الفيروس التنفسي المخلوي لدى الأطفال... قصص إنسانية وحقائق علمية

تطورات وقائية حديثة ولقاحات مبتكرة بالأجسام المضادة طويلة المفعول

 السيدة أناهيد الخياري والدة طفلة مصابة بالمرض  مع د. محمد الهندي
السيدة أناهيد الخياري والدة طفلة مصابة بالمرض مع د. محمد الهندي
TT

الفيروس التنفسي المخلوي لدى الأطفال... قصص إنسانية وحقائق علمية

 السيدة أناهيد الخياري والدة طفلة مصابة بالمرض  مع د. محمد الهندي
السيدة أناهيد الخياري والدة طفلة مصابة بالمرض مع د. محمد الهندي

«لم تكن ابنتها تتجاوز بضعة أشهر من العمر، وكانت طفلة سليمة منذ ولادتها، لم تعرف مرضاً ولا علة. بدأ كل شيء بسعال خفيف وحرارة بسيطة، فظنت والدتها أنها مجرد نزلة برد عابرة. لكن الساعات التالية قلبت حياتها رأساً على عقب؛ إذ تحولت الأعراض سريعاً إلى صعوبة شديدة في التنفس، حتى وجدت الأسرة نفسها في قسم العناية المركزة، تتابع بقلق جهاز التنفس الصناعي وهو يساعد الصغيرة على النجاة. لم يكن السبب مرضاً وراثياً نادراً ولا ضعفاً مناعياً، بل فيروس شائع يصيب ملايين الأطفال كل عام، هو: الفيروس التنفسي المخلوي (RSV)».

هذه القصة ليست من نسج الخيال أو من باب المبالغة الإعلامية، وإنما هي قصة حقيقية وواقعية، روتها أم الطفلة (السيدة أناهيد الخياري) في مؤتمر صحافي عقد قبل أيام بمدينة جدة، بعد أن عاشت مع أسرتها ليالي طويلة من القلق والخوف؛ إذ وجدت نفسها فجأة أمام خطرٍ داهمٍ يهدد حياة صغيرتها. وما يجعلها أكثر وقعاً أنها لا تمثل حالة فردية نادرة، بل تجسد مثالاً حياً على ما يمكن أن يفعله الفيروس التنفسي المخلوي حتى عند الأطفال الأصحاء الذين لم يُعرف عنهم أي مرض سابق.

إنه فيروسٌ لا يفرق بين طفل مريض وآخر سليم، ولا يقتصر على أصحاب الأمراض المزمنة، بل قد يضرب الأصحاء فجأة ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

الأطفال الأصحاء يصابون ايضا بالفيروس التنفسي المخلوي

الفيروس التنفسي المخلوي

• فيروس يهدد الأطفال الأصحاء. سبق أن تطرقنا في أعداد سابقة من ملحق «صحتك» للفيروس التنفسي المخلوي عند كبار السن، وحري بنا أن نتعرف أيضاً على هذا الفيروس عند الأطفال. وقد استشرنا أحد الأطباء المتخصصين في الرعاية الحرجة للأطفال، الدكتور محمد الهندي، استشاري العناية المركزة لحديثي الولادة وتخصص دقيق في الوبائيات الإكلينيكية، فأوضح أن الدراسات الحديثة تؤكد على أن غالبية الأطفال الذين يحتاجون إلى التنويم في المستشفى بسبب إصابتهم بعدوى الفيروس التنفسي المخلوي (RSV) هم أصحاء تماماً، لم يكن لديهم أي مشكلات صحية مسبقة. هذه المعطيات غيّرت الصورة النمطية التي لطالما ارتبطت بالفيروس على أنه يهدد فقط الخدج أو الأطفال ذوي الأمراض المزمنة، ولا بد أن تتغيّر طريقة تفكير الأطباء والأهالي، على حد سواء، بأن هذا الفيروس بات خطراً على صحة أطفالنا ويحتاج إلى وعي ورقابة دائمة.

