنعرض ما توصي به الدكتورة لي لويس، حول اللقاحات:
• الإنفلونزا: حدد موعداً لتلقي جرعتك السنوية في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول). عليك الانتباه إلى حقيقة أن الاستجابة المناعية تتضاءل مع التقدم في السن. وعليه، إذا كنت تبلغ من العمر 65 عاماً أو أكثر، فاطلب لقاحاً بجرعة عالية، يحتوي على ثلاثة إلى أربعة أضعاف مستضد فيروس الإنفلونزا الموجود في لقاح الإنفلونزا القياسي.
• «كوفيد - 19»: احصل على لقاح «كوفيد» الحالي في الخريف. إذا كنت تخطط للسفر بالطائرة خلال الأشهر القليلة المقبلة، اجعل توقيت تلقي لقاحك قبل أسبوعين تقريباً من موعد سفرك، خصوصاً وأنه على ما يبدو فإن أقوى حماية ضد الفيروس تكون من أسبوعين إلى ثمانية أسابيع بعد التطعيم، حسبما ذكرت الدكتورة لي لويس.
• الالتهاب الرئوي (Pneumonia): توفر جرعة واحدة من هذا اللقاح في سن 50 عاماً أو أكثر، حماية مدى الحياة للكثير من الأشخاص. ومع ذلك، قد يحتاج المصابون بأمراض القلب أو غيرها من الحالات إلى جرعات معززة أو جرعات إضافية. وعليك استشارة طبيبك بهذا الخصوص.
• الفيروس المخلوي التنفسي: يُوصى بهذا اللقاح لمرة واحدة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 75 عاماً فأكثر، وكذلك الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و74 عاماً، والذين هم أكثر عرضة للخطر بسبب حالات طبية كامنة.
• الهربس النطاقي: ينبغي للأشخاص البالغة أعمارهم 50 عاماً فأكثر، تلقي لقاح الهربس النطاقي، الذي يُعطى على جرعتين، عادةً بفاصل شهرين إلى ستة أشهر. وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن لقاح الهربس النطاقي مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف. ورغم عدم ثبوت ذلك قطعياً، يبدو هذا الارتباط منطقياً، إذ إن الهربس النطاقي قد يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، ما قد يُهيئ الأشخاص للإصابة بالخرف، حسبما أوضحت الدكتورة لي لويس.
نصائح وقائية أخرى
يمكن أن تساعدك بعض الإجراءات البسيطة، مثل غسل يديك باستمرار، واستخدام معقم اليدين عند عدم القدرة على غسلهما، وتجنب لمس عينيك وأنفك وفمك، على الحفاظ على صحتك. واحرص كذلك على تناول طعام صحي، وممارسة النشاط البدني، والحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً.
* «رسالة هارفارد للقلب»، خدمات «تريبيون ميديا»