د. محمد الهندي

وأضاف الدكتور الهندي أن الفيروس التنفسي المخلوي يُعد من أكثر الفيروسات شيوعاً في الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي بين الأطفال في مختلف أنحاء العالم؛ إذ يُسجل سنوياً ملايين الإصابات التي تتراوح شدتها بين نزلات برد بسيطة إلى حالات حرجة تستدعي التنويم في المستشفى والعناية المركزة. ورغم أن بدايته قد توهم الأهل بأنه مجرد زكام عابر، فإن تطوره المفاجئ إلى مضاعفات خطيرة، مثل التهاب القصيبات أو الالتهاب الرئوي، يجعله سبباً رئيسياً في إدخال الأطفال إلى المستشفيات.

لقد ظل التصور سائداً لفترة طويلة أن هذا الفيروس يشكل الخطر الأكبر على فئات محددة من الأطفال مثل الخدج أو المصابين بأمراض مزمنة (أمراض قلب خلقية، أمراض رئوية مزمنة، أو ضعف مناعي)، إلا أن الأبحاث الحديثة جاءت لتقلب هذه الصورة رأساً على عقب، بعد أن أكدت أن غالبية الأطفال المصابين هم في الأصل أطفال أصحاء لم يكن لديهم أي تاريخ مرضي سابق، ما يجعل التهديد أكثر شمولاً، ويضع الأسر كافة أمام تحدٍّ مشترك في التعامل مع هذا الفيروس.

• ماهية الفيروس وانتشاره: الفيروس التنفسي المخلوي هو فيروس تنفسي شائع من عائلة الفيروسات المخاطانية (Paramyxoviridae) ويصيب بشكل أساسي الجهاز التنفسي السفلي. ويظهر عادة في صورة مواسم وبائية واضحة تمتد من أكتوبر (تشرين الأول) حتى مارس (آذار) في نصف الكرة الشمالي، مع تزايد الحالات في فترات البرد.

ويُعتبر الأطفال دون سن السنتين الأكثر عرضة للإصابة بمضاعفاته؛ إذ تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا الفيروس مسؤول عن أكثر من 30 مليون حالة إصابة سنوياً على مستوى العالم بين الأطفال دون الخامسة، منها نحو 3.2 مليون حالة تستدعي التنويم، وهناك ما يقارب 60 ألف وفاة سنوياً، معظمها في الدول ذات الموارد المحدودة.

علامات مخادعة وتقييم طبي

• علامات وأعراض: من أبرز التحديات التي يفرضها الفيروس التنفسي المخلوي طبيعته المخادعة، فهو غالباً ما يبدأ بأعراض بسيطة للغاية تشبه نزلات البرد:

- سعال خفيف.

- رشح أنفي.

- ارتفاع طفيف في الحرارة.

- ضعف الشهية أو خمول.

لكن خلال أيام قليلة قد تتطور هذه الأعراض إلى صورة أشد خطورة، تتمثل في:

- التهاب قصيبات حاد (Bronchiolitis).

- التهاب رئوي (Pneumonia).

- صعوبة تنفس متزايدة (Dyspnea).

- الحاجة إلى أكسجين أو تنفس صناعي.

هذا التدرج السريع من أعراض بسيطة إلى حالة حرجة هو ما يضلل الأهل ويجعلهم يتأخرون في طلب المساعدة الطبية، الأمر الذي يؤدي إلى دخول الطفل المستشفى وهو في حالة حرجة متقدمة.

• مؤشرات تحذيرية للأهل: ينبغي على الأهل مراجعة الطبيب فوراً إذا ظهرت على الطفل أي من العلامات التالية:

- صعوبة تنفس واضحة.

- سرعة غير طبيعية في التنفس.

- زرقة حول الفم أو الأظافر.

- رفض الرضاعة أو ضعف التغذية.

- خمول شديد أو فقدان الوعي المؤقت.

• التقييم الطبي. ويشمل ما يلي:

- التاريخ المرضي: مراجعة النظام الغذائي، والعادات اليومية، والتأكد من وجود أعراض مرافقة مثل الإسهال، أو فقدان الوزن، أو تأخر النمو. هذه المعلومات توجه الطبيب نحو الأسباب الوظيفية أو المرضية.

- الفحص السريري: تقييم النمو الجسدي للطفل مقارنة بمعدلاته الطبيعية، وفحص البطن والتنفس للكشف عن علامات صعوبة التنفس أو الزرقة.

- الفحوصات المخبرية: تتضمن صورة الدم الكاملة، واختبارات البراز للكشف عن الطفيليات، واختبار التنفس لعدم تحمل اللاكتوز، إضافة إلى فحوصات (PCR) للكشف عن الفيروس، والمسحة الأنفية للكشف السريع عن المستضدات.

- الفحوصات المتقدمة: تشمل التنظير أو التصوير مثل أشعة (CT) عند وجود أعراض إنذارية مثل الدم في البراز أو فقدان الوزن الحاد.

- الفروق التشخيصية: وبينما يضمن الاعتماد على التاريخ المرضي والفحص السريري والفحوصات المختبرية، التشخيص الدقيق، فإن الفيروس التنفسي المخلوي قد يختلط مع أمراض أخرى مثل الإنفلونزا أو كوفيد-19 أو الالتهابات البكتيرية الرئوية؛ لذا ينبغي التفريق بينه وبينها.

• أعباء الفيروس التنفسي المخلوي، وتشمل:

- العبء الصحي، فهذا الفيروس يمثل أحد أبرز أسباب تنويم الأطفال في وحدات العناية المركزة، ويضاعف من استخدام الموارد الصحية في مواسم الشتاء حيث يرفع معدلات الحاجة إلى الأكسجين الصناعي أو أجهزة التنفس الصناعي، كما أنه يزيد من احتمال الإصابة بأمراض مزمنة مستقبلاً مثل الربو.

- العبء الاجتماعي؛ إذ تصاب الأسرة والأقارب بقلق بالغ بسبب التدهور المفاجئ للطفل، كما تزداد الأعباء المالية لديهم نتيجة التنويم والرعاية الطبية، إضافة إلى التسبب في تغيب الأطفال عن الدراسة وفقدان الأهل لأيام العمل.

- العبء النفسي، فإصابة طفل بهذه العدوى لا تنعكس على جسده فقط، بل تهز الأسرة كلها وتترك أثراً نفسياً على الأهل والمراهقين، فالأم تعيش القلق، والأب يشعر بالعجز، وحتى الإخوة يتأثرون بالخوف من الانتكاسات وتكرار التجربة. دعم الأسر وتقديم المشورة النفسية عنصر مهم لتخفيف هذا العبء.

لا يهدد الخدج أو الأطفال ذوي الأمراض المزمنة فقط بل والأصحاء أيضاً

العلاج والوقاية

• العلاج: حتى الآن، يعتبر علاج الفيروس التنفسي المخلوي نهجاً داعماً أكثر من كونه نوعياً حيث لا يوجد علاج نوعي مضاد لهذا الفيروس. ويقتصر التدخل العلاجي بشكل أساسي على:

- العلاج الداعم: إعطاء الأكسجين عند الحاجة.

- تعويض السوائل وريدياً.

- استخدام أجهزة التنفس الصناعي في الحالات الحرجة.

- الأدوية: لا تُستخدم المضادات الحيوية إلا عند وجود عدوى بكتيرية مرافقة. تعطى أدوية مثل سيميثيكون لتخفيف الغازات في بعض الحالات. - البروبيوتيك قيد الدراسة لدعم توازن البكتيريا المعوية.

- الأدوية التجريبية: هناك بعض الأدوية التجريبية (مضادات الفيروسات) قيد البحث، تضم تطورات حديثة مبتكرة منها لقاحات تحتوي على أجسام مضادة طويلة المفعول؛ أثبتت الدراسات أن جرعة واحدة منها تعطى للرضع يمكن أن توفر لهم حماية ضد الفيروس، تستمر لعدة أشهر، تغطي موسم الانتشار.

كما يساعد تطعيم الأمهات الحوامل في نقل الأجسام المضادة إلى الجنين قبل الولادة، فيعزز مناعته بعد الولادة.

• الوقاية: أكدت وزارة الصحة السعودية أن الوقاية من الفيروس التنفسي المخلوي لا تقتصر على الإجراءات العامة مثل غسل اليدين بانتظام، وتغطية الأنف والفم عند العطاس، وتجنب مخالطة المصابين، بل تشمل أيضاً التطعيم الحديث للفئات الأكثر عرضة لمضاعفاته.

وفي أبريل (نيسان) 2024، أعلنت الوزارة بدء توفير لقاح «RSV» في المملكة للفئات العمرية 60 سنة فأكثر، موضحة أن هذا الفيروس لا يقتصر أثره على الأطفال فحسب، بل يُعد سبباً مهماً لالتهابات الجهاز التنفسي وزيادة احتمالات الجلطات القلبية لدى كبار السن. وأكدت أن إدراج اللقاح سيحدث فارقاً كبيراً في تقليل العبء المرضي، لتصبح السعودية بذلك من أوائل الدول عالمياً في اعتماد هذا التطعيم. كما أشارت الوزارة إلى أن هناك لقاحاً آخر قيد الإجازة، مخصصاً لحماية الأطفال الرضع خلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم.

• البحث العلمي والمستقبل: يشكل الفيروس التنفسي المخلوي (RSV) محوراً لعدد من الأبحاث الدولية الرامية إلى:

- تطوير لقاحات أكثر فاعلية وأماناً.

- دراسة العلاقة بين الإصابة المتكررة بالفيروس وتطور أمراض تنفسية مزمنة مثل الربو.

- تقييم فاعلية برامج التطعيم الجماعي في تقليل العبء الاقتصادي على الأنظمة الصحية.

نستخلص من هذا المقال أن الحقائق العلمية والقصص الإنسانية تُظهر أن الفيروس التنفسي المخلوي خطر مشترك على جميع الأطفال، سواء كانوا أصحاء أو مرضى، وأن مواجهته لا تعتمد فقط على الأطباء، بل تبدأ من وعي الأسرة وملاحظتها المبكرة. غير أن الوقاية اليوم لم تعد تقتصر على التدابير التقليدية، فقد أتاح العلم سلاحاً جديداً يتمثل في «التطعيم الحديث المحتوي على الأجسام المضادة طويلة المفعول».

إن المبادرة إلى أخذ اللقاح، لدينا في المملكة عبر تطبيق «صحتي»، إلى جانب التثقيف المجتمعي والوعي الأسري، تمثل السبيل الأمثل لتقليل العبء الصحي والاجتماعي وحماية صحة أطفالنا، وضمان مستقبل أكثر أماناً للأجيال القادمة.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

صحتك الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)

6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

يرى كثير من الخبراء صلة واضحة بين الاكتئاب والخرف، إلا أن الباحثين لم يتوصلوا إلى تفسير قاطع لهذه الظاهرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)

كيف يؤثر تناول الأفوكادو على وزنك؟

يُعدّ الأفوكادو فاكهة فريدة ولذيذة ويجدها معظم الناس خياراً صحياً لغناها بالعناصر الغذائية والدهون الصحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الشاي الأخضر غني بمضادات الأكسدة والمغذيات النباتية الطبيعية (رويترز)

ما فوائد الشاي الأخضر للشعر؟

يُعرف الشاي الأخضر بفوائده الصحية، مثل تعزيز صحة القلب والمساعدة في إنقاص الوزن والتحكم فيه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والسردين من أغنى المصادر الطبيعية لفيتامين «د 3» (بيكسلز)

5 أطعمة يمكنك تناولها بدلاً من اللجوء إلى مكملات فيتامين «د»

يُعدّ نقص فيتامين «د» شائعاً للغاية؛ إذ تُشير إحدى الدراسات إلى أن 20 في المائة من الأميركيين لا يحصلون على الكمية الكافية من هذا العنصر الغذائي الأساسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الحرمان من النوم يؤثر على المزاج والذاكرة والانتباه (بيكسلز)

لصحة نفسية أفضل... 5 عادات يجب أن تحملها معك لعام 2026

يقترب عام 2025 من النهاية، ويستعد العديد من الأشخاص لدخول العام الجديد بعادات جيدة ومتينة، على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

7 عادات يومية بسيطة لتحسين المزاج

طهي وجبة مألوفة يمكن أن يساعد على تحسين المزاج (مجلة ريل سيمبل)
طهي وجبة مألوفة يمكن أن يساعد على تحسين المزاج (مجلة ريل سيمبل)
TT

7 عادات يومية بسيطة لتحسين المزاج

طهي وجبة مألوفة يمكن أن يساعد على تحسين المزاج (مجلة ريل سيمبل)
طهي وجبة مألوفة يمكن أن يساعد على تحسين المزاج (مجلة ريل سيمبل)

نمرّ جميعاً بأيام نستيقظ فيها بمزاج سيئ أو نشعر بالإحباط دون سبب واضح، وفي مثل هذه الأوقات قد يبدو إنجاز أبسط الأمور أمراً صعباً.

لكن خبراء الصحة النفسية يؤكدون أن هناك عادات يومية سهلة يمكنها أن تساعد على تحسين الحالة المزاجية سريعاً، وفق مجلة «Real Simple» الأميركية.

ويشير الخبراء إلى أن تحسين المزاج لا يتطلب تغييرات جذرية أو مجهوداً كبيراً؛ فأحياناً تكفي عادات صغيرة وبسيطة، نمارس كثيراً منها دون أن ننتبه، لتمنحنا شعوراً أفضل وتساعدنا على اجتياز اليوم بطاقة أكثر إيجابية، وإليك 7 طرق بسيطة لتعزيز مزاجك:

رتّب سريرك

لا يستغرق ترتيب السرير سوى دقائق، لكنه يمنحك بداية إيجابية لليوم، حسب أنغيلا بلفيل، مستشارة الصحة النفسية في مركز «بيلا هيلث» في الولايات المتحدة. وتقول: «لاحظت أنني عندما أرتب سريري في الصباح أشعر بتحسن فوري. إنه إنجاز صغير وسريع، لكنه يمنح إحساساً بالنجاح ويحفّز سلسلة من السلوكيات الإيجابية طوال اليوم».

طهي وجبة مألوفة

توضح ميغ بومان، اختصاصية التغذية المتخصصة في العلاقة بين الطعام والصحة النفسية، أن المهام المتكررة مثل التقطيع أو التحريك تخلق إيقاعاً يساعد على خفض هرمونات التوتر. وتضيف أن إعداد وصفات مألوفة يتطلب مجهوداً ذهنياً أقل، ويمنح شعوراً بالاكتمال، ما يعزز إفراز الدوبامين المرتبط بالإحساس بالرضا.

تناول الطعام بانتظام

يساعد الانتظام في الوجبات على استقرار مستوى السكر في الدم، ما يمنع التهيّج وتقلب المزاج. وتقول بومان مازحة: «كثيرون يظنون أنهم قلقون أو متوترون، بينما هم في الحقيقة جائعون!»

شرب القهوة أو الشاي

يشير الخبراء إلى أن الشاي أو القهوة، أو غيرها من المشروبات الدافئة، ترسل إشارات للجهاز العصبي بالراحة والأمان؛ فالدفء يرتبط في أذهاننا بالهدوء والاحتواء، ما يساعد الجسم على تحسين المزاج.

مشاهدة المسلسلات أو الأفلام المفضلة

رغم أن الإفراط في وقت الشاشة ليس صحياً، فإن المحتوى المألوف يمكن أن يكون مهدئاً للغاية. ويشير الخبراء إلى أن القصص المتوقعة تقلل العبء الذهني، ولهذا نشعر بالراحة عند إعادة مشاهدة أعمال نحبها، خصوصاً إذا كانت خفيفة أو مضحكة أو مرتبطة بذكريات جميلة.

اشتم رائحة لطيفة

ينصح الخبراء باستنشاق رائحة لطيفة لمدة تتراوح بين 5 و10 ثوانٍ، إذ تحفّز الروائح الجميلة مناطق في الدماغ مرتبطة بالمتعة والتركيز. وتشير الدراسات إلى أن روائح مثل الفانيليا أو إكليل الجبل (الروزماري) قد تعزز الإحساس بالراحة وتحسّن المزاج.

غسل الوجه بالماء البارد

جرّب فتح الصنبور على الماء البارد عند غسل وجهك. ويوضح الخبراء أن رش الماء البارد لا يساعد فقط على الاستيقاظ، بل يفعّل أيضاً الجهاز العصبي اللاودي المسؤول عن الراحة والهضم. ويمكن استخدام هذه الحيلة في أي وقت تشعر فيه بالتوتر أو الحاجة إلى الاسترخاء.


6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)
الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)
TT

6 من علامات الاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بخطر الإصابة بالخرف

الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)
الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف (بيكسلز)

يرى كثير من الخبراء صلة واضحة بين الاكتئاب والخرف، إلا أن الباحثين لم يتوصلوا إلى تفسير قاطع لهذه الظاهرة، مع أن إحدى الدراسات أشارت إلى أن اتباع حمية البحر الأبيض المتوسط ​​قد يقطع هذه العلاقة.

ووفقاً لدراسة جديدة نُشرت في مجلة «ذا لانسيت للطب النفسي»، فإن ستة أعراض محددة للاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة تقارب 50 في المائة.

شمل البحث 5800 شخص كانوا جزءاً من دراسة وايتهول الثانية، التي بدأت عام 1985.

وكان لدى جميع المشاركين حالات اكتئاب مسجلة بين عامي 1997 و1999. وتمت متابعة حالتهم الصحية لمدة 25 عاماً.

وجدت الدراسة أن الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر ترتبط بزيادة احتمالية الإصابة بالخرف بنسبة 27 في المائة.

لكن يبدو أن هذه الزيادة في المخاطر مرتبطة بستة عوامل، اثنان منها - انخفاض الثقة بالنفس وصعوبة التعامل مع المشاكل - يرتبطان بزيادة المخاطر بنسبة تقارب 50 في المائة.

هذه الأعراض الستة هي:

- فقدان الثقة بالنفس

- عدم القدرة على مواجهة المشكلات

-انعدام الشعور بالدفء والمودة تجاه الآخرين

- الشعور بالتوتر والقلق الدائمين

- عدم الرضا عن أداء المهام

- صعوبة التركيز

قال الدكتور فيليب فرانك، المؤلف الرئيسي للدراسة: «تُظهر نتائجنا أن خطر الإصابة بالخرف مرتبط بمجموعة من أعراض الاكتئاب، وليس بالاكتئاب ككل. هذا النهج القائم على الأعراض يُعطينا صورة أوضح بكثير عن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالخرف قبل عقود من ظهوره».

وتابع: «يبدو أن الأعراض اليومية التي يعاني منها الكثيرون في منتصف العمر تحمل معلومات مهمة حول صحة الدماغ على المدى الطويل. إن الانتباه إلى هذه الأنماط قد يفتح آفاقاً جديدة للوقاية المبكرة».

هل الإصابة بالاكتئاب تعني بالضرورة الإصابة بالخرف؟

الإجابة الدقيقة على هذا السؤال، هي: «لا». وجدت هذه الدراسة فقط ارتباطاً بين الاكتئاب وزيادة خطر الإصابة بالخرف، ويؤكد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث.

قال الدكتور ريتشارد أوكلي، المدير المساعد للبحوث والابتكار في جمعية ألزهايمر: «إن العلاقة بين الخرف والاكتئاب معقّدة. من المشجع رؤية هذه الدراسة الرصدية الجديدة، وهي تبدأ في كشف كيفية ترابط الخرف والاكتئاب. مع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتأكيد ما إذا كانت هذه الأعراض الستة تنطبق أيضاً على النساء والأقليات العرقية».

وتابع: «من المهم ملاحظة أنه ليس كل من يعاني من الاكتئاب سيصاب بالخرف، والأشخاص المصابون بالخرف لن يصابوا بالضرورة بالاكتئاب».


كيف يؤثر تناول الأفوكادو على وزنك؟

الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)
الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)
TT

كيف يؤثر تناول الأفوكادو على وزنك؟

الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)
الأفوكادو يحتوي على نسبة عالية جداً من الدهون (رويترز)

يُعدّ الأفوكادو فاكهة فريدة ولذيذة ويجدها معظم الناس خياراً صحياً لغناها بالعناصر الغذائية والدهون الصحية.

ويعتقد البعض أن الدهون الصحية في الأفوكادو مثالية لإنقاص الوزن. مع ذلك، يخشى آخرون أن تُسبب هذه الدهون زيادة الوزن، بحسب موقع «هيلث لاين».

الأفوكادو مصدر غني بالعديد من الفيتامينات والمعادن والدهون الصحية والألياف. تحتوي حصة 100 غرام (3.5 أونصة)، أي ما يعادل نصف حبة أفوكادو تقريباً، على نحو 160 سعرة حرارية.

يحتوي الأفوكادو أيضاً على كمية جيدة من النياسين والريبوفلافين والنحاس والمغنيسيوم والمنغنيز ومضادات الأكسدة.

كما أن الأفوكادو منخفض الكربوهيدرات ومصدر غني بالألياف. تحتوي حصة 100 غرام منه على أقل من 9 غرامات من الكربوهيدرات، نحو 7 غرامات منها من الألياف.

وعلى عكس معظم الفواكه الأخرى، يحتوي الأفوكادو على نسبة عالية نسبياً من الدهون، نحو 15 في المائة من وزنه.

الأفوكادو غني بالدهون الصحية للقلب

على عكس الفواكه الأخرى، يحتوي الأفوكادو على نسبة عالية جداً من الدهون. يتكون الأفوكادو في معظمه من دهون أحادية غير مشبعة، بالإضافة إلى كمية قليلة من الدهون المشبعة والدهون المتعددة غير المشبعة.

معظم هذه الدهون الأحادية غير المشبعة هي حمض الأوليك، وهو الحمض الدهني الموجود في الزيتون وزيت الزيتون. تُبرز الأبحاث الفوائد الصحية المحتملة لحمض الأوليك، بما في ذلك تقليل الالتهابات وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب.

تشير مراجعة نُشرت عام 2020 أيضاً إلى أن اتباع نظام غذائي غني بحمض الأوليك قد يُساعد في تقليل دهون البطن والسمنة المركزية.

وفقاً لجمعية القلب الأميركية (AHA)، فإن استبدال جزء من الدهون المشبعة في النظام الغذائي بالدهون الأحادية غير المشبعة أو الدهون المتعددة غير المشبعة يُمكن أن يُوفر فوائد صحية، مثل خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL).

اختبرت دراسة أُجريت عام 2019 تأثير تناول حبة أفوكادو واحدة يومياً على مستويات الكوليسترول الضار المؤكسد في الدم لدى البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة.

أظهرت الدراسة أن تناول الأفوكادو يومياً يقلل من الكوليسترول الضار المؤكسد. وقد ربط الباحثون ذلك بانخفاض جزيئات الكوليسترول الضار الصغيرة.

الأفوكادو يُساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول

الأطعمة الغنية بالدهون أو الألياف تُساعد على الشعور بالشبع والرضا بعد تناول الطعام، مما قد يُؤدي إلى فترات أطول بين الوجبات، وبالتالي تقليل السعرات الحرارية المُتناولة.

يحتوي الأفوكادو على نسبة عالية من الدهون والألياف، مما يُعزز الشعور بالشبع.

أجرت دراسة عام 2019 اختباراً حول تأثير تناول وجبة إفطار تحتوي على الأفوكادو على الشهية والشعور بالشبع لدى الأشخاص الذين يُعانون من زيادة الوزن والسمنة.

أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين تناولوا حبة أفوكادو كاملة مع وجبة إفطارهم شعروا بشبع أكبر وجوع أقل من أولئك الذين تناولوا وجبة إفطار تحتوي على عدد السعرات الحرارية ذاتها، ولكن بنسبة أقل من الدهون والألياف.

قد تجعل هذه الخصائص من الأفوكادو أداة قيّمة لتنظيم الشهية وإنقاص الوزن.

جزء من نظام غذائي متوازن

أظهرت دراسة أجريت عام 2023 وجود علاقة بين زيادة تناول الفواكه والخضراوات ومنتجات الألبان وانخفاض احتمالية الإصابة بزيادة الوزن أو السمنة لدى البالغين. ومع ذلك، يشير الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الدراسات.

وفي دراسة أجريت عام 2024، وجد الباحثون أن الأنظمة الغذائية التي تتضمن تناول حبة أفوكادو واحدة يومياً تميل إلى أن تكون ذات جودة غذائية أعلى؛ حيث تحتوي على نسبة أعلى من البوتاسيوم والألياف.

كما وجدت دراسة أخرى أجريت عام 2024 على 1008 بالغين يعانون من السمنة أن تناول حبة أفوكادو واحدة يومياً يؤدي إلى التزام أكبر بالإرشادات الغذائية.

قد يتردد البعض في تناول الأفوكادو نظراً لارتفاع سعراته الحرارية. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أن هذه الفاكهة يمكن أن تُدمج بسهولة في نظام غذائي متوازن ومغذٍ، مما قد يُساعد في إدارة الوزن.

هل يُساعد الأفوكادو على إنقاص الوزن؟

بحثت دراسة أُجريت عام 2019 على بالغين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، فيما إذا كان تناول حبة أفوكادو واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر يُغيّر توزيع الدهون في منطقة البطن وحساسية الإنسولين، مقارنة بنظام غذائي خالٍ من الأفوكادو مع نفس عدد السعرات الحرارية.

فقد الأشخاص الذين تناولوا الأفوكادو يومياً دهوناً في منطقة البطن، بينما لم يطرأ أي تغيير على دهون البطن لدى أولئك الذين لم يتناولوا الأفوكادو. ولم يكن لتناول الأفوكادو أي تأثير يُذكر على حساسية الإنسولين.

ووجدت دراسة أخرى أُجريت عام 2022 أن زيادة تناول الأفوكادو لم تؤثر على مؤشرات مثل:

- وزن الجسم

- مؤشر كتلة الجسم (BMI)

- نسبة الدهون في الجسم

- الدهون المتراكمة في عمق البطن

ومع ذلك، لم تُؤدِّ زيادة تناول الأفوكادو إلى زيادة الوزن. وخلص الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الدراسات.

ونظراً لأن الأفوكادو غني نسبياً بالدهون، فهو غني أيضاً بالسعرات الحرارية. على سبيل المثال، تحتوي 100 غرام من الفراولة على 32 سعرة حرارية، مقارنة بـ160 سعرة حرارية في 100 غرام من الأفوكادو.

يُعدّ تكوين نظامك الغذائي أحد العوامل التي تؤثر على إدارة الوزن. قد لا تُحدث زيادة كمية الأفوكادو التي تتناولها فرقاً كبيراً في وزنك دون مراعاة عوامل أخرى، مثل ممارسة الرياضة، وحجم الحصص، والعادات الغذائية على المدى الطويل.